شنبه 8 ارديبهشت 1403  
فقهی
حاشية آخوند خراساني بر كتاب مكاسب شيخ انصاري

كتاب مكاسب از مهمترين و دقيق ترين كتب فقهي شيعه در قرون اخيره مي باشد كه حاكي از ذوق بالاي فقهي مولفش شيخ انصاري دارد. بر اين كتاب حواشي و شرح و تعليقات فراواني نگاشته شده كه البته قيمت علمي متفاوتي دارند. مرحوم آخوند خراساني هم كه حدود دو سال در درس شيخ انصاري حاضر شده حاشيه اي مختصر و بسيار دقيق بر اين كتاب دارد كه تاريخ اتمام ان ده سال قبل از وفاتشان مي باشد. اين حاشيه نفيس چندين بار چاپ شده و شما مي توانيد متن اين اثر را بنابر تحقيق و تصحيح سيد مهدي شمس الدين كه در سال 1406 قمري در تهران طبع شده ،
حاشية المكاسب


حاشية كتاب المكاسب لمؤلفه الاستاذ المحقق الفقيه الاصولي المدقق المولى محمد كاظم الاخوند الخراساني (قدس سره الشريف) صححه وعلق عليه سيد مهدي شمس الدين وزارت ارشاد اسلامي الطبع الاولى: جمادي الاولى 1406 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة على سيدنا محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على اعدائهم اجمعين إلى يوم الدين. في كل افق من آفاق العالم الاسلامي اسماء رجال معدودين، امتازوا بمواهب وعبقريات رفعتهم إلى الاوج الاعلى من آفاق العلم والمعرفة. وثمة رجال ارتسمت اسماؤهم في كل افق من تلك الافاق، وهم قليلون للغاية، شذت بهم طبيعة هذا الكون. ومن تلك القلة شيخنا وشيخ الكل، علامة الافاق الاخوند الشيخ محمد كاظم الخراساني اعلى الله درجاته وأجزل أجره، وقد كرس قدس الله نفسه - حياته طوال عمره لخدمة الدين والمذهب. توجد ترجمته في كثير من التراجم المؤلفة في عصره ومن بعد مشفوعة بالاكبار والتبجيل والاطراء، وقصارى قولهم فيه: انه جماع الفضائل ومختبؤ المآثر كلها، وقد سبر ترجمة (قدس سره) حفيده في كتاب مستقل فتصفح عن ترجمته صفحا. واما الكتاب الحاضر وهو (التعليقة على المكاسب) فهو من امتن التعاليق على الكتاب مع وجازتها، مشتملة على معظم كتاب البيع والخيارات. وحيث كانت النسخة المطبوعة من الكتاب مصحفة محرفة، فبذلت الوسع في تصحيح الكتاب ومقابلته مع النسخة الاصيلة بقلم مؤلفه واستخراج مصادر الروايات وكلمات الاصحاب ولم آل جهدا في تنميقه وتحقيقه حق التحقيق. ومن الواجب علي أن أقدم ثنائي العاطر إلى حفيد المؤلف الفاضل البارع الشيخ الكفائي في بذله النسخة الاصلية للتحقيق، فجزاه الله عني خير جزاء المحسنين ونرجو من العلماء الافاضل الذين يراجعون الكتاب ان يتفضلوا علينا بما لديهم من النقد وتصحيح ما لعلنا وقعنا فيه من الاخطاء والاشتباهات والزلات. والحمد لله الذي هدانا لهذا، وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله، ونستغفره مما وقع من خلل وحصل من زلل، ونعوذ من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا، وزلات أقدامنا وعثرات أقلامنا، فهو الهادي إلى الرشاد، والموفق للصواب والسداد، والسلام على من اتبع الهدى. 6 / 6 / 1405 قم المشرفة السيد مهدي شمس الدين الصفحة الاولى من النسخة الاصلية الصفحة الاخيرة من النسخة الاصلية

الآخوند الخراساني
[ 1 ]

[ 2 ]

هذه تعليقة شريفة انيقة، وحاشية رشيقة، على مكاسب آية الله في الانام، الشيخ مرتضى الانصاري طاب ثراه المتعلقة على مبحث البيع وما بعده. 1 كتاب البيع


[ 3 ]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد سيد النبيين وآله، سادات الخلائق اجمعين، ولعنة الله على اعدائهم، إلى يوم الدين. قوله (ره): (مبادلة مال بمال - الخ -) التعبير بالمبادلة، لا يخلو عن مسامحة، حقه ان يقال: تبديل مال بمال، فانه فعل الواحد، لا اثنين فافهم. قوله (ره): (واما عمل الحر، فان قلنا انه قبل المعاوضة - الخ -) لا اشكال انه من الاموال، بداهة ان حاله عمل العبد، في كونه مما يرغب فيه، ويبدل بازائه المال، وان كان قبل المعاوضة، لا يكون ملك، بخلاف عمل العبد، لانه ملك السيدة بتبعه، ولا شبهة في عدم اعتبار الملكية قبلها، لوضوح جعل الكلى، عوضا في البيع، مع عدم كونه ملكا قبله. وبالجملة، المالية والملكية، من الاعتبارات العقلائية الصحيحة، ولكل منهما منشأ انتزاع، وبينهما بحسب الموارد، عموم من وجه، يفترقان في الكلى المتعقد به، والمباحات قبل الحيازة، وفى مثل حبة من الحنطة، والماء على الشط، والثلج في الشتاء، إلى غير ذلك. فانقدح انه يجوز جعل عمل الحر عوضا، وان قيل باعتبار كون العوضين مالا، قبل المعاوضة. فتدبر جيدا. قوله (ره): (واما الحقوق الاخر - الخ -) لا يخفى انه كلام مختل النظام، فانه في مقام انها تجعل عوضا، ام لا،


[ 4 ]

فلا يناسبه التعليل بقوله: لان البيع تمليك الغير، ولا النقض ببيع الدين اصلا، فانه انما يناسب إذا كان بصدد بيان انها لا يجعل معوضا في البيع. فالتحقيق ان يقال: انه لو قيل باعتبار المالية في العوض كالمعوض، كما يظهر من المصباح، فلا اشكال في عدم صحة جعل الحق عوضا، وان كان قابلا للانتقال. فان الحقية وان كانت من الاعتباريات، كالمالية والملكية، الا انها غيرهما، ولو قيل بعدم اعتبارها، فلو قيل بعدم اعتبار الانتقال في العوض، وان اخذه فيه، انما هو لمجرد انه ليس بتمليك مجاني، فلا اشكال في جعلها، عوضا مطلقا، والا في خصوص القابل منها للانتقال. قوله (ره): (والسر ان الحق فعليه - الخ -) لا يخفى ان الحق بنفسه ليس سلطنة، وانما كانت السلطنة من آثاره، كما انها من آثار الملك، وانما هو كما اشرنا إليه، اعتبار خاص، له آثار مخصوصة، منها السلطنة على الفسخ، كما في حق الخيار، أو التملك بالعوض، كما في حق الشفعة، أو بلا عوض، كما في حق التحجير، إلى غير ذلك. وهى لا يقتضى ان يكون هناك من يتسلط عليه، والا كانت من آثار الملك ايضا، وان لم يكن نفسه، فيلزم في بيع الدين، إما محذور تسلط الشخص على نفسه، وإما التفكيك بين الملك واثره، مع ان ذلك انما يلزم في بيع الحق، ممن كان عليه، لا من غيره، وقد عرفت انه اجنبي عما هو بصدده، كما يظهر من صدر كلامه وذيله. قوله (ره): (الا ان الفقهاء، قد اختلفلوا في تعريفه - الخ -) الظاهر ان اختلافهم، ليس لاجل الاختلاف في حقيقته وماهيته، بل لاجل ان البيع الحقيقي، لما كان له سبب، يتسبب به إليه، ولوازم تترتب عليه اخذ كل منهم، بطرف من اطرافه، لا بتمام جوانبه واكنافه، حيث ان الغرض، ليس الا الاشارة إليه من نحوه ومعرفته بوجه، لا معرفته بحده أو برسمه، وبذلك يوفق بين كلمات الاعلام، وينقدح انه لا وقع، لما وقع من النقض والابرام في المقام، بل لا اختلاف حقيقة فيه بين العرف والشرع، وانما الاختلاف بينهما، فيما يعتبر في تحققه، وان شئت ان تعرفه باطرافه،


[ 5 ]

فاستمع لما يتلى عليك، وهو البيع المأخوذ في، بعت، وسائر المشتقات، من اوضح المفاهيم العرفية، وهو التمليك بالعوض، وان كان مما لا يكاد يمكن ضبطه، بحيث لا يبقى اشتباه في بعض المصاديق، كما هو الشأن في جميع المفاهيم. ولا يخفى انه شرعا وعرفا، لا يكاد يصدر مباشرة، بل بالتسبيب، والتوسل إليه بالعقد عليه تارة، وبالمعاطات اخرى، على القول بها. ولابد في سببه عقد كان، أو معاطاة، كسائر المعاملات، من ايجاب، وهو انشائه، وقصد حصوله، بلفظه، أو بفعل دال عليه من واحد، ومن انشاء قبول ذلك كذلك من آخر. ومن المعلوم ان لازمه إذا حصل، هو نقل الملك من البايع إلى المشترى، ولازمه الانتقال إليه، كما ان لازمه، التبديل والتبادل بين العوضين، وقد يطلق على نفس السبب، أي المعاملة الخاصة، القائمة بالبيعين، كما ربما يطلق على جزئه، وهو الايجاب القائم بالموجب، كما سيأتي الاشارة إليه في كلامه (ره) الا انه ليس على الحقيقة، ضرورة صحة سلبه عنه، فليس هو ببيع، ولا موجبه ببايع، وكذا صحة سلبه عن نفس المعاملة، كما يشهد به جميع مشتقاته، لكن لا يبعد تداوله في السنة الفقهاء، الا انه بالقرينة. وعليك بالتأمل في المقام. قوله (ره): (لان المقصود معرفة مادة بعت - الخ -) وعليه يتوقف معرفة البيع، على معرفة (بعت) بمادته، ومعرفته كذلك يتوقف على معرفة البيع، وهو دور صريح، كما هو واضح. والظاهر تعين ارادة الشق الثاني، وعدم الاقتصار على النقل أو التمليك، للاشارة إلى عدم كفاية مطلق الصيغة، ولو كانت كناية. قوله (ره): (فالاولى تعريفه بانه انشاء تمليك عين بمال - الخ -) كيف هذا، والبيع الذى عرفه بذلك، هو المأخوذ في صيغة (بعت)، وغيره من المشتقات، كما يصرح به عن قريب، وليس المراد في الاخبار بوقوعه قبل أو بعد، بمثل: باع، أو بيع، الا نفس البيع، لا انشائه، فالصواب تعريفه، بتمليك العين بالعوض، لما عرفت ان انشاء التمليك، ليس ببيع، كما انه ليس بتمليك. نعم انهما هو جزء سببه، فيما إذا قصد التوسل


[ 6 ]

إليه. ويرد عليه ايضا، ان انشاء التمليك، لا يعقل انشائه، وما يقبل لهذا الطور من الوجود، وسائر اطواره هو التمليك، فيتصور تارة، وينشأ اخرى، ويوجد في الخارج ثالثة، ويختلف آثار باختلاف اطواره، ويكون لكل طور منه الاثر لا يكاد يترتب على الآخر. فتدبر. قوله (ره): (منها انه موقف على صحة الايجاب - الخ -) لا يخفى عدم التوقف، فانه لو قيل بعدم جوازه، لاجل اعتبار الصراحة في الايجاب، ولزوم كونه بلفظ البيع، وما يرادفه، وعدم كونه مرادفا له، لعدم صحة ما حكاه عن الفخر (ره) من كون (بعت) في لغة العرب، بمعنى ملكت، لوضوح انه اعم، كان التعريف به بضميمة ما دل على خصوصيته جائزا، كما هو واضح. قوله (ره): (إذ ليس المقصود الاصلى منه، المعاوضة - الخ -) بل التمليك لا مجانا، بل بنحو الغرامة، ولذا لا يجب تعيين ما عليه عينا، من المثل، أو القيمة، ولا كما إذا علم كونه قيميا، بل يتعين عليه المثل، ان كان مثليا، وقيمته، ان كان قيميا، بمجرد تمليكه بالغرامة. فافهم. قوله (ره): (كان بيعا - الخ -) إذا لم يقصد به الصلح، أو الهبة المعوضة، والا يصح صلحا، أو هبة، لو قلنا بوقوعها بغير الالفاظ الصريحة، والا فلا يصح بيعا، والا واحدا منهما. اما البيع، فلعدم كونه بمقصود، والعقود تابعة للقصود. واما هما، فلعدم الصراحة في عقدهما. قوله (ره): (احد التمليك المذكور، لكن بشرط تعقبه - الخ -) أي التمليك الانشائى، كما هو الظاهر، ويشهد به سار كلماته، ولا يخفى انه لا يلائمه ما استشهد لما ادعاه، من تبادر التمليك المقرون بالقبول بقوله، ولهذا لا يقال: باع فلان - الخ - بل يلائم ما اشرنا إليه، من انه التمليك، ضرورة انه لا يقال: باع، إذا عقد، وقد اخل ببعض الشرائط، صحة ان يقال: ما باع فتدبر جيدا.


[ 7 ]

قوله (ره): (ولعله لتبادر التمليك المقرون - الخ -) بل لتبادر التمليك الحقيقي الذى لا يكاد ينفك عن تملك المشترى، وتبادر اقترانه بقبوله، انما هو لكونه مما لابد منه في حصوله، لا من نفس اللفظ، بل يتبع معناه، ومنه ظهر حال السلب عن المجرد، وانه من جهة عدم التمليك مع المجرد، لا لذلك، ولا لما افاده بقوله (اقول - الخ -). فافهم. قوله (ره): (تحقق القبول شرط للانتقال في الخارج - الخ -) لا يخفى ان الذى لا يكاد يكون القبول شرطا له، هو الانتقال الانشائى التابع لانشاء النقل، واما الانتقال بنظر الناقل، فيختلف بحسب الانظار، فربما يكون شرطا له بحسب نظر، ولا يكون كذلك بنظر آخر. وبالجملة، النقل بحسب كل مرتبة ونظر، لا يكاد يمكن انفكاكه عن الانتقال، بحسب تلك المرتبة، وذاك النظر، إذا الاثر لا ينفك عن التأثير، لاتحادهما ذاتا، واختلافهما اعتبارا، فيكون تأثيرا من جهة انتسابه إلى الفاعل، واثرا من جهة الانتساب إلى القابل، وان كان انفكاكه عنه بحسب مرتبة الاخرى، أو نظر اخر، بمكان من الامكان، وكذلك الحال في الوجوب، والايجاب، لا يكاد يمكن انفكاكهما في مرتبة واحدة، بحسب نظر واحد، وانما ينفك الايجاب في مرتبة، أو بحسب نظر، عن الوجوب في مرتبة اخرى، ونظر آخر. ومن هنا ظهر انه لا فرق بين النقل والانتقال، والوجوب والايجاب في مرتبة، وبحسب نظر، وبين الكسر والانكسار. نعم هما، لما كان من الامور التى تكون موجودة في الخارج، ليست لهما، الا مرتبة واحدة، بخلاف مثل الوجوب والايجاب، من الامور النفس الامرية الاعتبارية التى لا واقع لها، الا بحسب الاعتبار المختلف بحسب الانظار، وصحة الانتزاع عن منشأ بنظر، وعدم صحته بآخر. هذا مع ثبوت الانفكاك، بين الذهنى من الكسر والانكسار، والخارجى منهما ايضا، فلا تغفل. قوله (ره): (والى هذا، نظر جميع ما ورد الخ -).


[ 8 ]

لا يخفى امكان ارادة ما ذكره، من معناه في هذه الاطلاقات، لو لم نقل بظهورها فيه، وجعله بهذا المعنى من العقود، بملاحظة انه لابد في تحققه من العقد، قبالا للمعانى الايقاعيه، كالطلاق، والعتاق، ونحوهما. قوله (ره): (ثم ان الشهيد ره - الخ -). اعلم ان الصحة والفساد، لما كان من الامور المتضايفة، لا يكاد يتصف الشئ بواحد منهما، الا إذا صح تواردهما عليه، فما لا يتصف بالفساد اصلا، لا يتصف بالصحة ايضا، كان البيع بمعنى التمليك مطلقا، حقيقيا كان أو انشائيا، لا يتصف بواحد منهما، بل يكون مع علته، ولا يكون بدونها، وكذا البيع بمعنى النقل والانتقال، وانما يتصف بهما البيع، بمعنى الايجاب، والقبول، فيكون صحيحا لو كان واجدا لما اعتبر في تأثيره، وفاسدا فيما إذا كان فاقدا، لكله، أو بعضه، فلا ينافى ذلك، تأثيره شيئا اخر، إذا لم يكن مما يترقب منه، أو لم يكن فعلا مما يتوسل به إليه، وان كان في نفسه مرغوبا، لو كان مما يتوسل إليه، لكن لا وحده إليه، لكن لا وحده، بل مع اثر آخر، فان الصحة والفساد، من الامور الاضافية، فيصح ان يتصف بالصحة، بملاحظة اثر، وبالفساد، باعتبار آخر. ثم لا يخفى ان ما نقله عن الشهيد الثاني (ره) هيهنا، ينافى ما نقله عنه سابقا من كون اطلاق البيع على العقد، مجاز، بعلاقة السببية، الا ان يكون مراده، كون اطلاقه عليه، مجازا في الاصل، وحقيقة بالنقل، فتأمل. قوله (ره): (فلان الخطابات لما وردت على طبق العرف - الخ -). فينكشف باطلاقها، ان الصحيح عندهم، يكون صحيحا عند الشارع، ولا يخفى انه انما يجدى، فيما شك في اعتباره شرعا، وقد علم عدم اعتباره عرفا. قوله (ره): (فيستدل باطلاق الحكم يحله - الخ -). أي يستدل باطلاقه على كون البيع الانشائى، بمثل (بعت)، على اطلاقه من دون اعتبار ما شك في اعتباره، يكون مؤثرا نافذا، غاية الامر، قد علم تقييده بالقبول. ومن هنا ظهر انه على الوجهين، يكون المراد بالبيع، هو


[ 9 ]

السبب القابل للاتصاف بالصحة، والفساد. والفرق بينهما انما يكون بالتمامية، والنقصان. فافهم. قوله (ره): (والمعاطاة 1 على ما فسره جماعة - الخ -). لا يخفى، ان المعاطات، ما جعل موضوعا لحكم في آية، أو رواية، ولا في معقد اجماع، وانما عبر به، عما يتداول بين الناس، من المعاملة بلا صيغة، فالمهم تعيين ما هو المتداول بينهم، والظاهر عدم اختصاصه بما إذا كان هناك تعاطى من الطرفين، كما في السلف، والنسية، ولا بما إذا كان حل واحد من الايجاب، والقبول به، لو كان بل كما يكون به، ويكون بالاعطاء ايجابا، وبالاخذ قبولا، ويكون اعطاء الاخر، وفاء بالمعاملة، لا متمما لها، بل لا يبعد دعوى ان الغالب في المعاملات المتعارفة، بحسب قصد المتعاملين ذلك كما لا يخفى، فلا يضر بالمعاملة، لو ظهر ما اعطاه الثاني، مستحقا للغير، أو من غير ما عين من الجنس في المقاولة، بل يضر بالوفاء بها، بل ربما يقال، بحصولها بالتراضى المنكشف بالقطع، والفصل في المساومة، ويكون التعاطى، أو الاعطاء، والاخذ، خارجا عنها، ووفاء منهما بها، فيكون كل واحد من الثمن، والمثمن كليا، كما كان احدهما على الوجه السابق. فتأمل. قوله (ره): (وهو يتصور على وجهين - الخ -). لا يخفى، ان غرضه، ان كان بيان ما يتصور في باب البيع، فلا يتصور، الاعلى ثانى الوجهين، وان كان بيان ما يمكن ان يتصور فيه، من دون اختصاص بهذا الباب، فلا وجه للتخصيص بهما، فانه يمكن ان يقع على وجوه عديدة، وقصد به كل ما يقصد باللقط، من ايقاع، أو عقد، بيعا كان، أو غيره، من غير فرق بينهما في ذلك، وان كان بينهما فرق من حيث ان دلالته لا يكون بمثابة دلالة، وذلك مما لا شبهة فيه، ولا ريب يعتريه. اللهم الا ان يكون غرضه، ما يتصور فيه في هذا الباب، بحسب ما يوهم انه محل الكلام، ومود النقض والابرام بين الاعلام.


ص 9 * 1 - وفى المصدر: ان المعاطاة على ما فسره جماعة.

[ 10 ]

قوله (ره): (والانصاف ان ما ارتكبه - الخ -). فان مثل هذا التأويل، وان كان مما يصار إليه في الاخبار، توفيقا بينها، لاحتمال التعويل فيها، على قرينة لم تصل النيا، لتقطيع الاخبار، أو لاخفائها تقية، أو غير ذلك، ولم يأب عنه بعض الكلمات، الا انه كيف يصار إليه في كلمات مشهور الاصحاب، الظاهر في ارادة الاباحة، ونفى الملك، بل مع صراحة بعغها بلا موجب، ولا داعى، ومجرد عدم مساعدة القواعد، على ما هو ظاهر هم، بل مساعدتها على خلافه، لا يوجب الحمل على ما يساعدها، سيما مع احتمال مساعدة السيرة التى هي العمدة في هذا الباب على ذلك واما وجه ابعدية جعل محل النزاع، ما إذا قصد الاباحة، فهو انه كيف، وقد جعل المعاطات من فروع اعتبار الصيغة. لا يقال: على هذا لا يحتمل، فلا وجه لاحتماله. فانه يقال: لاحتمال ان يكون ذلك، لدفع توهم انعقاد البيع بالمعاطات، مع قصد الاباحة ابتداء، من مشاهدة فائدته، ولو بعد التصرف، وانه لا يكون ذلك اولا، بل اولا وما دعاه إلى هذا التحمل، الا استبعاد تأثير قصد التمليك للاباحة، لا للتمليك، مع انه كما ستعرف انه ليس كذلك، بل يؤثر التمليك غاية الامر، بشرط التصرف، كالقبض في الصرف، والسلف، اما الاباحة قبله، فليست شرعية، بل مالكية ضمنية، ولو سلم ان مرادهم، هي الاباحة الشرعية، فانما يستعبد المصير إليه، لو لم يكن هناك ما يمكن ان يتوهم منه ذلك، والسيرة التى هي العمدة في الباب مورد لذلك، فتدبر جيدا. قوله (ره): (مع ان الغاء الشارع للاثر المقصود - الخ -). قد اشرنا إلى انه، ما الغاه، بل رتبة عليه بشرط التصرف، كالقبض في الصرف، وترتب الاباحة عليه شرعا، لو سلم، فهو للاستناد إلى السيرة ظاهرا، بتوهم انها تساعد على ذلك. قوله (ره): (ويدفع الثاني تصريح بعضهم بان شرط لزوم البيع - الخ -). يمكن ان يقال: لزوم البيع، بمعنى عدم جواز فسخه، لا يقتضى لزومه، بمعنى عدم جواز التراد، بهذا المعنى محل الكلام في المقام، وكون


[ 11 ]

الايجاب، والقبول، من شرائط انعقاد البيع بالصيغة، لا يقتضى كونهما من شرائط البيع مطلقا، ولو بالمعاطات، وليكن المراد بالايجاب اللفظين منهما، والا لم يكن المعاطات بخالية عنهما، كما لا يخفى. قوله (ره): (لكن في عد هذا، من الاقوال تأمل - الخ -). وجهه، انه مع شرط اللفظ، يكون البيع بالصيغة، لا بالفعل، لكنه يمكن ان يقال: انه يكون كذلك، إذا اعتبره لكى يقع المعاملة به، لا إذا كان لاجل الدلالة، على انها بالتعاطي، فتأمل. قوله (ره): (ويدل عليه ايضا قوله تعالى " واحل الله البيع " 1 حيث دل على حلية جميع التصرفات - الخ -). والظاهر ان سبب التصرف فيها، وصرف الحكم بالحلية إلى التصرفات، عدم كون البيع بنفسه اختياريا، لكونه مترتبا على سببه بلا اختيار، وانت خبير، بان مجرد ذلك لا يخرجه عن الاختيار المعتبر في متعلق الاحكام، وعلى ذلك، فلا دلالة لها على المدعى، فانها مسوقة لبيان تحليل البيع، بمعنى التمليك قبالا لتحريم الربا. نعم لو كان البيع فيها، بمعنى ما يوجبه، لدلت على صحة المعاطات، ولو كان المراد من الحلية، مجرد التكليف، فان تحليل الشارع للبيع بما يتوسل به، إلى التمليك، وترخيصه فيه كذلك، كما هو ظاهرها، ملازم عرفا لامضائه وانفاذه، كما ان تحريم معاملة، والنهى عنها كذلك، يدل على الردع عنها كما في تحريم الربا، وفيما علقنا على الخيارات، ما له نفع في المقام. قوله (ره): (فمرادهم بالبيع، المعاملة اللازمة - الخ -). بل المعاملة الشرعية، ولذا صرح في الغنية 2، بكون الايجاب والقبول، من شرايط الصحة، لا اللزوم. فافهم. قوله (ره): (فهو انما يجدى، فيما إذا اشك في ان هذا النوع من السلطنة، ثابتة


ص 11 * 1 - البقرة: 257. 2 - الغنية - كتاب البيع / 523.

[ 12 ]

للمالك - الخ -). بل لا يجدى في ذلك، إذا شك في تشريع اصل هذا النوع ايضا، حيث انه مسوق لبيان سلطنة المالك، وتسلطه، قبالا لحجره، لا لبيان تشريع انحاء السلطنة، كى يجدى فيما إذا شك في تشريع سلطنة، فلا يجوز التمسك به على صحة معاملة خاصة، وجواز تصرف خاص، مع الشك فيهما شرعا. فافهم، كى ينفعك في غير المقام. قوله (ره): (واما ثبوت السيرة واستمرارها على الثوريث - الخ -). هذا في سيرة المسلمين، واما سيرة العقلاء، بما هم عقلاء، فلا شبهة فيها، ولا ريب يعتريها، حيث استقرت طريقتهم على ذلك، من غير اختصاص باهل ملة، ونحلة، ولم يردع عنها، صاحب شريعة، حيث لو ردع، لشاع نقله، وذاع لتواتر الدواعى، في مثل هذه المسألة إليه، فالاولى التمسك بها، كما تمسك بها في غير مقام، فانها اسم مما تمسك به في المقام. قوله (ره): (ان القول بالاباحة المجردة مع قصد المتعاطيين - الخ -). لا يخفى، انه انما يتوجه ما افاده من الاستبعادات، على القول بها، إذا لم يقل القائل بها بالاول إلى البيع بعد التصرف، أو التلف، وقال: ان الملك بعد احدهما انما يكون به، لا بامعاطات بشرطها، بل يكون بالنسبة إليه لغوا، وان كانت مؤثرة للاباحة، واما على القول بالاول، فلا يلزم انخرام قاعدة " العقود تابعة للقصود " ولا يكون ارادة التصرف، ولا التصرف من جانب، ولا التلف السماوي من المملكات، فان التمليك انما حصل بنفس التعاطى، الذى قصد به التمليك، لا بهذه الامور، بل بشرطها. واما حديث تعلق الاخماس، والزكوات، والاستطاعة - الخ - بغير الاملاك، ففيه انه لا محذور في ذلك في كثير منها، كالاستطاعة، واداء الدين، والنفقة، والغنى، كما سيشير إليها، وكذا الوصايا، لو لم نقل بكفاية مثل الوصية، من التصرف في حصول الملك بالتعاطي، ولا فلا اشكال، فان نفودها حينئذ يكون في الملك، وكذا لمواريث، فانه لا اشكال بناء على الاول بموت احد المتعاطيين، كتلف احد الملكين، كما ليس ببعيد، واما بناء


[ 13 ]

على عدمه، فلابد في القول بالارث، وصيرورة الوارث كما لمورث فيما له، وقد تركه ضرورة انه ليس بلازم ان يكون مما ملكه، وفى الباقي، لم يعلم التزام القائل بالاباحة في بعضها، فلا يصح الزامه، وافهامه، ولو كان بينا فساده، فلم يعلم منه القول، بتعلق الخمس، أو الزكاة قبل الاول، ولم يعلم فساد بعض الآخر، لو لم التزامه به، كما في الشفعة، فلا ضير في القول بها بمجرد التعاطى، لشمول دليليها لبيع احد الشريكين عرفا، وان كان تأثيره شرعا يتوقف على امر، لم يحصل بعد، وكذا الربا، إذ لا شبهة على الاول في تعلقه بالمعاطات، ولا يكون حاله قبل التصرف ونحوه، الا كالصرف، قبل القبض في ذلك، كما لا شبهة في تبعيته النماء المتصل، واما المنفصل، فلم يعلم ان القائل بالاباحة، يلتزم بانتقاله إلى الاخذ، كما اشار إليه، مع انه يمكن ان يقال: ان قضية قاعدة التبعية، ان يتبعا في الملكية بعد التصرف، كما يتبعها قبله، وبعبارة اخرى، يكون حالها، حال العين، المبيوعة، وليس هذا ببعيد، كل البعيد وبالجملة، على الاولى تكون هذه الامور، بين ما لا يلزم، اولا يلتزم به القائل بالاباحة، وبين ما لا بعد فيه، لو التزم، أو لابد من ان يلتزم به. قوله (ره): (مدفوعة مضافا إلى امكان دعوى كفاية - الخ -). لا مجال لدعوى الكفاية على مختاره، من عدم حجية الاستصحاب، مع الشك في المقتضى، كما لا شبهة في صحتها على ما هو المختار، من حجية، وملخص ما افاده في دفع الدعوى، بين منع اقسام الملك إلى قسمين، و تنوعه بنوعين، والاختلاف في الاحكام، ليس لاجل الاختلاف في ناحيته، بل للاختلاف في ناحية اسبابه، قلت: لو كان الجواز، واللزوم هيهنا، بمعنى جوازا فسخ المعاملة وعدمه كما في باب الخيار، فلا شبهة في كونهما من احكام الاسباب واما لو كان بمعنى تراد العينين، وتملك ما انتقل عنه، وعدمه، بلا توسيط فسخ المعاملة، كما في الهبة، على ما صرح به في الملزمات، فهما من احكام المسببات لا محالة، واختلافها فيهما، كاشف عن اختلافها في الخصوصيات المختلفة في اقتضاء الجواز، واللزوم، لئلا يلزم الجزاف في احكام


[ 14 ]

الحكيم تعالى شأنه، وانت كان اختلافها فيها، ناشيا عن اختلاف الاسباب ذاتا، أو عرضا وبالجملة جواز فسخ المعاملة، بحق خيار، أو بمحض حكم، كما في الاقالة، وعدم جوازه، لا ريب في كونهما من احكام السبب المملك، اما جواز الرد، أو التراد وعدمه، فهما من احكام الملك، والحكم عليه، تارة بالجواز، واخرى بعدمه، كاشف في مورد كل واحد منهما عن خصوصية مقتضية له، غير خصوصية في الآخر، والاختلاف بحسب الخصوصية كاف في اختلاف الاحكام، من غير حاجة إلى الاختلاف بالحقيقة، والماهية، وهذا الاختلاف الناشئ عن اختلاف الاسباب ذاتا، أو عرضا، لا يجب ان يوجب تفاوتا في المنشأ اصلا، كما لا يخفى، فانقدح بذلك، فساد ما افاده في بيان كون الجواز، واللزوم، من احكام السبب المملك، لا المملك، فتدبر جيدا. قوله (ره): (فان مقتضى السلطنة، ان لا يخرج - الخ -). يمكن ان يقال: كما اشرنا إليه انه ليس الا لبيان سلطنة المالك على ماله، وتسلطه عليه، وانه ليس بمحجور، لا لبيان اثبات انحاء السلطنة له، ليصير دليلا على لزوم عقد، بمعنى عدم جواز الرد، لمنافات جوازه لا طلاقها. فتأمل. قوله (ره): (فالقول بالملك اللازم، قول ثالث فتأمل). لكنه لا بأس بالمصير إليه، بعد عدم الاتفاق عليه نفيه، بل كان عدمه إلى الآن، بمجرد الاتفاق، كما هو الحال، في حدوث القول الثالث في كل مسألة، ولعله اشار إليه بامره بالتأمل. قوله (ره): (بل يمكن دعوى السيرة - الخ -). دعواها، على نحو كانت كاشفة عن رضاء المعصوم، كما ترى، والانكار على المنع عن الرجوع، لم سلم، لم يعلم انه من جهة بنائهم على جوازه، ولعله لاجل ما هو المركوز عقلا، ونقلا، من حسن الاقالة، وكون تركها مع الاستقالة، خلاف المروة، ومناف للفتوة، من غير فرق بين ايقاع البيع بالصيغة، أو التعاطى.


[ 15 ]

قوله (ره): (أو باعتبار محله وغير محله - الخ -). أو باعتبار كونه محللا لكل من الثمن، أو الثمن، على من انتقل إليه، ومحرما على من انتقل عنه، ويكون الغرض، دفع توهم كون مجرد المقاولة، من بيع ما ليس عنده المركوز حرمته، وعدم نفوذه، ببيان انها ليست بمحللة، ومحرمه، والكلام، وهو البيع ما كان كذلك، فليست ببيع، حتى كانت من بيع ما ليس عنده، وعليه يكون التعبير عنه بالكلام، لا لانه لفظ بمعناه، بل بما هو نفس المعنى بوجه، كما لا يخفى، ويكون الحصر ليس بحقيقى، بل بالاضافة إلى المقاولة، فلا دلالة فيه على انحصار التحليل، والتحريم، بالبيع بالصيغة، ولا به مطلقا. فتدبر جيدا. قوله (ره): (بان يقال: 1 حصرالمحلل والمحرم في الكلام، لا يأتي الا - الخ -). هذا إذا كان المراد بالكلام، هو اللفظ بمعناه، واما إذا كان المراد به نفس المعنى، كما اشرنا إليه آنفا، أو كان حصر المحلل في المقاولة، والمواعدة، وحصر المحرم في ايجاب البيع وايقاعه، بالاضافة إلى الآخر، فلا يكاد يمكن استظهار اعتبار الكلام في ايجاب البيع اصلا، كما لا يخفى. قوله (ره): (فالظاهر انه بيع عرفى لم يؤثر شرعا - الخ -). لكنه قبل وجود احد الملزمات، والا يصير بيعا شرعيا، يؤثر التمليك، ونفى البيع عنها في كلام المشهور، القائلين بالاباحة، هو البيع الشرعي بمجرده، لا بعد وجود احدها، على ما عرفت من الاول إلى البيع. ومن هنا ظهر ان قوله (فنفى البيع - الخ -) لا يصح ان يكون تفريعا على القول بالاباحة، وانما هو تفريع على القول بالملك، وان كان خلاف سوق الكلام. قوله (ره): (وحيث االمناسب لهذا القول التمسك - الخ -). قد عرفت انه لا دلالة على مشروعية معاملة اصلا، وأنه لا دلالة الا على اثبات السلطنة للمالك، قبالا لحجره، كما في بعض افراده، باحد


ص 15 * 1 - وفى المصدر: بان يقال ان حصر المحلل.

[ 16 ]

اسبابه، وفى غيره، الا بسبب ولاية، أو وكالة، لا اثبات انحاء السلطنة، كى يجدى فيما إذا شك في شرعية اصل معاملة، وفيما اعتبر في صحتها، ولو علم شرعيتها وعليه فلو شك في اصل مشروعية الاباحة العوضية، لا وجه للتمسك به، على مشروعيتها، فضلا عما إذا شك في اعتبار شئ في سببها. نعم يحل التصرف بما لا يتوقف على الملك، لقوله عليه السلام " لا يحل مال امرء الا بطيب نفسه 1 " وقوله " لا يجوز لاحد التصرف في ملك غيره، الا باذن مالكه، إذا كان بطيب من مالكه وباذنه 2 " ولو لم يكن هناك معاطاة. فلا تغفل. قوله (ره): (واما على المختار، من ان الكلام فيما إذا قصد - الخ -). ونخبة الكلام في المقام، انه لا شبهة في اعتبار ما اعتبر في البيع، باطلاق، أو عموم على القول بافادتها للملك، فانها بيع بلا اشكال، الا ان يقال: ان السيرة في الغت بعض ما يعتبر بالاطلاق أو العموم، وانى لها بذلك. نعم لو كان الاشتراط، بدليل يختص بما إذا كان بالصيغة، لا يعتبر فيها، إذا كان الدليل على الصحة، عموم، أو اطلاق، لا مثل السيرة، وكذلك على القول بالاباحة، بناء على الاول إليه، وافادتها التمليك بعد التصرف، أو التلف، فانها بيع ايضا، وتوقف تأثيره على مثله غير ضائر، كما في الصرف، والسلف، واما بناء على عدم الاول، وكون التمليك بعد التصرف به، لا بها، فاطلاق ادلة شروط البيع، وان كان لا يساعد على اعتبارها فيها، لعدم كونها بيعا شرعا، ولا يجدى كونها بيعا عرفا، بعد كشف الشارع من حالها، وانها ليست ببيع واقعا، الا ان افادتها لاباحة جميع التصرفات شرعا قبل التصرف، وحصول التمليك به بعده، لما كان على خلاف الاصل، وجب الاقتصار في خلافه، على القدر المتيقن، وهو ما إذا كانت واجدة لجميع ما يعتبر في صحة البيع. فتدبر جيدا. قوله (ره): (واما حكم جريان الخيار فيها، فيمكن نفيه - الخ -).


ص 16 * 1 - وسائل الشيعة: 3 / 424 - ب 3 - ح 1. 2 - وسائل الشيعه: 6 / 377 - ب 3 - ح 6 (بهذا المعنى).

[ 17 ]

إذا لم نقل بالاول إلى اليع بعد التلف، لعدم كونها بيعا، لا لجوازها، واما بناء عليه، فحالها حال بيع الصرف والسلم قبل القبض، ومجرد الجواز، بمعنى التراد، أو الرد قبل التصرف، والتلف، لا يمنع عن تعلق حق الخيار، مع ان الجواز الفسخ بخيار، لا يمنع عن تعلق خيار آخر. ومن هنا ظهر ان ثبوت الخيار فيها مطلقا، بناء على افادتها الملك، اظهر، لا لصيرورتها بيعا بعد اللزوم، كما علل به، بل لكونها فعلا بيعا عرفا، وشرعا، والخيار موجود من زمن المعاطات، واثره يظهر من حين ثبوته، لصحة اسقاطه، والمصالحة عليه قبل اللزوم، فلا وجه لما افاده من ظهور اتره بعده، كما لا وجه، لما ذكره من احتمال التفصيل، إذ دعوى اختصاص ادلة الخيار في البيع، بما وضع على اللزوم، مجازفة، كما لا يخفى على من لاحظها. قوله (ره): (الامر الثاني: ان المتيقن من مورد المعاطات - الخ -). قد عرفت في بعض الحواشى السابقة، ان لفظ المعاطات ليس مما ورد في آية، والرواية، ولا في معقد الاجماع، بل من المعلوم انه عبر بها، عن المعاملة، المتعارفة، المتداولة، فالمدار في ترتيب الاحكام والآثار، على ما هو المتعارف، وان لم يصدق عليه معنى المعاطات، بل معنى الاعطاء، بل ولو لم يصدق عليه بناء على حصول التمليك، وتحقق المعاملة بالمقاولة، ويكون الاعطاء من طرف أو طرفين، من باب الوفاء بها، لا احداثا، أو تتميما لها، على ما احتملناه، فالعمدة تحقيق ذلك، وعليك بالتحقيق. قوله (ره): (الثالث: تميز البايع من المشترى - الخ -). لا يخفى، انه ليس هذا من تنبيهات المعاطات، لعدم اختصاصه بها، وان المنشئ للتمليك بالعوض، بايع، ومنشئ التملك به، مشترى، من غير فرق فيما قصدا به، بين اللقط، والفعل، فلو لم يقصد كل واحد منهما، الا ما قصد الآخر، فهما بايعان، أو مشتريان كذلك، أي من غير فرق بينهما، فلا فرق فيما هو المييز لكل منهما عن الآخر، مفهوما بينهما. نعم بينهما فرق في التميز خارجا، وهو انه غالبا يكون في البيع بالصيغة، ما يدل بظاهره على ان ايهما بايع، وايهما مشترى، بخلاف الفعل،


[ 18 ]

لعدم دلالته بنفسه، ويكون الدلالة بالقرينة، وربما لا يكون، أو لا يكون محفوظة، وربما يعكس الامر، لو قلنا بكفاية المجاز، والكفاية في الصيغة، فافهم. فتدبر جيدا. قوله (ره): (فيكون الآخر في اخذه، قابلا ومملكا - الخ -). لا يخفى، انه لا يتعين هذا، على هذا الو جه، لامكان ان لا يقصد باخذه التمليك، بل بدفعه، وانما اخذ مقدمة لقبوله بدفع العوض، فلو مات قبل الدفع، مات قبل تمام المعاطات، فلا تغفل. قوله (ره): (فيكون تمليك بازاء تمليك، بالمقابلة - الخ -). بل يكون المقابلة، بين مال المعطى، وتمليك الآخر، ويكون تمليكه ثمنا كفعل آخر جعل ثمنا، فإذا قصد باخذه القبول، فالمعاملة يتم، من دون توقف على تمليكه، وان وجب عليه الوفاء، ويستحقه عليه المعطى، فلو مات، لم يفت منه، الا الوفاء، بالمعاملة، الحاصلة بالمعاطات، ولو كان الغرض من المعاملة، المقابلة بين التمليكين، بان يكون عمل كل منهما وتمليكه، جعل بازاء عمل الآخر، وتمليكه، لم يقع بهذه المعاملة، تمليك من احدهما، بل يستحق كل على الآخر، بعد وقوعها تمليك الآخر وفاء بها، كسائر الاعمال، إذا وقعت المعاوضة بينهما، كما لا يخفى. وبالجملة، ذا قصد بنفس المعاملة، تمليك مال، بعوض التمليك الآخر شيئا، كان التمليك عوض المال، كما يظهر من مقايسته على بيع الاموال بالاعمال، فظهر انه بيع، لا انه بعيد عنه، وقريب من الهبة، كما افاده (ره). فانقدح بذلك مواضع الخلل في كلامه، زيد في علو مقامه، في هذا الوجه، والوجه الرابع، فلا تغفل. قوله (ره): (فإذا كان بيع الانسان مال غيره - الخ -). تحقيقه ان يقال: لا شبهة ولا اشكال في انه يعقل تمليك الانسان، مال غيره، بعوض يملكه باذنه، كما يقعل تمليك ماله، بعوض يملكه غيره، وان لم يصدق عليه عنوان البيع، لاعتبار خصوصية تملك المالك للعوض في صدقه، ولم يصح الاستدلال على صحته، بما دل على صحته،


[ 19 ]

وامضائه، مع ان مجال المنع عنه واسع، وتعريفه بمبالة مال بمال، انما يكون في قبال التمليك مجانا، كيف، وفى بيع مال المضاربة بالمرابحة للعامل من الثمن ما جعل له من المقدار، مع ان مال المضاربة للمالك، ولو سلم، فيمكن ان يستدل عليه بمثل " اوفوا بالعقود " 1 و " المؤمنون عند شروطهم " 2، لا يقال: لا يكاد يصح الاستدلال على صحته بادلة البيع، ولو سلم صدقه عليه، لمكان ما دل على النهى عن بيع ما ليس عنده، فانه مع الاذن في بيعه، كذلك يمنع عن كونه من بيع ما ليس عنده، واما العتق عن غير المالك، فلا مانع عنه عقلا، وانما منع شرعا عن عتق غير المالك، لان عتقه عن غيره، فإذا صح عتقه عن غيره، صح له ان يأذنه في ذلك، واما الوطى، فلا بأس بالقول بجوازه للمباح له، بدعوى انه تحليل، وان اعتبار لفظ خاص فيه، دعوى بلا دليل. فتلخص مما ذكرناه، انه لا بأس بان يقال بصحة اباحة جميع التصرفات التى منها البيع، والعتق، والوطى، فتأمل. قوله (ره): (فيشكل الامر فيه، من جهة خروجه عن المعاوضات المعهودة - الخ -). انما يشكل من هذه الجهة، إذا اريد الاستدلال عليه، بما دل على صحتها بعناوينها، والا فلا اشكال في صحة الاستدلال عليها، بالمؤمنون عند شروطهم، وباوفوا بالعقود 3، الا ان يدعى ان المراد بالعقود، هي المعهودة المتعارفة مها، لا مطلقا، وهو كما ترى، وقد عرفت الاشكال في الاستدلال ب‍ " الناس مسلطون " 4 في تشريع المعاملات، وانحاء التسلطات. فتدبر جيدا.


ص 19 * 1 - المائدة: 1. 2 - بحار الانوار - 2 / 272. 3 - المائدة: 1. 4 - بحار الانوار - 2 / 272.

[ 20 ]

قوله (ره): (ففى لزومها مطلقا لعموم " المؤمنون عند شروطهم " 1 - الخ -). قد بينا فيما علقناه على مبحث الخيارات من الكتاب، الاشكال في الاستدلال بمثل عمومه على اللزوم، فليراجع ثمة، وفى الاستصحاب كفاية، لكن قد يشكل بان اللزوم في مثله من العقود الاذنية، لا يكاد يعقل، لتقومه بالاباحة والاذن، ومع الفسخ أو المنع، لا اباحة ولا اذن، وحله ان جواز التصرف في العقود الاذنية، ان كان مستندا إلى الاذن الفعلى، فلا اشكال في زواله بزواله، ولكنه ليس كذلك، بل بالعقد على اباحته له، والاذن في تصرفه مطلقا، وتعقل لزوم العقد على ذلك، مما لا ريب فيه ولا شبهة يعتريه. نعم لزومه لا يمنع عن جواز تصرف المالك فيه، بما يذهب موضوعه، لعموم " الناس مسلطون - الخ -). فافهم وتأمل، كى لا يشتبه عليك الامر. قوله (ره): (لكن الاظهر بناء على جريان المعاطات - الخ -). بل الظاهر جريانها فيها، لاطلاق ادلتها، والسيرة بالنهج الذى قررناها في البيع، وعدم القول بالفصل بينه وبينها، ظاهرا، والاشكال في مثل الرهن لاجل منافات ما هو قضيته، وما هو لازم المعاطات من الجواز، لا يوجب هنا في جريانها في غيره مما لا يكون هناك منافاة، مع ان المنع عن كون الجواز لازم المعاطات، بمكان عن الامكان، وقضية الاطباق، على توقف العقود اللازمة على اللفظ، لو سلم، فهو انما إذا كان اللزوم من عوارض العقد، وجاز تبادله مع الجواز، لا ما إذا كان اللزوم، من مقتضيات ذاته، وحقيقته، كما في الرهن. ومن هنا ظهر، انه من كان يبالى بمخالفة المشهور، فضلا عن المتفق عليه في فسخه عن هذا الاشكال، مع ان ما اطبقوا عليه، ليس الا بنحو القاعدة، مخالفته بلا دليل على خلافه، لا يجوز، الا بالدليل، والسيرة في خصوص الرهن، دليل، فظهر ان مخالفة ما اطبقوا عليه هيهنا، ليس لاجل


ص 20 * 1 - المستدرك - 2 / 473. 2 - بحار الانوار: 2 / 272.

[ 21 ]

عدم المبالات بالمخالفة. فافهم واغتنهم. قوله (ره): (اعلم ان الاصل على القول بالملك - الخ -). قد ظهر مما علقناه على مبحث الخيارات، ان اللزوم المناسب للمقام، وهو بالمعنى المقابل لجواز التراد، أو لجواز الفسخ، بمجرد الحكم به، لا بحق الخيار، مما يدل عليه بعض الوجوه المتقدمة، فمن اراد الاطلاع، فعليه المراجعة ثمة، ثمن ان المهم في المقام، إذا شك في اللزوم والجواز، بعد التلف مثلا، وقد قطع بالجواز قبله، بيان انه من موارد الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص عند الشك، أو الرجوع إلى العام، فاعلم انه، وان كان مثل " اوفوا " و " المؤمنون " مما دل على عدم جواز فسخ العقد، إذا خصص من موارد الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص، لا الرجوع إلى الحكم العام، فان حكم وجوب الوفاء، أو لزوم الالتزام بالشرط، انما لوحظ بنحو استمرار امر وحداني في الازمنة، لا متعددا بحسبها، فإذا قطع فلا يرجع إليه إذا شك، بل إلى استصحاب حكم الخاص، الا انه في المقام حيث ما انقطع حكمه من البين، بل منع عنه من الاول في الجلمة قبل انقضاء المجلس، وحصول التلف مثلا، فإذا شك في انه صار محكوما اولا، فالمرجع هو الحكم العام، لاطلاق العقود، أو الشروط، لو كان لهما اطلاق، فان قضيته ان يكون محكوما به مطلقا، ودليل الخيار، والجواز في المعاطات، قيده وجعل المحكوم به، هو العقد به انقضاء المجلس، أو حصول التلف، فإذا شك في زيادة التقييد، فالمرجع هو الاطلاق، الا ان يمنع عنه، بتقريب انه غير مسوق بلحاظ الطوارى بل بلحاظ نفس العقد، والشرط، فليرجع إلى استصحاب حكم المخصص، هذا بالنسبة إلى جواز الفسخ، واما بالنسبة إلى جواز التراد، فكذلك، أي المتبع هو اطلاق مثل " لا يحل ما امرء - الخ - " 1 لو كان، والا فاستصحاب جوازه، ولا يمنع عنه مثل تلف احدى العينين، لامتناع التراد، كما افاد، لانه ليس متعلقة نفسهما، كى يمتنع ترادهما في الخارج، بل


ص 21 * 1 - وسائل الشيعه: 3 / 424 - ب 3 - ح 1.

[ 22 ]

ملكيتهما، والملكية كما صح انتزاعها عن الموجود، صح انتزاعها عن التالف، فانها من الاعتبارات، وهى مما لا يتوقف على موضوع موجود، بل إذا كان هناك منشأ انتزاع، تنتزع عن غيره، وليست هي بالجدة، التى هي احدى المقولات، كما توهم، حتى يحتاج إلى موضوع موجود، كيف، وقد وقع التراد مع التلف، فيما إذا فسخ العقد بخيار، ولا يتفاوت في الامتناع، ان يكون التراد بلا واسطة، أو بواسطة الفسخ، لا يقال: في الفسخ لاتراد اصلا، بل يرجع إلى بدل التالف، فانه لولا التراد، لم يكن وجه للرجوع إلى البدل، بقاعدة ضمان إليه، أو الاتلاف. هذا كله على القول بافادتها الملك الجايز، واما على القول بالاباحة، فبناء على الاولى إلى البيع، كما اشرنا إليه، يكون المرجع عند الشك فيها، ما هو المرجع عند الشك في جواز الفسخ، أو التراد من اطلاق وجوب الوفاء، أو لزوم الالتزام بالشرط، إلى غير ذلك لو كان، والا فاستصحاب الاباحة طابق النعل بالنعل، وبناء على عدم الاول إليه، فما لم يعلم حصول الملك، فالاصل بقاؤها، لو كانا باقيين، أو الباقي منهما على الملكية للمالك قبل حدوث ما يوجب الشك فيجوز تصرفه فيه بما شاء، كما يباح لصاحبه التصرف فيه بعده، كما كان قبله قطعا، إذا علم بان المالك لم يحدث فيه شيئا، لا يبقى معه الاباحة، واستصحابا لو شك فيه، اما إذا احدث فيه ذلك، فلا مجال لاستصحاب جواز التصرفات، لحكومة استصحاب نفوذ تصرف المالك، على استصحاب جوازها، كما لا يخفى. فانقدح بما حققناه مواضع الخلل في كلامه، زيد في علو مقامه، قد اشرنا إلى بعضها، وربما نشير إلى بعض آخر. فتدبر جيدا. قوله (ره): (والمتيقن من مخالفتها، جوار تراد العينين - الخ -). قد عرفت جواز ترادهما ملكا، لا خارجا، فلا وجه للامتناع بمجرد التلف، والارتفاع فالوجه في عدم التراد، هو اتباع اطلاق " الناس مسلطون " 1 و " لا يحل مال امرء " 2 ونحوهما والا كان استصحاب جوازه هامش في صفحة الآتية


[ 23 ]

مقتضيا لجوازه، مثل استصحاب الجواز في البيع الخيارى بلا تفاوت اصلا، ولو كان التلف مانعا عن التراد ملكا، لكان مانعا عنه في صورة الفسخ، مع ان الظاهر، ان يكون الجواز هيهنا، كالجواز في البيع الخيارى، من عوارض المعاملة، لا العوضين، غاية الامر هناك بحق الخيار، وهيهنا بمحض الحكم به، وذلك لان الدليل عليه، ليس الا السيرة التى استقرت على ان البيع بها، ليس بالصيغة في عدم جواز الفسخ، بل يجوز فسخه لعدم استحكام المعاطات عندهم، استحكام الصيغة. وبالجملة، بنائهم في المعاملة المعاطاتية، على نفوذ الفسخ من احد المتعاطيين، ولو مع عدم رضاء الآخر. قيل: استحكامها بالتصرف، أو التلف، ونحوهما، لا على جواز تراد العينين بلا توسيط الفسخ، كما يظهر ذلك من الاستفسار منهم، كما صرح بجواز الفسخ في السرائر، واما التعبير بالتراد، الظاهر فيما ذكره (ره) فهو انما يكون من القائلين بالاباحة. فافهم. وقد انقدح بذلك، فساد العلاوة التى ذكرها بقوله " مع ان الشك - الخ - " وذلك لما علم من ان الاطلاق لو كان، لكان مانعا من الاستصحاب مطلقا، ولو علم ان الجواز كان عن عوارض البيع، كما في البيع الخيارى، ولولاه، فلا مانع من استصحابه، ولو علم بكونه عن عوارض البيع، كما في البيع الخيارى، ولولاه، فلا مانع عن استصحابه، ولو علم بكونه من عوارض العوضين، لامكان تحقه مع تلفهما، وما لا يكاد يتحقق معه ترادهما خارجا، لا ملكا. ومنه يعلم حكم ما لو تلف احد العينين، أو بعضها، على القول بالملك، واما على القول بالاباحة، فالاصل عدم اللزوم، كما استوجهه بعض المشايخ على ما حكاه، لاصالة السلطنة، بل لقاعدتها، بناء على شمول دليلها لمثل هذه الطوارى.


ص 23 * 1 - بحار الانوار - 2 / 272. 2 - وسائل الشيعة: 3 / 424 - ب 3 - ح 1.

[ 24 ]

قوله (ره): (وعلى المال التالف باخذ بدله الحقيقي، وهو المثل أو القيمة - الخ -). قد مر غير مرة، انه ليس لعمومه هذا الشأن، وانما شأنه، اثبات السلطنة للمالك، قبالا لحجره فيما سوغ من التصرفات، فلا دلالة له على تجويز تصرف، فضلا عن الدلالة على الضمان بالمثل أو القيمة، ولعله اشار إليه بقوله فتدبر. قوله (ره): (والظاهر انه في حكم التلف لان الساقط لا يعود الخ). لا يكاد يعود نفس الساقط، حقيقة لامتناع ارادة المعد وم، لكنه لا يختص بالساقط، بل الملكية الزائلة عن العين، الموجودة كذلك لا تعود لذلك، واعادة مثله كما في الملكية بمكان من الامكان، فالعمدة مع الشك، هو اصالة عدم العود، وعدم زوال ملكه عما انتقل إليه بعوض الدين، ولا استصحاب للجواز هيهنا، ليحكم عليها كما لا يخفى. قوله (ره): (والظاهر ان الحكم كذلك على القول بالاباحة، فافهم - الخ -). فان الظاهر ان اباحة الدين على من عليه الدين لا يعقل لها معنى، الا سقوطها، فيعود ان الساقط لا يعود مع ما علقناه عليه طابق النعل بالنفل. فافهم. قوله (ره): (فهو كالتلف على القول بالملك - الخ -). قد عرفت ان التلف لا يمتنع معه التراد، خلافا له (ره)، لكن الظاهر امتناعه مع النقل، ولو كان جائزا ايضا، وذلك لان المراد به هو رد العين إلى ملكه عن ملك حدث لصاحبه بنفس المعاملة، لا من ملك غيره، ولا عن ملكه بسبب غيرها، ولو كان فسخ ما يوجب ارتفاعها، لعدم امكان التراد بالمعنى المراد قبل فسخه، لكونهن غير ملك المتعاطيين وبعده، لكونه عن غير ملكه الحاصل بالمعاملة، فان فسخ المعاملة، كعقدها سبب مستقل، وان ابيت فلا اقل من الشك، ومعه فالاصل عدم جوازه لانقطاع الجواز بتخلل ملك الغير، وبذلك طهر عدم التفاوت بين ان يكون بعقد لازم، أو


[ 25 ]

جائز، فلا تغفل. قوله (ره): (اتجه الحكم بجواز التراد مع بقاء العين الاخرى - الخ). لا يخفى ان المتجه، عدم جوازه، فان تملك المالك للعين الموهوبة، تملك بوجه آخر، غير المتلك بالرد في المعاطات، ليحجب رد الاخرى إلى مالكها، كى حصل التراد، ولم يلزم الجمع بين العوضين، فالعينان وان اجتمعا عنده، الا ان احديهما بالمعاطات ابتداء، أو بعد التصرف في احديهما بالهبة، والاخرى بالرجوع إلى العين في الهبة، لا المعاطات. نعم لو كان الرجوع إليها بالفسخ، يمكن ان يقال بعود العلقة السابقة، بحسب الاعتبار، وان لم يكن عودها بحسب الحقيقة، لامتناع اعادة المعدوم، فكأنه لم يكن هناك هبة، فيكون المعاطات على ما كانت محلا للتراد، لكن الرجوع في الهبة، ليس فسخا لها، مع انه لو كان من باب الفسخ، فلا يحكم بجواز التراد لعدم القطع به، ولا لاستصحابه، لانقطاعه قبل الرجوع قطعا، فافهم. قوله (ره): (سقط الرجوع على القول بالملك لامتناع التراد - الخ -). لو قيل بحصول الشركة بمجرد الامتزاج، والا لم يمتنع التراد، لبقاء الاجزاء الممتزجة على ما كانت عليه من الملك، أو الاباحة، لمن صارت إليه من المتعاطيين، فيصح ردها إلى من انتقل عنه. فتدبر جيدا. قوله (ره): (لاطباقهم على انها ليست بيعا حال وقوعها، فكيف يصير - الخ -). قد عرفت بما لا مزيد عليه انه لا غرابة فيه اصلا، وليس حالها، الا حال بيع الصرف والسلف في عدم كونهما بيعا قبل القبض في المجلس بالاتفاق، وصيرورتهما بيعا بعده كذلك، ومن هنا ظهر ان حالها في ترتيب احكام الخيار وغيرها حالها، كما لا يخفى. قوله (ره): (فان قلنا بعدم اشتراط اللزوم أي - الخ -). لا يخفى، انه خلف إذا افترض فيما إذ حصل بالقول غير الجامع لشرائط اللزوم فلا يكاد يتأتى فيه، الا بالخلف، ثم ان الفاقد لشرائط اللزوم، فان كان واجدا لجميع ما يعتبر في الصحة عند الجميع، فلا يعقل ان


[ 26 ]

يحتمل ان يكون من باب المعاطات التى هي محل الخلاف، وان كان فاقد البعض ما يعتبر فيها كذلك، فكذلك، وان كان فاقد البعض ما يعتبر عند البعض دون الآخر فيكون فاسدا عند من اعتبره، وصحيحا عند غيره، فكذلك ايضا، وانما يصح الترديد في تمشية النزاع والخلاف في الانشاء القولى، فيما إذا المحل الانشاء بصيغة كذا أو بغير صيغة كذا، فيصح حينئذ ان يردد في انه كالانشاء بالمعاطات في كونه معركة للاراء والخلاف بين العظماء - فافهم. قوله (ره): (اقول: المفروض ان الصيغة الفاقدة لبعض الشرائط - الخ -). يمكن ان يقال ان الصيغة المفروضة، وان لم تتضمن الا إنشاء واحدا، والمفروض فسادها، للاخلال ببعض ما اعتبر فيها، الا ان الصحة والفساد، لما كان من الامور الاضافية، كما اشرنا إليه في بعض الحواشى السابقة، كان فساد الصيغة المنشاء بها التمليك بما هي عقد البيع، ولا يترتب عليها شئ مما يكون آثار العقد، من اللزوم وغيره، لا ينافى كونها معاطاتا وداخلة في المسألة التى تكون معركة للاراء، وصحيحة بما هو بيع عند بعض، واباحة عند آخر، إلى غير ذلك من الاقوال فيها، والحكم بضمان المقبوض، بالعقد الفاسد يمكن ان ينزل على انه حكم اقتضائي لا فعلى، بمعنى ان قضية فساده بما هو عقد، ذلك لو لم يجئ في البين الحكم بصحته بوجه آخر، أي بما هو بيع بغير العقد، وهذا احسن ما يقال، توفيقا بين ما ذكر في المقامين. فتفطن. قوله (ره): (ثم الكلام في الخصوصيات المعتبرة في اللقط - الخ -). والمرجع في عدم اعتبار خصوصية مادة، أو هيئة، هو الاطلاق المنافى لاعتبارها، لو كان، والا فاصالة الصحة، لو كان الشك في اعتبارها فيها، واصالة اللزوم لو كان الشك في اعتبارها فيه، كما مرت إليه الاشارة. قوله (ره): (اما الكلام من حيث المادة فالمشهور عدم الوقوع - الخ -). لكن مقتضى الاطلاقات في باب البيع، وقوعه بالكنايات، وانحاء


[ 27 ]

المجازات، بلا فرق اصلى بين ان يكون القرينة على التجوز لفظا أو غيره، لاستناد انشاء التمليك إلى اللفظ على كل تقدير، كما لا يخفى. نعم ربما يمكن المناقشة في صدق العقد على ما إذا وقع بالكناية، فانه عهد مؤكد، ولا يبعد ان يمنع عن تأكده فيما إذا وقع بها، وذلك لسراية الوهن من اللفظ، إلى المعنى لما بينهما من شدة الارتباط، بل نحو من الانحاء. قوله (ره): (ان القبول الذى هو احد ركني العقد، فرع الايجاب - الخ -). ومحصل ما ذكره وجها للتفصيل على طوله وجواز تقديم مثل اشتريت، وعدم جواز تقديم مثل قبلت، هو اشتمال هذا على المطاوعة التى لابد لها من الفرعية، والتابعية، فكيف يقدم بخلاف ذاك فانه لا مطاوعة فيه، فيؤخر ويقدم، قلت: لا يخفى ان العقد وان كان ينعقد بفعل الاثنين، ويتقدم بركنين، الا انه امر واحد، لا يكاد تحققه، الا من تواطئهما على امر وحداني يوقعه احدهما، ويقبله الاخر، ويظهر الرضاء به، ولا يكاد يتحقق بايقاع كل واحد معنى على حدة، بل يتحقق هناك من كل ايقاع، لا منهما، عقد، فلابد في تحققه من ايجاب من احدهما، وانشاء الرضاء بما اوجبه، وقبوله بما يدل عليه، مطابقة أو التزاميا من الاخر، فالتبعية التى لابد منها في القبول، باى صيغة كانت، لو اقتضت التأخير، فليكن القبول مطلقا مؤخرا، والا فلا مقتضى لوجوب تأخره إذا كان مثل لفظ، قبلت، والمطاوعة التى تكون مأخوذة في معناه، ليست الا تلك التبعية التى لابد منها في كل قبول، وهى غير مقتضية لوجوب تأخره، الا انها لازمة نفس المعنى في (قبلت)، ولازم كونه في مقام القبول في مثل (اشتريت)، وهذا لا يوجب التفاوت بيهما في ذلك، كما لا يخفى. ودعوى ان المطاوعة بمعنى اخرى، تكون مأخوذة فيه، ممنوعة، مع ان مطاوعة القبول مطاوعة ايقاعية، انشائية، تحصل باى شئ كان، بمجرد قصد حصولها باستعمال اللفظ فيها، كما هو الشأن في جميع المعاني الانشائية، والتى لا تكاد تكون الا متأخرة، هي المطاوعة الحقيقية، كالانكسار حيث


[ 28 ]

لا يكاد يتحقق الا عن كسر، لا المطاوعة الانشائية، بداهة صحة استعمال اللفظ في المعنى المطاوعى انشاء، كما يصح اخبارا وان لم يكن هناك مما يكون هذا مطاوعة عين، ولا اثر واقعا، ولا انشاء، وذلك لكون الانشاء خفيفة المؤنة، يمكن ان يعبر انشاء من أي معنى، ولو كان محالا، غاية الامر يقع لغوا لو لم يكن بداعي عقلائي، فانقدح بما حققناه، انه لا مانع عقلا عن تقديم مثل (قبلت). نعم يمكن ان يدعى ان تقديمه غير متعارف، ولابد في تحقق العقد، ان يكون صيغته بالنحو المتعارف، فتأمل. ولا اعتناء بما نقل من الاجماع في مثل المسألة، حيث يطمئن بانه ما ورد من صاحب الشرع، ما يدل بالخصوص على عدم جواز تقديم مثل (قبلت)، وانما ذهب إليه، من ذهب لمثل ما افاده (ره)، أو اشرنا إليه، لا اقل من احتمال ذلك في من لهم الدخل في تحصيله، لو لم يكن في الكل، أو الجل، وهو كاف في حصول الياس عن الكشف بالحدس، وعليك بالتأمل التام فيما افدناك في المقام. قوله (ره): (فتلخص مما ذكرنا ان القبول في العقود على ثلاثة اقسام - الخ -). قد عرفت بما حققناه، انه لابد في القبول الذى يتقوم به العقد، ويكون احد ركنيه من التبعية مفهوما ركنه الاخر، تقدم في الخارج أو تأخر، تقدم في الخارج أو تأخر، وازيد منها لا يكون فيه بمعتبرة، مع انك قد عرفت، انه لا يوجب تأخره، وان كان معتبرا. فتدبر جيدا. قوله (ره): (وما ذكره حسن، لو كان الملك - الخ -). مع انه يمكن مغ اعتبار الموالات عرفا من صدق العقد ايضا، ودعوى صدقه على ما إذا كان تأخير القبول بتواطؤ منهما، بلا اخلال بشئ آخر مما يعتبر فيه. اللهم الا ان يدعى انصرافه عنه، فتأمل. قوله (ره): (وتسلط الناس على اموالهم - الخ -). قد عرفت انه غير كاف في اثبات انحاء التسلطات، فضلا عن اسبابها. فلا تغفل.


[ 29 ]

قوله (ره): (وبالجملة فاثبات هذا الشرط في العقو، مع عموم ادلتها ووقوع كثير منها في العرف، على وجه التعليق بغير الاجماع - الخ -). وتحصيل الاجماع في مثل هذه المسألة، من الاتفاق لو كان اشكل، لاحتمال تشبث البعض، لولا الجل، أو الكل، بما اشار إليه من الوجوه الاعتبارية بما فيها من الضعف، والمنقول منه في مثلها ليس بحجة، ولو قيل بحجيته في نفسه، فالعمل باطلاقات ابواب المعاملات، لا يخلو من قوة. قوله (ره): (ومن جملة شروط العقد التطابق - الخ -). ضرورة انه لولا التطابق لما قصدا امرا واحدا بل فان لكل هم وقصد، فلا يكون بينهما عقد، نعم لو كانت الخصوصية التى اختلفا فيها بحسب القصد، غير مهمة لهما، والمهم كان الجامع المقصود لهما، لا بأس بعدم التطابق، فلو قصد الموجب البيع من القابل، وقد قصد قبوله لموكله صح العقد، فان مهم الموجب ليس الا تمليك ماله من الاعم، من الشخص وموكله، وانما قصد لاجل انه اعتقد انه قصد الشراء لنفسه، وهذا بخلاف عقد المزاوجة، فانه لابد فيه من تعيين الزوج، وانه له أو لموكله، فانه المهم فيه كالعوضيين في البيع. قوله (ره): (لان المعتبر فيه عرفا رضاء كل منهما - الخ -). لا يخفى ان الرضا مما يعتبر في صحة العقد، وتأثيره شرعا وعرفا، لا مما يعتبر في تحققه، وانما المعتبر فيه القصد، لطيب كان، أو كره منه. نعم في تحقق الاكراه في مثل العقد مما يتقوم بالقصد، بحث يأتي. وبالجملة لا ينبغى الاشكال في انعقاده فيما إذا قصد التوسل إلى تحقق مضمونه، ولو كان عن كره، غاية الامر، عدم ترتب الاثر عليه ما لم يلحقه الطيب والرضاء، فلا يكون صحة بيع المكره إذا لحقه الرضاء على خلاف قاعدة، للاجماع. قوله (ره): (والاولان مبنيان على ان الاحكام الظاهرية - الخ -). هذا إذا قلنا بانها، احكام واقعية مطلقا، ولو في حق من رأى خلافها، ولو قلنا باختصاص ذلك بمن رأى بواقعيتها، كما هو الاظهر، فلا يتفاوت كونها احكاما واقعية، واو عذرية فيما هو المهم في المقام، وانما التفاوت


[ 30 ]

بينهما في مقام اخر عند كشف الخلاف، فلا تغفل. قوله (ره): (وكيف كان، فالمهم بيان معنى القاعدة - الخ -). وحيث ان هذه القاعدة بالفاظها، ليست مما دلت بها آية، ولا وردت في رواية، وما وقعت في معقد اجماع، لم يكن بيان معناها من المهم بشئ، ضرورة انه لابد ان يراد منها ما يساعد عليه سائر القواعد، وانما المهم، بيان ان قضيتها الضمان في أي الموارد، ساعد عليه ظاهر القاعدة، أو لم تساعد، وهكذا الحال في عكسها. قوله (ره): (والمراد بالضمان في الجملتين، هو كون درك المضمون عليه - الخ -). لا يخفى، ان الضمان هو اعتبار خاص، يترتب عليه آثار تكليفا، ووضعا، منها لزوم اداء المضمون إلى المضمون له، لو تمكن منه، واداء بدله من قيمته أو مثله، لو لم يتمكن من ادائه، لتلف ونحوه، وهو بهذا المعنى لا يكاد يكون في مال نفس الضامن، بل في مال غيره، فلا يكون في العقد الصحيح ضمان بمعناه الحقيقي، فلابد ان يراد في القضية الاولى بالمعنى المجازى، واقرب المجازات إلى المعنى الحقيقي كون تلفه عليه، فانه من اظهر آثاره. لا يقال انه لا يوجب صحة التجوز، والا لجاز ان يقال، ان المالك يضمن امواله، فانه لو سلم فصحة التجوز هيهنا، انما هو لخصوصية المقارنة مع الضمان في القضية الثانية، كما في قوله تعالى: " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه - الآية - " 1 ولمثلها دخل في صحته، أو حسنه وملاحته، ولا يصح ان يراد بالضمان في القضية الاولى، ما افاده من درك المضمون، وخسارته في ماله الاصلى، كيف، ولا يكون ضمان بهذا المعنى في العقد الصحيح بالنسبة إلى الوارث، مع انه من موارد القاعدة اصلا، وعكسا، حيث لا ضمان عليه فيما انتقل إليه من موروثه، من مال ملكه بالعقد الصحيح، الا بمعنى كون تلفه عليه، وانما كان خسارته هكذا على البايع بمجرد العقد، ولو لم يتلف، فافهم.


ص 30 * 1 - البقرة: 194

[ 31 ]

قوله (ره): (فالمتعين بمقتضى هذه القاعدة، الضمان في مسألة البيع - الخ -). لا يخفى، ان البيع بلا ثمن، ليس من افراد القاعدة، فانه ليس ببيع وان كان بصيغته، لانه مبادلة مال بمال، لا انه ليس بصحيحة، بل هو من افراد عكس القاعدة، فهبة صحيحة، ان قلنا بكفاية المجاز والكناية، وفاسدة ان لم نقلها بالكفاية. وكيف كان المتيقن بمقتضى عكسها، عدم الضمان في المسألة، هذا لو قصد التمليك بلا عوض، واما إذا قصد ما هو حقيقية البيع وبلا ثمن، فكما لا بيع، لا هبة، ولا يكون هناك عقد للمناقصة في القصد. قوله (ره): (واما لمطلق السبيية - الخ -). في كلتا القضيتين حقيقة بناء على ان يكون السبب للضمان في العقد الفاسد، هو الاقدام، ومجازا في الثانية، لاجل المشاكلة، والمقاومة مع الاولى، بناء على ان يكون اليد سببا فيه، كما لا يخفى. قوله (ره): (ولانهما انما اقدما، وتراضيا، وتواطئا بالعقد الفاسد - الخ -). يمكن ان يقال، بانهما اقدما على اصل الضمان، في ضمن الاقدام على ضمان خاص، والشارع انما لم يمض الضمان الخاص، لا اصله مع ان دليل فساد العقد، ليس بدليل على عدم امضائه، فافهم، لكن لا دليل على كون الاقدام سببا للضمان اصلا. قوله (ره): (الا ان مورده، مختص بالاعيان، فلا يشمل المنافع - الخ -). ومورده وان كان مختصا بالاعيان، الا ان قضية كونها مضمونة، ضمان منافعها، فضمان المنافع في الاجارة الفاسدة، انما يكون بتبع ضمان العين المستأجرة. وبالجملة قضية ضمان اليد، ضمان المنافع فيما كانت العين مضمونة بها، فاختصاص مورده بالاعيان، لا يوجب اختصاص الضمان بها، نعم الحر، حيث لم يكن نفسه مضمونة باليد، لم يكن اعماله مضمونة في الاجارة الفاسدة بها، فافهم. قوله (ره): (الا ان يستدل على الضمان فيها، بما دل على احترام مال المسلم - الخ -).


[ 32 ]

لكنه لا يخلو عن الاشكال، لدعوى انصراف مال المسلم عن اعماله، اولا، وعدم قضية الاحترام الا حرمة التصرف فيها بدون الاذن لا الضمان، ثانيا، ولا اقل من عدم قضية الضمان الا إذا كان الغير سببا لاتلافها، ثالثا. ضرورة انه ليس في عدم الضمان شئ من المنافات، للاحترام فيما إذا كان المالك باختياره متلفا لها، كما في المقام، حيث ان العاقد يعلم وفاء بالعقد اختيارا، بل وربما كان على خلاف ميل الاخر و رضاه، حيث لحقه الندم، وكون فعل الاثنين، لا يقتضى عدم استقلال كل منهما في وفائه، والعمل على وفقه. ومن هنا انقدح الاشكال في الاستدلال بقاعدة الضرر ايضا، إذا كان عمله وفاء باختياره، كما هو محل الكلام. فتلخص انه، لا مدرك للقاعدة، للاجازة الفاسدة المتعلقة بعمل الحر، وفى المسابقة الفاسدة مطلقا، فيمكن ان يكون القاعدة، بعد انه لا مدرك لها على حدة، بل مصطادة من الموارد التى حكم فيها بالضمان باحد اسبابه غالبية، لا كلية، كما هو الشأن في سائر القواعد التى لها مدرك على حدة، حيث انه ما من واحدة منها، الا وقد خرج منها بعض الموارد. قوله (ره): (ومورد العقد في الاجارة، المنفعة - الخ -). كما هو المتوهم من تعريفها بتمليك المنفعة، ولكن التحقيق، ان مورده فيها، نفس العين، ولذا يقال " آجرت الدار، واستأجرتها " وان الاجارة عبارة عن، اضافة خاصة بين العين المؤجرة والمستأجر، من آثارها تملك منفعتها. والتعريف بالتمليك، تعريف بالرسم، مع انه لو سلم انه بالحد، كان مورد عقدها ايضا، نفس العين، فانها تمليك المنفعة، ولا يكاد يكون مورده، ومتعلقة، الا العين، فافهم. قوله (ره): (عموم ما دل على ان من استامنه - الخ -). فان بطلان استمان المالك، بما هو وديعة، أو عارية، أو غيرهما، وعدم ترتيب الاثار الخاصة لهذه العقود عليها، لا يوجب خروجه عن الاستيمان المانع من الضمان.


[ 33 ]

قوله (ره): (اما في الهبة 1، فيمكن الاستدلال - الخ -). قضية الفتوى، ليست الا عدم الضمان فيما إذا لم يكن هناك افراط وتفريط، لا ولو كان كما هو المهم في الهبة الفاسدة، كى يكون كصحيحها، كما لا يخفى، هذا، مع ان منع الفحوى، بمكان من الامكان، إذ لعل ملاك عدم الضمان مع الاستيمان، ما نجده بالوجدان من الملائمة التامة بينهما في الجملة، ولا يكاد يدركها بينه وبين الهبة الفاسدة، فضلا عن ان يكون بالاولى. قوله (ره): (الا ان يقيد بغيرها، بادلة نفى الضرر - الخ -). انما يقيد بها، فيما إذا كانت المؤونة الكثيرة، زائدة على ما يتوقف عليه الرد بحسب المتعارف والا كان دليله مقيدا لها، وذلك لما حقق في محله، من ان ادلة نفى الضرر كما يقيد بها ادلة الاحكام، كذلك يقيد بها لابد منه، ويقتضيه طبعها بحسب المتعارف. قوله (ره): (ولو نوقش في كون الامساك تصرفا، كفى عموم - الخ -). لا يخفى ان المناقشة في عموم " لا يحل " لغير التصرفات اوضح، مع انه لو سلم دلالته على حرمة الامساك، فلا دلالة على وجوب الردتعينا اصلا، ولو على القول بمقدمية الضد، فان الرد، والامساك، وان كانا ضدين، الا انه لهما ثالث، وهو التخلية بينمه وبين مالكه، فلا يجب عليه على هذا القول، الا احدهما، لا خصوص الرد، فافهم. (قوله): (واما توهم ان هذا باذنه - الخ -). يمكن ان يقال: انه إذا علم الدافع بالفساد، لا يكون دفعه وقبض الغير الا برضاه، وكون الدفع وفاء بالعقد، لا ينافى كونه برضاه في الصورة المذكورة. نعم لا يكون التصرف فيه، بمجرد العقد أو بعد الدفع، والجهل بالفساد برضاء المالك. فافهم.


ص 33 * 1 - وفى المصدر: اما في الهبة الفاسدة فيمكن الاستدلال.

[ 34 ]

قوله (ره): (ويدل عليهم عموم قوله: لا يحل 1 - الخ -). قد تقدم الاشكال في الاستدلال بعمومه على الضمان، وان الدليل على ضمان المنافع، هو الدليل على ضمان الاعيان، لكونه ضمانهما من آثار ضمانها ولوازمه، ولا يتفاوت في ذلك بين كونها مستوفاة أو غير مستوفاة، كما لا يخفى، والظاهر ان هذا هو الوجه في ضمانها مطلقا في باب الغصب، قولا واحدا، ولا اظن اختصاص ذلك الباب بوجه غير جار في الباب، ان يكون هو اجماع الاصحاب، لكنه لا يظن ان يكون مدركهم ايضا، الا ما ذكرنا. فافهم. ثم ان مثله في الاشكال، في الاستدلال به على الضمان، الاستدلال بما دل على احترام مال المسلم، كما تقدم، وانقدح بما ذكرنا انه لا موجب للضمان فالمنافع الا اليد، بالتقريب الذى ذكرنا، لا ما ذكره، من غير فرق بين المستوفى منها وغير المستوفى. نعم لو سلم دلالة عدم حل مال الغير، واحترام مال المسلم، على الضمان، لاختص بالمستوفى، فان غيره ما تصرف فيه وما انتفع به، كى لا يحل بلا عوض، أو ينافيه الاحترام. قوله (ره): (محتجا بان الخراج بالضمان 2 - الخ -). لا يخفى ضعف الخبر سندا، ودلالة، بارساله واجماله، لاحتمال ان يكون المراد به، وهو ان خراج الارض كما وكفيا على من ضمنها، انما هو بحسب ضمانها، أو معنى اخر، حيث لم يعلم انه في أي مورد ورد. فتدبر. قوله (ره): (وقد اختلف كلمات اصحابنا في توقف - الخ -). وحيث ان هذا اللفظ لم يرد في اية أو رواية، لبيان حكم ضمانه بالمثل، بل غايته، وقوعه في معقد الاجماع، لا يجدى في الحكم به تعيين واحد من المعاني التى اختلفوا فيها، بل لابد فيه مما اتفقوا عليه من المعنى، والرجوع فيما اختلفوا فيه إلى ما يقتضيه القواعد، والخلاف في معناه، مع وقوعه في معقد


ص 34 * 1 - وسائل الشيعة: 3 / 424 - ب 2 - ح 1. 2 - التاج الجامع للاصول - 2 / 204.

[ 35 ]

الاجماع، انما لا يمنع عن تعيينه بقواعده، إذا كان بماله من المعنى مجمعا عليه، كى لا ينافى خلافهم في ذاك، اجماعهم عليه بماله من المعنى لا إذا كان بمعنى مجمعا عليه، فينافى الخلاف، الاجماع، الا فيما اتفقت عليه المعاني المختلفة فيها، كما لا يخفى، ولم يعلم بعد انعقاده على النحو الاول، فافهم. ثم الظاهر، ان الاختلاف في تعريفه، ليس لاجل الخلاف في حقيقته وماهيته، ضرورة ان مثل هذه التعريفات، ليس بحد، بل ولا رسم، بل من باب شرح الاسم، كما هو الشأن في التفسيرات اللغوية، ولعله اشار الكل إلى المعنى الواحد، والمفهوم الفارد من وجه التفت إليه من طرفه، فلا مجال للنقض والابرام فيها طردا وعكسا، وليس اختلافهم في مثلية بعض الاشياء وقيمته، كاشفا عن اختلافهم في المعنى، وسعة دائرة وضيقها، لاحتمال ان يكون الاختلاف، للاختلاف في التظييق وصدق ذاك المعنى عليه، وعدم صدقه. فافهم. وكيف كان فتعريف المشهور بانه مما يتساوى اجزائه بحسب القيمة، لا يعم كثيرا من المثليات، مثل المسكوكات، وسائر المصنوعات المشتبهات، كالساعات، والظروف، والالات الفرنجيه، حيث ان كل واحد منهما يكون مثليا، وليس مما يتساوى، اجزائه بحسب القمية، فالاولى تعريفه بما كثر افراده التى تفاوت فيها بحسب الصفات المختلفة، بحسب الرغبات. قوله (ره): (ولا يبعد ان يقال: ان الاصل هو تخيير الضامن - الخ -). لا يخفى، انه لو كان الضمان، بالقيمة في القيمات مجرد ارفاق، بحيث لو تمكن من مثل العين التالفة، وما يشابهها بحسب الصفات فيها، كان له دفعه، ولا يتعين عليه قيمته، كان الامر من باب الدوران بين التخيير والتعيين، والاصل عدم الخروج عن العهدة الا بالمعين للشك في الخروج بدونه، فلا وجه للتخيير، ولو كان الضمان بها فيها على نحو التعيين، كان الامر من باب الدوران بين المتباينين، ويتعين فيه الاحتياط لا التخيير، الا ان الاحتياط حيث يحصل هنا بمجرد تسليمهما، ليختار المضمون له، أي


[ 36 ]

واحد شاء يكفى تسليمهما لذلك، لا دفع كليهما، كما ان الاحتياط له ان لا يختار واحد منها. الا برضاء الضامن فالاحتياط لهما ان يختار احدهما بتراضيهما. قوله (ره): (ويمكن ان يقال: ان القاعدة المستفادة - الخ -). انما يمكن إذا لم يكن المتعارف في القيمات، ضمانها بالقيمة، ولو مع التمكن من المثل، بل كان المتعارف، هو الضمان مطلقا، بالاقرب إلى التالف فالاقرب، ولا اشكال في ان المثل مطلقا اقرب، والا فقضية الاطلاقات، ليس الا الرجوع فيما علم انه مثلى إلى المثل، وفيما علم انه قيمى إلى القيمة، واما ما لم يعلم انه من ايهما، فهى ساكتة عن بيان حكمها، فلابد فيه من الرجوع إلى ما يقتضيه الاصل، وقد عرفت. لكن الظاهر ان المرتكز في الاذهان في باب الضمان، بعد تعذر رد نفس العين، هو دفع المثل مع الامكان، وهو ظاهر الآية 1، حيث دلت على اعتبار المماثلة في الاعتداء الملازمة للاحتياط في المتعدى به، هذا، ولو سلم انه لبيان اعتبارها في الاعتداء، كما في المناقشة فيها، مع انه مما يساعده الاعتبار، والتضمين بالقيمة في بعض الاخبار، كما يأتي، انما يكون في مورد يتعذر فيه المثل عادة. قوله (ره): (ولكن الاقوى مع ذلك، وجوب الشراء - الخ -). وذلك لان ضرر الضامن في الشراء بازيد من ثمنه، يزاحم بضرر المالك في منعه عما يستحقه من المثل، فيبقى ما دل على الضمان بالمثل بلا مزاحم، وعدم العلم باستحقاقه للمثل شرعا، لا ينافى استحقاقه له عرفا، واعتبارا، هو كاف في صدق الضرر حقيقة. فافهم. قوله (ره): (لو تعذر المثل في المثلى، فمقتضى القاعدة - الخ -). ربما يشكل بان القاعدة يقتضى الصبر إلى ان يتمكن منه حيث تعذر، فلا يكون لذلك ظلما، ولا دليل على الانتقال إلى البدل، بمجرد التعذر في الحال، ولا اعتداء منه ثانيا يوجب جواز الاعتداء عليه بالالزام بالقيمة


ص 36 * 1 - البقرة: 194

[ 37 ]

بعد الاعتداء عليه بمثل ما اعتدى بالزامه، والحكم باشتغال ذمته بالمثل اولا، فالزامه معه بها اعتداء عليه بغير اعتداء منه، فلا دلالة للاية على جواز الزامه بها. فافهم. ولا يخفى ان الاشكال، انما يكون لو قيل باشتغال الذمة بالمثل، وتبدل عهدة العين المضمونة بالذمة، كما هو ظاهر المشهور. واما لو قيل ببقاء العهدة على حالها، كما هو قضية ظاهر الادلة، فلا اشكال، فان اثر العهدة يختلف بحسب الاحوال، ففى صورة بقاء العين، هو وجوب اداء نفس العين مع التمكن منه ومع عدمه بدل الحيلولة إلى أو ان التمكن منه وفى صورة عدم البقاء، هو وجوب اداء البدل من المثل في المثلى، فيما إذا تمكن منه، والقيمة فيما إذا تعذر فيه، وفى القيمى. هذا، مع انه يمكن ان يقال: ان الانتقال إلى القيمة في صورة تعذر المثل، كالانتقال إلى بدل الحيلولة عند تعذر رد العين في الحال، وانه مما هو متعارف في التضمينات العرفية، فيكون متبعا في الشرعية منها، لعدم ورود نحو خاص من الشارع في باب التضمين، كما لا يخفى. قوله (ره): (لان المثلى ثابت في الذمة - الخ -). هذا على المشهور من اشتغال الذمة بالمثل، واما على ما هو ظاهر الادلة، فلان العين باقية على العهدة إلى ذاك الزمان، فيكون العبرة بقيمة يوم الدفع، لانها قيمة العين لا المثل. فافهم. قوله (ره): (وعن جامع المقاصد الرجوع فيه إلى العرف - الخ -). الظاهر ان مراده الرجوع إلى العرف في تعيين ما يتحقق به الاعواز الموجب للانتقل إلى القيمة، وهو كذلك، لما مرت الاشارة إليه، من ان المدار في باب كيفية التضمين شرعا، هو العرف، لا الرجوع من تعيين عند الاعواز، كى يتوقف تعيينه على ما إذا انعقد الاجماع على ثبوت القيمة عند الاعواز، فافهم. ولعل المحكى عن التذكرة، كان في بيان ما يتحقق به ذلك، أي ما يوجب الانتقال إلى القيمة عرفا، والا كان بلا دليل. فتدبر جيدا.


[ 38 ]

قوله (ره): (ثم ان معرفة قيمة المثل 1 مع فرض عدمه اشكال - الخ -). لابد من تعيين ما هو المرجع في صورة الشك في التعيين، وانه اصالة البرائة عن الاكثر، أو اصالة الاشتغال، فربما يقال: ان قضية بقاء العين المضمونة في العهدة مع التلف، وعدم تبدل الذمة بالاشتغال، على ما قويناه، هو لزوم الخروج عن العهدة بالاكثر، استصحابا لها مع الشك فيه، لو اقتصر على الاقل، أو قيل ببقاء المثل في الذمة مع التعذر، بناء على التبدل، لكنه كان دفع المثل أو القيمة، خروجا عن العهدة كاداء نفس العين، واما لو كانت عهدتا باقية مع الدفع، وكان لزومه من احكامها وآثارها، لا رافعا لها، كما من بدل الحيلولة، أو قيل بعدم البقاء والتبدل بالذمة، وعدم بقاء المثل فيها عند التعذر، والانتقال إلى القيمة، كان الاصل، البرائة عن الاكثر، حيث لم يعلم الا وجوب الاقل. قوله (ره): (فهل له المطالبة باعلى القيمتين، ام تعين قيمة بلد المطالبة؟ - الخ -). لا يبعد تعين قيمة بلد المطالبة، فانه محل الخروج عما عليه، والوفاء بما في ذمته، بناء على المشهور، من بقاء اشتغال ذمته بالمثل مع تعذره، وعدم تبدل الاشتغال به، بالاشتغال بالقيمة، وكذا على ما قربناه من بقاء العين على العهدة، فانه محل العموم بما هو قضية كون العين، مضمونة، وفى العهدة ولو منع عن انه لم يعلم استقرار سيرة العمل، على ذلك، فلابد من الرجوع إلى ما يقتضيه الاصل، وقد مر تحقيقه. قوله (ره): (بقى الكلام في انه هل يعد من تعذر المثل، خروجه عن القيمة؟ - الخ -). ولنقدم الكلام في بيان حكم ماذا خرج نفس العين المضمونة عن المالية، ثم نتبعه ببيان ماذا خرج المثل. فاعلم انه لا ريب في دفع نفس إلى مالكها على الملكية وعدم


ص 38 * 1 - وفى المصدر: ثم ان معرفة قيمة المثل..

[ 39 ]

الخروج بذلك عنها مع انه لو سلم بالخروج، فلا اقل من ان يكون له حق اختصاص بها كما لا يخفى. واما دفع القيمة مع ذلك لو اوجب، لو قلنا بكون وجوب الدفع من آثار العهدة واحكامها عند العقلاء، حتى يقتضيه اطلاق دليل ضمان العين، والا فلا دليل عليه اصلا، لعدم شمول من اتلف لما إذا تلف المالية، فضلا عما إذا تلف، والخروج عن عهدة العين وضمانها الناشئ عن اليد، يكون بدفعها، والمفروض عدم كون دفع القيمة من آثار العهدة. وضرر صاحب العين، معارض بضرر ذى اليد، فلا وجه لتقديم ضرره على ضرره على ضرره، مع ان الضرر ابتداء متوجه عليه بلا اقدام من الاخر، حيث انه ما اقدم، الاعلى ان يكون العين تحت يده، ووجوب دفع المثل، أو القيمة عند تلف العين أو الاتلاف، انما هو لاجل قاعدة اليد، أو الاتلاف، لا اقدام على ضرر دفع البدل. هذا كله في العين. اما المثل، فبناء على بقاء العين مع التلف على العهدة، كما قويناه، لا يبعد ان يكون من آثارها حينئذ، دفع القيمة، كما كان في صورة تعذر المثل، فانه حينئذ لا يكون قابلا لان يعوض به عن الماليات، وبناء على تبدل العهدة بالاشتغال، كما هو ظاهر المشهور في وجوب دفع المثل، فانه الوفاء بما في ذمته حقيقة، أو وجوب دفع القيمة، فان المثل في نظر العقلاء بذلك، خرج عما يوفى به الدين، وجهان: اظهرهما الاول، ومع الشك، فالمرجع هو الاصل، وقضيته وجوب دفع القيمة، بناء على بقاء العهدة، استصحابا لها ما لم يدفعها، وكذلك بناء على اشتغال الذمة بالمثل، لو كان دفع القيمة ايضا من باب الوفاء بما فيها، لا لاجل انتقال اشتغال الذمة بها لاستصحاب بقائه فيها ما لم يدفعها للقطع بكون القيمة حينئذ، مما يوفى به، بخلاف المثل، كما لا يخفى. وعدم وجوب دفعها، بناء على ان منشاء الشك فيه، والشك في انتقال الاشتغال بالتعذر إلى الاشتغال بالقيمة، استصحابا للاشتغال به وعدم الاشتغال بها، ثم ان قضية الاصل فيما إذا شك في ان أي قيمة وجب دفعها مع اختلافها، هو وجوب دفع اعلى القيم، بناء على انه الوفاء للاصل وقاعدة الاشتغال، واقلها بناء على بقاء العهدة وانه من آثارها، أو الانتقال


[ 40 ]

إلى الاشتغال بها، لاصالة البرائة عن الزائد، واستصحاب عدم الاشتغال به، وقد مرت الاشارة إليه. فلا تغفل. قوله (ره): (لو دفع القيمة في المثل المتعذر مثله، ثم تمكن - الخ -). لا اشكال في عدم عود المثل، فيما إذا كان دفع القيمة بتراضى منهما عوضا عما هو عليه، وانما الاشكال فيما إذا كان دفعها استحقاقا لها فعلا، ومنشائه احتمال كونه وفاء حقيقة في هذه الصورة، أو كونه من قبيل بدل الحيلولة، ومن هنا انقدح الفساد واخلل فيما علل به (ره) عدم العود، بان المثل كان دينا في الذمة، سقط باداء عوضه مع التراضي، وانه في غير المحلل، ثم انه حيث لم يعلم ان اداء القيمة من باب الوفاء، أو بدل الحيلولة، واستصحاب بقاء المثل في الذمة يعارض باستصحاب بقاء القيمة المدفوعة على ملك المدفوع إليه، وعدم عودها إلى ملك الدافع. وكيف كان لم يثبت للمالك بعد اخذ القيمة حق مطالبة الضامن بالمثل بعد تمكنه منه، والمرجع اصالة البرائة عن وجوب دفع المثل، لو طولب به. فتدبر جيدا. قوله (ره): (احتمل وجوب المثل عنده وجوده، لان القيمة بدل الحيلولة). لا يخفى، ان القيمة بناء على انقلاب المثل بالقيمة، وسقوطه عن الذمة يكون وفاء حقيقة، لا بدل الحيلولة، واحتمال عدم كونها وفاء، انما هو على القول بعدم الانقلاب، كما عرفت فلا تغفل. قوله (ره): (فيكون الفصل بين التيسير وعدمه، قولا ثالثا - الخ -). لا بأس بالمصير إليه، حيث لم يظهر اتفاق واجماع على عدمه، لاحتمال كونه من باب الاتفاق. قوله (ره): (ثم 1 اختلفوا في تعيين القيمة - الخ -). الظاهر تعين قيمة يوم التلف، لو قيل باشتغال الذمة بالقيمة، وتبدل العهدة به، كما هو المشهور، ويوم الدفع، لو قيل ببقاء العين على العهدة، كما قويناه، لان الاشتغال انما يكون بما هو قيمته بقول مطلق، وما


ص 40 * 1 - وفى المصدر: ثم انهم اختلفوا في تعيين القيمة.

[ 41 ]

هو الاقيمة يوم التلف، كما ان قضية العهدة، دفع ما هو قيمته كذلك، وليست الا قيمة يوم الدفع، فافهم. قوله (ره): (اما باضافة القيمة المضافة إلى البغل ثانيا - الخ -). فيه اشكال، فان اضافة المضاف بما هو مضاف ثانيا، يستلزم ان يكون الاضافة، بما هي اضافة وملحوظة باللحاظ الالى طرفا لها، وملحوظة على الاستقلال، فانها من مقوماته في الاضافة الثانية، ولو كان المراد اضافته ثانيا، لا بما هو كذلك، أي مضاف يلزم ان يكون حين التلفظ به طرفا لهذا على حدة، ولذاك كذلك، وهذا يستلزم ان ينظر إليه ذاك الحين بالنظرين المتباينين، ضرورة تنافى النظر إليه بما هو مضاف لاحدهما، للنظر إليه بما هو مضاف للاخر، كما لا يخفى على من تدبر، مع انه غير مفيد، فانه لا يوجب اختصاص قيمة البغل بيوم المخالفة. وقد انقدح بذلك حال اضافة مجموع المضاف المضاف إليه، فانه لا بدفيها من ملاحظة الاضافة الاولى ثانيا على حدة، لكونها من مقومات المضاف في الثانية. اللهم الا ان لا يكون اللحاظ الثاني الاستقلالي، حين اللحاظ الالى، وهو حال التلفظ بالمضاف والمضاف إليه في الاضافة الاولى، بل بعده، بان يكون اضافة المجموع، أو اضافة المضاف بحسب المعنى. فافهم فانه دقيق. نعم لو كان المراد اضافة القيمة المضافة إلى البغل المضاف إلى اليوم، فهو وان كان مما لا اشكال في صحتها، الا انه لا يجدى فيما هو المهم، فان اضافة البغل إلى يوم المخالفة، لا يقتضى اختصاص القيمة بيومها، كما لا يخفى. هذا، مع ان الموجود في بعض نسخ الكافي والاستبصار، البغل مع اللام. قوله (ره): (بل غير ممكن، لان السائل انما سأل - الخ -). بل انما سأل عن اللزوم أو الملازمة بينه، وبين العطب، وليس في كلامه ما يشهد بكون سؤاله عما يلزمه، ضرورة ظهور قوله " اليس له عطب أو نفق - الخ - " في السؤال عن الملازمة أو اللزوم، لا عما يلزم، كما هو واضح، وعليه كونه قيد النعم، بمكان من الامكان، فيكون لبيان ان زمان


[ 42 ]

الملازمة التى هي مبنى الضمان، يوم المخالفة، دفعا لتوهم كون زمانه، يوم الاكتراء، أو لبيان اللزوم، يوم المخالفة، نحو الوجوب المتعلق على المتأخر، دفعا لتوهم كون زمانه يوم الاكتراء، أو يوم العطب، ووجه السؤال عليهما، ما اختلج بباله من فتوى ابى حنيفة، من الملازمة بين لزوم اجرة المثل، وعدم ضمان العين، فافهم. فظهر ان اليوم كما يمكن ان يكون قيدا للقيمة، يمكن ان يكون قيدا لنعم، بل هذا اظهر، لان جعله قيدا للقيمة اما باضافتها إليه، ولابد فيه من التحمل، كما اشرنا إليه في الحاشية السابقة، واما بجعله قيدا للاختصاص الحاصل لها من الاضافة، ولابد فيه من التقدير، لان الاختصاص بما هو غير قابل لان يكون متعلقا، والتقدير على خلاف الاصل، لكن ربما يستشهد لكونه قيدا للقيمة، قوله عليه السلام " أو يأتي صاحب البغل بشهود - الخ -) 1، فان الظرف في هذه الفقرة، يكون قيدا للقيمة لا محالة، وقد استظهر اتحاده مع يوم المخالفة، فهى دالة على ان الضمان انما يكون لقيمة يوم التلف، وكيف كان، فلو سلم ان الرواية ظاهرة في كون العبرة بقيمة يوم الضمان، لاختص بالعين المغصوبة، ففى اجزاء هذا الحكم إلى محل البحث، لابد من اجماع على عدم الفصل بين المغصوب وغيره من الاعيان المضمونة، أو استظهار عدم دخل الغصبية في ذلك، بل هو حكم مجرد الضمان. فتأمل. قوله (ره): (إذ لا عبرة في ارش العيب بيوم الرد - الخ -). لا يخفى، ان يوم رد البغل وان كان مما لا عبرة به اصلا، الا ان يوم رد الأرش به العبرة، ويكون على وفق القاعدة، ولابد ان يراد منه هذا اليوم، وانما عبر به لاتحادهما غالبا، وكون المتعارف رد الارش، يوم رد العين، ولا محيص عن ذلك، ولو قيل بتعلق الظرف بعليك، فان يوم العين كما ليس به العبرة في الارش، لا عبرة به في حدوث الضمان، وهو واضح، ولا في فعليته، فان زمانها يوم رد الارش، لا يوم ردها، مع ان تعلقه بعليك، يستلزم ان


ص 42 * 1 - وسائل الشيعة: 13 / 255 - ب 17 - ح 1.

[ 43 ]

لا يكون، عليك، بيانا للحكم الشرعي، وهو بعيد في كلام الامام (ع)، خصوصا في المقام، فلابد من جعل الظرف، قيدا لليوم، وبذاك الاجماع يستكشف بطريق الان ان العبرة في قيمة اصل العين بيوم رد القيمة. فافهم. قوله (ره): (وحمل الحلف هيهنا على الحلف المتعارف - الخ -). ربما يأتي عنه، انه الحلف الفاصل للخصومة في مقام الحكومة، وليس هو الا الحلف عند الحاكم، ويمكن ان يقال: ان الامام (ع) انما يكون بصدد الاشارة إلى ما لا يقع معه الخصومة، لا في مقام بيان موازين الحكومة لدى التشاجر والمخاصمة، حيث ان الانسان يحصل له الاطمينان بحلف خصمة غالبا، لو لم يكن دائما وكان مراده من الحلف أو الرد، الحلف في صورة اطمينانه بمقدار القيمة دون صاحبه، والرد في صورة العكس، فيحصل للجاهل منهما الاطمينان بحلف الاخر. فتدبر. ولا يخفى بعدما افاده من التوجيه عن ظاهر الرواية. فتأمل. قوله (ره): (فان تسلط الناس على اموالهم الذى فرض كونه في عهدته - الخ -). لا يخفى ان السلطنة على المال، لا يقتضى جواز المطالبة بالبدل عند تعذر رد عينه، نعم لا يبعد ان يكون جوازها، من آثار الضمان والعهدة، فيكون قضيته وجوب رد العين مع التمكن، وجواز المطالبة ببدل الحيلولة مع التعذر في زمان، وبالبدل مع التعذر مطلقا، كيف، ولو كان جواز المطالبة من احكام السلطنة، لكانت جائزة فيما إذا كان التعذر في زمان يسير جدا. قوله (ره): (ولولا ظهور الاجماع وادلة الغرامة في الملكية - الخ -). لا يخفى، ان الاباحة المطلقة، من اول الامر، حتى بالنسبة إلى التصرفات المتوقفة على الملك، لا يكاد يكون الا إذا كان موردها ملكا للمباح له، ولا يفيد التمليك آناما قبل التصرف، فانه مسلتزم للتقييد، فلا يكون اباحة جميع التصرفات ملطقة، بل مقيدة بالنسبة إلى الموقوف، منها على التصرف لتعذر التملك قبله آناما فيباح، فافهم. الا ان يكون الاباحة بالنسبة إلى الموقوف، بمعنى ان له هذا التصرف لتمكنه من ان ينسب إلى


[ 44 ]

اباحته بايجاده، وان لم يتصف بالمباحية بدونه. قوله (ره): (وعلى أي حال لا ينتقل إلى الضامن 1، فهى غرامة - الخ -). لا عوض كى يلزم الجمع بين العوض والمعوض، وانما يلزم الضامن بغرامة العين بلا عوض، لاجل ما فات على المالك من نفس العين المضمونة، أو سلطنتها، أو قيمتها، أو ماليتها، أو غير ذلك، فالغرامة وان كانت لنفس العين في جميع صور لزوم الغرامة، الا انه ليس بعوض العين، يلزم الجمع بينهما، ولا بازاء ما فات منها، من سلطنة، أو قيمة، أو مالية، كما يظهر منه (ره)، حيث جعلها بازاء السلطنة الفاسدة، وبازاء الاوصاف، أو الاجزاء التى خرجت العين بفواتها عن التقويم، والا لوجب عليه تداركها، لو لم يدفع الغرامة إلى زمان التمكن من العين، أو رجوعها إلى القيمة الو المالية، نعم انما يكون لزوم غرامة نفس العين، بملاحظتها، وهذا غير كونها عوضا لها، كما لا يخفى. قوله (ره): (لم يبعد انكشاف ذلك من انتقال العين إلى الغارم - الخ -). لا وجه لهذا الانكشاف اصلا، لوضوح ان دفع تمام القيمة، انما يكون من باب الغرامة، وقد عرفت عدم اقتضائها الانتقال، وخصوصيتها تعبدا غير موجبة لخروجها عما هو قضية بابها، كما لا يخفى. قوله (ره): (ومن ان الموضوع في المستصحب ملك المالك - الخ -). لا يخفى، ان الموضوع بمقتضى اليد، هو نفس العين، لا ببعض عناوينها، وهى حقيقة باقية، فلا اشكال في صحة استصحاب وجوب ادائها اصلا، مع ان استصحاب حق الاختصاص الذى حصل للمالك قبل دفع القيمة وبعد الانقلاب بلا ارتياب، فان البحث في ارتفاعها يدفعها، لا في حدوثه سببه. فتأمل. قوله (ره): (ثم ان مقتضى صدق الغرامة خروج الغارم عن عهدة العين - الخ -).


ص 44 * 1 - وفى المصدر: وعلى أي حال فلا ينتقل العين إلى الضامن.

[ 45 ]

بل خروجه عما هو قضية عهدتها وضمانها، وان كانت نفس العهدة باقية، ولا مخرج عنها الا اداء نفس العين، كما هو قضية على اليد، كما لا يخفى، فبغرامة العين يخرج عما هو مقتضى الضمان بالنسبة إلى العين، والنماءات المتجددة بعد الغرامة، وكذا المنافع مطلقا، أو خصوص المستوفات منها، على الخلاف فيها، واما الحادثة قبلها، فلابد من ان يخرج عن عهدتها على حدة. هذا في صورة التعذر في الجملة، واما التعذر المطلق، فلا يبعد ان لا يكون لما تجدد من النماء والمنفعة بعد التعذر، ضمان على حدة، فان العين حينئذ يعامل معها معاملة التالف. فتدبر جيدا. قوله (ره): (ثم انه لا اشكال في انه إذا ارتفع تعذر رد العين وصار متمكنا، وجب ردها - الخ -). فانه ايضا مما يتقتضيه ضمان العين، حيث انه لا يخرج عن عهدة نفس العين وضمانها الا بالرد، كما هو قضية على اليد المغى بالاداء كما لا يخفى. ثم الظاهر ان الغرامة المدفوعة، لا يعود إلى ملك الغارم بمجرد حدوث تمكنه من رد نفس العين ما لم يردها، حيث ان العرف الحاكم في باب كيفية الغرامات انما يكون بنائهم على العود بالرد، لا بالتمكن، وعليه فليس للغارم مطالبة ما دفعه الا بعد الرد، كما انه ليس له حبسها مطلقا، وان قلنا بالعود بالتمكن، كما انه ليس للمالك حبس الغرامة، بل يجب على كل، رد ما عنده، وليس من باب المعاوضة، حتى جاز لكل منهما الامتناع عن التسليم قبل تسليم الاخر، اللهم الا ان يدعى انه مقتضى باب الغرامة ايضا، لكنه لم يثبت، فتدبر. قوله (ره): (المشهور كما عن الدروس 1 والكفاية 2، بطلان عقد الصبى - الخ -). ومجمل الكلام في صحة معاملة الغلام قبل البلوغ بالسن، أو


ص 45 * 1 - الدروس / 335. 2 - كفاية الاحكام / 89.

[ 46 ]

الاحتلام، وعدم صحتها، انه لا شبهة في عدم نفوذ المعاملة التى استقل بها، ولو فيما إذا وكله المالك فيها، أو اوكل الولى إليه امرها، للاجماع المنقول في لسان جمع من الاصحاب الاخبار، وغير واحد من الاخبار. واما إذا وكل في مجرد اجراء الصيغة، أو اوكل إليه امره بعد المساومة والمقاطعة، ممن بيده انفاذ المعاملة، ففيه الاشكال، للعمومات، وعدم نهوض المنقول من اجماع الاصحاب، واخبار الباب، لتخصيصها، اما الاجماع فان المتيقن من معقده، غير هذه الصورة، واستثناء العلامة عنه، ايصال الهدية، واذنه في دخول الدار، لا يكشف عن شموله لجميع افعال الصبى التى منها محل البحث، فان استثنائهما، انما يكشف عن دخول مثلهما، لا عن دخول عمل لم يستقل به، بل يكون الة في مجرد ايقاع الصيغة كاللسان من الانسان، واما حديث رفع القلم 1 ففيه مضافا إلى مكان دعوى ظهورها في رفع خصوص الموأخذة عنه كحديث الرفع ان رفع القلم عنه مطلقا، وضعا وتكليفا لا يقتضى رفع القلم عن غيره بسبب فعله إذا كان باذنه، ففعله انما لا يكتب بما هو مضاف إليه، لا بما هو مضاف إلى الغير وقد صدر باذنه واما خبر عمد الصبى - الخ - 2 فلان ظاهره ان الفعل الذى يقع على نحوين: عن عمدو عن خطاء، ويختلف بحسبهما حكمه، كما في باب الجنايات إذا صدر عن الصبى عمدا يكون كما إذا صدر خطاء، فلا يعم ما لا يكون الا متقوما بالعمد والقصد، كالايقاع والعقد، ولا يكون له حكم الا بعنوانه وان كان لا يكاد يكون بالقصد. واما خبر " ان الغلام أو اليتيم لا يجوز امره " 3، فظهوره فيما إذا استقل في العمل مما لا يكاد يخفى، كما افاده (ره)، فلا يعم ما إذا كان وكيلا في مجرد ايقاع الصيغة، وبمنزلة اللسان من الانسان. فافهم.


ص 46 * 1 - وسائل الشيعه: 1 / 32 - ب 4 - ح 10. 2 وسائل الشيعه: 19 / 307 - ب 11 - ح 2. 3 - وسائل الشيعه: 1 / 30 - ب 4 - ح 2.

[ 47 ]

قوله (ره): (بل بمعنى عدم تعلق ارادته وان اوجد مدلوله - الخ -). أي بمعنى عدم التوسل بانشائه إلى حصول البيع والتسبيب إليه، حيث لا يكاد العقد بدون هذا القصد، ولا يخفى، ان كل واحد من القصد إلى اللفظ، والى المعنى الاستعمالى، والى هذا المعنى، من مقومات العقد، لا يكاد يتحقق بدون واحد منها، ومعه لا وجه لجعله باحد هذه المعاني من شروط المتعاقدين. قوله (ره): (اقول مقتضى قضية المعاوضة والمبادلة، دخول كل من العوضين في ملك 1 الاخر - الخ -). فيه ان انتزاع مفهوم المعاوضة والمبادلة عن البيع، لبيس بلازم لا محالة، الا إذا قيل بانه قد اخذ في حقيقته دخول كل من الثمن والمثمن في ملك مالك الاخر، وهو محال تأمل، وكونه تملكيا بالعوض، لا يكون الا في قبال انه ليس مجانيا، وعلى هذا، فالقصد إلى العوض وتعينه، لا يغنى عن تعين المالك المنتقل إليه الثمن أو المثمن، بل لابد منه مطلقا، وان قيل انه قد اخذ في حقيقة البيع، دخول كل منهما في ملك الاخر، غاية الامر عليك، لا يكاد ان يقصد اصل البيع بدونه، وعلى الاول لم يقصد بشخصه، لعدم قصد التعيين الذى به تشخصه، ولابد من قصده نفوذ العقد على المبهم، ولا يجدى التعيين بعده. فافهم. قوله (ره): (واما تعيين الموجب لخصوص 2 المشترى، والقابل لخصوص البايع - الخ). لا يخفى، ان العقد لما كان امرا ربطيا بين الاثنين، لم يكد يتحقق الا إذا تواطئا وتوافقا بحسب القصد، فلو قصد احدهما تمليك الاخر نفسه، وقصد الاخر تمليك غيره وكالة أو فضولا، لم يتواطئا على واحد، فلا عقد بينهما، بل من كل واحد منهما ايقاع، نعم ربما يقال بانه يكفى قصد احدهما


ص 47 * 1 - وفى المصدر: اقول مقتضى قضية... كل من العوضين في ملك مالك الآخر. 2 - وفى المصدر: لخصوص المشترى المخاطب.

[ 48 ]

ما يقصده الاخر اجمالا في البيع، وان لم يعرفه تفصيلا، إذا لم يقم دليل على تعيينه، كما في النكاح بالنسبة إلى تعيين الزوج والزوجة، كما ان دليل نفى الفور، دل على لزوم تعيين العوضيين فيه، وعدم كفاية توافقهما على ما عينه احدهما بحسب قصده. وبالجملة اعتبار تعيين ما توافقنا عليه، شئ آخر، والذى لا بدمنه في تحقق العقد، التواطؤ على واحب بحسب القصد، فيكون وجه صحة البيع، لاجل قصد البايع غالبا ما قصده القابل، من دون تعلق غرضه اصلا بشخص خاص وعدم دليل على تعيين من ينتقل إليه العين، بخلاف النكاح، حيث ان الغرض غالبا، متعلق بخصوص شخص، والدليل قد دل على اعتبار تعيينه، واسناده إلى الوكيل غير صحيح عرفا، بخلاف البيع. فالفرق بين البيع والنكاح، ليس بعد تواقفهما على لزوم التواطؤ على واحد معين واقعا ولو اجمالا، الا في لزوم التعيين في النكاح شرعا، بل فضول، أو وكيل، فيكون قصد الموجب، بعتك الذاك الشخص الذى قصدته من نفسك أو غيرك، وعدم صحة اسناد النكاح الا إلى الاصيل. فتأمل في كلامه، زيد في علو مقامه، لعله يرجع إلى ما ذكرنا، وان كان ربما يأبى ظاهر بعض فقراته. قوله (ره): (وغير ذلك مما يوجب القطع بان المراد المفقود في المكره هو القصد إلى وقوع اثر العقد - الخ -). أي القصد إلى وقوعه شرعا، لو كان ملتفتا إلى اعتبار الطيب في تأثيره، واما القصد إلى وقوعه عرفا، والتوسل بانشاء مضمونة إلى تحققه كذلك مما لابد منه في تحقق العقد، ولا يكاد يكون انشاء مضمون عقد بدون هذا القصد كما عرفت. وبالجملة، محل الكلام بين الاعلام في عقد المكره، هو الذى لا يقصر عن عقد غيره، الا انه ليس برضاء وطيب منه، بل بالكره. قوله (ره): (لكن الانصاف ان وقوع الفعل عن الاكراه - الخ -). لا يبعد دعوى صدق وقوع الفعل كرها فيما إذا وقع بسبب الاكراه،


[ 49 ]

بحيث لولاه وقع وان كان التفصى ممكنا، ولكن لا يتفصى لعدم داعى عقلائي إليه كالتورية، أو لوجود داعى كذلك إلى عدمه، وان ابيت الا عن عدم صدق وقوع الفعل كرها، الا مع عدم امكان التفصى ولو بالتورية، امكن ان يقال عدم الصحة مع امكانه، لمكان عموم " ولا تأكلوا اموالكم - الخ -) 1 و " لا يحل مال امرء - الخ - " 2 بناء على ثبوت الواسطة بين الاكراه وطيب النفس. فتدبر. قوله (ره): (ويظهر الثمرة فيما لو ترتب اثر على خصوصية المعاملة الموجودة - ال -). ظاهره ان ترتب الاثر على احد الامرين الذين اكره على احدهما دون الاخر، يمنع عن ووقعه مكرها عليه، فلو اختاره لترتب عليه اثره، وانت خبير بان اختلافهما في الترتب وعدمه، لا يوجب تفاوتهما في الوقوع كرها، ضرورة ان الغرض انه لولا لاكراه لما اختار واحدا منهما واختار احدهما، لا محالة عن داعى اخر مطلقا اختص بالاثر ام لا، كما لا يخفى. وبالجملة، يكون الاكراه على احد الامرين كافيا وقوع ما اختاره مكرها عليه مطلقا، كان لكل واحد منهما بخصوصه اثر، أو كان لخصوص احدهما. نعم يمكن ان يقال، ان دليل ذى الاثر في الفرض اظهر، ففيما اكره مثلا على مباح أو محرم أو عقد فاسدا وصحيح، يقدم دليله على دليل رفع الاكراه، كما يقدم لذلك دليل رفعه على دليله في غير مقام. قوله (ره): (فاحتمل في المالك عدم الصحة نظر إلى ان الاكراه يسقط حكم اللفظ - الخ -). لكن الظاهر هو الصحة فان الاكراه، انما يوجب رفع الاثر فيما كان رفعه منه على المكره، ولا يكون في رفع صحة العقد الصادر عن الوكيل منه عليه. كما لا يخفى.


ص 49 * 1 - البقرة: 188. 2 - وسائل الشيعة: 3 / 424 - ب 3 - ح 1.

[ 50 ]

قوله (ره): (والاول اقوى - الخ -). انما يكون اقوى إذا كان بيع الجميع بداعي غير الاكراه، واما إذا لم يكن الا بداعي الاكراه، كما إذا كانت هناك ملازمة بحسب غرضه بين بيع احدهما وبيع الاخر، حيث ان الاكراه حينئذ على بيع احدهما يكون اكراها على بيع الاخر. ومن هنا ظهر حال ما لو اكره على معين فضم إليه غيره وباعهما دفعة، بل لا يبعد ذلك فيما باع العبدين تدريجا ايضا. فتدبر جيدا. قوله (ره): (بل من جهة دفع الضرر 1 عن المكره بالكسر - الخ -). لا يخفى، ان التوعيد بالضرر على الغير، انما يكون اكراها إذا كان الضرر عليه، يعد ضررا على المكره بالفتح، كما إذا كان الغير مثل من به (ره)، أو كان دفع الضرر عنه فعلا واجبا عليه، والا لا يكون اكراها، كما لا يخفى. قوله (ره): (إذ يكفى فيه مجرد قصد الانشاء المدلول عليه - الخ -). قد عرفت في بعض الحواشى السابقة عدم كفاية ذلك، بل لابد في صدق العقد وتحققه من قصد التوسل به إلى تحقق مضمونه. وبالجملة لابد فيه من ان يكون قصد الانشاء بداعي التوصل، كما إذا لم يكن هناك اكراه ولم يكن بينهما تفاوت، الا ان اختياره هيهنا، لاجل الفرار عما وعده به، خلاف ساير الموارد. قوله (ره): (وكذلك على القول بالكشف بعد التأمل - الخ -). لكن مع القول بدخله بطور الشرط المتأخر في التأثير، واما على القول بعدم الدخل فيه اصلا، بل انما يكون له الكشف عما هو المؤثر فمشكل، فان الرضاء حينئذ يكشف عن نفوذ عقده الصادر عنه كرها. فافهم. قوله (ره): (الا ان يقال ان ادلة الاكراه كما ترفع السببية المستقلة - الخ -). انما ترفع مطلق الاثر فيما كان ذاك الاثر، بمقتضى الاطلاقات


ص 50 * 1 - وفى المصدر: بل من جهة دفع الضرر اللاحق عن المكره بالكسر.

[ 51 ]

نفسها وحدها، لا فيما إذا كان ثبوته بملاحظة ادلة الاكرام، كما هو الفرض. فافهم. قوله (ره): (وهذا امر عقلي قهرى، يحصل له بعد حكم الشارع بكون المؤثر التام هو المجموع منه ومن الرضاء - الخ -). فكيف يمكن دفعه بادلة الاكراه من غير فرق بين ان يكون دخل الرضاء بنحو الشرط المتقدم أو المتأخر، واما لو لم نقل بدخله اصلا بل به الكشف عماله تمام الدخل سابقا، فقد عرفت انه مشكل، ولعله اشار إليه بامره بالتأمل، كما يمكن ان يكون اشارة إلى ما ذكره من جعل الشرط على الكشف وصف التعقب بالرضا، خلاف ظاهر القائلين بالكشف، بل الشرط نفس الرضاء، كما إذا كان متقدما على ما سيجئ تحقيقه منا بما لا مزيد عليه انشاء الله تعالى، فانتظر. قوله (ره): (وفيه ان مفاد العقد السابق ليس النقل من حينه بل نفس النقل - الخ -). وذلك لان مفاد العقد باطلاقه، ليس الا ارسال النقل واطلاقه لا تحديده، وتعيين زمان حدوثه ولازمه حدوثه عند وجود علته، وهذا غير ابهام النقل كى لا يصح العقد عليه. فافهم قوله (ره): (قال الله تعالى: ضرب الله عبدا مملوكا الآية 1 -). الاستدلال بها على عدم استقلال العبد في اموره، يتوقف على كون لا يقدر صفة موضحة، كما كان قوله تعالى " مملوكا " 2 كذلك، لا مقيدة، كما انه الظاهر المؤيد بان قضية المملوكية، عدم استقلاله في امره، ويساعد عليه، استشهاد الامام (ع) على عدم نفوذ طلاقه 3، لكن لا يبعد ان يكون الشئ قد كنى به عن خصوص عناوين المسببات، من نكاح، وطلاق، وبيع، وشراء، ونحو ذلك، ويكون المراد من عدم قدرته عليه، عدم القدرة


ص 51 * 1 و 2 - النحل: 75. 2 - وسائل الشيعة: 15 / 343 - ب 45 - ح 1.

[ 52 ]

على استقلال بايقاعها بنفسه بلا اذن ورضاء من سيده، فلا يعم ايقاعها باذنه له، ولا ايقاعهما لغيره بدون اذن السيد وباذنه، فلا دلالة لهذه الآية على عدم نفوذ ما اوقعه لغيره باذنه، من نكاح، أو طلاق، أو غيرهما من المسببات، فضلا عن الاسباب، كما إذا اذن الغير في مجرد ايقاع الصيغة له، وان ابيت، الا عن عدم ظهور الآية في خصوص ذلك، فلا اقل من كونه المتيقن من اطلاقها، وان ابيت عن ذلك ايضا، فلا اقل من كون سائر العمومات والاطلاقات الدالة على النفوذ اظهر منها في عدم نفوذ ايقاع المسببات لغيره باذنه، فضلا عن مجرد ايقاع الصيغة. قوله (ره): (الا ان الاقوى، هو لحوق اجازة المولى - الخ -). بناء على شمول اطلاق الشئ للاسباب، كما هو مفروض كلامه - ره - يمكن منع لحوق الاجازة، فانه يستلزم استقلاله في ايجاد السبب الاستعدادي، الا ان يمنع عن الشمول لمثل هذا الامر، ولو قيل بالشمول للاسباب. فتدبر جيدا. قوله (ره): (بل يمكن جعل نفس الايجاب موجبا للاذن - الخ -). بل كاشفا عن سبق الرضاء فيكون المشترى قابلا في زمان الايجاب ايضا. فلا تغفل. قوله (ره): (وفيه ما عرفت من ان وجه المنع، ادلة عدم استقلاله العبد في شئ - الخ -). لكنه يوجب المنع والفساد هيهنا، لو لم يكن للوكيل وكالة مطلقة، بحيث يعم، بيعه منه، والا كان صحيحا لما عرفت في بيع المولى، كما لا يخفى. قوله (ره): (وان كان الذى يقوى في النفس لولا خروجه - الخ -). لا يخفى، ان كفاية الرضاء السابق وعدم التوقف على الاجازة، انما يكون لو كانت قضية الاطلاقات والعمومات نفوذ العقد على ملك احد، ولو لم يكن منه ولم يصر عقده إذا كان برضاه، مع ان الظاهر من الآية، انما هو وجوب الوفاء على كل احد بعقده، لا بعقد غيره، ولو على ملكه ما لم يصر عقده، ومجرد رضاه بمضمونه، لا يوجب كونه عقده وعهده، ما لم يكن باذنه، أو


[ 53 ]

تلحقه اجازته، وكذلك المنساق من اطلاق مثل " احل الله البيع - الآية - " 1، انما هو نفوذ بيعه الصادر منه، أو الماف إليه، ولو باجازته، مع ما عرفت سابقا، من منع اطلاقه لوروده في مقام تحريم الربا، كما لا يخفى. نعم لو كان العقد صادرا عن المالك فيما يتعلق به حق الغير، كالعين المرهونة، لا يبعد كفاية رضاء الغير وعدم التوقف على اجازته، فان رعاية حقه، لا يقتضى الا مراعاة رضائه في نفوذ عقد المالك على ملكه المرهون. قوله (ره): (ولكن لا يخفى ان الاستدلال بها، يتوقف على دخول المعاملة المقرونة برضاء المالك في بيع الفضولي). قد عرفت دخولها فيه، فيما عقد على ملك الغير، لكنه يتوقف على عدم كون (عروة) 2 وكيلا في معاملاته (صلى الله عليه وآله)، لا يكون امره بالاشتراء ظاهرا في عدم كونه وكيلا، ولا بتركه ظاهرا في الاجازة، كما لا يخفى. قوله (ره): (ويمكن ان يكون الوجه في ذلك ان ابطال النكاح - الخ -). كما يمكن ان يكون الوجه هو ان احتياط الشارع، وحرمة عدم ابطال النكاح والتوسعة في امره، لئلا يقع الناس كثيرا في الزنا، وكذلك شرع عقد التمتع، ولم يقتصر على الدائم، فيكون المراد، هو احتياط الشارع بهذا المعنى، لا احتياط المكلف، كى يشكل بان الامر فيه دائر بين المحذورين بلا احتياط في البين، كما لا يخفى. قوله (ره): (وعد هذا خارجا عن الفضولي 3 بالنص - الخ -). يمكن خروجه عنه موضوعا بدعوى ان المالك، وان عين ضربا من المتاع، الا انه بنحو العقد في المطلوب، فيكون ما اشتراه العامل في صورة ظهور الريح على وفق غرضه ايضا، ويقتضه عقد مضاربته، وليس قضيه التعيين،


ص 53 * 1 - البقرة: 275. 2 - مستدرك الوسائل - 2 / 462 - ب 18. 3 - وفى المصدر: وعد هذا خارجا عن بيع الفضولي بالنص.

[ 54 ]

الاضمان العامل فيما إذا تخلف، لا الخروج عما هو مقتضى المضاربة رأسا. فافهم. قوله (ره): (مع ان تحريمه لا يدل على الفساد - الخ -). انما لا يدل قوله " لا يجوز لاحد التصرف على الفساد - الخ - " إذا كان الجواز المنفى، هو الجواز التكليفى، واما إذا كان بمعنى النفوذ، ففى موارد التكليف، يكون منعا تكليفيا، وفى موارد الوضع منعا وضيعيا، فتفطن. قوله (ره): (خصوصا إذا كانت الاجازة ناقلة - الخ -). أو كانت كاشفة مع دخلها بنحو الشرط المتأخر، على ما سيأتي تحقيقه، اما لو قيل بالكشف وعدم الدخل اصلا، فلا ريب في صدق التصرف على بيع الفضول، كما لا يخفى. قوله (ره): (واما ما ذكره من المنع الباقي بعد العقد ولو انا ما، فلم يدل دليل على كونه فسخا - الخ -). هذا مع انه لو كان المنع الباقي مؤثرا، كان مجرد عدم الرضاء بالعقد مانعا من تأثير الاجازة ايضا، وان لم يسبق منه منع، وكان المنع السابق غير مؤثر مع ارتفاعه حال العقد، ويمكن الاستدلال على عدم تأثير الاجازة هيهنا، بما استدل به على عدم تأثيرها مع سبق العقد، من انه معنى لا يضاف العقد بها إلى المجيز عرفا كالرد، لكن الظاهر انه ليس كذلك، فان المنع والرد يتفاوتان في ذلك عرفا، فلاحظ. قوله (ره): (إذ لا يعقل دخول احد العوضين في ملك من لم يخرج عن ملكه الاخر - الخ -). قد مر في باب المعاطات، ليس الا التمليك بالعوض، ولا يعتبر دخول احد العوضين في ملك من خرج عن ملكه الاخر، فيكون مع قصده إلى بيع مال الغير لنفسه قاصدا إلى ما هو البيع وما هو المعاوضة بهذا المعنى، واما بناء على ما افاده، من اعتبار ذلك في قوامه، فالتفصى عن هذا الاشكال بما ذكره، مع انه غير سديد، إذ لا يكون بيع المقاصد مترتبا على هذا البناء غير مفيد، إذ الدخول لو كان معتبرا كان هو


[ 55 ]

الدخول حقيقه ولو عرفا، ومجرد البناء على المالكية، لا يوجب ذلك، وانما يوجب قصده إلى دخول عوضه في ملكه، ويدعوه إلى قصد تملكه بنفسه وشخصه، لا بما هو المالك، فلا يكون بذلك قاصدا إلى المعاوضة. نعم لو كان مجرد ذلك البناء مملكا ولو بنظر العرف، كان موجبا للقصد إلى المعاوضة، وليس كذلك، كما هو واضح. وبالجملة، لو كان هناك من الغاصب بناء، لا يكاد يكون ا داعيا إلى قصد تملك العوض بشخصه وبذاته، لا تملك المالك، مع دعوى انطباقه عليه، والبناء على انه المالك، كما هو ظاهر، ثم انه على ما ذكرنا، من عدم الاعتبار، ربما يشكل ايضا تحقق العقد منه، حيث لا يتأتى منه القصد إلى التوسل إلى تحقق ما انشائه بعد علمه بعدم تأثيره اصلا، لا شرعا، ولا عرفا، الا ان يمنع عن ذلك، وقيل: بكفاية قصد التوسل إلى مضمونه، ولو بحسب نظره قبالا لما إذا كان داعيه على انشاء غير ذلك هذا. قوله (ره): (واما كون الثمن مالا له أو لغيره، فايجاب البيع ساكت عنه - الخ -). لا يخفى ان البايع لنفسه لا محالة، يكون قاصدا لتملك الثمن وصيرورته ملكا له ابتداء بازاء ما ملكه كذلك، أو بعد البناء منه على ملكيته عدوانا، أو اعتقادا، على ما عرفت في الحاشية السابقة إذ لا معنى لعدم قصد تملك الثمن اصلا ولا لقصد تملك المالك بنحو العنوان كما لا يخفى وان الملكية اعتبار خاص بين الشئ واعيان الاشخاص لا عنوان المالك مع انه قد عرفت في الحاشية السابقة ان بناء على الملكية لا يكون الا داعيا له إلى قصد تملكه بنفسه، بلا قصد تملك المالك اولا، وقصد تملكه ثانيا، للبناء على انه المالك عدوانا، أو اعتقادا، ومجرد كون هذا مملكا ايضا، لا يوجب ان يكون بلا داعى يدعو إليه، ولا يكاد يكون له بحسب المتعارف داعى، ولو اتفق حصوله احيانا، لاختص التصحيح بما افاده به ولا يعم ما هو المتعارف من بيع الغاصب لنفسه. فتفطن. وقد انقدح بذلك، فساد ما افاده بقوله " فالمنسوب إليه التمسك انما هو المتكلم - إلى اخر كلام - ".


[ 56 ]

قوله (ره): (اما الاول فلان صحة الاذن في بيع المال لنفسه أو الشراء لنفسه ممنوعة - الخ). لا يخفى، ان قضية ما تقدم، لو سلم انما هو عدم صحة الاذن لو لم يكن تمليكا ضمنيا، بل الاذن الثمن بازاء ملكه لما ادعاه من عدم معقولية التملك بعوض مال الغير، لا فيما لو كان منضمنا للتمليك ايضا ضرورة عدم تأتى ما افاده - ره - معه، مع انك قد عرفت منعه. قوله (ره): (لان الاذن في البيع يحتمل فيه ان يوجب من باب الاقتضاء تقدير الملك آنا ما قبل البيع - الخ -). لا يخفى، ان تقدير الملك من باب الاقتضاء لا يكاد يصار إليه الا إذا كان هناك دليل على نفوذ البيع باذن المالك للبايع، مع انه لا يكون معقولا بدون ملكه، فيقدر لعقل، وهذا بعينه جار في الاجارة، ضرورة انه إذا نهض الدليل على صحة البيع للفضول مع الاجازة، فلا محيص عن تقدير الملك من باب الاقتضاء قبله، كى يعقل، فالقياس بلا فارق اصلا، ولو لم يقم دليل على صحة البيع لما كان وجه للتقدير مع الاذن من هذا الباب، هذا على ما هو المفروض في كلامه (ره) من الملك التقديرى، وهو غير الملك الضمنى في كلام البعض، فانه ملك الحقيقي حصل ضمنا بسبب الاذن هيهنا، والبيع والعتق في باب: اعتق عبدك عنى، وعليه يمكن ان يكون الاجازة متضمنا كالاذن، لكنه يصير حينئذ من قبيل: باع ثم ملك، ويأتى تحقيق القول فيه، مع انه على تقدير الدليل على صحة البيع بالاجازة للمالك، يمكن ان يكون وجه المقايسة انه كما ان صحة البيع في صورة الاذن بالالتزام بالتمليك الضمنى، كان صحة البيع مع الاجازة بالالتزام بالتمليك التقديرى. فافهم وتأمل، فان المقام لا يخلو عن دقة. قوله (ره): (واما الثاني فلما عرفت من منافاته لحقيقة البيع - الخ -). قد عرفت منع منافاته لحقيقته، فتلخص مما ذكرنا في هذه الحواشى، ان الاجازة في الصورة، انما تكون موجبة لوقوعه للبايع لا للمجيز، نعم لو كان قاصدا لوقوعه له لما كان مجيزا للعقد، فلو قام دليل على نفوذه له، فلا محيص


[ 57 ]

عن القول بنفوذه تعبدا على خلاف القواعد، لكن بقى شئ، وهو انه يمكن ان يقال، ان الغاصب في بيعه لنفسه، لا يقصد الا انشاء التمليك بالعوض، من دون قصد تملكه للثمن بنفس العقد، بل انما قصد التصرف فيه بعد التوسل به إليه، كما كان متصرفا في المثمن عدوا نا على المغصوب عنه، حيث لا داعى له إلى قصد التملك بالعقد بعد التمكن من مبهمه بدونه، وعدم مدخليته اصلا في الوصول إلى مقصوده، كما لا يخفى وحينئذ فلو قام دليل على نفوذه للمالك في الصورة يمكن ان ينزل على ذلك، أي ما إذا قصد كذلك نعم انما يشكل فيما إذا كان البايع معتقد الملكية المبيع. فتأمل. قوله (ره): (ثم ان مما ذكرنا من ان نسبة تلك العوص حقيقة - الخ -). لا يخفى ان الاشكال الناشئ من قبل عدم جواز الرجوع إلى الغاصب بحاله ضرورة ان عدم جواز الرجوع لو كان كاشفا عن عدم تحقق المعاوضة الحقيقية، كما هو مبنى الاشكال، كان كاشفا عنه، ولو مع قصد الغاصب تملك المالك الحقيقي اولا، ونسبته المالمك إليه حقيقة، ونسبته إليه ثانيا، للبناء على انه المالك، نعم لو قيل بجواز الرجوع مع هذا القصد، لا يكون هناك اشكال من رأس، كما لم يكن اصلا، لو قيل به مطلقا، كما لا يخفى. وبالجملة، لا يكاد ينفع بذلك الاشكال الاتى من قبل القول بعدم جواز الرجوع، ومع القول بجوازه، لا اشكال قيل بما ذكره اولا، فتفطن. قوله (ره): (انما يتوجه على القول بالنقل حيث ان تسليط المشترى للبايع الخ). انما يتوجه على هذا القول، لو قيل بجواز التصرفات المنافية من الاصيل ونفوذها، والا فلا، حيث لم يكن له قبل الرد تسليطه على الثمن، ويأتى تحقيق القول فيه، انشاء الله تعالى. قوله (ره): (فكذلك قصد من وقع له العقد يغنى عن تعيين الثمن الكلى باضافته - الخ -). انما يغنى عنه، إذا كان قاصدا بذلك للمعين اجمالا، والا فمجرد قصده، لا يوجب تعينه، ومجرد استحالة دخول احد العوضين في ملك غير من


[ 58 ]

خرج عنه الاخر لو سلم، لا يوجب ذلك بلا قصد، والا يلزم حصول تمليك شخص خاص، أو تملكه بلا عقد، لوضوح تبعية العقد للقصد، فانقدح بذلك انه لا يكاد يتحقق تمليك احد الشئ أو تملكه بدون قصده تفصيلا أو إجمالا والا كان بلا عقد فانقدح فساد ما افاده فيما بعد من صرف الكلى إلى ذمة احد، أو صرف البيع، أو الشراء إليه، وان لم يقصده، أو لم يضفه إليه الا ان يكون مراده، ان يقصده تفصيلا لا مطلقا. فافهم. قوله (ره): (بناء على افادتها للملك - الخ -). بل مطلقا بناء على ما اسلفناه من انها يصير شرعا بالتصرف، وان كانت قبله مؤثرة للاباحة المالكية أو الشرعية، وليس حال التصرف فيه، الا كحال القبض في الصرف والسلم، لكن هذا، أي عدم التفرقة بين البيع العقدى والمعاطات، انما يتم على تقدير كون صحة المعاطات على القاعدة، واما لو نوقش فيه كما تقدم، وقيل بها لاجل السيرة، فلابد في الفضولي من الاقتصار على العقدى، لان المتيقن من موردها، غير الفضولي من المعاطات. قوله (ره): (مع ان حصول الاباحة قبل الاجارة غير ممكن - الخ -). لو كانت الاباحة مالكية، واما إذا كانت شرعية، فيمكن الحكم بها قبل الاجازة على الكشف فيما إذا علم لحوقها، فان الاباحة على هذا اثرها ايضا كالملكية بعد التصرف، فإذا كانت المعاطات واجدة للشرط واقعا، من لحوق الاجازة، كانت ثبوتها لها قبل التصرف، كما كانت مؤثرة للملكية بعده. فافهم. قوله (ره): (وعن فخر الدين الاحتجاج لهم بانها لو لم تكن كاشفة لزم تأثير المعدوم في الموجود - الخ -). وليكن مراده بانها لو لم تكن كاشفة عن سبق الملكية بعلتها التامة، بلا مدخليتها اصلا، وبلا لزم دخل المعدوم في التأثير، كما لا يخفى. وبالجملة، الاشكال بتأثير المعدوم في الموجود، يرد على كل واحد، من القول بالكشف، بناء على دخل الرضاء، والقول بالنقل، فلا وجه للفرار


[ 59 ]

عن احدهما الى الاخر لذلك. واما بناء على عدم دخله، فيلزم كون الفضولي على خلاف قاعدة اعتبار رضاء المالك في نفوذ تصرف الغير في ملكه، أي على خلاف قاعدة وجوب الوفاء بالعقود، ضرورة ان المخاطب بوجوب الوفاء، انما هو المالك، ولا يكاد يكون العقد الفضولي، عقدا للمالك بلا اجازة لاحقة منه، فلابد من الاقتصار في نفوذ الفضولي على مقدار مساعدة خصوص الدليل عليه، ومن الواضح انه لا خلاف ما عليه القائلون به، من ان صحته تكون على القاعدة، ولا يخفى ان الاشكال تأثير ما عدم في اللاحق، أو لم يوجد في السابق، مما لا اختصاص له بالمقام، بل سار في العبادات المركبة أو المقيدة بامر قد انعدم، أو لم يوجد في قاطبة المعاملات، بل الايقاعات، إلى غير ذلك، ضرورة تأثير الايجاب المعدوم، بل القبول بغير جزئه الاخير، بل مطلقا فيما يعتبر فيه شرط، من قبض، كما في الهبة، والرهن، ونحوها، أو تصرف كما في المعاطات في الموجود من الملكية، والزوجية، ونحوهما، وهكذا حال الايقاعات، فان صيغتها متصرمة غير قارة باجزائها وجودا، فلا يكون تمام ما هو المؤثر في الانفكاك عن الرقية، أو الزوجية في العتاق، والطلاق عند التأثير بموجود، ومن هنا انقدح عدم اختصاص الاشكال بالشرط المتأخر، كما اشتعر، بل يعم المقتضى المتصرم، أو الشرط المتقدم، المتقدمين حال التأثير، وقد حققنا القول في التفصى عن الاشكال في البحث وفى بعض فوائدنا بما خلاصته، ان ما يتخيل انه سبب متصرم، أو شرط غير موجود بعد، أو متقدم، لا يكون الا في الاعتبارات التى تكون واقعيتها بمنشاء انتزاعها، وتحقق ما يصح به اختراعها، ولا يكون لها تحقق في الخارج، الا بتحققه ووجوده كالزوجية، والملكية، والحرية، والرقية، والوجوب، والحرمة، إلى غير ذلك من الاعتبارات التى ليست من المقولات التى تكون محمولة بالضمية، وموجودة في الخارج، ولو في الموضوع، حيث يتخيل فيها، ان الامور المتقدمة عليها، أو المتأخرة عنها، صارت مؤثرة فيها في غير واحد من المقامات، كما اشرنا إليها اجمالا، والا في الافعال الاختيارية بما هي اختيارية، حيث يتخيل ان لبعض ما سبقها أو يلحقها، ريما يكون له دخل فيها، بحيث لو


[ 60 ]

لاسبقة أو لحوقه، لما كادت تكون وليس الامر كما تخيل في واحد من المقامين: اما الاول: فلان العلة حقيقة، والذى يوجب اعتبارا من تلك الاعتبارات واقعا، ليس الالحاظ ما هو منشاء الانتزاع، وتصور ما به يصح الاختراع، فلا يكون دخل ما يسمى سببا كالعقد، أو شرطا كالقبض في الصرف، أو غيرهما، مقارنا كان للاثر، أو مقدما، أو مؤخرا، الا بلحاظه واعتباره، ووجوده في الذهن، فيقارن المؤثر لاثره، لا بوجوده في الخارج، كى لا يقارن له، ومن الواضح انه كما يصح اختراع اعتبار بلحاظ ما يقارنه، يصح بلحاظ امر سابق، أو لاحق، بل ربما لا يكاد يصح بلحاظه مع مقارنتة، ضرورة ان حسن فعل، أو قبحه، أو مطابقته لغرضه، انما يكون بلحاظ لحوق شئ أو سبقه، بحيث لولاه لما كان يتصف باحدهما، أو بالمطابقة للغرض، كما لا يخفى. واما الثاني: فلان العلة في الفعل الاختياري بما هو اختياري، ليس الا تصوره باطرافه وخصوصياته العارضة عليه بلحاظ اكنافه بما سبقه، أو قارنه، أو لحقه، وتصور ما يترتب عليه، من الاثر، وهيجان الرغبة فيه، والجزم والعزم المتعقب بتحريك العضلات، وليس واحد من اطرافه، ولا ما هو فائدته بوجوده في الخارج، مؤثرا في تحريكها بالارادة، كى يلزم تأخر السبب أو الشرط عن مسببه أو مشروط أو عدم مقارنته معه، بل بوجودها في الذهن، مع سائر المبادى الوجدانية، وهى مقارنته لوجوده، كما هو واضح، فاين انثلام القاعدة وانحزامها. هذا بعض الكلام بما يناسب المقام، ومن اراد الاطلاع التام فعليه المراجعة إلى الفوائد 1. فإذا اظهر لك انه لا يلزم على واحد من القولين محذور تأثير المعدوم في


ص 60 * 1 - أي الرسالة التى سميت بفوائد الاصول وقد طبعت مرتين مع حاشية الفرائد منه - قدس سره - ومن شاء فلينظر بها.

[ 61 ]

الموجود، علمت ان المتبع في تعيين احدهما، هو الدليل، ولا يخفى ان قضية قاعدة وجوب الوفاء بالعقود، بعد التقييد بطيب المالك ورضاء من له الاختيار، هو تحقق مضمونها، بعد تحقق العقد والرضاء فكما لا يكاد يكون بحسب القواعد، تحقق مضمون عقد ينعقد فيما بعد من قبل، كذلك هيهنا لا يكون العقد الفضولي، عقد المالك قبل الاجازة، فكيف يكون مضمونه من قبل بمجرد وجودها فيما بعد، وكذا الحال في عقد المكره فلا وجه للقول بالكشف بمعنى تحقق المضمون قبل ذلك، لاجل تحققها فيما بعد، نعم بمعنى الحكم بعد الاجازة بتحقق مضمونه حقيقة، مما لا محيص بحسب القواعد، فلو اجاز المالك مثل الاجازة الفضولية بعد انقضاء بعض مدتها، أو الزوج، أو الزوجة عقد التمتع كذلك، أي بعد انقضاء بعض المدة، فيصح اعتبار المكلية حقيقة للمتسأجر، والزوجية لهما في تمام المدة التى قد انقضى بعضها، بل ولو انقضى تمامها، لتحقق منشأ انتزاعها. فان قلت: كيف يصح هذا، وكان قبل الاجازة ملكا للموجر؟ ولم يكن هناك زوجية الا انه يكون مساوقا لكون شئ بتمامه ملكا لاثنين في زمان واحد، واجتماع الزوجية وعدمها كذلك، أي في زمان واحد. قلت: لا ضير فيه، إذا كان زمان اعتبار ملكية لاحدهما في زمان، غير زمان اعتبار المكلية للاخر في ذاك الزمان، لتحقق ما هو منشاء انتزاعها في زمان واحد لكل منها في زمانيين، وكذا الزوجية وعدمها، وحيث لم يكن قبل الاجازة، ما يصح معه انتزاع المكلية أو الزوجية للمجيز من العقد، لم يصح الا انتزاع ما صح انتزاعه قله، ولما وجد معها ما يصح معه ذلك، كان اعتبار الملكية أو الزوجية له من حينه حينئذ مما لا محيص عنه، ضرورة ان قضية صحة العقد ونفوذه بالاجازة، صحة اعتبار مضمومه، وصيرورته منشاء لانتزاعه وسيا لاختراعه، فيترتب على المكلية في ذاك الزمان، أو الزوجتة، كلما كان لها من الآثار التى يمكن ترتبها عليها في الان. هذا فيما إذا كان العقد من مثل الاجارة والتمتمع، وكذا إذا كان مثل البيع والنكاح الدائم، فان قضية اطلاقها، هو القصد إلى مضمونه مطلقا، ومرسلا بلا تحديد في اوله ولا في


[ 62 ]

آخره، ولم يلحظ فيه تقييد وتحديد بزمان، الا ارسال والاطلاق، ولازمه تحققه مقارنا لزمان وجود علته، وهذا غير الابهام والاهمال الذى لا يكاد يصح العقد عليه، كما مر في عقد المكره. واما كشف الاجازة عن سبق العلة التامة، كما يظهر من المحقق الثاني، وكذا اكشفها عن سبق الاثر مع دخلها في التأثير، كذا النقل والكشف الحكمى، كما افاده - ره - فعلى خلاف ما يقتضيه القواعد، لاقتضائها دخل الرضاء والطيب في التأثير، دخل الشرط المقارن، كما ان قضية الصحة بعد لحوق الاجازة، هو تحقق مضمون العقد كما قصد على ما عرفت فلابد في المصير إلى واحد منها، من دليل خاص، وليس، فان ما افاده لا يوجب ظهور صحيحة ابى عبيدة 1 في الكشف فان ما في الكشف من المخالفة للقاعدة، ليس باهون مما في العزل على تقدير عدم الحمل على الكشف. فتأمل. قوله (ره): (كان العزل مخالفا لقاعدة تسلط الناس - الخ -). وكان تلقى الزوجية لنصبيها من الورثة، لا من الميت، ثم لا يخفى ان ذلك انما يكون إذا قيل بدخول المعزول في ملك الورثة، والا لم يلزم الا مخالفة قاعدة ما تركه الميت فلوارثه. قوله (ره): (اما الثمرة على الكشف الحقيقي بين كون نفس الاجازة - الخ -). لا يكاد يظهر بينهما على الكشف ثمرة عملية اصلا كما لا يخفى. نعم فيما إذا شك في لحوق الاجازة، لابد من الرجوع إلى اصالة عدم لحوقها، بناء على كون نفس الاجازة شرطا، ومن الرجوع إلى اصالة عدم تحقق ما هو سبب النقل من العقد الملحوق بالرضاء، بناء على كونها كاشفة عن السبب التام، فيتاوتان في طريق اثبات حكم العمل مع انفاقهما فيه. قوله (ره): (فان الوطى على الكشف الحقيقي حرام ظاهرا، لاصالة عدم الاجازة - الخ -). لا يخفى ان اصالة عدم الاجازة انما يجرى إذا كان نفس الاجازة


ص 62 * 1 وسائل الشيعة: 15 / 71 - ب 58 - ح 2.

[ 63 ]

شرطا، كما هو مبنى كلامه (ره) " ظاهرا " واما إذا كانت كاشفة عن السبب التام فلا مجال لها بلا كلام، فلابد في الحكم بانه حرام، من اصالة عدم ذاك العقد الخاص عند الشك، في أن الموجود في افراده أو من سائر افراد العام. قوله (ره): (وضابط الكشف الحكمى، الحكم بعد الاجازة - الخ -). ضابطه انما يكون ذلك، إذا ساعد دليل على ترتيب جمع الآثار، والا فلابد من الاقتصار على مقدار يساعد عليه، أو متيقن منه، حيث لم يكن قبل الاجازة ملكية حقيقة على هذا الكشف، بل تنزيلة. ومن هنا يظهر الاشكال في صيرورة الجارية الموطوئة قبل الاجازة، ام ولد. نعم جميع آثار يترتب، بناء على الكشف بالمعنى الذى ذكرناه، الاعتبار الملكية حقيقة من حين العقد بالاجازة، ومن جملتها الحكم بصيرورة الجارية ام ولد. فتدبر. قوله (ره): (فان العقد تام من طرف الاصيل - الخ -). لا يخفى، ان العقد لو كان تاما، نافذا من طرفه، كان كذلك على النقل ايضا، ضرورة ان التفاوت بينهما في دخل الرضاء في التأثير بنحو الشرط أو المتأخر، لا يوجب تفاوتها في تمامية العقد من طرف الاصيل وعدم تماميته. نعم العقد على الكشف، بمعنى كون الاجازة كاشفا محضا بلا دخل في التأثير اصلا، وان كان تاما من طرفه على تقديرها، الا انه كذلك من طرف الفضولي، ومن هنا ظهر ان ما جعله مبنى لجواز الفسخ من طرف الاصيل على النقل، لو صح، لكان موجبا لجوازه على الكشف ايضا، لاستواء نسبته اليهما، كما لا يخفى. قوله (ره): (بل مقتضى العموم وجوبه حتى مع العلم بعدم اجازة المالك - الخ -). لا يخفى، انه لا وجه لوجوب الوفاء في صورة العلم بعدمها اصلا، ضرورة التقييد بالاجازة أو بما هي كاشفة عنه، أو محققة له، على الاحتمالات في الكشف الحقيقي، فكيف يجب الوفاء في هذه الصورة على الاصيل، بناء على الكشف المشهودى، مع مساواته مع الكشف عند المعاصر


[ 64 ]

له في التقييد بها وهو منتف في الصورة، ولو كان المراد من الكشف المشهودى، هو كشف الاجازة عما هو السبب التام، بلا دخل لها في التأثير، كما يدل عليه قوله " فيما بعد "، فالذي يجب الوفاء به، هو نفس العقد، من غير تقييد، ضرورة ان مراده من نفى التقييد، انما هو نفى التقييد بالرضاء، والا فالتخصص والتقيد بما يكشف عنه الاجازة، مما لا محيص عنه، كما لا يخفى، فمع عدم الاجازة، لا يكون العقد الواقع، ذاك المقيد أو الخاص، فلا يجب الوفاء به على الاصيل ايضا، وقد اشرنا سابقا، وفى بعض الحواشى على الخيارات، ان الامر بالوفاء بالعقود في الآية 1، كناية من تحقق مضامينها، وهو مما لا يكاد يختلف بالنسبة إلى طرفيها، وبينا بما لا مزيد عليه، انه لا يصح ان يراد منه وجوب ترتيب الآثار، كى يمكن اختلافه بالنسبة اليهما، وبالنسبة إلى الآثار، كما افاده - ره - فراجع. قوله (ره): (واما على المشهور في معنى الكشف من كون نفس الاجازة شرطا لكون العقد 2 مؤثرا - الخ -). ربما يقال، ان قضية الشرطية ان يكون العقد المقيد واجب الوفاء، لا نفس العقد، من غير تقييد، كما هو واضح. اللهم الا ان يقال، ان الاجازة انما تكون شرطا وموجبا لصيرورة العقد سيا، وعلة تامة، لا جزء لها، وبعبارة اخرى، يكون شرطا لصيرورته مقتضيا، لا لاقتضائه، فتأمل. قوله (ره): (ومقتضى الوفاء في العقد حرمة رفع اليد - الخ -). لا يخفى، ان الوفاء بالعقد أو العهد، هو العمل على طبقه، والمشى على وفقه، إذا كان مضمونه امرا اختياريا، كما في نذر السبب والفعل والالتزام به، إذا لم يكن كذلك، كما هو الحال في العقود، وفى نذر النتيجة، وقد بينا في غير المقام، ان الامر بالوفاء بالعقود، كناية عن صحتها وتحقق مضمامينها، كما ان النهى عن عقد، كناية عن عدم تحقق مضمونه، وعدم


ص 64 * 1 - المائدة: 1. 2 - وفى المصدر:... لكون العقد السابق وبنفسه مؤثرا.

[ 65 ]

نفوذه وصحته، وليس بمعنى وجوب ترتيب الآثار، مع انه لو كان بمعناه، فمن الواضح ان وجوب ترتيبها، انما يكون متفرعا على صحته، وتحقق مضمونه، ولذا يكون دليله، دليلا عليه، وكيف كان، فلا يكون هناك دليل على نفوذ العقد في خصوص ما عليه من الآثار دون ماله، كما في دليل نفوذ الاقرار، بل مع تمامية العقد بشرائطه وخصوصياته المعتبرة فيه، فالدليل قد دل على نفوذه مطلقا، وبدونها، لا دليل على نفوذه اصلا، كما لا يخفى. قوله (ره): (الاول ان الخلاف في كون الاجازة كاشفة - الخ -). بل بعد الفراغ عن انها امضاء ما وقع من العقد بمضمونه، والاتفاق على اتفاذه والرضاء به، وقع الخلاف في ان قضية الادلة تأثيره شرعا من حينه أو من حينها، فلو قصد المجيز امضائه كذا، فلا اشكال في صحتها، ولو على القول الذى لا يوافقه، ولو قصد لا كذلك، فلا ينبغى الاشكال في فسادها، ولو على القول الذى يوافقه، فليس المناط في صحتها وفسادها، مطابقتها لما هو المختار من القول بالكش أو النقل اصلا، فلا وجه لما فرع بقوله - ره - " فلو قصد المجيز الامضاء من حين العقد - الخ - " كما لا يخفى، حيث يظهر منه احتمال اناطة الصحة على كل قول بموافقة الاجازة له، بل الوجه ان يفرع ما فرعناه، فتفطن، وقد تقدمت الاشارة إلى ان تأثيره بنحو الكشف موافق لمضمون العقود، لا بنحو النقل. قوله (ره): (ويشترط 1 في الاجازة ان يكون باللفظ الدال عليه - الخ -). اعلم ان الحاجة إلى الاجازة، اكانت لمجرد حصول الرضاء والطيب بالعقد، فمن اعتبر في نفوذ العقد رضاه، كما في نكاح العبد بدون اذن سيده، أو بيع الرهن للعين المرهونة بدون اذن المرتهن ونحوهما، فلحوق الرضاء بالعقد كاف في تأثيره، كما في عقد المكره، حيث يكفى في تأثيره بمجرد لحوقه وان كان لتصحيح استناد العقد إلى المجيز مع ذلك، كما في العقد على ماله بدون اذنه، فالظاهر ان مجرد لحوق الرضاء به لا يصح الاستناد، بل لابد في


ص 65 * 1 - في المصدر: انه يشترط..

[ 66 ]

صحته من انشاء امضاء العقد واجازته. نعم في كفاية انشائه قلبا، أو لزوم انشائه، ولو بفعل أو بلفظ وان لم يكن بدال، ولو كناية، أو لزوم انشائه بلفظ دال، ولو بالكناية، وجوه لا يبعد ان يكون اوجهها كفاية الانشاء القبلى، وقد انقدح بذلك ان كفاية مجرد الرضا في بعض الموارد، لا شهادة فيها، لكفايته في جميعها، كما لا يخفى، كما لا شهادة في كفاية السكوت في الباكرة على كفاية مجرد الرضا فان السكوت منها في ذاك المقام اظهار الرضاء وانشائه. فتدبر جيدا. قوله (ره): (الثالث من شروط الاجازة ان لا يسبقها الرد - الخ -). الظاهر ان اعتبار ذلك، انما هو لاجل ان الاجازة مع سبقه، لا توجب صحة اسناد العقد عرفا إلى المجيز، فكما ان العقد الفضولي على ماله يصير عقدا له ومسندا إليه باجازته، كذلك يسقط عن قابليته لذلك برده، فلا يضاف إليه بالاجازة مع سبقه عرفا، ولا اقل من الشك فيه، ومعه لا دليل على نفوذ هذا العقد عليه، فان التمسك بالعمومات، يكون من باب التمسك بالعام، فيما اشتبه صدقه عليه، فان المراد من العقود في الآية 1، عقود من لهم الولاية على العقد، كما مرت إليه الاشارة، لا لاجل التعبد به على خلاف القاعدة، فانه من البعيد جدا، اعتبار امر زائد في الفضولي، ومع ذلك لا يكاد يتحقق الاجماع، ولو من اتفاق الكل، لاحتمال ان يكون ذهاب الجل، بل الكل إلى ذلك، لذلك. فتفطن. قوله (ره): (وقد تقرر ان من شروط الصيغة - الخ -). لا دخل لذلك في المقام، ضرورة ان اعتبار ذلك لتحقق العقد هناك، وقد كان العقد محققا هيهنا، والاجازة انما تكون لتصحيح اضافته، لا لاصل تحققه، نعم لو قيل بمنع تحقق العقد من الفضولي بدعوى انه يعتبر في قوامه، صدور انشائه، ممن كان له ولاية على مضمونه، وليس من الفضولي الا الانشاء، وبالاجازة يصير عقدا، ومضافا إلى المجيز، كان له الدخل، فان الرد


ص 66 * 1 - المائدة: 1.

[ 67 ]

على ذلك، يكون من قبيل رد الايجاب قبل القبول، لكنهم لا يقولون بذلك ويقولون بتحقق العقد من الفضولي، وان احتملناه في مجلس البحث. فتدبر جيدا. قوله (ره): (مع ان مقتضى سلطنة الناس على الموالهم 1 - الخ -). لا يخفى انه ليس من انحاء السلطنة على المال، السلطنة على اسقاط العقد الواقع عليه من الفضولي عن قابلية لحوق الاجازة به، فانه السلطنة على الحكم، لا على المال، مع انه لو كان منها، لا دلالة لمثل الناس مسلطون الا على ان المالك ليس محجورا عن التصرفات النافذة شرعا، ويكون مسلطا. وبعبارة اخرى، انما يكون بصدد بيان انه السلطان على التصرفات النافذة، لا لبيان انه له انحاء السلطنة، كى يمكن التمسك به على تشريع نحو سلطنة شك في انه يكون شرعا اولا، كما لا يخفى، الا ترى انه لا مجال لتوهم دلالة الناس مسلطون، على مثل جواز وطى السيد عبده، وانه انما خصص بالاجماع، فاحفظ ذلك، ينفعك في غير المقام، ولعله اشار إليه بالامر بالتأمل في المقام. قوله (ره): (والاجازة اثر من آثار السلطنة المالك - الخ -). أي تأثير الاجازة ونفوذها، فكما للمالك بيع ماله ابتداء، له ان يجيز ما وقع عليه فضولا، فباجازته يصير بيعه فينفذ. قوله (ره): (فلو مات المالك لم يورث الاجازة - الخ -). وذلك لانها ليست مما تركه الميت حيث انها ليست بمال ولا بحق، بل من الاحكام، كما اشرنا إليه في الحاشية السابقة. نعم المال الذى بيع فضولا يورث، فلكل وارث اجازة البيع في خصوص ما ورثه، لو قيل بجواز المغايرة بين المجيز والمالك حال البيع، بخلاف ما لو قيل بارث الاجازة، فانه بعينه يكون كارث الخيار، فيشترك جميع الورثة فيها حتى من ليس له من المبيع نصيب، فقد ظهر بذلك الفرق بين إرث الاجازة وارث المال.


ص 67 * 1 - وهذا مستفاد من رواية معروفة وردت في البحار - 2 / 272.

[ 68 ]

قوله (ره): (لان مرجع اجازة القبض إلى اسقاط ضمان الثمن عن عهدة المشترى - الخ -). لا يخفى ان ضمان الثمن والمثمن قبل القبض والاقباض، انما هو ضمان المعاوضة، وهو من الاحكام لا يرتفع بالاسقاط، فلو اسقطه المشترى أو البايع بعد البيع، لا يسقط، بل يكون تلف الثمن أو المثمن قبل القبض معه من مال البايع أو المشترى ايضا، وانما الساقط به الضمان باليد، فلو تلف المبيع بعد اجازة العقد لا يفسخ العقد، ولو اجاز المشترى القبض، لعموم قاعدة كل مبيع تلف قبضه. لا يقال: ان قبض الفضولي بالاجازة، صار قبض الاصيل، فيكون التلف بذلك تلفا بعد القبض. فانه يقال: ليس كل فعل يصح انتسابه إلى غير مباشرة باجازته، والقبض لم يعلم انه من قبيل العقد، والبيع ونحوهما مما يصح انتسابه إلى غير المباشر بالاجازة، أو من قبيل الافعال الخارجية التى لا يحدث له بذلك انتساب، كالاكل، والشرب، وغيرهما كما لا يخفى، بل دعوى انه مثلها، غير مجازفة، ومجرد الفرق بينه وبينها، من لزوم المباشرة فيها في صحة انتسابها، وعدم كفاية النيابة، والوكالة فيها، اصلا، بخلاف القبض، ضرورة كفاية الوكالة في صحة انتسابه، غير مجد في صحة الانتساب بمجرد الرضا، والاجازة، بعد عدم صدوره منه تسبيبا ولا مباشرة، ولا يبعد ان يكون مورد الاجازة، هو خصوص العناوين الاعتبارية المنتزعة من اسباب خاصة يتوسل بها إليها، كالبيع، والعقد، والمبيعة، ونحوها، مما يتوسل إليها باسباب خاصة صادرة ممن يقوم بها حقيقة، أو من غيرها وكالة، أو فضولة مع لحوق الاجازة بها، فالبيع والعقد حقيقة يقوم بالموكل، والمجيز، وينسب اليهما، حيث ترى صحة اعتبار العقد، والبيع وانتزاعها بالاجازة للمجيز، مثل اعتبارهما للاصيل، أو لغيره بالتوكيل، وهذا بخلاف نفس الافعال الخارجية، كالقبض، والايجاب، والقبول، فانها لا يكاد ينسب إلى غير المباشرة الا تسبيبا، ولا مباشرة ولا نسبيب هيهنا من المجيز اصلا، كما لا يخفى. نعم لا يبعد كفاية اجازة قبض الفضولي فيما إذا كان العين فعلا تحت


[ 69 ]

يده، بحيث كان بقائها تحتها باذنه ورضائه، وهذا في الحقيقة ليس من كفاية قبض الفضول، بل كفاية القبض بالاذن، فان القبض وان كان حدوثا فضولة، الا انه بقاء يكون عن اذن واجازة، هذا كله بناء على اعتبار قبض المشترى في رفع ضمان المعاوضة، لكنه من المحتمل كفاية تخلية المالك وتسليمه وان لم يقبض المشترى. قال العلامة ره في التذكرة 1: لو احضر البايع السلعلة، فقال المشترى فضعه، ثم القبض، وتمام الكلام في القبض. قوله (ره): (واتمام الدليل على ذلك، لا يخلو عن صعوبة - الخ -). سيما مع ما عرفت، من ان القبض بالاجازة، لا يصير قبضه، ولا يصح انتسابه إليه، لا مباشرة ولا تسبيبا. نعم لو كان المقبوض باقيا في يده إلى زمان لحوق الاجازة، لا يبعد كفايته في تشخصه، لكنه ليس من باب تأثير قبض الفضول بالاجازة، بل من باب تأثير القبض بالرضاء، والاذن، كما عرفت. قوله (ره) ر: (كان اجازة العقد، اجازة للقبض - الخ -). لا يقال: انه قد سبق الاشكال في تأثير الاجازة في قبض الفضول، فانه يقال: نعم، لكنه فيما يحتاج إلى قبض المجيز، وفى الصرف والسلم، لا يحتاج إليه، بل إلى القبض من المتعالمين، والاجازة فيهما، انما يكون متعلقا بنفس البيع والعقد الحاصلين، من الايجاب، والقبول، والقبض في المجلس، كما في غيرهما، لا بنفس القبض. وبالجملة، حال القبض فيهما، حال الايجاب والقبول، وقد عرفت ان الاجازة في الحقيقة، لا تلحقهما، ب‍ ما يتسبب منهما من البيع والعقد. فافهم. منه وانقدح عدم الحاجة إلى اثبات كون اجازة العقد. فيهما اجازة للقبض، والا فلا شهادة في لزوم لغويته لولاه عليه، ما لم يكن هناك لها دلالة بحسب متفاهم العرف على كونها اجازة له ايضا، والا فليس لزوم اللغوية بمحذور بالنسبة إلى اجازة المجيز، كما لا يخفى.


ص 69 * 1 - التذكرة (كتاب البيع) 1 / 472.

[ 70 ]

قوله (ره): (تداركه بالخيار، أو اجبار المالك - الخ -). وجه الترديد، أو التخيير، ان المنفى بقاعدة نفى الضرر، وهو الحكم الضررى عنده. واما بناء على ما هو المختار، من ان المنفى هو حكم الامر الضررى بنفى نفسه، فالمتعين تداركه بالخيار، حيث كان العقد من طرف الاصيل لازما، فإذا صار ضرريا، انقلب جائزا، فلا مجال لاحتمال الاجبار، وفيما علقناه على مسألة خيار الغبن، ما يناسب المقام، فراجع. قوله (ره): (هل يعتبر في صحة الاجازة مطابقتها - الخ -). لاريب في اعتبار المطابقة في الصحة، والا لزم تأثير ما لم يقع أو ما لم يجز. نعم لو كان العقد ينحل إلى العقود، كما في العقد على صفقة واحدة، فلا بأس باجازته بالنسبة إلى بعضها، فانها وان لم تطابق العقد على تمامها، الا انها مطابقة لما انحل إليه من العقد على بعضها، وهذا خلاف ما إذا عقد على الشرط، واجيز بدونه، فانه لا تطابقه الا إذا قيل بالانحلال فيه ايضا، وسيأتى الكلام فيه في باب الشرط الفاسد، فتأمل. قوله (ره): (أو بطلانها، لانه إذا لغى الشرط، لغى المشروط لكونهما التزاما واحدا - الخ - 1). هذا كما في الشرط الفاسد في العقود، فانه توجب فسادها بناء على وحدة المقصود فيها. وقد يقال: بالفرق بينهما بان العقد مع الشرط على هذا، انما يكون عقدا خاصا، اما ان يمضى، أو يرد، فلا مجال للتفكيك، الا تعبدا على خلاف قاعدة " العقود تابعة للقصود "، وهذا بخلاف الاجازة معه، فان الشرط إذا كان حاصلا من باب الاتفاق، ولو لم يكن نافذا شرعا، كانت الاجازة مؤثرة، فانها بوجودها يؤثر في انتساب العقد إلى المجيز، لا بصحتها، فلا يلزم من تأثيره وعدم نفوذه وصحته، التفكيك اللازم، من صحة العقد وفساده. لا يقال: ان الاجازة كما تحقق الاضافة والانتساب كذلك يحصل


ص 70 * 1 - وفى المصدر:... لكون المجموع التزاما

[ 71 ]

بها الرضاء الذى لابد منه في صحة المعاملة، ومع فساد الشرط الذى هو قيدها، لا يكون منه رضى بالمعاملة. فانه يقال: الاجازة انما تكون مقيدة بالشرط، وقد حصل على الفرض، فكما يحصل في الفرض بها الانتساب والاضافة، يحصل بها الرضاء، كما لا يخفى. فتدبر جيدا. قوله (ره): (ولا فرق فيما ذكرنا بين القول بالكشف والنقل - الخ -). فانه على القولين يكون للاجازة دخل في السبب، غايته بنحو الشرط المتأخر على الكشف، والشرط المتقدم على النقل. نعم على الكشف الحقيقي الذى لا يكون للاجازة دخل اصلا في السبب، بل كانت كاشفة عن تمام السبب، لا يكون حينئذ تصرفا ماليا، فينغذ ممن حجر عليه في ماله. قوله (ره): (وربما لا يجرى فيه بعض ما ذكر هناك - الخ -). أي بعض ما ذكر في مقام التفصى عما اشكل به في نفوذ الاجازة في بيع الفضول لنفسه، ولا اظن بذلك، بل لا يجرى فيه بعض الاشكالات الجارية هناك، كما افاده - ره -، لعدم مخالفة الاجازة لما قصد المتعاقدان هيهنا، فلا يحتاج إلى التكليف بما سلف في الفتفصى عنه، ولكنه ربما يشكل هيهنا بمخالفة الاجازة لما قصده المتعاقدان ايضا، فان المتقل عنه المبيع، والمنتقل إليه الثمن، انما هو المالك الحقيقي حين البيع، غاية الامر ان البايع انما قصده لنفسه بدعوى، أو اعتقاد انه هو، وهو غير المالك حين الاجازة وهو البايع، فتكون الاجازة مخالفة لما قصداه، حيث قصد البيع عن المالك حين البيع بازاء الثمن له، وقضية الاجازة نفوذه للمالك حين الاجازة، وهو الفضول، فيكون المنشاء غير المجاز، فتأمل جيدا. هذا بناء على اعتبار لحاظ طرفي النقل من المنقول عنه، والمنقول إليه في البيع، كما هو كذلك، لانه اعتبار خاص، واضافة خاصة، ولا يكاد يتحقق القصد إليها بالجد، الا مع تعيين المضاف، والمضاف إليه، وليس هو المالك الكلى، كى ينطبق لى الاصيل في زمان، وعلى الفضول في زمان آخر، بل هو شخص المالك حين العقد، فافهم.


[ 72 ]

قوله (ره): (وفيه ان الثابت هو اعتبار رضاء من هو المالك حال الرضاء - الخ -). وفيه ان الاجازة، كما اشرنا إليه سابقا، كما لابد منها، لاجل الرضاء والطيب، كذلك لابد منها لاجل تصحيح انتساب العقد الى المجيز، ولا يكاد يصح الانتساب إليه فيما إذا وقع لغيره باجازته. قوله (ره): (فيلزم كونه بعد العقد ملك المالك والمشترى - الخ -). ودفعه بالتزام كونه ملكا للمشترى وحدة في صورة اجازة المالك، وكفاية ملكه السابق على العقد في نفوذ اجاوته اللاحقة، فتأمل. قوله (ره): (نعم لو فرضنا قصد المالك فسخ العقد 1 - الخ -). مع انه يمكن ان يقال: ان فسخ المالك ورده بالقول أو بالفعل، لا يكون الا فسخا وابطالا، لاثر العقد بالاضافة إلى المالك حين العقد لا مطلقا، وذلك لان وجه مانعية الرد عن لحوق الاجازة، إما الاجماع، أو حديث سلطنة المالك، على قطع علاقة الغير على ماله، أو كون الرد سببا لعدم حصول اضافة العقد إلى المجيز بعده، والقدر المتيقن من الاجماع، هو كون الرد مانعا بالنسبة إلى الراد، لا بالنسبة إلى غيره، والسلطنة غير مقتضية لقطعها اصلا، كيف والا كانت مقتضية لعدم تعلقها به بدون اذنه ورضاه من رأس، بطريق اولى، كما لا يخفى، والسر أن مجرد العقد عليه، وبقاء اثره إلى ان تلحقه الاجازة، ليس بتصرف في المال، كى يكون للمالك منعه، أو رفعه، وقطعه، ولو سلم، فتسلطه على القطع، انما يكون بالاضافة إليه، لا إلى غيره ممن حصلت له علقة بملاحظة القواعد، والرد إن منع عن حدوث الانتساب بعده، انما يمنع عنه بالنسبة إلى الراد، لا غيره، فتأمل. قوله (ره): (والجواب عن العمومات - الخ -). وربما يجاب بان موجبها، ليس الاعدم تحقق البيع، والارشاد إلى عدم تحققه بلا تملك، وهيهنا بموجبها، إذ لا يكون بيع، وتمليك


ص 72 * 1 - وفى المصدر: نعم لو فرضنا قصد المالك من ذلك الفعل فسخ العقد.

[ 73 ]

حقيقة، قبل الملك، وانما يكون بعده، وبعد الاجازة، فلا يكون القول بحصول البيع والتمليك بعدها مخالفا لها، كما لا يخفى. فتدبر جيدا. قوله (ره): (فلو باع عن المالك، فاتفق انتقاله إلى البايع فاجازه، فالظاهر ايضا الصحة - الخ -). لا يخفى، ان عدم مطابقة المنشاء والمجاز هيهنا، اظهر مما إذا قصد البيع لنفسه، ثم ملك، والظاهر عدم نفوذ اجازته في الصورتين، لعدم المطابقة بينهما فيهما، كما عرفت في الصورة الاولى. قوله (ره): (والمقام، مقام استصحاب حكم الخاص، لا الرجوع إلى حكم العالم، فتأمل - الخ -). لا يخفى، ان خطاب " اوفوا " لا يعم من ليس له الولاية على العقد، وان كان عاقدا، فليس المقام من ذاك المقام، بل من باب اختصاص العام، ولو سلم انه من باب تخصيص العام، فوجوب الوفاء، وان كان كما افاده - ره - لما اشير إليه غير مرة، من كون الوفاء امرا واحدا مستمرا، لا يرجع إلى عدم دليل وجوبه بعد انقطاعه، تخصيصه، الا انه إذا كان تخصيصه بعد العمل به اولا، واما إذا كان تخصيصه ابتداء فالمرجع هو لا حكم العام، لما نبهنا عليه في غير مقام، ولعله اشار إلى بعض ذلك، بامره بالتأمل. قوله (ره): (فلا ينبغى الاشكال في اللزوم حتى على القول ببطلان الفضولي - الخ -). فانه ليس من الفضولي، حيث وقع ممن بيده امره، نعم يشكل فيما كان جواز تصرفه من جهة ولايته كالاب والجد مثلا، بان منصرف ادلة نفوذ تصرفات الولى، غير ما إذا كان تصرفه كذلك، أي باعتقاد انه غير ولى، وغير جائز التصرف. فتأمل. قوله (ره): (فالظاهر ايضا صحة العقد - الخ -). بل الظاهر بطلانه ولو اجاز، لمخالفة الاجازة للعقد، واستلزم صحته، لعدم تبعيته للقصد، حيث قصد لنفسه، وقع باجازته لغيره. فتأمل.


[ 74 ]

قوله (ره): (لانه انما قصد نقل المال عن الاب لا عنه - الخ -). فلا يجدى اجازته ايضا في صحته لمخالفتها له، واستلزام الصحة لعدم التبعية كما عرفت. ودعوى كون المقصود، اخراج الملك عن ملك مالكه، غايته اعتقد أنه غيره، فلا يلزم عدم المخالفة، ولا عدم التبعية، مدفوعة بان المقصود في البيع، اخراجه عن شخص غيره، غاية الامر ان اعتقاد كونه مالكا يدعوه إلى قصد ذلك، كيف يكون قصده الاخراج عن المالك كائنا من كان، وهو لا يكاد يقصد الاخراج عن نفسه، لو علم كونه مالكا، والاجازة مع المخالفة، لا تجدى ايضا فيما اعتبر في الصحة من الطيب به بما هو بيع. ومن ذلك انقدح الاشكال في الصورة الاخيرة، حيث انه يلزم من صحة العقد فيها، عدم تبعيته للقصد ايضا، وعدم توقفها على رضى المالك من حيث انه مالك لو لم يجز، بل ولو اجاز لمخالفة المجاز للمنشاء، كما عرفت. فتأمل. جيدا. قوله (ره): (الاول يشرط كونه 1 جامعا لجميع الشروط المعتبرة في تأثيره - الخ -). وذلك ضرورة أن البحث في الفضولي، في ان رضاء اللاحق هل هو كاف، كالمقارن في العقد الجامع لسائر الشروط اولا، فلا اشكال في اعتبارها في الحكم بصحته مع الاجازة، انما الاشكال في ان العبرة باجتماعها حال العقد، أو الاجازة، أو هما، ولا يخفى انه لابد من ملاحظة ادلتها، فربما يختلف بحسب دلالتها، ولا يهمنا بيان ذلك في المقام، لعدم اختصاص ذلك به، وجريانه في غير المقام. قوله (ره): (الا إذا بلغ حدا لا يجوز معه التوكيل - الخ -). لا وجه لهذا الاستثناء، لعدم تخديد في الشرع له، بحيث يجوز التوكيل في غير المعين ما لم يبلغه، ولم إذا بلغه إن كان الجهل في الموكل فيه مانعا عن صحة التوكيل، ونفوذه كان مطلقا مانعا، والا فلا يكون مانعا كذلك،


ص 74 * 1 - وفى المصدر: الاول يشترط فيه كونه جامعا..

[ 75 ]

والظاهر نفوذه فيه مع اطلاقه وتعميه، بحيث يعم أي شئ كان الغير المعين. نعم التوكيل في احدهما بلا تعيين ولا تعميم فاسد، غير نافذ في واحد منهما، وذلك لعدم تعينه واقعا، بخلاف غير المعين، لتعينيه واقعا، فيشار إليه بنحو من الاشارة. قوله (ره): (الا انها في معناها، ولذا يخاطب المجيز 1 بالوفاء - الخ -). يمكن ان يقال: انها وإن كانت في معناه إلا أن التعليق الممنوع، ما إذا كان على ما ليس مما لابد منه، ومن الواضح وقوع العقد مما لابد منه عقلا فيها، مع ان المنع عن التعليق، انما هو بالاجماع، والقدر المتيقن منه التعليق في نفس العقد، لا فيما هو بمعناه، ولعله اشار إليه بامره بالتأمل. قوله (ره): (اما ان يكون المجاز اول عقد وقع على المال - الخ -). محل الكلام، ما إذا كانت العقود مترتبة، واما إذا كانت غير مترتبة من فصول واحد، أو متعدد، فلا يكون الصحيح منها إلا ما اجازه أولا، ولو كان هو العقد الاخير، ومعه لا يبقى مجال للاجازة غيره. نعم يكون لمن انتقل إليه المال، اجازة واحد اخر منها مطلقا على النقل، وخصوص العقد السابق على الكشف، بناء على كفاية كون المجيز جائز التصرف حال الاجازة، والعقد اللاحق عليه مطلقا، فانه جائر التصرف حاله ايضا. فافهم قوله (ره): (فهى ملزمة للعقود السابق، - الخ -). لتوقف صحته على صحتها، فاجازته وامضائه، لا يكاد يكون الا باجازتها وامضائها، والا لكانت لغوا، فهى موجبة لصحة الاول فالاول، إلى أن تصل النوبة إلى المجاز، وهذا على الكشف لا اشكال فيه، واما على النقل، فيشكل بان المجيز لم يكن بجائز التصرف اصلا، لاحال العقد، ولا حال الاجازة فيها، إلا العقد الاول على نفس ماله، فلابد عليه من اجازة اللاحق بعد احازة السابق، فتأمل جيدا.


ص 75 * 1 - وفى المصدر:..... يخاطب المجيز بعدها بالوفاء.

[ 76 ]

قوله (ره): (وللعقود اللاحقة إذا وقعت على المعوض - الخ -). فانه بالاجازة صار ملكا لبايعه على الكشف، فوقع البيع عنه في حال ملكه، وعلى النقل تبنى صحته على صحة بيع من باع ثم ملك بالاجازة أو بدونها، كما تقدم. وبالجملة كلما كانت صحة اجازة عقد متوفقة على صحة ما يترتب عليه من العقود السابقة، أو منقحة لوقوع ما يترتب عليه من العقود اللاحقة من الاصيل، فهى موجبة لصحتها ايضا، وما ليس بذا، ولا بذاك منها، فلا يكون مصححة له، كما لا يخفى. فتأمل، كى لا يختلط عليك الامر. قوله (ره): (كان اجازة وسط فسخا لما قبله، واجازة لما بعده - الخ -). اما كونها فسخلما قبله، فلتوقف صحته المجاز على بطلانه، فتصحيحه بالاجازة، يلازم فسخه وإبطاله، واما كونها اجازة لما بعده، أي مصححة له فلكونها متضحة، لوقوعه عن الاصيل بناء على الكشف، واما على النقل، فمبنى على مسألة (من باع ثم ملك). فتأمل جيدا. قوله (ره): (وان وقعت من شخص واحد انعكس الامر - الخ -). أي ان وقعت العقود على مال المجيز ببدله وعوضه، ولا خصوص شخصه، انعكس الامر في الجلمة، لا كليا، وذلك لانها وان كانت مصححة لما قبله، الا انها لتوقف صحته على صحته، وليست فسخا لما بعده، بل يكون موقوفا على اجازته، على الكشف، وكذا على النقل، بناء على كفاية جواز التصرف في مال الاجازة. قوله (ره): (وإذا تحقق الرد، انكشف كون ذلك تسليطا من المشترى على ماله - الخ -). لكنه يشكل بانه، وان انكشف كونه تسليطا من المشترى على ماله، الا انه بناء على الكشف غير نافذ، لكون تصرفاته فيه غير جائزة، كما تقدم، إلا ان يقال: إنها وان لم تكن جائزة، الا انها نافذة مع الرد فتأمل.


[ 77 ]

قوله (ره): (نعم يمكن ان يقال: حكم الاصحاب بعدم استراد الثمن - الخ -). حاصله منع كون التسليط علة تامة، بل تأثيره مشروط برد مالك المبيع، كما يمكن ان يقال: انه بالعقد الفضولي ملك ان يملك الثمن، فهو مانع عن تأثيره، ما لم يقع من العين بالرد، فافهم. قوله (ره): (وجب الاقتصار على المتقين - الخ -). بل المتيقن من حكمهم ان التسليط مع العلم بالغصب، موجب لعدم الضمان مطلقا، ولو اتلف، وهو ليس على خلاف القاعدة، فان دليل الضمان، مثل (على اليد) 1 و (من اتلف) 2 منصرف عما إذا سلطه المالك عليه بالتصرف ولو بالاتلاف، ولو كان بعوض مال الغير، وعدم التضمين اعم من التمليك، فافهم. قوله (ره): (وشبه ذلك مما هو صريح في الرد - الخ -). أو ظاهر فيه فان العبرة، انما هو بالرد والظهور حجة عليه، ومع احرازه بالحجة، لا يبقى مجال، لاصالة بقاء القابلية، لان اجماع، انما يكون على ارتفاع القابلية بالرد، وهكذا لو كان وجهه ان العقد بعد الرد، لا يضاف بالاجازة إلى المالك المجيز، ولا يبعد ان يكون مراده من الصريح ما يعم الظاهر. فتأمل. قوله (ره): (وكذا حصل بكل فعل مخرج له عن ملكه بالنقل أو الاتلف - الخ -). لا ريب في ذلك في الجملة على النقل، فانه خرج قبل الاجازة عن ملكه وصار لغيره نعم ربما يشكل في مثلا الاتلاف، فانه لا ينافى الاجازة، غاية الامر يتنزل إلى البذل من المثل أو القيمة، كما في الفسخ بالخيار، وفى


ص 77 * 1 - وهى قاعدة: على اليد ما اخذت حتى تؤدى، المأخوذة من الروايات (المستدرك 3 / 145). 2 وهى قاعدة: من اتلف مال الغير فهو له ضامن، المأخوذة من الروايات (في معناها روايات مختلفة في الديات والشهادات والاجارة وغيرها وهذه العبارة لم توجد بعينها في رواية).

[ 78 ]

صورة تلف العوضين، أو احدهما، الا إذا تشبث بذيل الاجماع على اعتبار بقاء العوضيين هيهنا ان تم، لكنه وبعيد، واما على الكشف فمجرد نقله عن ملكه لا ينافى صحة المجاز، نعم صحته ينافيها، فلابد في حصول الردبه من اثبات صحته، والا فمن الممكن، كشف صحة المجازو فساده، ولا دليل على الصحة إلا الاجماع ان تم، ومن هنا ظهر حال مثل التلف أو الاتلاف على الكشف. فتأمل. قوله (ره): (الا انه مخرج له عن قابلية وقوع الاجازة - الخ -). هذا على الكشف دون النقل، ضرورة انه غير مخرج له عن وقوع الاجازة من حينها، إذ لا منافات بين صحة عقد الاجازة منه، وصحة المجاز من حينها، غاية الامر لزوم كون المبيع مسلوب المنفعة في مدتها، وهو لا يوجب الا الخيار في بعض الصور، وهكذا الحال في تزويج الامة، فافهم. قوله (ره): (وحيث لا سبيل إلى الاخيرين - الخ -). يمكن ان يقال: انه وان لم يكن سبيل إلى الابطال، لعدم دليل عليه، إلا ان وقوع المنافى الاخر على غير وجهه، بان يقع المجاز لا من حينه، بل من حين انقضاء مدة الاجارة مما إليه سبيل، فان العقد بالاجازة انما يؤثر من زمان لا مانع عن تأثيره، كما اسفله - ره - في مقام التفصى عن اشكالات تأثير الاجازة في مثله ممن باع ثم ملك مرارا. قوله (ره): (نعم لو انتفع المالك بها قبل الاجازة - الخ -). ربما يشكل بان وجه منافاة مثل البيع قبل الاجازة، يعم مثل السكنى، وذلك لما عرفت ان صحة البيع، ينافى صحة العقد لا نفسه ولم يكن وجه لصحته إلا الاجماع على نفوذ تصرفات المالك قبل الاجازة، وانها كتصرفات سائر الملاك، ومنها سكناه، فلا اجرة عليه، كما لا يخفى، فلا وجه لاثبات الاجرة على مثلها، فإذا لم يكن عليه اجرة، فكانت منه كذلك منافية لصحة المجاز على الكشف، ثم لا يخفى انه لا يوجب ذلك عدم نفوذ الاجازة على الكشف رأسا، لاجل تحقق هذا المعنى، أي كون تصرفه، كتصرفه سائر الملاك، وكتصرفه قبل العقد من الفضول، فان منافات التصرفات، لصحته


[ 79 ]

ونفوذه من المجيز لنفوذه الاجارة، لا يستلزم عدم نفوذها بدون التصرف، فافهم. قوله (ره): (كتعريض المبيع للبيع ان البيع الفاسدة 1 - الخ -). لا ريب في ان ليست بحكم الرد إذا لم يكن عن إلتفات، وكذا معه إذا كان بقصد الاختيار، وانه يشترى بأزيد مما بيع فضولا ليبيع، والا اجاز، واما بقصد الاعراض عنه، فان كان المنشأ في رفع القابلية بالرد، هو الاجماع على ذلك، فالقدر المتيقن منه الرد القولى، وان كان هو ارتفاع قابلية العقد، لان يضاف إلى المالك بعده بالاجازة عرفا، فالظاهر عدم التفاوت بينه وبين الرد الفعلى في ذلك عند اهل العرف قطعا، ولا يبعد ان لا يكون مدرك للاجماع لو كان الا هذا، والا فمن البعيد جدا في مثل المقام، ان يكون من مدرك اخر تعبدي على خلاف القاعدة فتأمل جدا. قوله (ره): (فان تملكه البايع قبله، يلزم فوات محل الاجازة - الخ -). قد عرفت ان فوات محل الاجازة بذلك، انما هو على النقل لا على الكشف، ولعله المشهور بين الاصحاب، فلا يلزم من القول به على النقل مخالفة المشهور، ولعله اشار إليه بامره بالتأمل. قوله (ره): (ووجه كما صرح به بعضهم كالحلي، والعلامة، وغيرهما ويظهر من اخيرين 2 انه سلطة على ماله بلا عوض - الخ -). ومع التسليط كذلك، لا يعمه دليل الضمان والاتلاف، مثل (على اليد) 3 و (من اتلف) 4 كما عرفت، والا فدعوى تخصيصه بفحوى ما دل على عدم ضمان من استامنه المالك، ممنوعة، لعدم تنقيح ما هو المناط في


ص 79 * 1 - وفى المصدر: كتعريض المبيع والبيع الفاسد. 2 - وفى المصدر ووجهه. ويظهر من آخر ايضا انه سلطة على ماله... 3 - وهى قاعدة: على إليه ما اخذت حتى تؤدى، المأخوذة من الروايات (المستدرك - 3 / 145). 4 - وهى قاعدة: من اتلف مال الغير فهو له ضامن، المأخوذة من الروايات (في الديات - والاجارة والشهادات وغيرها).

[ 80 ]

باب الاستيمان، كى يرى تحققه في هذا الباب بطريق اولى، كما لا يخفى. لا يقال: هذا إذا سلط البايع، وما سلط الا على ملكه في الحقيقة، وقد عرفت انه انما مالك المالك، غاية الامر انه والبايع وقد بينا على مالكية البايع. فانه يقال، التسليط ليس من الامور الاعتبارية الانشائية، كالتمليك يتبع القصد، والبناء، بل من الامور الخارجية، ولا شبهة انه قد سلط شخصه ونفسه، ولو بعنوان انه المالك، ولم يسلط من هو المالك اصلا، وهذا واضح. قوله (ره): (نعم لو كان فساد العقد لعدم قبول العوض للملك - الخ -). هذا على اطلاقه مشكل، وانما يتم فيما لا يقبل الملكية عرفا وشرعا، دون ما يكون ملكا عرفا، فان التسليط ليس بمجانى حينئذ، كى يمكن الحكم بعدم الضمان، بتقريب قدمر، وعدم امضاء الشارع لماليته وملكيته، لا يستلزم كون التسليط من المالك بلا عوض. فتدبر. قوله (ره): (وبالجملة فالظاهر عدم الخلاف في المسألة للغرور - الخ -). وقد ذكر لقاعدة الغرور وجوه (احدها) الخبر المرسل المعروف وهو " ان الغرور يرجع إلى من غره " 1 (وثانيها) دعوى الاجماع محصلا ومنقولا. (ثالثها) ان المغرور وان كان مباشر اللاتلاف، الا انه ضعيف، والسبب وهو الغار اقوى. (رابعها) قاعدة الضرر والضرار 2، لوضوح كون الغار سبب لضرر المغرور، حيث ان ظاهر نفى الضرر، ان من اوجب الضرر فهو ضامن له. قيل كما دل عليه خبر " من اضر بطريق المسلمين فهو ضامن " 3.


ص 80 * 1 - الجواهر -. 37 / 145 (كتاب الغصب). صرح بعض الاعاظم في هامش الجواهر بانا لم نعثر هذا النص من احد المعصومين (ع) وان حكى عن المحقق الثاني (ره) في حاشية - الارشاد انه نسب إلى النبي صلى الله عليه وآله، والظاهر انه قاعدة مستفادة من عدة روايات وردت بعضها في التدليس. 2 - المستفاد من الروايات المذكورة في وسائل الشيعة: 17 / 340 - ب 12. 3 - وسائل الشيعة: 19 / 181 - ب 9 - ح 2.

[ 81 ]

قلت: لا يخفى ان الخبر لا يصلج للاستاد إليه، لضعفه، والارسال، ودعوى الانجبار بالاشتهار، وان لم يوجد في كتب الاخبار، وكون مضمونه متفق عليه بن اصحابنا الاخيار، قابلة للمنع، لعدم احراز استنادهم إليه، بل إلى قاعدة كون السبب اقوى، أو الضرر والضرار، كما لا يخفى. ثم لو سلم انجباره به، فالظاهر اعتبار العلم في الغار عند اطلاق نسبته إليه، كما في الخبر، لو لم نقل باعتباره في حقيقته، وكان مثل نسبه الغرور إلى مثل الدين بنحو من العناية، كما لا شبهة في اعتبار جهل الغرور فيها، وعليه يختص بما إذا علم البايع بالحال، بل مع علمه بجهالة المشترى، أو احتماله لها، إذا بدون ذلك لم يكن الغرور منه، وهو ظاهر النسبة. ومنه قد انقدح ان الغرور، غير الغرر، بمعنى الخطر المنهى عنه مط، أو عن بيع الغرر في الخبر، كما يوهمه كلامه رفع مقامه، فافهم. وان دعوى الاجماع في مثل المسألة، ممنوعة لاحتمال ان يكون الاتفاق لو سلم لاجل قاعدة الضرر، أو كون السبب اقوى، أو اختلاف المتفقين في الاستناد، وان المباشر هيهنا يكون اقوى، وانما يكون السبب اقوى، فيما كان المباشر كالآلة، لا فيما إذا استقل وعمل بدواعيه، كما في المقام، والا لما حكم بضمانه اصلا، مع انه لا اشكال فيه، وانما الكلام في قراره عليه، وان قاعدة الضرر والضرار، انما بمقتضى رفع حكم الضرر، وعدم ضمان المغرور اصلا، ولا كلام هيهنا في ضمانه، وانما الكلام كما عرفت، في قراره عليه، أو على الغار، ولا تقتضي تداركه بعد تخصيصها بورود الضرر على الاخر، للزومه تخصيص اخر بلا مخصص، فتدبر، ومن هنا ظهر ما في استدلال، لقرار الضمان هيهنا ابتداء بقاعدة نفى الضرر، واما لو كان المراد، الاستدلال بنفى الضرر على القاعدة، بتقريب ان الضرار، هو الاضرار بالغير، والغار قد اضر المغرور، بايقاعه في ضرر الضمان، ففيه مضافا إلى منع كون الضرار، هو الاضرار، انه لو سلم، فانما يكون فيما اوقعه في ضرر، لا فيما إذا اوقعه حكم شرعا عليه بالضرر، كالضمان فيما نحن فيه، وذلك لوضوح انه ما اضره، غايته انه لولا فعل الغار،


[ 82 ]

لما اختار المغرور ما حكم عليه الشارع بالضرر، وهذا المقدار، لا يصح اسناد الاضرار ولو تسبيبا، الا بالمسامحة. ومن هنا ظهر عدم صحة الاسناد في الحكم بالضمان بمثل " من اتلف " 1 أو " من اضر " 2، فظهر انه لا مستند لقاعدة، الغرور، الا الخبر إذا انجبر، ولا يبعد جبره بعمل الاصحاب، فافهم لا يزالون يتمسكون بقاعدة الغرور، على وجه يعلم انه لا مستند اخر من قاعدة الضرر لهم، ونحوها غيرها، فيحصل الوثوق بمضمونه، وهو كاف في جبره، كما ظهر انه لا وجه للضمان غيرها، فلابد من الاقتصار في الحكم بالضمان، على مورد صدق انه غره، كما عرفت. قوله (ره): (لو اتلف لغفلة رجع، لكونه سببا لتنجز الضمان على السابق - الخ -). أي البايع هينها، والنكتة في العدول، هي الاشارة إلى عدم اختصاص ذلك بالبايع، بل كل ضامن سابق، ووجه رجوع البايع عليه في هذه الصورة، انه صار باتلافه سببا لفعلية خسارته بالمثل أو القيمة، وإلا كان نفس الضمان والعهدة منجز الحصول، وسببه هو اليد. نعم من آثاره انه لو تلف يكون خسارته بيدله عليه، فافهم. قوله (ره): (قلت لو صح ذلك يحتاج إلى الكشف عن كيفية اشتغال ذمة كل من اليدين - الخ -). والتحقيق ان يقال: ان قضية " على اليد " ليس الا كون المأخوذ في تعاقب الايدى العارية، في عهدة كل واحدة منها عينا، كما إذا كانت وحدها، وهى ليست الا اعتبار خاص عقلائي له منشاء مخصوص، وله آثار


ص 82 * 1 - وهو قوله (ع): " من اتلف مال الغير فهو له ضامن ". ولكن هذه العبارة لم توجد في أي - رواية مما وردت في كتب الفريقين، كما اعترف به غير واحد. ومن المحتمل قويا انها قاعدة - مصطادة من الروايات الكثيرة الواردة خاصة في ابواب الديات والشهادات والاجارة وغيرها، بحيث يعلم بالغاء الخصوصية عنها. 2 - وسائل الشيعة: 19 / 181 - ب 9 - ح 2.

[ 83 ]

خاصة، من وجوب رد العين عينا لو كانت اليد واحدة، وكفائيا لو كانت متعددة، ووجوب التدارك بالبدل مع تعذر ردها، أو تلفها من دون اشتغال الذمة به اصلا، لا حال التمكن من الرد، كما هو واضح، ولا حال التعذر، أو التلف، وذلك لبقاء ضمان العين وعهدتها، لعدم مجئ الغاية، وهى التأدية، ولذا يجب في صورة التعذر، لو تدارك رد مع التلف، لو اتفق على خلاف العادة، تمكنه من ردها، ومعه لا وجه، ولا سبب لاشتغال الذمة ببدلها، كما لا يخفى، كى يلزم اشتغال ذمة المتعدد ببدل واحد المستلزم لكون المتعدد بدلا عن الواحد، ولا يكاد يكون بدل الواحد، الا الواحد، واما كون الواحد في عهدة المتعدد، بحيث يجب على كل واحد كفائيا، رده إلى مالكه، وتخيير المالك في الرجوع إلى الكل، فهو بمكان من الامكان، كما هو قضية (على اليد). واما حديث جواز رجوع اليد السابقة إلى اللاحقة لو رجع إليها المالك، المستلزم لكون قرار ضمان التالف على من تلف عنده، مع المساوات فيها هو سبب الضمان، فهو ايضا من آثار حدوث سبب ضمان ما كان، في ضمان الاخر، لو احد آخر، واحكامه عند العرف، ويؤيد الاعتبار، ولم يردع عنه في الاخبار، فلابد من الا تلزام به شرعا، كما هو الحال في جل احكام الضمان، حيث انه لا وجه له إلا الثبوت عرفا، وعدم الردع عنه شرعا، وكشف ذلك عن امضاء الشارع، فيما إذا اطلق دليل الضمان، فتدبر جيدا، وقد انقدح بذلك ما في كلامه من مواضع النظر، كما يشير إليه. قوله (ره): (كون عهدتا ودركها بعد التلف عليه الخ -). قد عرفت ان الضمان والعهدة، واعتبار عقلائي، من آثاره، كون دركها وخسارتها بعد التلف، على اليد، كا ان خسارتها عليها قبل التلف، مع تعذر الرد ببدل الحيلولة، ووجوب الرد مع عدم التعذر، من آثاره، فلا وجه اصلا لتفسير الضمان المستفاد من على اليد بها، كما لا يخفى، ومنه ظهر حال تفسيره، بثبوت الشئ الواحد في العهدات، مع ما فيه ايضا من اخذ لزوم الخروج عن العهدة في تفسير ثبوت العهدة. فيقال: ما معنى العهدة


[ 84 ]

الثابتة التى يجب الخروج عنها، والخروج فرع الثبوت، ولا يكاد ان يكون هو الخروج، فضلا عن لزومه، وتفسير الشئ ببعض خواصه، واحكامه، وان كان مما لا بأس به، الا انه إذا لم يكن بهذا التعبير، كما لا يخفى على الخبير. قوله (ره): (فهو يملك ما في ذمة كل منهم على البدل - الخ -). قد عرفت انه لا وجه، ولا سبب لاشتغال ذمة الضامن بالبدل اصل، بل ضمانه للعين باق ما لم يحصل غايته، ووجوب دفع البدل مع التلف، ليس إلا كوجوب دفعه، مع عدم تعذر دفع العين، ووجوب دفعها، مع عدم التعذر من احكامه. قوله (ره): (فنقول ان الوجه في رجوعه، هو ان السابق اشتغل ذمته - الخ -). فيه ما عرفت ان اشتغال الذمة لو كان، لكان بعد تلف العين، واللاحق انما ضمنها قبل تلفها، فلم يحصل له الا سبب ضمان نفس العين عينا، ولم يحدث بعد سبب ضمان اخر لها ولبدلها على البدل، وثبوته على السابق معلقا على تلفها خين ضمان اللاحق لها، لا يوجب ضمانه مطلقا له، ولمبدله على البدل، لعدم ثبوته على السابق في زمانه، هذا، مع ان اشتغال ذمة السابق بالبدل فعلا، لا يقتضى ان يكون مجرد حدوث سبب ضمان العين اللاحق عينا، موجبا لضمان واحد من العين، والبدل على البدل، ولا محذور اصلا في خروجه، لولاه على البدلية، بحسب حكم ضمان العين على اللاحق، بل لا محيص عنه، لاختصاص السبب بضمانها، وانما المحذور، خروجه عنها مطلقا، ولو بحسب ما على السابق، وهو غير لازم، كما لا يخفى. نعم لو كان هناك دليل عليها، كذلك الحكم بالضمان على البدل، إلا انه لا للزوم الحلف لولاه، كما ذكره بل، للدليل، فافهم. وقد عرفت ان الوجه في ذلك، ضمانه ما كان في ضمان الاخر وعهدته، وقضيته مثل هذا الضمان، بحسب الاعتبار، وعند هل العرف، هو رجوع السابق إلى اللاحق، لو رجع إليه المالك.


[ 85 ]

قوله (ره): (مع انه لا يكاد يعرف خلاف من احد كون كل من ذوى الايدى مشغول الذمة - الخ -). بل الذى لا ريب فيه، ولا شبهة تعتريه، كون كل واحد منهم ضامن، وعليه العهدة في حالتى بقاء العين، وتلفها، والضمان ايضا كما عرفت، وضع ليستتبع التكليف، وباق إلى ان يؤدى العين، والاجبار على دفع البدل، أو الدفع عنه، وتقديمه على الوصايا، من الآثار المشترك فيها الدين والضمان، فلا شهادة لها على الاشتغال. ثم لا يخفى ان تفسير العهدة بالتكليف فيما تقدم، ينافى تشديده النكير على هذا القائل. فتأمل جيدا. قوله (ره): (نعم ليس للمالك اخذ مؤنة الاسترداد ليباشر نفسه - الخ -). فانه ليس عليه الا الرد، وله اختيار ما شاء من افراده، نعم لا يبعد تعين مباشرة المالك بالمؤنة لو لم يرض بتصرف الغير بالحمل والنقل، لانه تصرف فيه بغير رضاه، بلا الجأ إليه، لكنه إذا لم يجحف في المؤنة، وإلا لم يتعين عليه الدفع إليه، لقاعدة نفى الضرر، المحكمة على قاعدة عدم جواز التصرف في مال الغير بدون اذنه، وغيرهما من القواعد. قوله (ره): (أو ينزل منزلة التعذر، فيغرم بدل الحيلولة - الخ -). لا وجه للتنزيل ما دام إلى رد العين بحسب المتعارف، أو استردادها، سبيل فان دليل بدل الحيلولة، ليس إلا أنه قضية الضمان عرفا، والقدر المتيقن منه، ليس الا ما إذا تعذر رد العين، واستردادها، دون ما إذا تمكن الضامن من الرد، ولو باجرة، أو المالك من الاسترداد و قوله (ره): (نعم لولا النص والاجماع، امكن المناقشة فيه، بما سيجئ في بيع ما يملك وما لا يملك - الخ -). بل لولا ان الصحة في المسألتين على طبق القاعدة، لامكن المناقشة، في النص، بانه لا عموم فيه، ولا اطلاق، بل حكم في واقعة، وفى الاجماع، بانه يمكن ذهاب جل المحققين، لولا الكل، إلى الصحة بناء منهم انها على القاعدة، فلا مجال مع هذا الاجتمال لتحصيله، ولا يبقى وثوق بنقله، فلا محيص للقابل بالصحة عن دفع ما سيجئ من المناقشة،


[ 86 ]

وحاصلها، ان الصحة في البعض على خلاف ما تراضيا وتعاقدا عليه من المجموع، كما ان التراضي والتعاقد على المشروط، غير التراضي والتعاقد عليه، مع فساد الشرط. والتحقيق في دفعها ان يقال: ان العرض والقصد الذى دعى إلى التعاقد وان تخلف، حيث انه بتمليك تمام الجملة، ولم يمض في غير الملك لهما، الا أن التعاقد على تمليك الجملة، تعاقد على تمليك كل بعض من ابعاضها، لانها ليست الا نفس الابعاض بالاسر، فيكون التعاقد علي تمليكها في الحقيقة تعاقد على تمليك كل من الابعاض بازاء ما يحازيها من الثمن، وعدم امضاء تمليك بعض منها، ليس بضائر بتبعية العقود للقصود، لو قيل بالنفوذ في الباقي لما عرفت من كون التمليك بازاء ما تخصه من الثمن مقصودا، وانما يضر لو كان تمليك كل بعض مقيدا بتمليك الباقي، كما في باب الشروط، ولا يكاد يكون هيهنا تقييد، والا لكان مع كل شئ بيعا شرطا، كما في ذاك الباب، وهو واضح البطلان، كما يشهد به الوجدان. والتراضي المعتبر في الصحة، ليس الا ان يكون تعاقدهما بصرافة طبع المتعاقدين، قبالا لما إذا تعاقدا إجبارا، أو اكراها، وقد تعاقدا هكذا، وان لم ينفذ عقدهما في غير مالهما. ومن ذلك ظهر الفرق بين فساد الشرط وفساد الجزء وليس عسرا، كما حكى عن جامع المقاصد. ان قلت: هب ذلك، ولكن التبعيض يستلزم الجهالة في الثمن فيما يسلم، والعلم به معتبر في صحة البيع. قلت: مع ان التبعيض لا يستلزمه دائما، بل ربما يوجبه احيانا، ان المعتبر، هو العلم بما تعاقدا عليه من الثمن والمثمن، لا ما انحل إليه العقد، لعدم امضاء الشارع فيما لا يملكه البايع، أو المشترى فلا مانع عن عموم ادلة نفوذ البيع فيما يملكها، كما لا يخفى. ان قلت: على هذا لا وجه لكون تبعض الصفقة، موجبا للخيار، مع انه من اسبابه عند المشهور، حيث انه ليس فيه إلا تخلف الداعي، تخلفه لا يوجبه. قلت: وجهه انه عقد واحد لم يسلم في تمام مضمونه، فالالتزام به


[ 87 ]

فيما يسلم ضرر، وعلى خلاف الفرض، فقاعدة نفى الضرر، يقتضى جبره برفع لزومه، وثبوت الخيار فيه، فالسبب عدم سلامة العقد في تمام ما وقع عليه، لا تخلف ما يدعوا إليه، فتأمل في المقام، فانه من مزال الاقدام للاعلام. قوله (ره): (اما تعارض ظاهر النصف، اعني الحصة المشاعة - الخ -). ظهوره فيه بملاحظة اطلاقه وعدم تخصيصه، بالاضافة إلى نفسه، أو شريكه، بل يكون حاله، حال لفظ الكل المضاف إلى الدار، فكما ان بلحاظ حال طرو الشركة، وسائر الحالات، فكذا يكون بلحاظها عند اطلاقه، والا فلا ظهوره له في معنى مبهم، قابل للانحاء من التعينات. فافهم. قوله (ره): (والكل خلاف المفروض هنا - الخ -). وعليه فيتعين في ارادة نصفه المختص به بلا مزاحمة، لظهور النصف في المشترك، لما عرفت، من ان ظهوره فيه، انما كان بالاطلاق، ومقدمات الحكمة، ولا يكاد يتم معه، مع انه - ره - بنى على تقديم ظهور الفعل في الاختصاص على ظهور متعلقه في العموم في باب الاستصحاب في مقام بيان معنى " لا تنقض اليقين " في اخبار الباب 1، ومن ذلك ظهر ان قياس ما نحن فيه على بعت غانما ليس قياسا مع الفارق، لكنه عرفت فيما سلف انه ليس نية واحد، مما ذكره - قدس سره - مما لابد في بيع مال الغير. فافهم. قوله (ره): (فهل هو كالأجنبي؟ وجهان مبنيان على ان المعارض - الخ -). فان كان المعارض، هو الاول، ففيه الاحتمالان، كالأجنبي، وان هو الثاني، فلا يكون إلا إحتمال واحد، لعدم صلاحيته للمعارضة، وذلك لتبعية ظهور الفعل، لظهور ما يتقيد به من متعلقاته، ولكنه على خلاف ما افاده، في بيان معنى " لا تنقض " في باب الاستصحاب، كما اشرنا إليه، من تبعية المتعلق في الظهور، وفى العموم والخصوص، لظهور الفعل المتعلق به، والصواب اختلافهما في التبعية، بحسب اختلاف المقامات، فلابد في كل


ص 87 * 1 - وسائل الشيعة: 5 / 321 - ب 10 - ح 3.

[ 88 ]

مقام من ملاحظة الخصوصيات، والحكم بها لاحدهما، مع الترجيح، والجزم بظهور الجملة بحسب متفاهم العرف فيه، والتوقف مع عدمه والبناء على اجماله. قوله (ره): (لانه عقد على ما يملكه - الخ -). بل عقد على ما يعمه، وما يملكه غيره، فصرفه إليه من دون صارف، لا وجه له، كصرفه إلى غيره، ولا يمكن ان يجعل الصارف، ظهور انشاء البيع في البيع لنفسه، إذا المفروض انه لم يقصد الا مدلول اللفظ من غير ملاحظة وقوعه عنه، أو عن غيره، فالحكم بوقوع البيع عنه تحكم، ولا يقاس على الحكم باستحقاق الزوج بالطلاق، النصف الباقي من الصداق، لكفاية انطباق نصف ما فرضتم عليه، وعدم كفاية مجرد الانطباق في الحكم بالوقوع عنه في باب العقود التبعيها للقصود، فلابد في بيع الكلى مطلقا، من التعيين، باضافته إلى نفسه أو غيره الا أن يكون معينا في الكلى الخارجي الذى كان جزء مما هو بتمامه ملكه، كالصاع من صبرة مملكوة له، فتأمل جيدا. قوله (ره): (ونظيره في ظهور المنافات لما هنا - الخ -). اشارة إلى ما ذكره - ره - من منع ظهور النصف، الا في الكلى الصادق على نصفه، الموجب لصرف البيع إلى نفسه، وان صرفه إلى غيره من دون صارف، لا وجه له على ما افاده، حيث انهم في باب الصلح ما صرفوا الصلح إلى نفس المصالح، بل صرفوا إليه، والى شريكه مع اجازته، وصرفوا إلى نفسه في خصوص الربع بدونها، ووجه ان الصلح انما وقع على ما اقربه، والمقربه هي الحصة الخارجية التى تكون مورد العروض، ملك المصالح وشريكه، فلا محيص عن الصرف إليها مع الاجازة، واليه في خصوص الربع بدونها. نعم لا يبعد صرفه إلى نفسه في تمام نصفه المقربه، لو لم يكن الصلح على المقربه، بل على النصف الظاهر، بقرينة ظهور انشائه الصلح في الصلح لنفسه في ماله، فلا وجه لما وجهه - ره - عليهم بقوله: " لانه ان اوقع الصلح - إلى آخره - "، مع ما فيه من الخلل بحسب نظم الكلام على ما لا يخفى على ذوى الافهام، وقد عرفت انه لا ضابط في المقام، بل لابد من رعاية


[ 89 ]

الخصوصيات في كل مقام. قوله (ره): (دفع المقر له نصف ما في يده - الخ -). قضيته الاشاعة والشركة حسب اعتراف المقر، ان يكون ما في تحت يده من النصف بين الثلاثة، كما كان الاخر الذى يكون في يد الاخرى، فيكون للمقر له بحسب اعترافه، نصف ماله لولا اعترافه مما في يده ويد الاخر، لا نصف ما في يده، فافهم. قوله (ره): (ويمكن دفعه بان اللازم هو العلم بثمن المجموع الذى قصد إلى نقبه - الخ -). يمكن ان يقال: انما يكفى هذا فيما صح عرفا بذل الثمن بازائه، كالخمر، والخنزير، حتى كان الثمن والمثمن معينين، بحسب ما هو البيع العرفي. بخلاف ماذا لم يصح، فان الثمن بحسبه ايضا مجهول، الا ان يدعى كفاية التعلن في الصيغة، وقد ينقدح من ذلك اشكال اخر، وهو انه لا يكاد يتأتى في هذه الصورة منهما القصد الجدى إلى التمليك والتملك، ولابد منه في العقد، وان لم يكن بمعتبر في انشائه. اللهم الا ان يقال، انما يعتبر القصد فيما يكون الانشاء بالاضافة إليه عقد، أو لا يكون عقدا، الا فيما يقبل التمليك، وقد قصده بالجد والتوسل بانشائه إليه. فتدبر. قوله (ره): (مع انه لو تم ما ذكر، لاقتضى صرف مجموع الثمن إلى المملوك لا البطلان - الخ -). فيه انه لا وجه لصرف مجموعه إليه، بعد انه جعل في الانشاء بازائه وازاء غيره، فان علم المشترى بعدم وقوع شئ منه شرعا، بل ولا عرفا بازاء ما لا يقبل الملكية، لا يقتضى جعله بتمامه بازاء ما يقبل، كيف وقد جعله حسب الفرض بازائهما. فتدبر جيدا. قوله (ره): (والمشهور عدم اعتبار العدالة للاصل - الخ -). لا يخفى ان قضية الاصل اعتبارها، لاصالة عدم نفوذ تصرفهما في مال الطفل، كما ان الاصل عدم ثبوت الولاية لهما المستتبعة لنفوذ تصرفهما، فانهما من الاعتبارات المصححة العقلائية التى تكون مستتبعة لاثار تكليفية


[ 90 ]

ووضعية، ومنها اباحة التصرف في مال الغير بدون اذنه الذى لولاها، كان غير جائز، للاطلاق " لا يجوز لاحد التصرف في مال غيره بدون اذنه 1 ". نعم لو كانا عادلين، وعرض الفسق، فشك في بقاء ولايتهما، ونفوذ تصرفهما، فاستصحاب الولاية يقتضى نفوذ تصرفهما. قوله (ره): (ويستحيل من حكمة الصانع ان يجعل الفاسق امنيا الخ -). لو سلم هذا، واغمض عما وجهه عليه في محكى جامع المقاصد، انما يتم في غير الاب والجد، فانهما في الحقيقة ما جعلا امنيا على مال الغير، بل على مال من كان هو وماله، مالا لهما، كما في غير واحد من الاخبار 2، ويساعده الاعتبار، كما لا يخفى على ذوى الابصار. قوله (ره): (ولعله اراد بنص القرآن، آية الركون إلى الظالم 3 - الخ -). وتقريب دلالتها انه تبارك وتعالى، إذا لم يرض بركون العباد إلى الظالم، فهو تعالى اولى بعدم الركون إليه، والظالم يعم من عصى ربه وظلم نفسه، كما في " لا ينال عهدي الظالمين 4 ". ويمكن تقريب الدلالة بان قضية حرمة الركون، عدم جواز تسليم مال اليتيم إلى الاب والجد الفاسقين، مع القطع بجوازه على تقدير ولايتهما، بل وجوب التسليم مع مطالبتهما، لكنه يمكن ان يقال: ان ولاية الاب والجد الفاسقين، ليست من باب الركون إلى الظالم، بل لما عرفت من انه من قبيل تسليط المالك على ملكه، فان الطفل وماله، مالا لابيه، فافهم. قوله (ره): (ويشهد للاخير اطلاق ما دل على ان مال الولد للوالد 5 - الخ -).


ص 90 * 1 - وسائل الشيعة: 6 / 376 - ب 3 - ح 6. 2 - كالاخبار الواردة في وسائل الشيعة: 12 / 194 - ب 78. 3 - هود: 113. 4 - البقرة: 124. 5 - وسائل الشيعة: 12 / 194 - ب 78 - ح 8.

[ 91 ]

لا يخفى عدم دلالة هذه الاخبار، على ولايتهما اصلا. كيف، وقد وردت في مورد كبر الولد ورشده، ولا ولاية لهما عليه بلا ريب فيه، فلا بدلها من معنى لا يستلزم الولاية، ويكون محققا في حال الكبر والرشد، وهو انه للوالد مرتبة من الاختصاص، ونحو من الاضافة إلى مال الولد ونفسه، يقتضى جواز اكله من مال بقدر الحاجة، أو مطلقا، غاية الامر دعوى دلالة هذه الاخبار على ملاك، يقتضى ولاية الجد والاب، مع حاحة الولد، لقصوره بعدم البلوغ، أو العقل والرشد إلى الولى، وكمال الاب والجد بحسبهما، ولكنه لا اطلاق فيها يقتضى نفوذ تصرفهما مطلقا، بل لا يكاد يجدى، إلا فيما إذا احرز وجود الشرائط، وفقد الموانع. اللهم إلا ان يقال: بان العرف يفهمون من مثل هذه الاخبار، وان للاب والجد التصرف في مال الولد، مثل تصرفه فيه ونفوذه كنفوذه وليس ببعيد، كما يشهد به استشهاد الامام (عليه السلام) في معنى نكاح الجد بدون اذن الاب، فان البنت واباها للجد 1. فتأمل. قوله (ره): ويدل عليه ما دل على ان الشخص وماله الذى منه مال ابنه لابيه 2 - الخ -). فيه الاشكال، حيث لا دلالة في هذه الاخبار، الاعلى ان الولد وماله حقيقة لوالده، لا مطلقا ولو حكما. نعم في بعض الاخبار 3 تعليل نفوذ نكاح الجد بدون اذن الاب، فان البنت واباها للجد، ولكنه لا دلالة له على ولايته في اموال الطفل، الا بدعوى الملازمة بين ولايته على النكاح وولايته على الاموال، بل الاولوية، والانصاف انه غير بعيد. قوله (ره): (ومن ان مقتضى قوله تعالى " واولوا الارحام 4 " - الخ -).


ص 91 * 1 - وسائل الشيعة: 14 / 219 - ب 11 - ح 8 (بهذا المعنى). 2 - وسائل الشيعة: 14 / 217 - ب 11 - ح 5. 3 - وسائل الشيعة: 14 / 219 - ب 11 - ح 8 (بهذا المعنى). 4 - الانفال: 75.

[ 92 ]

الاولوية في الآية، انما هو في الارث، لا فيما يعم الولاية، والالزم تخصيص كثير، كما لا يخفى على الخبير. قوله (ره) (الولاية يتصور على وجهين، الاول استقلال الولى بالتصرف - الخ -). لا يخفى ان اختلاف متعلق الولاية، لا يوجب اختلافها فيها، ولا ينثلم به وحدتها، وليس نصب المتولي في الموقوفات، والقيم على القاصرين، والاذن في الصلاة على الجنازة التى تكون بلا ولى، الا مثل تصرفه بالمباشرة في البيع والشراء وغيرهما، في ان كلا منها من متعلقاتها، ونفوذه منه لاستقلاله فيها، واما نفوذ استنابته، ليس من شئون ولايته، دائرا مدار سعتها، بل انما يكون دائرا مدار كون الفعل النافذ منه بالمباشرة قابلا للنيابة، ويكون حال الوكالة من الولى، حالها من المالك، أو المتولي، فافهم. قوله (ره): قال الله تعالى: " النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم 1 " - الخ -). في دلالة ما دل من الايات، والروايات الدالة على وجوب الاطاعة، أو حرمة المخالفة على الولاية، نظر، لعدم الملازمة بينهما، كما لا يخفى، لكن في هذه الآية، وما يشابهها من الايات، والروايات الدالة على الولوية كفاية. قوله (ره): (واما العقل القطعي، فالمستقل منه حكمه بوجوب شكر المنعم - الخ -). لا يخفى ان ما ذكره من حكم العقل بقسميه، ولا يثبت به الا وجوب الاطاعة، لا الولاية، فالاولى ان يقال: إن العقل يستقل بنفوذ تصرف اولياء النعم ومنهم الواسطة بين الله تبارك وتعالى، وكافة الامم، في الاموال والانفس، فانهم الولى بهما من الانفس. هذا في العقل المستقل. واما الغير المستقل فبأن يقال: ان الابوة إذا اقتضت الولاية، فالنبوة والامامة يقتضيان لها بطريق اولى، لا عظمية حقهما من حقها، لكن لا يخفى انه لولا القطع بولاية النبي (صلى الله عليه وآله) والامام (عليه السلام) من الآيات والروايات،


ص 92 * 1 - الاحزاب: 6.

[ 93 ]

بل لا يبعد ان يعد من الضروريات، لم يكد يحصل القطع به من قبل العقل، ولعله اشار إليه بامره بالتأمل. قوله (ره): (اما الولاية على الوجه الاول - الخ -). لا يخفى، انه ليس للفقيه في حال الغيبة، ما ليس للامام (عليه السلام) واما ما كان له، فثبوته له، محل الاشكال والكلام في المقام، فلابد هيهنا من البحث اولا فيما له (عليه السلام)، وثانيا في النقض والابرام فيما ذكر دليلا على ثبوته له. فاعلم، انه لا ريب في ولايته في مهام الامور الكلية المتعلقة بالسياسة التى تكون وظيفة من له الرياسة، واما في الامور الجزئية المتعلقة بالاشخاص، كبيع دار، وغيره من التصرف في اموال الناس، ففيه اشكال، مما دل على عدم نفوذ تصرف احد في ملك غيره الا باذنه 1، وانه لا يحل مال الا بطيب نفس مالكه 2، ووضوح ان سيرة النبي (صلى الله عليه وآله) انه يعامل مع اموال الناس، معاملة سائر الناس، ومما دل من الآيات والروايات، على كون النبي (صلى الله عليه وآله) والامام، اولى بالمؤمنين من انفسهم 3. واما ما كان من الاحكام المتعلقة بالاشخاص بسبب خاص، من زواج، وقرابة، ونحوهما، فلا ريب في عدم عموم الولاية له، وان يكون اولى بالارث من القريب، واولى بالازواج من ازواجهم، وآية " النبي اولى بالمؤمنين 3 " انما يدل على اولويته فيما لهم الاختيار، لا فيما لهم من الاحكام تعبدا، وبلا اختيار. بقى الكلام في انه، هل يجب على الناس اتباع اوامر الامام (عليه السلام) والانتهاء بنواهيه مطلقا ولو في غير السياسيات، وغير الاحكام، من الامور العادية، أو يختص بما كان متعلقا بهما؟! فيه اشكال، والقدر المتيقن من الآيات والروايات، وجوب الاطاعة في خصوص ما صدر


ص 93 * 1 - وسائل الشيعة: 6 / 376 - ب 3 - ح 6. 2 - وسائل الشيعة: 3 / 424 - ب 3 - ح 1 (مع تفاوت يسير). 3 - الاحزاب: 6.

[ 94 ]

منهم، من جهة النبوة والامامة. وقد انقدح بذلك، انه لا يلزم تخصيص كثير، أو اكثر، لو نهض الدليل بعمومه واطلاقه، على ثبوت ما للامام (عليه السلام) من الولاية، ووجوب الاطاعة للفقيه، هذا في تعيين ماله (عليه السلام). واماما ذكر دليلا لثبوت الولاية للفقيه، كولايته (عليه السلام)، فاحسنتها دلالة، ما دل على كون الفقيه بمنزلة الانبياء في بنى اسرائيل، وما دل على كون مجارى الامور بيد العلماء. اما المنزلة، فالمتيقن منها انها في تبليغ الاحكام بين الانام، مع عدم ثبوت الولاية المطلقة لانبياء بنى إسرائيل، فتأمل. واما كون مجارى الامور بيد العلماء، وان كان عبارة اخرى عن ولايتهم، الا ان الظاهر من " العلماء بالله الامناء على حلاله وحرامه 1 " هو خصوص الائمة، كما يشهد به سائر فقراته التى سيقت في مقام توبيخ الناس على تفرقهم عنهم (عليه السلام)، حيث انه صار سببا لغصب الخلاقة وزوالها عن ايدى من كانت مجارى الامور بايديهم. والخبر طويل رواه مرسلا عن ابى عبد الله الحسين (عليه السلام) في تحق العقول، فلاحظ تمامه 2، ولا دلالة في كون اولى الناس بالانبياء اعلمهم على الولاية، مع ان الظاهر ان المراد، اولى الناس بالخلافة منهم، ولذا خصصه باعلم الناس ولا في اطلاق الخلافة عليهم، ولا في جعلهم حاكما، ولا قاضيا، لعدم اطلاق في الخلافة، ولعلها في تبليغ الاحكام التى هي من شئون الرسالة، وظهور كونهم حاكما وقاضيا في خصوص رفع الخصومة، كما يشهد ملاحظة المقبولة والمشهورة، ولا في ارجاع الحوادث الواقعة إليهم، في التوقيع الشريف 3، لاحتمال معهودية الحوادث، واشارة إلى خصوص ما ذكره في السؤال، وقوة ان يكون المراد، ارجاع حكم


ص 94 * 1 - تخف العقول: ص 271 (في كلمات الحسين (ع). 2 - تحف العقول: ص 271 (في كلمات الحسين (ع). 3 - وسائل الشيعة: 18 / 101 - ب 11 - ح 9. عن اسحاق بن يعقوب قال: سألت محمد بن عثمان العمرى ان يوصلى لى كتابا وقد سألت

[ 95 ]

الحوادث الواقعة والفروع المتجددة التى ليس منها بخصوصها اثر في الاخبار، ولا لجعلهم حجة من قبله، فان الحجية من قبله غير مستلزم للولاية المطلقة، لعدم ملازمة عقلا، ولا عرفا بين الحجية والولاية، وان علم ولاية حجة الله عجل الله فرجه، كما عرفت، فتأمل جيدا. قوله (ره): (وان لم يعلم ذلك، واحتمل كونه مشروطا في وجوده، أو وجوبه بنظر الفقيه، وجب الرجوع فيه إليه - الخ -). لا شبهة في وجوب الرجوع إليه، فيما احتمل كونه مشروطا في وجوده بحسب اثره الوضعي، لاصالة عدم تأثيره بدونه، لا بحسب اثره التكليفى، لانه ان كان الشك في جوازه بدون اذنه، فقضية اصالة الاباحة، جوازه بدونه، وان كان الشك في موافقته للواجب بدونه، فاصالة البرائة عقلا عنده (ره)، ونقلا عندنا، مقتضية للاقتصار عليه، وعدم وجوب الرجوع فيه إلى الفقيه، فانقدح بذلك انه لا وجه لوجوب الرجوع إليه، فيما احتمل كونه مشروطا في وجوبه ايضا. وبالجملة، انما يجب الروجوع فيما شك في تأثيره بدونه، سواء كان الاثر مما يجب تحصيله بالتسبيب، اولا، للاصل، وفى غيره لا يجب، لاصالة البرائة، أو الجواز، فلا تغفل. قوله (ره): (ومرجع هذا إلى الشك في كون المطلوب 1 وجوده - الخ -). بل ومرجعه إلى الشك في كون المطلوب وجوده مطلقا، أو في زمان الحضور، واما إذا علم بوجوبه فإن شك في اعتبار صدوره من خاص، فقيها كان أو غيره، فالواجب عليه، اتيانه، لعلمه بوجوبه عليه عينا أو كفاية، ولا اصل عدم وجوبه على غيره، وان شك في اعتبار نظر شخص


ص 95 * فيه عن مسائل اشكلت على، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) اما ما - سألت عنه ارشدك الله وثبتك - إلى ان قال: واما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة - حديثنا، فانهم حجتى عليكم وانا حجة الله. واما محمد بن عثمان العمرى فرضى الله عنه - وعن ابيه من قبل، فانه ثقتى وكتابه كتابي. 1 - وفى المصدر: في كون المطلوب مطلق وجوده.

[ 96 ]

خاص، واذنه في صدوره من أي شخص كان، فاصالة البرائة عقلا أو نقلا، يقتضى عدم اعتباره، كفاية صدروه من الفقيه غيره. قوله (ره): (اما وجوب الرجوع إلى الفقيه في الامور المذكورة فيدل عليه - الخ -). قد عرفت الاشكال في دلالتها على الولاية الاستقلالية، والغير استقلالية، لكنها موجبة لكون الفقيه، هو القدر المتيقن من بين من احتمل اعتبار مباشرته أو اذنه ونظره، كما ان عدول المؤمنين في صورة فقده، يكون كذلك. قوله (ره): (لعموم " وتعاونوا على البر والتقوى 1 " - الخ -). لا يخفى عدم الحاجة إلى الاستدلال بما ذكره فيما علم بكونه مطلوبا على كل حال، ومع فقد الفقيه، وعدم صحة الاستدلال به فيما لا يعلم كونه مطلوبا كذلك، بل احتمل كونه مطلوبا في حال وجوده، وسقوطه حال فقده، لانه من التمسك بالعام فيما شك في كونه من مصاديقه في الآية والرواية الاخيرة، لعدم احراز كونه من البر والتقوى والمعروف في هذا الحال، وعدم اطلاق اصلا في الرواية الاولى، لوضوح انه في مقام الترغيب في عون الاخ بعد الفراغ عن جواز ما اعانه فيه شرعا، كما لا يخفى. قوله (ره): (والاحتمال الثالث مناف لاطلاق المفهوم الدال على ثبوت البأس - الخ -). فلابد من تقييده على هذا الاحتمال، للقطع بعدم البأس على العادل، مع تعذر الفقيه، وانت خبير بمنافات كل واحد من الاحتمالات، للاطلاق، للقطع بعدم البأس على الفاسق الامين، مع تعذر الفقيه، والعدل، وهكذا الخائن، والمخالف، في صورة تعذر الامين ايضا، وذلك لفرض الكلام فيما علم بكونه مطلوبا على كل حال، والا فلا يكون هذا الاحتمال مناف للاطلاق، لاحتمال ثبوت البأس مع تعذر الفقيه، على الاطلاق ولو على


ص 96 * 1 - المائدة: 2.

[ 97 ]

العادل. فتأمل جيدا. قوله (ره): (وانما حمل على موضوع، هو اصلاح المال ومراعات الحال - الخ -). وهذا الموضوع لا يثبت باصالة الصحة، وان كان مما يتوقف عليه الصحة، لما حقق في محله، ان اصالتها، وان قلنا بكونها حجة طريقا، ومن باب الظن، الا انها لا يثبت الا ما يترتب عليها شرعا، لا ما يترتب على ما كانت موقوفة عليه، أو موقوفا عليها. اللهم إلا ان يمنع ترتب جواز شراء مال اليتيم على اصلاحه، ورعاية حاله، والا لاشكل الامر في الشراء من العدل، أو الفقيه، مع عدم احراز الصلاح، بل كان مترتبا على الصحة المحرزة بالاصل عند الشك فيها، ولعله اشار إليه بامره بالتأمل. قوله (ره): (فمجرد وضع العدل يده على مال اليتيم - الخ -). لا يخفى ان تصرف العدل، سواء كان من باب النيابة، أو صرف التكليف، يمكن ان يوجب المنع عن الاخر ومزاحمة، كما يمكن ان لا يوجبه، والمتبع في ذلك، دليل جواز تصرفه على النيابة، أو التكليف، وانه دل على المنع، أو الجواز، فلا وجه لتفريعه عدم المنع على كون تصرف العدل على وجه التكليف دون النيابة. فتأمل. قوله (ره): (لان دخوله فيه كدخول الامام (عليه السلام)، فدخول الثاني فيه وبنائة على تصرف اخر مزاحمة، فهو كمزاحمة الامام (عليه السلام).) وفيه انه، وان كان كمزاحمة الامام، الا انه من الامام (عليه السلام). لا يقال: ان ادلة النيابة لا تشمل ما كان فيه مزاحمة الامام، فلا يكون الا من قبيل المزاحمة من غير الامام. فانه يقال: ان عدم الشمول، ان كان لعدم المقتضى من اطلاق أو عموم، يعم هذا الحال، فعدم الدليل على الولاية مع المزاحمة، يكفى وجها لعدم الولاية، ونفوذ التصرف، لاصالة عدمها. وان كان لاجل المانع عن ثبوتها، وان كان المقتضى لاثباتها موجودا، كما هو ظاهر كلامه زيد في علو مقامه،


[ 98 ]

فالمزاحمة وإن كان مانعة عقلا، إلا انها إذا لم يكن كمزاحمة له، وعموم ادلة النيابة يقتضى كون كل منهما نائبا عنه (عليه السلام). قوله (ره): (فلان وجوب الحكم فرع سؤال من له الحكم الخ -). جواز الحكم قبل السؤال، يكفى في المنع عن المزاحمة، الا ان يمنع عن جوازه قبل السؤال، مع انه يمكن مع فرض الترافع إلى الغير بعد السؤال وقبل الحكم، بوجه، إلا ان يمنع عن جواز التصدى حينئذ ولعل القضاوة منصب، اثبته عموم مثل المقبولة 1، وغيرها في حال الغيبة لكل فقيه، كما اثبته دليل خاص لخصوص اشخاص في حال الحضور، لا النيابة عنه (عليه السلام). قوله (ره): (فنقول ان القرب في الآية 2، يحتمل معاني اربعة - الخ -). القرب إلى الشئ وان كان حقيقة بالابدان بحسب المكان، الا انه كثيرا ما يستعمل كناية عن الايجاد إذا نسب إلى الافعال، كما في قوله تعالى " ولا تقربوا الصلاة وانتم سكارى " 3، وعن احدها إذا نسب إلى غيرها، مما عهد وتعارف انتسابه إليه ففى مثل: فلان لا يقرب القران، أو الكتاب، يراد القرائة أو المطالعة، أو لا يقرب المسجد يراد الصلاة فيه، أو مطلق العبادة، والمعهود مما ينتسب إلى المال عرفا، هو التصرف فيه بالتجارة، بالبيع والشراء، والاجارة، وغيرها من انواع المتاجر، لا مطلق الفعل الاختياري، فضلا عن الامر الاعم من الفعل والترك، فتأمل جيدا. قوله (ره): (ومن الاحتمالات الاحسن، هو الاحتمال الثاني - الخ -). لكنه لابد ان يراد منه، التصرف الذى لا يكون باحسن منه، لا ما كان الاحسن مطلقا، ضرورة جواز اختيار التصرفين المتساويين الذين كانا احسن من سائر التصرفات، وعليه لو فرضنا ان كلا من ابقاء الدراهم، أو تبديلها بالدينار، احسن من سائر التصرفات فيها، جاز له التبديل، حيث


ص 98 * 1 - وسائل الشيعة: 18 / 101 - ب 11 - ح 9. 2 - الانعام: 152. وهو قوله تعالى " ولا تقربوا مال اليتيم ". 3 - النساء: 43.

[ 99 ]

لا احسن منه، وان لم يكن بالاحسن مطلقا، فتأمل. قوله (ره): (بناء على ان المراد من منفعة الدخول، ما يوازى عوض ما يتصرفون - الخ -). أي ما يعمه، وما هو الزايد عليه، لبعد ارادته بخصوصه، وكيف كان، فلا تنافى بين صدر الرواية وذيلها، لكون الشرطية في كل منهما مسوقة على ما هو الغالب من حصول الضرر، أو النفع من دخول بيت اليتيم، لندوة الموازات بين الضرر والنفع الداخلين عليه من الدخول، فلا تعرض في احديهما لهذه اصلا، فلا تعارض، كما لا يخفى. قوله (ره): (ولو بقرينة سياقها الابى عن التخصيص، فلابد من حمله على معنى - الخ -). وحمله على ما يعم الملكية، موجب للتخصيص، لتملك الكافر للمسلم بالارث، وبقاء ملكيته له فيما كفر المولى، بعدما كانا مسلمين، أو اسلم العبد بعدما كانا كافرين، فلابد من الحمل على ما يعم الملكية، فلا دلالة على المنع عن بيع عبد المسلم من الكافر. قلت: يمكن ان يقال: ان الاية 1، ولو بقرينة سياقها، لابد من ان يحمل على ما لا يريد عليه التخصص، الا ان حملها على ما يعم مثل تملكه له بالاختيار بشرائه، لا يوجبه، فان تملكه بالارث، أو ببقاء ملكيته قبل الاسلام، انما هو بالتعبد، لا بالاختيار، وكون التملك بالاختيار، سبيلا، بل من اوضح السبل، لا يستلزم كون التملك حدوثا أو بقاء تعبدا كذلك اصلا كما لا يخفى ومن هنا يمكن ان يقال ان المال بالنسبة إلى العلو كذلك. فلا يكون الملكية القهرية التعبدية، بلا استتباعها السلطنة علوا، وكان سلطنته على تحصيلها بالشراء علوا، فافهم. قوله (ره): (وحكومة الاية 2 غير معلومة، واباء سياق الاية من التخصيص).


ص 99 * 1 - النساء: 141. وهو قوله تعالى: " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا ". 2 - النساء: 141.

[ 100 ]

لا يخفى ان العرف يساعد على التوفيق بين ما دل على الحكم للعناوين الثانية الطارية، وما دل على الحكم للعناوين الاولية، بتقديم الاول على الثاني، وان كان بينهما عموما من وجه، وحمل الثاني على الحكم الاقتضائى، ولذا لم يلحظ بين مثليهما تعارض اصلا، وقد عرفت في الحاشية السابقة عدم لزوم تخصيص فيها من طرف الاستدامة، فتأمل جدا. قوله (ره): (وهذا وان اقتضى التقييد في اطلاق مادل - الخ -). لا يخفى، ان تقييد اطلاق دليل الاستقلال في مورد ملك الكافر للمسلم، معلوم على كل حال، لوجوب بيعه عليه، ولو لم يكن بطيبه، فلا يكون حجره مع صحة بيعه منه، تقييد اخر، يحتاج ترجيحه على تخصيص الاية 1 إلى دعوى اهونيته. قوله (ره): (فيثبت في غيره بعدم الفصل - الخ -). لا يكاد يثبن في غيره، الا على الاصل المثبت، اللهم الا ان يدعى عدم الفصل بين صحته بالاستصحاب في مورده، وصحته في غير مورده. وبعبارة اخرى يدعى عدم الفصل بين الحكمين الظاهرين، لكنه كما ترى. قوله (قدس سره): (لان استصحاب الصحة متقدم علها فتأمل - الخ -). لا يكاد يقدم اصل على اصل اخرى، الا إذا كان سببيا بالنسبة إليه، ولا سببية بين صحة البيع في مورد استصحابها، وبين صحته في غير هذا المورد، غاية الامر، بين صحة احدهما، وصحة الاخر، ملازمة، كما هو الحال في الفساد، ولذا امر بالتأمل. قوله (قده): (واما تمليك المنافع ففى الجواز - الخ -). انما الاشكال والخلاف في الاجارة، والرهن والاعارة، وغيرهما، لاجل عدم تنقيح السبيل المنفى، وانه بمفهومه يعم ميل هذا التسليط الناشئ من قبل احدهما اولا، والمتبع في مثله، هو اصالة عموم دليل صحة البيع، أو


ص 100 * النساء: 141.

[ 101 ]

اطلاقه، لو كان، وإلا فاصالة الفساد. قوله (قده): (ثم الظاهر من لفظ الكافر - الخ -). بل الظاهر من لم يؤمن بالله ورسوله صلى الله عليه وآله، وان لم يحكم بنجاسته، وحكم بنجاسة من حكم بكفره ممن انتحل بالاسلام، وكونهم في الخباثة مثلهم، أو اشد، لا يقتضى الاشتراك في تمام الاحكام، وكذلك اطلاق الكفر عليهم في بعض الاخبار، لا يقتضى ترتيب جميع الاثار عليه، مع وضوح انه بلحاظ ماله من الخباثة الذاتية التى لا يبعد ان يكون مقتضية لاشتراكه مع الكافر في احكامه، لولا شرافة اسلامه. قوله (قده): (الا ان يمنع اعتبار مثل هذا العلم الاجمالي فتأمل). لا وجه له، لعدم جواز تخصيص اعتبار العلم ببعض الافراد والموارد، نعم يمكن دعوى عدم حصول العلم هيهنا على صحة البيع واقعا على تقدير الكذب، بسبب نفوذ الاقرار عليه ظاهرا، وعدم كون التملك والمالكية، سبيلا وسيارة، فتأمل جيدا. قوله (قده): (لقوله (عليه السلام) في عبد كافر اسلم: اذهبوه فبيعوه 1 - الخ -). يمكن ان يكون قوله (عليه السلام): اذهبوه، بيان الحكم، وان بيعه عليه، تكليف المسلمين، ويمكن ان يكون اذنا لهم في بيعه، لولايته (عليه السلام)، حيث ان بيعه عليه، على خلاف القواعد المتيقنة، فلا محيص الا عن الاقتصار على المتيقن من رعاية الاذن ممن احتمل ولايته عليه من الفقيه في حال الغيبة، بل العدول مع تعذره. نعم فيما إذا تعذر، فلا يبعد دعوى حصول القطع بنفوذ بيع سائر المؤمنين، للقطع بانه مطلوب على كل حال. قوله (قده): (ويمكن ان يبتنى على ان الزائل العائد، كالذى لم يزل - الخ -).


ص 101 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 282 - ب 28 - ح 1.

[ 102 ]

لا وجه لهذا الابتناء اصلا، حيث ان العائد لو سلم انه كالذى لم يزل، الا انه بحسب النظر المسامحى العرفي، والا فلا شبهة انه غير الاول، والاجماع انما كان على الاول، والا لم يحتج إلى انه كالذى لم يزل. نعم ربما يصح الابتناء فيما كان الدليل على ملكيته بالارث، على خلاف قاعدة نفى السبيل، بنص دعوى صدق انه تلك الملكية على ان العائد كغير الزائل، فتأمل. قوله (قدس سره): (يشكل في الخيارات الناشئة عن الضرر من جهة قوة ادلة نفى الضرر - الخ -). لا يخفى ان المقام، ليس مقام تعارض الدليلين، بل من قبيل تعارض المتقضيين، كما في تزاحم الواجبين، وذلك لان المقتضى لكل من النفى والاثبات، من الضرر، والسبيل هيهنا، كما في غيره بلا قصور فيه، وليس عدم تأثيره، إلا لابتلائه بالمزاحم الاقوى، كما لا يخفى. وفى مثله لابد من الترجيح بالاهميتة، لا باقوائية الدليل. نعم لو لم يحرز الاهمية، فلا بأس بالترجيح بها للاول إلى تعارض الدليلين في الحكم الفعلى، واحراز الاهمية بها بطريق الان، فافهم. ولا يبعد اهمية نفى السبيل المقتضى لنفى الخيار، عن نفى الضرر المقتضى لاثباته. قوله (قدس سره): (فان هذا الضرر انما حصل من كفره الموجب لعدم قابلية تملك المسلم - الخ -). فيه انه ليس من الاقدام بالضرر المانع عن شمول قاعدته له، كما إذا اقدم على البيع بالاقل عن علم، بل من الاقدام على ما كان حكمه بحسب عموم ادلة الضرر، لولا قاعدته، فلو لم نقل بالخيار، فلابد من تخصيصها بقاعدة السبيل والعلو المنفيين بناء على ما عرفت من ان مجرد التملك بلا اختيار، وان لم يكن سبيلا وعلوا، الا ان تحصيله بالاختيار بالبيع، أو بالفسخ بالخيار، كان سبيلا وعلوا، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (مع انه على تقدير المقاومة يرجع إلى اصالة الملك وعدم زواله بالفسخ والرجوع - الخ -).


[ 103 ]

لا بأس باستصحاب الملك، لتحقق ركنيه، واما استصحاب عدم الزوال بالفسخ، فلا مجال له بلا ارتياب، لعدم التيقن به سابقا، وانما يجرى فيما إذا قطع به، ثم طرء ما يوجب الشك في بقائه وارتفاعه. نعم لا بأس باستصحاب عدم ثبوت حق الخيار، وازالة الملك بالفسخ بالعقد، للشك في حدوثه به بعد القطع بعدمه، ولو لعدم سببه وموضوعه. قوله (قدس سره): (يشترط في كل منهما كونه متمولا - الخ -). لا يخفى ان بين المالية والملكية عموما من وجه، لافتراقهما من حبة حنطة، والكلى المتعهد به، حيث ان الاول ملك ولا مال، وفى الثاني يعكس الحال، فانه يبذل بازائه المال، مع انه ليس بملك قبل البيع لاحد، وان صار ملكا للمشترى أو البايع بالمال، وقد انقدح به، ان المعتبر في صحة البيع هو المالية. نعم لو كان بالفعل ملكا، فلابد ان يكون ملكا للبايع، والا لكان فضوليا يتوقف نفوذه على الاجازة، أو باطلا، على الخلاف، كما تقدم. قوله (قدس سره): (إذ لا بيع الا في ملك - الخ -). قد عرفت ان النسبة بين الملكلية والمالية عموم من وجه، فلا وجه للاستدلال به على اعتبار المالية، مع انه انما لا بيع الا في ملك فيما هو بالفعل ملك، لما اشرنا إليه من صحة بيع الكلى، بلا خلاف ولا اشكال مع انه ليس بملك بالفعل، وان كان بالمأل، فالاولى ان يقال: ان ما ليس ما عرفا بمال، فلا خلاف ولا اشكال في عدم جواز وقوعه احد العوضيين في البيع، فانه مبادلة مال بمال. قوله (قدس سره): (والا فلا يخفى وجوب الرجوع إلى عمومات صحة البيع - الخ -). فيه ما لا يخفى، فان الرجوع إليها تمسك بالعام فيما اشتبه كونه من مصاديقه، بناء على اعتبار مالية العوضن في البيع، كما اشرنا إليه. نعم - يصح الرجوع إلى عموم " اوفوا بالعقود " 1 لو لم نقل باعتبار ذلك في صدق -


ص 103 * 1 - المائدة: 1.

[ 104 ]

العقد عرفا ايضا، كما صح الرجوع إلى عمومات البيع ايضا، فيما إذا شك في - ماليته شرعا، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ثم انهم احترزوا باعتبار الملكية 1، من بيع ما يشترك فيه الناس - الخ -). أي ما يباع لهم وجاز لهم التملك بالاحتطاب، والاصطياد، والاتخاذ، وعدم جواز بيعها قبل تملكها ليس لعدم ملكيتها لاحد، والا فقد عرفت عدم اعتبار الملكية قبل البيع، بل لعدم كونها قبل التملك ما لا يبذل بازائه المال، ويكون بذله بازائه سفها، واكل المال بازائه باطلا، فافهم. قوله (قدس سره): (واحترزوا به ايضا عن الارض المفتوحة عنوة - الخ -). لا يخفى ان مجرد اعتبار الملكية، لا يوجب الاحتراز عنها، لكونها مملوكة ايضا للمسلمين بنحو من الملك، مع انه لا وجه للاحتراز عنها، لصحة بيعها إذا رأى الامام (عليه السلام) فيه المصلحة، وتوقف صحة بيعها على المصلحة، غير عدم جواز بيعها. قوله (قدس سره): (ربما يكون في بعض الاخبار 2، وجوب اداء خراجه إلى الامام (عليه السلام) - الخ -). وهذه الاخبار ظاهرة في بقائها في ملك الامام (عليه السلام) ايضا، وهى اظهر مما دل على حصول الملك بالاحياء لمن احيى، ولو سلم عدم كونها اظهر، فالتوفيق بحمل ما كان ظاهرا في حصول الملك على حصول الاختصاص، ما يساعد عليه العرف، فيتعين لولا الاجماع على حصول الملك. قوله (قدس سره): (فدخل في عموم النبوى: من سبق إلى ما لا يسبقه احد 3 - الخ -).


ص 104 * 1 - وفى المصدر: باعتبار الملكية في العوضيين من بيع... 2 - وسائل الشيعة: 17 / 328 - ب 3 - ح 2. 3 - السنن للبيهقي: 6 / 142 (باب من احيا ارضا ميتة ليست لاحد).

[ 105 ]

انما سيق الاطلاق مساق احقية السابق، وعدم جواز مزاحمة اللاحق، لا في مساق جواز السبقة حتى كان عدم جواز السبق إلى اموال الناس بدليل خاص، فلا يجوز التمسك باطلاقه فيما إذا اشك في جوازه، كالارض العامرة التى هي تكون ملكا للامام (عليه السلام). قوله (قدس سره): (فان كانت العمارة اصلية فهى الامام (عليه السلام) - الخ -). بلا اشكال ولا كلام إذا لم يمكلها غيره بالحيازة، بناء على التملك بها، والا فحالها حال الارض المحياة التى عرضها الموت التى قضية الاستصحاب، وبعض الاخبار، بقائها على ملك مالكا، وبعض الاخبار دل على ان الارض الخربة تركها اهلها وعمرها غيرها فهى لمعمرها 1. قوله (قدس سره): (ثم ما يملكها الكفار من الارض 2 - الخ -). كانت محياة، أو عامرة بالاصل، أو ميتة إذا عرضها الموت، بناء على بقائها في ملك مالكها، إذا الظاهر من الدليل حكم المفتوحة عنوة، صيرورة كلما كان مملوكا للكفار، ملكا للمسلمين، فليراجع الادلة. قوله (قدس سره): (وظاهره كما ترى عدم جواز بيعها - الخ -). وعليه يشكل بيع ارض العراق وشرائها، فانها فتحت عنوة، مع انه من المتعارف بلا نكير، ويدفع بان المحياة منها حال الفتح، كانت ملكا للمسلمين، واما الميتة حاله فهى لمحييها، فكل ارض منها لم يعلم كونها محياة حاله، وكانت تحت يد، يحكم بكونها ملكا لذى اليد، فجاز بيعها وشرائها، مع ان ما كانت محياة حاله، يمكن ان يكون الامام (عليه السلام) قد نقلها. لا يقال: نعم، ولكن لا يكاد ويكون اليد الامارة الملك في الراف العلم الاجمالي. فانه يقال: نعم، لكنه لولا الانحلال إلى العلم التفصيلي والشك


ص 105 * 1 - وسائل الشيعة: 17 / 328 - ب 3. 2 - وفى المصدر: ثم ما ملكه الكافر من الارض.

[ 106 ]

البدوى، وذلك لان ما علم تفصيلا من الاراضي الخراجية، بالمقدار المعلوم بالاجمال، ولو لم يكن بذلك المقدار، فاطرافه غير محصورة بلا اشكال. قوله (قدس سره): (ففى عدم جواز التصرف الا فيما اعطاه السلطان الذى حل قبول الخراج - الخ -). الظاهر انه لا اشكال في جواز التصرف فيما اعطاه السلطان وقبله مما كان تحت سلطانه، لما دل من الاخبار على جواز التقييل منه، واما ما لا يكون بيده وتحت سلطانه، ففيه اشكال، لاحتمال ان يكون الفقيه مرجعا في مثله في حال الغيبة أو السلطان، كما كان في غيره مما يكون تحت يده، فلابد في التصرف فيه من اذنهما، لدوران الامر لو امكن، والا فيما امكن للعلم بان الشارع لا يرضى بعطيله مطلقا، ولا ينافى هذا، توقفه على اذن الفقيه أو السلطان لو امكن، كما لا يخفى. نعم لا يبعد دعوى كفاية اذن الفقيه فيه مطلقا، وعدم الاعتداد باذن السلطان في غير ما نهض عليه الدليل، لما دل على عدم جواز الركون إلى الظالم 1. قوله (قدس سره)، (ويؤيد بل يدل عليه استمرار السيرة خلفا عن سلف، على بيع الامور المعمول - الخ -). لا يخفى انه لا تأييد فيه، فضلا عن الدلالة، لعدم احراز كون الاراضي التى يؤخذ منها الامور المعمولة محياة حال الفتح، كى يكشف السيرة إذا كانت واجدة لشرائط الاعتبار عن كونها كالمباحات، وقد عرفت ان اطلاق (من سبق) 2 انما يكون في مساق بيان احقية السابق من اللاحق. فتذكر. قوله (قدس سره): (فالتعبير بهذا المفهوم المنتزع تمهيد لذكر الحقوق المانعة - الخ -). هذا بحسب النظر الجلى العرفي، واما بحسب النظر الدقيق، فالمانع هو


ص 106 * 1 - هود: 113. 2 - ورد بهذا المعنى في السنن لابي داود - 3 / 178.

[ 107 ]

الجامع بين الحقوق، فانه على شتاتها، وتفرقها، يكون مجتمعة في المنع عن تأثير البيع، فلابد ان يكون هذا بما يجمعها يكون مشتركة فيه، ويكون الشرط هو فقد ذاك الجامع الذى عبر عنه بكونه طلقا، أي فاقدا لذاك المانع، فليس الامر في الاصالة والفرعة في هذا الشرط، وفروعه على العكس، فافهم. قوله (قدس سره): (ومما ذكرنا ان ظهر ان المانع من بيع الوقف امور ثلاثة - الخ -). والتحقيق ان واحدا منها لا يصلح للمنع عن البيع، اما الواقف فلا نقطاع العين الموقوفة منه بالوقف، وصيرورته اجنبيا عنها كغيره، واستحقاقه الاجر والثواب بنفس وقفه كسائر عباداته، وكونها صدقة جارية، لا يتقضى كونها متعلقة لحق، غاية الامر انتفاعه بها ما دامت باقية، لاجل خصوصية عمله، مثل " من سن سنة حسنة 1 " من دون تعلق حق منه بها اصلا، واما الله تبارك وتعالى، فالاعيان الموقوفة كسائر الاعيان من السموات والارضيين، وان كانت ملكا له تعالى، الا انه ليس بمانع عن البيع، وكون نفس الوقف لله تعالى، وهذا العمل له، وعليه عوضه، لا يقتضى كون العين الموقوفة متعلقة بحق له، مانع عن بيعها، كما لا يخفى، واما البطون اللاحقة، فلو سلم كون العين فعلا متعلقة لحقها، فانما يكون مانعا عن بيعها على ان يكون الثمن ملكا للموجودين من الموقوف عليهم، لا على ان يكون الثمن كالمثمن متعلقا لحقوقها، إذا كان البيع صلاحا للوقف، فلم يبق ما يمنع عنعه، الا الاجماع، والاخبار. ودعوى كون جوازه منافيا لمتضى العقد، سواء كان عدم البيع ومثله، مأخوذا في قوامه، أو كان من لوازمه واحكامه، وهذه الدعوى بينة في الجملة، ضرورة ان حبس الاصل الذى لا معنى له، الا الممنوعية عن التصرفات الناقلة أو المتلفة له، داخلة في قوامه، ولا اقل من كونه من لوازمه واحكامه. نعم كونه كذلك مطلقا، ولو طرء عليه من الاداء إلى الخراب،


ص 107 * 1 - كنز العمال - ح 43079 و 43077 (وبهذا المعنى ورد في البحار - 71 / 258).

[ 108 ]

والخلف، والفساد بين الارباب، وغير ذلك، أو ما لم يطرء عليه مثل ذلك، والا فالحسن انما كان معتبرا في ببدله، بان يكون حبسه بمالية غايته يكون حبشه بنفسه طر واحد الطوارى، كما هو المقصود الاولى الاصلى وببدله، فيما إذا طرء احدها، وهو المقصود الثانوي، محل اشكال بل وخلاف. وقد انقدح بذلك، ان جواز البيع، ينافى الحبس الذى يكون به قوامه، أو يكون من لوازمه وخاصيته على وجه وقول، فلا محيص على هذا عن بطلانه، وعلى وجه آخر يكون كذلك، بالنسبة إلى مرتبة منه، وهى المترتبة الاولى، والمقصود الاقصى، لا بحسب حقيقته وماهيته، كى يوجب بطلانه كلا، واضمحلاله اصلا. وبذلك ظهر ان من يقول ببطلانه بالجواز، كان نظره إلى ان المنع عنه من لوازمه واحكامه، لو لم يكن داخلا في قوامه، وان من يقول بعدم بطلانه به، بل بالبيع كان نظره إلى انه من لوازم بعض مراتبه، لا من خواص حقيقية أو من مقومات ماهيته، لكنه لا يخفى انه بالبيع على هذا، لا يبطل الوقف ايضا، الا بالنسبة إلى العين نفسها، لا ببدلها. وقد عرفت ان حبسها بنفسها مرتبة من المقصود، لاتمامه، مع ان صريح كلامه - ره - عدم بطلانه بالجواز، بل بالبيع فيما إذا قبل به، لضرورة البطن الموجود، مع انه ينافى الحبس المعتبر فيه رأسا، ولعل نظره (قدس سره) إلى ان الوقف معه لا يصير كأنه ما كان عن رأس، بحيث لو اتفق عدم بيعه، مع جوازه إلى ان ارتفع ما كان سوغه كان كما إذا لم يرتفع، بل يصير كما إذا لم يكن هناك ما سوغه. ولا يذهب عليك ان عدم البطلان بهذا المعنى، لا يستلزم عدمه مطلقا، ضرورة بطلانه فعلا بطر وما ينافيه بذاته أو بخاصيته، عرفا وشرعا، فما دام هذا المنافى، كان الوقف غير نافذ، فباطل، وإذا ارتفع بارتفاع موجب، كضرورة اربابه، أو خلفهم المؤدى إلى خرابه، عادت صحته، فيصر صحيحا شرعا، كما كان اولا، ولا غرر فيه اصلا، ويمكن بذلك التصالح بين القولين، كما لا يخفى. فتدبر جيدا.


[ 109 ]

ثم انه لا يلزم على هذا مخالفة لقاعدة (العقود تابعة للقصود)، فانه ايضا مفصود، غايته انه ليس بالمقصود الاقصى. ان قلت: كيف ادراج هذه المرتبة في العقد، مع انه لا يكاد تدرج في ارادته من مثل (وقفت كذا) مع وضوح تبعية للقصد. قلت: لابد في ادراجه فيه وقصده من دلالة اخرى، وهى كون الواقف بصدد جعلها صدقة جارية ينتفع بها، والعين غالبا بنفسها لا تصلح لذلك، لكونها في معرض الخراب، وغيره مما ينسد به باب الانتفاع بها، فيكون قرينة على حبسها بنفسها، ما لم يطرء مثل ذلك، وببدلها فيما إذا طرء، فافهم. وبالجملة فالوقف لا ينافى جواز البيع، الا فيما إذا لم يكن هناك طار اصلا، واما مع طروه فلم يظهر انه ينافيه، ويأتى تفصيل القول فيه، في ذيل كلامه - ره - والاجماع ايضا لم يقم الاعلى عدم الجواز كذلك، والاخبار الدالة على المنع 1، وان كانت مطلقة، الا ان اطلاقها، ليس بلحاظ الطوارى، فلا مجال للتمسك به في الحكم بعدم الجواز مع احدها عند الشك فيه بلا اشكال، فلم يبق الا اصالة عدم الجواز الثابت قبل طروها، فلابد من ابتاعها إلى ان يقوم دليل على الجواز. قوله (قدس سره): (والحاصل ان جواز بيعه تبعا غير مناف لما قصده الواقف - الخ -). وذلك انه وان اخذ في حقيقة الوقف بقاء العين الموقوفة، الا انه فيما إذا لم يؤد إلى انعدامها اصلا، واما فيما يؤدى إليه، فان كان البقاء مما لابد منه في الوقف، فلا محيص عن ان يكون بماليتها لا بنفسها، كما لا يخفى، غاية الامر لابد من بقائها بنفسها ما دام يمكن، ولا يؤدى إلى التلف، وبماليتها وبدلها فيما يؤدى، كيف وليس هذا الحبس، الا لاجل الانتفاع بها، فكيف يوجد فيما يوجب ضياع اصل العين. وبالجملة دعوى القطع بان اخذ حبس العين بشخصها في الوقف، انما يكون ما دام لم يؤد إلى الانعدام، والا فيبدلها


ص 109 * 1 - وسائل الشيعة: 13 / 303 - ب 6.

[ 110 ]

ليست مجازفة. قوله (قدس سره): (فينتهى ملكه إلى من ادرك اخر أزمنة بقائه - الخ -). فكان حاله حال ما لا يمكن تبديله، ولا ينافى ذلك، الابدية المتبرة في الوقف، ضرورة انها انما يكون في قبال التوقيت، الا ان يدعى اعتبار التأييد ولو بالبدل، فافهم. قوله (قدس سره): (ومما ذكرنا يظهر ان الثمن لا يختص به البطن الموجود 1 - الخ -). لاريب فيه على تقدير كون الوقف مما يتعدد فيه المطلوب، ويكون بحسب حقيقته ذا مرتبتين: حبس العين بنفسها ما دام ممكنا، وحبسها ببدلها فيما لم يكن. واما على تقدير كون الوقف ذا مرتبة واحدة، فان قلنا انها تمليك العين لخصوص من يبقى إلى زمانه من البطون، فالثمن للبطن الموجود، لعدم دخل للبطون اللاحقة في العين اصلا، كما لا يخفى، وان قلنا انها التمليك لجميع البطون، ففى اختصاص الثمن بالبطن الموجود، أو كالمثمن لجميع البطون، اشكال من كون العين فعلا مملوكا الموجود ولا ملكية فعلية للبطون المعدومة، وهو واضح، ولا شأنية، فان الواقف وان انشأ ملكيتهم، الا انه حيث لا يكاد يبقى العين إلى زمانهم، فلا يكاد يصير ملكا لهم، فكيف لهم ملكية شأنية، ولاحق لهم فيها فعلا إذ مع عدم صحة اعتبارها للمعدوم، فلا موجب له في العين، ومن ان البطن الموجود وان كان فعلا مالكا، الا ان ملكهم لها ليس بملك طلق لها حيث انه بمقتضى جعل الواقف ما دام حياته، ولذا لا يكون مما تركه، وقضية العوضية ان يكون الثمن كذلك، لا طلقا بحيث صار مما تركه لو مات، وتعمه ادلة الارث. فافهم. قوله (قدس سره): (ومما ذكرنا ظهر عدم وجوب شراء المماثل - الخ -). وهذا ظاهر ان ان كان التبديل من احكام الوقف، لا مرتبة من حقيقته وبجعل الواقف، والا ففى شراء المماثل، أو البيع بالمماثل ان امكن، وعدمه


ص 110 * 1 - وفى المصدر: ومما ذكرنا يظهر ان الثمن على تقدير البيع لا يختص به البطن الموجود.

[ 111 ]

لابد من ملاحظة غرض الواقف انه تعلق في هذه المرتبة بما هو الاصل للموقوف عليهم، أو بما هو المماثل للعين الموقوفة، فيتعين ما عينه، وتعلق به غرضه. هذا فيما علم غرضه، وفيما لا يعلم فلابد من ببعد بالمماثل أو شرائه إذا كان فيه الصلاح، واما إذا لم يكن في المماثل صلاح، ففيه اشكال. وفى التعيين بالقرعة وجه. وبذلك قد انقدح اختلافه - قدس الله روحه - مع العلامة - اعلى الله مقامه - لاختلاف نظرهما في ان التبديل من احكامه، أو من مراتبه، كما انقدح مواقع النظر في كلامهما. فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ثم ان المتوالى للبيع، هو البطن الموجود بضميمة الحاكم - الخ -). لا اشكال فيه ان كان هذا من احكامه ولا يختص الثمن بالبطن الموجود، اما إذا كان من مراتبه فالمتولى له هو المتولي المنصوب من الواقف، الا ان لا يكون توليته بحسب جعله بحيث يعم المرتبة الثانية من الوقف. قوله (قدس سره): (لكن الخروج بذلك من عموم ادلة وجوب العمل بمقتضى وقف الواقف - الخ -). ولو نوقش في عموم تلك الادلة لهذه الصورة كالصورة السابقة، فلا اقل من استصحاب عدم الجواز قبل عروض الخراب، فلا يجوز الخروج بذلك عما هو مقتضى الاصلاح، الا بالقطع بالجواز، كالصورة الاولى، وانى لنا دعوية وان كانت غير بعيدة. قوله (قدس سره): (وان اريد بالعنوان شئ آخر فهو خارج - الخ -). لا يبعد ان يقال، انه لو اريد به كون القصد الواقف حبس العين في وقفها ما دامت معنونة بعنوان كذا، وقيل بعدم بطلان مثله لعدم التأييد، لما عرفت من انه ما يقابل التوقيت، ولا توقيت هيهنا، لا يبعد ان يقال بالبطلان بزوال العنوان بمعنى انتهاء الوقف إلى الغاية والنهاية. قوله (قدس سره): (على جواز البيع بمجرد الانفعية اشكال - الخ -). حيث لا دلالة فيها على الجواز، الا فيما احتاجوا ورضوا، وكان البيع خيرالهم.


[ 112 ]

قوله (قدس سره): (لعدم ثبوت كون جواز البيع منافيا لمقتضى الوقف - الخ -). ومع عدم ثبوت المنافات، قد صح التمسك بعموم " المؤمنون عند شروطهم 1 " بضميمة اصالة عدم كون الشرط مما وقع بينه ومقتضى العقد، المنافات، ومثله باق تحت العموم، لكنه لا يصح معه التمسك بادلة نفوذ الوقف لاحتمال المنافات، وكون مقتضى العقد ينافيه، فلا عقد اصلا لاجل المناقضة لو قصد الواقف ولو اجمالا اولا عند الوقف، أو قصد ثانيا بسبب الشرط، فلا يترتب عليه ما يختص من الاحكام بالوقف، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (فان التحقيق كما عرفت سابقا ان جواز البيع لا يبطل الوقف - الخ -). قد عرفت ما هو التحقيق في ذلك من التفصيل، وانه لا يبطله لو كان عدم جواز البيع من احكامه لا مما له دخل في قوامه، وانه انما لا يوجب بطلانه اصلا بمعنى انفساخه واضمحلاله، فراجع هناك. قوله (قدس سره): (واما حبس شخص الوقف فهو لازم لاطلاقه - الخ -). لا يخفى ان الوقف لو كان ذا مرتبة واحدة فحبس الشخص كان لازم، فانه لو لم يكن من ذاتياتيه وان كان ذا مرتبتين، فحبسه وان كان ما دام تجرد عن المسوغات، ومعها كان حبس الوقف بماليته لا بشخصه، الا ان حبس الشخص في الجملة بدونها مقتضى ذاته، ولذا لا يصح شرط جواز البيع مطلقا بلا شرط المصلحة أو الحاجة قطعا. نعم لما لم يعلم ان حبس الشخص مع الحاجة أو مصلحة في البيع إذا لم يكونا من المسوغات، كان للاطلاق أو مقتضى الذات في المرتبة الاولى، كان الحكم بصحة شرط جواز البيع مع احدهما، ونفوذه مما لابد فيه من اصالة عدم المنافات، كما عرفت.


ص 112 * 1 - مستدرك الوسائل: 2 / 473.

[ 113 ]

قوله (قدس سره): (والسند صحيح والتأويل مشكل - الخ -). لا يخفى على من نظر في الرواية 1 على طولها، من صدرها إلى ذيله، عدم ابائها عن الحمل على انه (عليه السلام) اوصى بصدقة ما عينة من امواله ببيع وغيره، كما يدل عليه قوله (عليه السلام) في صدرها بعد البسملة، " هذا ما اوصى به في ماله عبد الله على " وان كاتن في بعض فقراتها، شهادة على انه اوقفها مثل قوله: " وان الذى كتب من اموالي هذه صدقة واجبة تبلة، حيا انا أو ميتا ". لكنه لا يأبى عن الحمل على التأكيد في صدقة ما كتبه بعد موته، وانه لا يكاد يرجع عن هذه الوصية، لا أنه جعله صدقة في حال حياته، كيف، والا فلابد من حمل قوله " هذا ما اوصى به في ماله " على مجرد الاقرار، وهو بعيد جدا، كما يظهر من ملاحظة سائر الفقرات، فراجع فيها. قوله (قدس سره): (فإذا فرض القطع أو الظن بانقطاع شخصه - الخ -). الطاهر ان جواز البيع يدور مدار التأدية إلى الخراب، بحيث لو قطع بالتأدية إليه، ثم ظهرانه اخطأ ظهر انه لم يكن هناك جواز اصلا، وعليه لا دليل على الحاق الظن به هيهنا، الا ان يقال: انه لولا اعتباره، لوقع في المخالفة كثيرا، وهو مما يقطع بانه خلاف غرض الشارع، بل يمكن بذلك ان يستكشف ان جواز البيع، بناء على كونه من مراتب الوقف، وتعلق به قصد الواقف في الجملة، يكون بمجرد الظن بالتأدية، لا مرتبا على نفسها، فتأمل. قوله (قدس سره): (وفيه ان الغرض من الوقف، استيفاء المنافع 2 - الخ -). هذا انما يتم لو كان مبنى كلامهم على ان الوقف، هو حبس خصوص العين، واما إذا كان مبناه على انه حبسها بنفسها ما دام الانتفاع بها وببدلها، فيما إذا لم يكن لها انتفاع، فلا ضرورة ان الانتفاع بالبدل عليه يكون من الوجوه المقصود بالوقف، لا الاقرب بمقصود الواقف. نعم يقع الكلام معهم في الصغرى، وان الانتفاع بالبدل من مراتبه، أو ليس له، الا


ص 113 * 1 - وسائل الشيعة: 13 / 312 - ب 10 - ح 4. 2 - وفى المصدر: وفيه ان الغرض من الوقف، استيفاء منافعه.

[ 114 ]

مرتبة الانتفاع بالشخص، كما مرت الاشارة إليه، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (عدى المكاتبة المشهورة 1). ولا يخفى ان المكاتبة مع اشتمالها على ما لا يقول به احد، وهو جواز البيع بلا طر وعارض اصلا فيما هو سهم الامام (عليه السلام) من الوقف، غير دالة الا على جواز البيع في بعض الصور، ولم يعلم عمل المشهور بما هو ظاهرها، كى يوجب بذلك انجبارها. الا ان يقال: انما يكون الانجبار بتوافقهم على العمل بها، وان اختلفوا فيها استفادوا عنها، لكنه إذا علم ان استنادهم فيما صاروا إليه كان إليها، وهو محل تأمل، بل منع، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (اشكال من حيث لزوم الغرر بجهالة وقت - الخ -). يمكن ان يقال: ان الجهالة انما توجب الغرر المضر فيما إذا كانت في نفس العوضين، لا في منافعهما، حيث ان المنافع ليست مورد اللبيع، ولذا لو لم يعلم مقدارها، وان منفعة هذه العين، قليلة أو كثيرة، لم يضر قطعا. نعم تفاوت المنفعة، توجب تفاوت مالية ذى المنفعة، والجهل بها ربما يوجب الجهل بمقدار ماليه، لكن الجهل بمقدار المالية مع العلم بالمال، لا يوجب الغرر، ولو سلم فلا يكون بمضر بلا اشكال. قوله (قدس سره): (لان حقيقته وقف مؤيد 2 - الخ -). هذا إذا كان صرفه في سبيل الله بعد انقطاع الموقوف عليهم بجعل الواقف، بحيث كان داخلا بنحوفى انشائه، واما إذا كان تعبدا من دون دخوله في جعله وانشائه، وكان صرفه في سبيل الله لانه مال الله حيث خرج عن ملك الواقف ولم يدخل في ملك الموقف عليهم، ملك طلق ليرثه ورثتهم، فإذا انقطعوا فيبغى بلا ملاك، فيصرف في سبيله تعالى، فافهم. قوله (قدس سره): (ثم ان المنع عن بيع ام الولد قاعدة كلية - الخ -). يمكن المناقشة في استفادتها من الاخبار التى ذكرها، وذلك لان


ص 114 * 1 - وسائل الشيعة: 13 / 303 - ب 6 - ح 5. 2 - وفى المصدر: لانه حقيقة وقف مؤيد.

[ 115 ]

رواية محمد بن مارد 1، ظاهرة في كون الكلام فيها مسوق البيان جواز البيع قبل حدوث الحمل عنده، وعدم كون الولد بالترويج، مانعا لا لبيان المنع عنه بعد حدوثه عنده ايضا، كى يدل بالمفهوم على الكلية، كما يظهر من التأمل في السؤال عنه (عليه السلام) وجوابه. ورواية السكوني 2 لا دلالة فيها على المنع اصلا، بل على ان المكاتبة إذا وطئها مولاها وصارت حبلى، وعجزت عن اداء مال الكتابة، كانت من امهات الاولاد، ويترتب عليها، ما يترتب من الاحكام عليها، كما لا يخفى. وصحيحة عمر بن زيد 3، غاية دلالتها ان المقتضى للمنع في امهات الاولاد، كان مرتكزا في ذهن السائل حيث سئل عن الوجه المسوغ للمبيع، والامام (عليه السلام قد قررة عليه، وهو غير الدلالة على عموم المنع فعلا، كما هو المدعى. ان قلت: فيما ذكرت من الدلالة، كفاية في البناء على عدم جواز البيع على نحو القاعدة في الموارد المشبهة لثبوت المقتضى، واصالة عدم ثبوت المزاحم. قلت: نعم لولا كون هذا الاصل مثبتا، ضرورة ان ترتب المقتضى بالفتح على عدم المانع عند ثبوت المقتضى، عقلي وان كان حكما شرعيا. واما قول امير المؤمنين (عليه السلام) 4 في جواب السؤال عن بيع امة ارضعت ولده، " خذ بيدها وقل من يشترى ام ولدى " فغايته الدلالة على ما في بيع ام الولد في نفسه من الاستهجان والاستنكار عرفا، لا المنع عنه شرعا مطلقا، كما هو المدعى، كيف ولا منع ظاهرا عن بيع ام الولد رضاعا. فافهم. فالمتبع عند الشك في جواز بيعها، هو استصحاب الجواز لو لم يكن اطلاق الادلة وافيا، والا كان هو المرجع. واما حديث سلطنة الناس على اموالهم 5، فيمكن


ص 115 * 1 - وسائل الشيعة: 14 / 589 - ب 85 - ح 1. 2 - وسائل الشيعة: 16 / 97 - ب 14 - ح 2. 3 - وسائل الشيعة: 13 / 51 - ب 24 - ح 1. 4 - لم اعثر عليه بهذه العبارة نعم هناك روايات تدل على ذلك. راجع وسائل الشيعة 16 / 104.

[ 116 ]

منع دلالته فانه بصدد بيان، ان الملك هو السلطان على ما هو جائز من التصرفات، كما بينا في غير المقام، في قبال حجره، والشك هيهنا في جواز البيع لخصوصية في ام الولد، ضرورة انه لاشك في سلطنته على تقدير جوازه. فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (واندفاع التوهم بكلا شقيه واضح - الخ -). اما الاول فلان السؤال لم يكن من تمام موارد جواز بيع ام الولد، ليقيد الجواب الحصر بما ذكره من الموارد، بل كان عن وجه بيع الامير 1 (عليه السلام) لها، فلا ينافى ان يكون هناك وجه اخر لجواز بيعها، كما لا يخفى. واما الثاني فلان الظاهر من السؤال في ذيل الرواية، انه يكون عن جواز البيع في الدين بعد الموت، فلا يشمل الجواب صورة بيعها في الدين في حال الحياة. اللهم الا ان يدعى الاولوية، فافهم. قوله (قدس سره): (نعم ربما يمنع عدم القاعدة على هذا الوجه - الخ -). كما عرفت وجه المنع بما لا مزيد عليه، والا فلا يكون الخلاف في المورد مضرا بالاجماع على القاعدة ولزوم اتباعها فيه ما لم يخرجه دليل عن تحتها، كما لا يخفى، وقد عرفت ان مجرد ثبوت ما يقتضى المنع عن البيع، لا يقتضى العموم في مقام الاثبات، وهو المجدي عند الشك بالجواز، لاجل ثبوت ما يشك مزاحمته له الا مجرد ثبوت المقتضى، كما مر. قوله (قدس سره): (كما يظهر بالتأمل - الخ -). وذلك لقوة احتمال ان يكون المنع في رواية ابن مارد 2، اقتضائيا، وكان الجواز في الرواية بملاحظ ما عرض من الخصوصية المالية الموجبة لجواز البئ، مع انه لو ادعى مساوات ظهورهما في المنع والجواز، لكان التوفيق بينهما بحمل رواية ابن مارد على كون المنع كذلك، أي اقتضائيا، لكن سند الرواية


ص 116 * 5 - بحار الانوار: 2 / 272. 1 - وسائل الشيعة: 13 / 15 - ب 24 - ح 1. 2 - وسائل الشيعة: 14 / 589 - ب 85 - ح 1.

[ 117 ]

ضعيف الا أن يجبر بعمل الاكثر، والصحيحة ظاهرة فيما بعد الموت، ولا اقل من عدم ظهورها فيما يعم قبله، فافهم. قوله (قدس سره): (لان الحكم بالجواز في هذه الصورة في النص والفتوى - الخ -). هذا، مع ان هيهنا حقوقا ثلاثة: حق ام الولدية، وحق الديان، وحق المالك في المستثنيات عن الدين، فإذا لم يزاحم الاول، الثاني، فكيف يزاحم الثالث الغير المزاحم بالثاني؟ فافهم. قوله (قدس سره): (بل ربما تأمل فيما قبله فتأمل - الخ -). بل ربما يدعى ظهور قوله " ايما رجل اشترى جارية فأولدها ولم يؤد ثمنها 1 - الخبر - " وكذا قوله (عليه السلام) وفى رواية اخرى 2: نعم في ثمن رقبتها في الاختصاص بكون ثمنها بنفسه دينا للبايع، ولعله اشار إليه بامره بالتأمل. قوله (قدس سره): (ولو ادعى الولد نصيبه تنعتق عليه 3 - الخ -). لو قصد بذلك فك نصيبه على اشكال في تأثيره قصده، واما إذا لم يقصد به ذلك، بل فك مقدار نصيبه منها، فانما تنعتق عليه نصيبه من هذا المقدار، ويكون في الباقي كالمتبوع فينتقل إلى سائر الورثة. فافهم. قوله (قدس سره): (ولعل وجه تفصيل الشيخ، ان الورثة لا يرثون مع الاستغراق - الخ -). ولكنه غير وجيه، فان الاستغراق انما يمنع عن الارث على القول به فيما كان قابلا لاداء الدين منه، وليست ام الولد كذلك، لاطلاق دليل المنع عن بيعها، فيرثها ولدها بمقدار حصته، فتنعتق بتمامها بالارث والسراية، فيما كان معه غيره من الورثة وبالارث وحده، فيما لم يكن، ولو عورض الاطلاق


ص 117 * 1 - وسائل الشيعة: 16 / 104 - ب 2 - ح 1. 2 - وسائل الشيعة: 13 / 51 - ب 24 - ح 2. 3 - وفى المصدر: ولو ادى الولد ثمن نصيبه انعتق عليه.

[ 118 ]

ما دل على منع الاستغراق، كان قضية الجمع بينهما، الحكم ببقائه على حكم مال الميت، فتوجر لوفاء دينه، ثم تورث فتنعتق بالارث وحده، أو مع السراية. وبالجملة، لا وجه لرفع اليد عن اطلاق دليل المنع مع الاستغراق، ولو قلنا باطلاق منعه عن الارث، غايته بقائها على حكم مال الميت، ولزوم اداء الدين باجارتها ونحوها، والتوارث بعد الاداء، فتنعتق، أو بقائها بلا مالك اصلا لو منع عن البقاء على حكم ماله، لانقطاع علاقته عن ماله الا في ثلثة إذا اوصى به، أو ببعضه، ويكون هذا مساوقا لحريتها، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (هو مفقود مع الحاجة إلى الكفن - الخ -). هذا اول الكلام، لاطلاق المنع عن بيع ام الولد في غير ثمن رقبتها، ولو لاجل كفن مولاها، وعليه فلا مانع عن ارثها لان المنع لغاية الكفن بثمنها وهو مفقود في هيهنا، كما لا يخفى، فلا بدمع الزاحمة بين الجهة المقتضية للمنع عن البيع، والجهة المقتضية للمنع عن الارث المقتضى لجوازه، وعدم مرجح في البين لاحدى الجهتين، ولا لاحد الاطلاقين، من استصحاب جواز البيع قبل صيرورتها ام الولد. واما ما ذكره (قدس سره) من الترجيح بما حاصله، ان تقدم حق الميت على حق ام الولد فيما إذا كان هناك مقدار تجهز به، حيث يجهز بذاك المقدار، ولا يؤدى به ثمن رقبتها، بل يباع لذلك، يقتضى ترجيحه على حق ام الولدية فيما لا يكون هناك ذاك المقدار، ففيه انه لا ملازمة، إذ لعل في بيعها في ثمن رقبتها، خصوصيه من عدم الحزازة، أو قلتها، لم يكن فيما إذا بيعت في غيره، ولو لاجل تجهيز سيدها، كما لا يخفى، والمقام محتاج إلى زيادة تأمل، فتأمل. قوله (قدس سره): (وكيف كان فاطلاقات حكم جناية مطلق المملوك، سليمة عن المعارض - الخ -). هذا، ولو قلنا بظهور الرواتيين في كون جناية ام الولد على المولى بمعنى خسارتها في غيرها من امواله، وذلك فان قضية التوفيق بينهما، وبين تلك الاطلاقات. هو حملها على ما ذكره من المعنى، ولو سلم تساوى الطرفين في


[ 119 ]

الظهور، مع انه لا اقل من كون الاطلاقات اظهر. فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (لان ترك فدائها والتخلية بينها وبين المجني عليه، ليس نقلا لها - الخ -). بل تملك المجني عليه لها بسبب ناش منها، واستحق به ذلك بلا توسيط نقل السيد لها، كما لا يخفى. فافهم. قوله (قدس سره): (فتعين عليه الاخر - الخ -). انما تيعين عليه الاخر فيما لو كانت جناية المملوك موحيا على السيد دفع الجاني أو فدائه إلى المجني عليه وهو اول الدعوى. وما إذا قيل بانها انما يوجب استحقاق المجني عليه لاسترقاقه، غاية الامر جعل للمولى من جهة التوسعة عليه، والارفاق به، الفك بالفداء، كما لا يخفى، وبذلك ظهر ان ما ذكره تأييدا مصادرة. فافهم. قوله (قدس سره): (فمندفع بما لا يخفى - الخ -). وهو ان الاستيلاد إذا كان رافعا للاستقلال، كان رافعا له بطريق اولى، ولم يعلم وجه مقايسة الاسترقاق لترك القصاص على فكاك الرقاب الذى انيط به جواز البيع، ومع وضوح الفرق بينهما من كون الاستقلال رعاية للمولى، بخلاف البيع في فكاك الرقاب، فانه رعاية لحق الغير، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (ومنها ما إذا جنى حرعليها - الخ -). لا يخفى انه انما يكون من المستثنيات، بناء على الاحتمال الاتى في كلامه، كما انه عليه انما يكون منها بناء على كون الاستثناء من مطلق نقلها، لا خصوص بيعها، كما هو الحال في غير واحد من موارده الاتية والماضية، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (ومنها ما إذا لحقت بدار الحرب - الخ -). اللحوق بدار الحرب ان كان موحيا لزوال رقيتها لمولاها واسترقها غير مولاها، فلا اشكال في جواز بيعها، بل لا يكون من موارد الاستثناء من القاعدة التى ذكرها، لوضوح عدم شمولها له، وان استرقها المولى، فيه اشكال، لاطلاق الادلة، ومن دعوى انصرافها عن هذه الصورة، أو عدم


[ 120 ]

ظهورها فيما يعمها. فتأمل. قوله (قدس سره): (كان المرجع عمومات صحة البيع - الخ -). بل كان المرجع، هو استصحاب عدم جواز البيع، فان المقام من موارد استصحاب حكم المخصص، لا الرجوع إلى العام، فتدبر. قوله (قدس سره): (والظاهر ان الاول اولى للاعتبار - الخ -). لا يخفى عدم الاعتبار بالاعتبار، وقاعدة نفى السبيل وعلو الاسلام، غير مقتضية لبيعها عليه، لعدم منافاتهما لاضافة ملكية لها، والا كانا مقتضيين لخروجها عن ملكه، بل تسليطه عليها، فالحكم بعدم جواز بيعها وعدم تسلطه عليها، هو مقتضى القواعد، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (وبذلك يمكن ترجيح اخبار الارث - الخ -). أي اخبار شراء المملوك، لكى يرث، والا فاخبار الارث 1 لا يقتضى ذلك، بل قضيتها التنزل إلى مرتبة اخرى من الورثة، ولو كان الامام (عليه السلام) ولا يخفى ان بين دليل المنع عن بيع ام الولد، ودليل شراء المملوك ليعتق ويرث عن قريبه، عموما من وجه، فلابد في الحكم بجواز الشراء من دعوى اظهرية دليله من الدليل المنع، وهو غير بعيد لو قيل بعموم دليله، وقد عرفت في محل المنع. قوله (قدس سره): (وهو ما يكون الجواز لحق سابق - الخ -). لا يخفى ان مجرد سبق الحق، لا يوجب ترجيحه على اللاحق منه، بل ربما يجب ترجيحه عليه فيما إذا كان اهم. نعم فيما إذا لم يعلم ترجيح بينهما، فالاستصحاب يقتضى الحكم على طبق السابق. قوله (قدس سره): (ويدفعه ان القائل يلتزم بكشف الاجازة عن عدم الرهن - الخ -). يعنى يلتزم بالكشف عن زواله اناما، قبل البيع، لا عن عدم حدوثه من الاول، ضرورة انه لا وجه له اصلا، كما لا يخفى.


ص 120 * 1 - وسائل الشيعة: 17 / كتاب الفرائض والمواريث - ابواب موجباته.

[ 121 ]

قوله (قدس سره): (فكما ان رد المالك في الفضولي مبطل للعقد - الخ -). لا يخفى انه لم ينهض دليل دل على رفع اثر العقد اصلا بذلك، غايته الاجماع على ان رفع الموجب قبل القبول يده عن الايجاب، يوجب بطلانه رأسا، ولا وجه لقياس غيره عليه ممن كان لرضاه دخل، مع انه مع الفارق، وتأثيره الرد في بيع الفضولي من المالك، قد عرفت انه لاجل عدم حصول اضافة العقد إليه بعد الرد، ولابد منها هناك، ولا يكون كذلك هيهنا، كما لا يخفى، ولو كان هناك اجماع لم يكن بحيث يعم المقام بلا كلام. قوله (قدس سره): (ثم ان الظاهر ان فك الرهن بعد البيع - الخ -). وذلك لارتفاع ما هو المانع عن تأثير العقد، ولم يكن لرضاء المرتهن بما هو مرتهن، الا لاجل رعاية حقه المانع عن نفوذه. نعم لو كان له دخل في تأثيره بما هو، فلم يكن الفك كالاجارة، بل يمتنع معه التأثير، لامتناع حصول الشرط معه، فتأمل. قوله (قدس سره): (ويرده ان البيع إذا كان متعلقا للحق، فلا يقع لازما لادائه إلى سقوطه - الخ -). ويرده انه انما يؤدى إلى السقوط إذا كان متعلقا بالعين بما هي ملك لشخص خاص، واما إذا كان متعلقا بها بما هي هي، بحيث ينتقل حيثما ينتقل، كما ان حق القتل أو الاسترقاق كذلك فلا، كما لا يخفى، مع انه لو شك في انه يسقط بنقلها، أو يبقى، فالاستصحاب يقتضى انه يبقى، فتأمل. قوله (قدس سره): (ولو امتنع كان للمجني عليه اولوية انتزاعه فيبطل البيع وكذا - الخ -). يعنى نفوذه وصحته، كما يشهد به التفريع وهو واضح، وقد عرفت ان نفوذه لا يوجب بطلان الحق، فلا يصح استدلال الحلى على بطلان البيع باستلزامه لبطلانه. ثم ان الاسترقاق هل هو موجب لانفساخ العقد كى يكون الخسارة على البايع برجوع المشترى إلى الثمن اولا، بل كان غاية الامر للمشترى الرجوع إليه بقيمة العبد، لو قيل بقرار الخسارة على السيد؟ وجهان، فتأمل.


[ 122 ]

قوله (قدس سره): (وعلى هذا فلا يكون البيع موجبا لضمان البايع - الخ -). وذلك لعدم كونه التزاما بالفداء مع انه لو كان لما كان ملزما، مستقطا لما تعلق بالعين من الحق، بلا اسقاط من ذى الحق، بل قهرا، ولا يقتضى اسقاطه بابعدية جواز الاسقاط بالالتزام بها، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (لتعلق الدين هناك بالذمة وتعلق الحق هنا بالعين، فتأمل - الخ -). امره بالتأمل اشارة إلى ان في كلا المقامين قد تعلق الحق بالعين هناك حق الرهانة، وهيهنا حق الجناية، فلا يكون هذا اولى بعدم الفك، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (الثالث من شروط العوضيين القدرة على التسليم - الخ -). الظاهر ان المراد به اعم من القدرة على تسليم، بل اعم من حصوله في يد المشترى، كما إذا علم بان العبد الابق سيجئ، أو يرجعه الأجنبي من دون قدرة لاحد المتبايعين على تسليمه، أو تسليمه لولا ذلك، فتأمل. وكيف كان فظاهر التعبير عن هذا الشرط بالقدرة، ان الشرط امر واقعى من دون دخل العلم أو الجهل، فالشرط حاصل مثلا فيما لم يكن العبد ابقا، ولو قطع بإباقه وليس بحاصل فيما كان ابقا، ولو قطع بعدم اباقه. ولكن الاستدلال على اعتباره بنهي النبي (صلى الله عليه وآله) عن الغرر 1 الذى هو المضطر، كما يسظهر مما ذكره في تفسيره، لا يناسبه، ضرورة ان الخطر لا يدور مدار القدرة واقعا لتحققه مع الجهل بها، وعدم الثقة بالحصول للمتبايعين. نعم كان عدم القدرة غالبا ملازما لغرر وعدم الثقة والخطر، فتدبر.


ص 122 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 330 - ب 40 - ح 3.

[ 123 ]

قوله (قدس سره): (ضروة حصوله في بيع كل غائب - الخ -). فيه انه كثيرا ما يحصل الثقة بحصول المال الغايب، بحيث لا يعتنى باحتمال عدمه، ومعه ليس فيه غرر الحصول وخطره، وبيع الثمار والزرع، وان كان من اظهر افراد غرر الحصول، الا ان جوازه كان الدليل خاص، مع انه ليس مطلقا بل مشروطا، فلاحظ. قوله (قدس سره): (الا انه اخص من المدعى - الخ -). بل يكون مبانيا له، اشرنا إليه، وانما صح الاستدلال به على اعتبار العلم بالقدرة، وان كان اخص لا القدرة، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (ويضعف بانه ان اريد - الخ -). بل يمكن منع الملازمة مطلقا، فانه لا دليل عليها سوى ما ربما توهم من كون الوجوب مقتضى العقد، كما يأتي منه في مسألة القبض، أو كونه لاجل حرمة الغصب، أو كونه من جهة الوفاء بالعقد، وفيه ان العقد لا يقتضى سوى حصول ما هو مضمونه من التمليك والتملك، وحرمة الغصب لا يقتضى الا عدم الامتناع عن تسليمه لو كان تحت يده، لا وجوب تسليمه لو امكن ولو بتحصيله. والوفاء بالعقد ليس الا القيام بمضمونه قبالا لفسخه ونقضه، فيكون " اوفوا بالعقود 1 " ايجابا للوفاء لو كان الوفاء والفسخ بالاختيار، وارشادا إلى عدم حصول الانفساخ لو لم يكونا كذلك، كما هو قضية غالب الاوامر والنواهي في المعاملات، ولا وجه هذا الفرض لارجاع وجوب الوفاء إلى وجوب ترتيب الاثار، مع انه لو سلم فليس التسليم فيما امكن من آثار النقل والانتقال، وقد فصلنا المقال في بيان معنى وجوب الوفاء فيما علقناه على الخيارات، فراجع ثمة. قوله (قدس سره): (ويضعفه منع توقف مطلق الانتفاع - الخ -). مع انه لو سلم، غير مقتضى للاشتراط، ضرورة ان كون الغرض من البيع نوعا متوقفا على التسليم، لا يقتضى بطلانه لو حصل احيانا، لا لهذا


[ 124 ]

الغرض اوله ولكن لم يترتب عليه وتخلف عنه. وتوهم كونه سفهيا لو لم يكن لهذا الغرض، في غاية السقوط، ضرورة ان صرف المال بازاء ما تعذر تسلميه فيما إذا كان هناك غرض اخر عقلائي، كعتق العبد الابق في الكفارة وغيرها، ليس بسفهى قطعا، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره)، وفيما لم يعتبر التسليم فيه رأسا، كما إذا اشترى من ينعتق عليه - الخ -). ربما يشكل بان انعتاق المبيع على المشترى الموجب لعدم استحقاقه التسليم، من احكام البيع وآثاره، ولا يكاد يترتب عليه آثاره الا إذا كان واجدا لشرايط الصحة، ومنها القدرة على التسليم، فكيف يسقط ما يعتبر في صحته بما يترتب عليها من الاثار؟ اللهم الا ان يقال بان دليل الاعتبار ما دل إلا على اعتباره في غير مثل هذا البيع، فافهم. قوله (قدس سره): (ثم ان الشرط هي القدرة المعلومة للمتبايعين). ظاهره كما يشهد به ما فرعه عليه ان الشرط هي القدرة الواقعية المعلومة، فلا يكفى القدرة الواقعية بدون القطع بها، ولا القطع بها بدونها، مع ان الدليل عليه لو كانت حديث نفى الغرر 1، كان قضية الاكتفاء بالقطع، ضرورة عدم الغرر والخطر معه وحصول الثقة بكمالها به، وعليه فلو باع ما لا يتمكن من تسليمه باعتقاد تمكنه منه صح ولو لم يتجدد، اللهم الا ان يدعى اجماع على اعتبار القدرة، وحديث نفى الغرر دل على اعتبار العلم بها ايضا، لكنه كما ترى لا يلائم الاستدلال به على اعتبارها، فافهم. قوله (قدس سره): (وهل يكفى قدرة الموكل؟ الظاهر نعم - الخ -). إذ لا غرر معه اصلا فيما علم به، كما لا يخفى، وهكذا فيما اعتقد بقدرة الوكيل، فانه وان اخطأ في اعتقاده، الا ان اعتقاده قد صادف الشرط، وبالجملة لا غرر مع الاعتقاد ولا فقد لشرط القدرة مع القدرة، فافهم.


ص 124 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 330 - ب 40 - ح 3.

[ 125 ]

قوله (قدس سره): (لانه مع اليأس عن الظفر بمنزلة التالف - الخ -). لا يخفى، انه لا دليل على هذه المنزلة شرعا، وثبوتها عرفا ممنوع مع امكان الانتفاع بالعتق وغيره، فيمكن الحكم بصحة بيعه بلا ضميمة، لاختصاص دليل اعتبارها بصورة رجاء الظفر ومع اليأس لا غرر، الا ان يقال باعتبار القدرة على التسليم ايضا، كما اشرنا إليه، فتدبر. قوله (قدس سره): (ومن عدم التسليط على مطالبة الثمن فافهم - الخ -). وليس هذا من باب رفع الغرر بما رتب عليه من الاثر، بل منع شمول اطلاق نفى الغرر 1 فيما له مثل هذا الاثر، فتأمل قوله (قدس سره): (وان اقتضى قاعدة التلف قبل القبض استرداد ما قابله من الثمن - الخ -). لا يخفى ان هذه القاعدة لا يقتضى الاسترداد، وكذلك لمنع كون البقاء على الاباق تلفا مع امكان الانتفاع بالاعتاق وغيره، كيف والا فقد ظهر ان بيعه كان من رأس باطلا، لظهور كونه تالفا، وكيف كان فلا مجال لقاعدة التلف قبل القبض هيهنا اصلا، فعدم رجوع المشترى إلى البايع بشئ، ليس على خلاف هذه القاعدة وعلى وفق القاعدة، فافهم. قوله (قدس سره): (لكن ظاهر النص انه لا يقابل الابق بجزء من الثمن - الخ -). فيه نظر فان الظاهر ان قوله (عليه السلام) في موثقة سماعة " فان لم يقدر على العبد كان الذى فقده فيما اشترى معه 2 " ليس بصدد بيان ان المقابلة في هذه الصورة يكون بين المثمن والضميمة، بل بيان الحكمة في ضم الضميمة في هذه المعاملة وانه مع عدم القدرة على العبد، ويكون ما فقده في مقابلة الضميمة خارجا، فافهم.


ص 125 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 330 - ب 40 - ح 3. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 263 - ب 11 - ح 2.

[ 126 ]

قوله (قدس سره): (ثم ان ظاهر اطلاق جميع ما ذكر، ان الحكم ليس منوطا بالغرر الشخصي - الخ -). بل ظاهر لفظ الغرر في النبوى، هو الغرر الشخصي. نعم لا يبعد ذلك في اخبار 2 اعتبار الكيل والوزن في المكيل والموزون، لكنه يمكن ان لا يكون ذلك لاجل الغرر، بل لرفع الجهالة كما دل بعض الاخبار على اخلال الجهالة بالصحة، وقد نقله المحدث المعاصر في مستدركات الوسائل 3، فراجع. قوله (قدس سره): (فالظاهر ايضا الجواز مع البنا، على ذلك المقدار - الخ -). فيه اشكال، فان البناء على ذلك المقدار لا يخرجه عن الغرر والجهالة بالمقدار، والا لكفى البناء على مقدار ولو لم يقدر بوزن أو كيل اصلا، ومقايسة على الاخبار بالمقدار مع الفارق، لاعتبار الاخبار مع عدم دليل على اعتباره، فتأمل. قوله (قدس سره): (فقد قيل ان الموجود في كلام الاصحاب - الخ -). لا يخفى ان اخذ المكيل والموزون في حكم هذا الباب، وفى حكم عدم جواز التفاضل في باب الربا، يمكن ان يكون بنحو السببية والموضوعية، ويمكن ان يكون بنحو العنوانية والكشف عما يكال أو يوزن من الاجناس مثل الحنطة، والشعير، والذهب، والفضة، وغيرها، فان كان بنحو الموضوعية كما هو الظاهر في هذا الباب، فلا يبعد ان يكون قضية اطلاقات ادلته كون المناط فيهما تعارف رفع الغرر والجهالة بالكيل أو الوزن، فما تعارف رفعهما عنه باحدهما في زمان أو مكان، فهو مكيل أو موزون في ذاك الزمان والمكان، فلابد فيه من رفعهما من احدهما، وان لم يكن كذلك في زمان أو مكان اخر،


ص 126 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 330 - ب 40 - ح 3. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 254 - ب 4 - ح 2. 3 - مستدرك الوسائل: 2 / 460.

[ 127 ]

ضرورة عدم رفع الجهالة والغرر عنه فيهما بغيرهما، ولابد من اعتباره بغيرهما في الزمان أو المكان الاخر ما تعارف فيه من العد أو المشاهدة، كما تعارف في بعض الالات المصوغة، والدراهم، والدنانير، وان كان بنحو الكشف والعنوانية لاجناس مخصوصة، كما هو غير بعيد في باب الربا، فقضية اطلاقات ادلته ان يكون المناط ما كان في زمان الشارع ومكانه، فان الحكمة عند عدم نصب دلالة، مع كونه في مقام البيان واختلاف جنس واحد في كونه مكيلا، أو موزونا، أو معدودا في زمانين أو مكانين، يقتضى ارادة ما كان بحسب زمانه ومكانه يكون كذلك، لتعينه وعدم تعين غيره مما كان كذلك في زمان أو مكان اخر، فكلما كان في زمانه ومكانه مكيلا أو موزونا، فلا يجوز بيعه بجنسه متفاضلين في مكان أو زمان آخر، وان كان معدودا، ولابد فيه من اعتباره بالعد، وعدم كفاية الوزن أو الكيل في رفع الجهالة والغرر، والمسألة بعد لا تصفو عن الاشكال، فتدبر. قوله (قدس سره): (فلو لم يفد ظنا فاشكال - الخ -). بل ولو افاد ظنا ما لم يفد وثوقا ليرتفع به الغرر، ضرورة انه لا يكاد يزول الخطر بمجرد الظن ولا يبعد ان يكون التقييد بذلك هو قضية الجمع بين الاخبار، ويشهد به قوله (عليه السلام) في بعضها " إذا ائتمنك فلا بأس 1 "، فراجع. قوله (قدس سره): (ويندفع الغرر ببناء المتعاملين على ذلك المقدار - الخ -). فيه نظر فان البناء على ذلك المقدار ولو كان رافعا للغرر، لكان البناء على مقدار في مجهول المقدار مما يندفع ولو لم يكن هناك به اخبار ولا اظن احد يلتزم به، مع ان مرجع البناء إما إلى اشتراط المطابقة في المبيع، أو إلى تقييده بصورتها وشرطها غررى، لعدم العلم بها فكيف يندفع به غرر الاخر المشروط بها وثبوت الخيار أو جواز الاسترداد للمقدار الزائد من الثمن، أو


ص 127 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 257 - ب 5 - ح 6.

[ 128 ]

الرجوع إلى البايع بالمقدار الناقص من ذاك المقدار من احكام الصحة المشروطة بان لا يكون هناك جهالة في العوضيين ولا غرر، والتقييد موجب لظهور بطلان البيع، مع ظهور عدم المطابقة مع انه تعليق وهو يورث بطلانه مطلقا، وبيع الغائب بالوصف اما تعبد على خلاف قاعدة نفى الغرر، أو يقيد بما يوجب الثقة بتحقق ما ذكر له من الاوصاف، كما هو الغالب. فافهم. قوله (قدس سره): (وليست صفة وجودية متاصلة - الخ -). بل ولو كانت صفة كذلك، لكنها إذا كانت ذات اضافة، كالقطع بطهارة احد الشيئيين أو بنجاسته مع طهارتهما أو نجاستهما، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (وفى هذا الوجه امر كلى غير متشخص ولا متميز بنفسه - الخ -). بل صادق على الاشخاص ويتميز بالوجود الخاص العارض عليه في ضمن افراده الخارج عنه، ما هو لازم كل واحد من المشخصات بخلاف الوجه الاول، فان احد المشخصات لها من المقومات، وله الدخل التام في المبيع، فافهم. قوله (قدس سره): (ويمكن دفع الاول بان مقتضى الوضع في قوله صاعا من صبرة - الخ -). وفيه ان مقتضى الوضع فيه ان يكون كليا كسائر الفاظ الاجناس على ما استقر عليه مذهب المحققين فيها وان كان المنساق عنه في العرف الفرد المشير، وكون المقدر بالصاع من الصبرة، كما يكون نحو الاشاعة في جملتها تارة كذلك يكون بنحو الانتشار في صيعانها والانطباق اخرى، فلا دلالة في اضافته إلى الصبرة إلى احدى هذه الخصوصيات، فافهم. قوله (قدس سره): (لان الكلى المبيع ثانيا انما هو سار في مال البايع وهو ما عدا الصاع من الصبرة - الخ -). يمكن ان يقال ان المبيع الثاني وان كان ساريا فيما عدا الصاع الا ان المبيع الاول بعد البيع الثاني ايضا يكون ساريا في خصوص ما عدا


[ 129 ]

الصاع، ويكون كل واحد من الصيعان قابلا، لان يعين كلا منهما فيه، كما إذا وقع البيعان دفعة فيكون الباقي بعد التلف قابلا لهما، كما كان قبل التلف فتخصيصه بالاول بلا مخصص حيث لا مخصص الا تعيينه، ولذا لو عينه للثاني ثم تلف ساير الصيعان، كان له كما عينه بلا ريب فتأمل جيدا. ثم لا يبعد ان يكون الباقي على هذا بينهما، كما إذا كان بيع واحد، واحتمال تخصيص احدهما بالقرعة أو تعيين مالك الصبرة، بعيد جدا. قوله (قدس سره): (الا دعوى ان المتبادر من الكلى المستثنى، هو الكلى الشايع - الخ -). فلا بحسب التالف عليهما، بل يختص بالمشترى، وهذا بخلاف ما إذا كان المستثنى كليا شايعا في الموجود وقت البيع، فانه يقتضى حساب التالف عليهما، لكن دعوى ان المتبادر ذلك، مع كون الاستثناء من الموجود في وقته لا يخلو عن جزاف. اللهم الا ان يدعى ذلك بملاحظة قرينة بناء المتعاملين غالبا، الظاهر من مساواتهما، فتأمل. قوله (قدس سره): (امكن ان يكون الوجه في ذلك ان المستثنى كما يكون ظاهرا في الكلى - الخ -). لا يخفى ان استثناء الصاع في بيع الصبرة، والارطال في بيع الثمرة، ليس الا لتحديد المبيع وانه غير الارطال والصاع منهما لا لاخراج المستثنى عن ملك المشترى بعدما دخل في ملكه فيكون الباقي بعد التحديد باق على ملك البايع كالباقي في بيع الصاع بلا تفاوت اصلا، فحال البايع في بيع الثمرة لم يقع موضوعا لحكم، كما في بيع الصاع من الصبرة، كى يلحظ بعنوان كلى، وانما الموضوع للحكم الملحوظ بهذا العنوان في كلا المبيعين هو المبيع، فلابد من اتحاد الحكم في الموضعين. اللهم الا ان يدعى ان الاختلاف انما جاء مما هو المتعارف جعله وشرطه في بيع الثمرة نوعا للمتبانى عليه المتبايعان لولا تساومهما من كون المشترى مختارا في التصرف وتعيين مال البايع، ولا يخفى ان التزامة اهون مما تكلف به - ره - في بيان الفرق، مع انه لا يكاد يجدى


[ 130 ]

بدون ذلك، ضرورة انه ليس قضية اعتبار مال كل واحد منها بعنوان كل استقلال المشترى في التصرف ولى التعين، بل عدم استقلال واحد منهما أو استقلالهما، كما هو واضح لا يكاد يخفى، ومعه لا يحتاج إلى ما تكلف به اصلا، فافهم واغتنم. قوله (قدس سره): (ليكون الباقي بعد تلف البعض صادقا على هذا العنوان - الخ -). الظاهر انه غلط من قلمه الشريف وحق العبارة ان يقول: مصداقا لهذا العنوان ولعنوان الصاع، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (من استصحاب الاشتمال 1 - الخ -). لا يكاد يجدى الاستصحاب الا إذا كان يفيد الاطمينان بالاشتمال، هذا ولو على القول بالاصل المثبت فان رفع الغرر من آثار الثقة به، لا من آثارها الواقعية، فافهم. قوله (قدس سره): (لان الاصل من الطرق التى يتعارف التعويل عليها - الخ -). لا يخفى ان الاصل وان كان مما يعول عليه، الا انه في ترتيب الاثار، لا إثبات ماله الاثر، الاعلى القول بالاصل المثبت، فانه عليه يثبته إذا كان من لوازم المستصحب لا من لوازم الوثوق به، وعدم الغرر ليس لا جرم عدم الثقة، بل من لوازم الوثوق به، كما اشرنا إليه في الحاشية السابقة، وقد عرفت ان البناء لا يوجب رفع الغرر وإلا لم يحتج معه إلى الاصل وغيره، فتذكر. قوله (قدس سره): (لانه لا ينتقض عن الغائب الموصوف الذى جاز بيعه 2 - الخ -). قد عرفت الاشكال مما مر في تأثير مجرد الوصف في رفع الغرر، ما لم


ص 130 * 1 - وفى الصمدر: ولو كان من جهة الاستصحاب الاشتمال. 2 - وفى المصدر: الذى يجوز بيعه.

[ 131 ]

يفد الوثوق بما وصف به، فان كان اجماع على صحة بيعه بالوصف مطلقا، فليقتصر على مورده، والا فالصحة محل نظر، لاجل الغرر، فتدبر. قوله (قدس سره): (ويمكن ان يضعف الاول بان يد المشترى - الخ -). لا يخفى ان التغيير انما يوجب الخيار لاجل الضرر، فيدور الخيار وجودا وعدما مداره كذلك، ولم يكن الضرر أو عدمه باثر شرعى يترتب على استصحاب موضوع آخر، فلا اصل يجدى في البين مع دعوى الخيار لاجل الغيير الا اصالة عدم ثبوت الخيار، والا ساير الاصول غير مجدية فيما هو المهم هيهنا من اثبات الضرر الموجب للخيار أو نفيه المستتبع لنفيه الاعلى القول بالاصل المثبت في بعضها، فلابد من التنزل إلى اصالة عدم الخيار، وكيف كان فالظاهر كون مدعى التغير هو المدعى، فعليه اقامة البينة واليمين على من انكر، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (فالمرجع إلى اصالة عدم وصول حق المشترى إليه كما في المسألة السابقة - الخ -). قد عرفت ان هذا الاصل غير مجد فيما هو المهم في المسألتين من اثبات الضرر الموجب لعدم لزوم البيع وثبوت الخيار، الاعلى الاصل المثبت، فان عدم اللزوم إنما يكون مترتبا على الضرر، لا على عدم وصول الحق وان استلزمه، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (فلا تأثير له عقلا في تمليك العين - الخ -). بل لا عقد فان مجرد الانشاء ما لم يتعلق بامر قابل عقلا ليتعلق به ما انشأ به واصالة الصحة انما يجدى فيما إذا كان الشك في الصحة والفساد العارضيين، لا فيما إذا كان الشك في اصل وجود المعروض، واصالة الصحة في الانشاء غير جارية، أو غير مجدية، فانه لا يكاد يحرز بها فيما إذا اشك الا الصحة التاهلية وهى مع القطع بها لا يوجب الحكم بوقوع البيع صحيحا، فضلا عما إذا شك فيها وقد احرزت باصالتها، فتدبر. قوله (قدس سره): (ويمكن ان يقال بعد منع جريان اصالة السلامة في الاعيان - الخ -).


[ 132 ]

بل مع جريانها فيها، فانه لا يقيد الا في ترتيب الاثار المترتبة على نفس السلامة، واما آثار المترتبة بواسطة الثقة بها فلا، ولو قيل بالاصل المثبت، فإن نفى الغرر يكون ملازما للوثوق بها، وهكذا حال كل امارة واصل محرز لها شرعا، فان كان مع قطع النظر عن اعتباره واقعا للغرر فهو، والا فلا يجدى اعتباره، كما مرت الاشارة إليه غير مرة. ان قلت: إذا كان بناء العقلاء على السلامة في الاعيان، والاقتحام في المهام مع الشك فيها بناء عليها كانت اصالة السلامة واقعا لغرر والخطر، والا فكيف وقع منهم الاقدام في الغرر والخطر؟ قلت: بناء العقلاء على السلامة مع الشك فيها، انما يجدى في جواز الاقدام على ما لا يؤمن ضرره، لاجل عدم سلامته وعدم قبح الاقتحام فيه، لا في حصول الامن ورفع الغرر المعتبر في الصحة شرعا، فتدبر. قوله (قدس سره): (ومتى كانت مقصوده لا على هذا الوجه، فلم يجب احرازها - الخ -). حيث كانت السلامة حينئذ كسائر الاوصاف المحتملة التى لا يعتنى بها كانت، أو لم تكن بلا تفاوت اصلا، فلا يكون مع عدم احرازها خطر، فلا غرر، لكن هذا فيما إذا كانت كذلك نوعا، واما إذا كانت كذلك شخصا وعند خصوص المتبايعين، فلا يجدى في رفع الغرر، بل اقتحام منهما فيه، لعدم المبالات بغرره، كما هو الحال في جميع الموارد الغررية التى يقتحم فيها، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (ولكن الانصاف ان مطلق العيب - الخ -). بل الانصاف، بعد الاعتراف بان الشك في السلامة عن بعض العيوب لا يستلزم الغرر كما منه (قدس سره) وقد اوضحناه في الحاشية السابقة، فلا وجه لوجوب احراز السلامة عنه لعدم الغرر، مع احتماله، ضرورة ان الغرر والخطر انما يكون فيما يتفاوت الحال مع هذا العيب والسلامة عنه، لا فيما لا يتفاوت اصلا، ضرورة انه مع احتمال عدم نبات الشعر في عانة الجارية مثلا، لا غرر عرفا، فلا يكون المستفاد من كلماتهم مخالفا لقاعدة نفى


[ 133 ]

الغرر، فتدبر. قوله (قدس سره): (وكفاية الاعتماد على اصالة السلامة - الخ -). قد عرفت ان اصالة السلامة غير مجدية في رفع الغرر، ولو قيل باعتبارها مطلقا أو في الجملة، فان قام الاجماع على صحة البيع مع عدم الاختبار، اوامر اخر يرفع به الغرر، فهو، والا فلابد من اعتبار ما يندفع به، لعموم نفى الغرر بلا مخصص يوجب تخصيصه بغير بيع ما يفسده الاختبار. قوله (قدس سره): (فينفسخ البيع حينئذ - الخ -). لا وجه لانفساخه مع وقوعه على المال الواقعي، وسقوطه عن المالية انما كان بعده بالكسر، ونحوه كما انه ليس له الرد بفساد السابق لاجل التصرف فيه بما يسقطه عن المالية، فليس له إلا الارش. قوله (قدس سره): (وحيث ان خروجه عن المالية لامر سابق على العقد كان مضمونا على البايع - الخ -). وذلك لعله لاجل ان التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له، وكان هذا وجه لزوم تدارك فوات المالية بتمام الثمن، لكنه خلاف ظاهر ما فرع عليه بقوله: (فيكون الارش هيهنا بتمام الثمن) فافهم. قول (قدس سره): (واما إذا انكشف الفساد حكم بعدم المالية الواقعة من اول الامر - الخ -). لا وجه لهذا الحكم فانه خلف حيث ان الفرض انما يكون فيما إذا كان مالا واقعا، وبالكسر ونحوه سقط عن المالية، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (فالعيب حادث في ملك المشترى - الخ -). نعم لكنه لعيب سابق مجهول، فيكون مضمونا على البايع بناء على ان ثبوته واقعا موجب للخيار، لا ظهوره، والا فلا يكون في زمن الخيار، بل قبله، فتدبر في اطراف كلامه، زيد في علو مقامه، فانه لا يخلو عن اغتشاش. قوله (قدس سره): (واعترض عليه بان الغرور قد لا يختص - الخ -). فيه ان الغرور وان ليكن مختصا بهذه الصورة الا ان كون البايع غارا، مختص بها، كما لا يخفى.


[ 134 ]

قوله (قدس سره): (واما لو لم يكن قابلا للتملك فلا يبعد - الخ -). بل في غاية العبد، فانه وان لم يدخل بالفسخ في ملك البايع الا انه له حق اختصاص به، فكأنه ما باعه، والحاصل انه بالفسخ يرجع إليه، فان كان قابلا للتملك يملكه، والا يخصه، كما إذا اباعه وصار كذلك بالفسخ، فافهم. قوله (قدس سره): (من القطع بان الحكم بمالية المبيع هنا شرعا وعرفا حكم ظاهري - الخ -). هذا فيما، إذا لم يكن قبل الكسر ونحوه، من الاموال الواقعية، وقد خرج به عن المالية، ولو علم بفساده، والا فالحكم بمالية حكم واقعى وقد حدث ارتفاعها في يد المشترى، ولعل ظاهر المحكى عن الشيخ - ره - واتباعه، من انه لو تبرء البايع عن العيب فيما لا قيمة لمكسورة، صح هوذا، لا ما، لا مالية له اصلا، ولا الاعم منهما حيث قال: فيما لا قيمة لمكسوره، وما قال: فيما لا قيمة له، وبه يوفق بينه وبين ما نقله عن الشيخ في المبسوط، والحلى، والعلامة فيما لم يشترط البرائة من الحكم ببطلان البيع، والتعليل بانه لا يجوز بيع ما لا قيمة له، حيث ان ظاهره، ما لا قيمة له اصلا لا لخصوص مكسورة، وعليه فالتوجيه وجيه. نعم يرد على الموجه ان ما استظهره منهم في هذه المسألة في غير محله مع التصريح بالبطلان والتعليل بما ذكر، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ثم ان الجمع بين عدم خروجه عن المالية، وبين عدم القيمة لمكسوره - الخ -). وجه الجمع ان عدم القيمة لمكسوره لا يوجب خروجه عن المالية مطلقا، ولو حال البيع وقبل الكسر وان كان يوجب خروجه عنها في حالة الكسر، فافهم. قوله (قدس سره): (لان الارش كما صرحوا به، تفاوت ما بين قيمتي الصحيح والمعيب - الخ -). ولعله تفسير ما هو الغالب فيه، والا فهو تفاوتهما بحسب القيمة وجودا


[ 135 ]

وعدما، أو قلة وكثرة، كما يشهد كلام العلامة - ره -. قوله (قدس سره): (ويندفع ما تقدم من بناء العرف على الاصل في نفى السفاد - الخ -). وقد تقدم انه لو سلم فانه انما يجدى في ترتيب ما يترتب على الصحة من الاثار، لا في رفع الغرر المتعتبر في صحة البيع شرعا، ولو على القول بالاصل المثبت، فتذكر، ولا يندفع به الغرر، فان كان اجماع على صحة بيعه كذلك، فهو المخصص لعموم نفى الغرر، والا فلا يجوز بيعه بدون ما يحصل به الوثوق من الاختبار أو الاخبار. قوله (قدس سره): (فالاولى ان يباشر البايع ذلك - الخ -). أو يباشره المشترى من قبل البايع باذنه، أو وكالته، لا مجرد اذنه في مباشرته، فافهم. قوله (قدس سر): (لو كان الشرط تابعا عرفيا، خرج عن بيع الغرر - الخ -). والتحقيق انه لو كان الاشتراط من قيود البيع، فانه وان خرج عن معقد الاجماع على اشتراط كون المبيع معلوما لكونه كذلك، الا ان البيع لا يخرج عن بيع الغرر لما فيه من الخطر من قبل قيده، الا ان يكون المراد من الغرر المنهى عنه 1، هو الغرر في البيع من قبل العوضين، لا فيه مطلقا، فتأمل. ولو كان من قيود العوضين فلا يخرج عن الغرر، ولا عن معقد الاجماع على الاشتراط، لكون المبيع مجهولا، ضرورة سراية الجهالة إليه من قيده، الا ان يدعى ان المتيقن من معقده، ما كان مجهولا بنفسه لا بقيده، ويؤيده الخلاف هيهنا وهو كما ترى، والخلاف انما يكون في الصغيرى، وتطبيق القاعدة الكلية عليها، لا في الكبرى، فافهم. قوله (قدس سره): (بل الاستثناء الحقيقي من المبيع يرجع إلى هذا - الخ -).


ص 135 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 330 - ب 40 - ح 3.

[ 136 ]

لان الاستثناء في الحقيقة تحديد ما هو المبيع وتعبيته، والبيع انما تعلق في الواقع بما بقى الاستثناء من المستثنى منه، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (فيجئ مسألة الاندار للحاجة إلى تعيين ما يستحقه البايع من الدراهم - الخ -). بل للحاجة إلى تعيين الثمن، فانه لو لم يكن الاندار لم يعلم ان الثمن أي مقدار، وانه مثلا ثمانية دراهم أو عشرة، ولا اظن اكتفائهم فيما يباع على نحو التسعير بتعين مقدار الثمن بعد البيع فيكون الاندار لتعيين ما يستحقه البايع، وبالجملة بعد البناء على الاكتفاء في تعيين مقدار المبيع بوزنه مع ظرفه، لابد من ايقاع البيع فيما يباع على وجه التسعير بعدما تعيين مقدار الثمن بالاندار لئلا يقع بازاء المجهول بحسب المقدار وعليه فالمدار فيه على ما تراضيا عليه تعارف به الاندار عند التجار اولا، علم زيادته أو نقيصته أو احتمل، كما لا يخفى. وقد انقدح بذلك عدم توجه الاعتراض على اعتبار التراضي بانه لا يدفع غررا، ولا يصح عقدا، حيث ظهر ان اعتبار التراضي ليس لاجل دفع الغرر، بل لاجل اعتباره العقد، فهو يصحح العقد وان لم يدفع الغرر. فتدبر. نعم لو كان الاندار لاجل عدم الاكتفاء في تعيين المظروف بوزنه مع ظرفه، واعتباره في الجملة في تعيينه بوزنه كذلك لتوجه الاعتراض، فافهم. قوله (قدس سره): (وكيف كان فالذي يقوى في النظر - الخ -). قد عرفت ان الاندار إذا لم يكن له دخل في صحة بيع المظروف، وكفاية وزنه مع ظرفه في صحته، وكان لتعيين مقدار الثمن، لم يعتبر فيه الا التراضي، وان علم انه يزيد أو ينقص. نعم لو قيل بصحة البيع على وجه تعيين الثمن بالتسعير، من دون تعيين مقداره الا بعد البيع، كان المقدار الثمن من الدراهم بمقدار ما للمبيع من الارطال مثلا، كان الاندار لتعيين ذاك المقدار، فلابد من ان لا يزيد ولا ينقص علما، أو تعبدا، حيث لم يرضيا الا بما هو الثمن، واصالة عدم زيادة المبيع عليه، لا يثبت ان مقداره ما بقى بعد


[ 137 ]

الاندار على الاصل المثبت، واصالة عدم استحقاق البايع ازيد مع يعطيه المشترى، غير مجدية لتعيين ما على المشترى، واصالة برائة ذمته عن الزائد، توجب اقتصاره على ما علم باشتغال ذمته به، فيجوز الاندار بما يحتمل زيادته ولا يحتمل نقيصته، فتأمل. قوله (قدس سره): (فالقطع بالجواز منضما، إذ لم يحصل من الانضمام مانع ولا ارتفع شرط - الخ -). إذا كان المجموع منهما مما يرتفع غرره لوزنهما معا وبيعهما جملة، والا فلا، لحصول الغرر من الانضمام مثلا إذا كان ظرف الزيت ونحوه مما يجوز ان يباع منفردا مع جهالة وزنه الموزن مع ظرفه صفرا، أو نحاسا، أو غيرهما مما غلت قيمته، ويختلف حسب اختلاف وزنه، فلا شبهة في ان بيعهما جملة بوزن واحد غررى، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (وعدم تقبيح عقاب من التفت إلى وجود الحرام في افراد البيع التى بزوالها تدريجا - الخ -). لا يخفى ان صحة العقاب على ارتكاب الحرام من الافراد، لا يقتضى وجوب معرفة حلالها وحرامها مقدمة، لعدم توقف ترك الحرام منها عليها، لامكان التحرز عنه بترك الاقتحام فيما علم وجوده فيها، كما يتفق معه عدم ارتكابه، غاية الامر مع الالتفات حينئذ كان متجريا لاقدامه على ما لا يؤمن حرمته. وقد انقدح بذلك انه لا وجه لوجوب التفقه عقلا من باب المقدمة، لعدم توقف ترك الحرام عليه للتمكن منه بدونه وارتكابه معه. نعم ربما يقع مع عدمه فيما لا يقع فيه من الحرام معه، ولعله اشار إليه قول مولانا امير المؤمنين عليه السلام 1 " من اتجر بغير علم فقد ارتطم في الربا " وقول الصادق (عليه السلام) 1: " من لم يتفقه في دينه ثم اتجر - الخبر - " ولا دلالة لهما، بل الارشاد الى ما لا يقع معه في الربا بلا بصيرة احيانا، غايته الدلالة على الاستصحاب. والاخبار الدالة على وجوب طلب العلم، وانه


ص 137 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 283 - ب 1 - ح 2.

[ 138 ]

فريضة 1، لا ظهور لها في ارادة خصوص العلم بالاحكام ومعرفة الحلال والحرام، أو ما يعمه، لقوة احتمال ارادة خصوص المعارف والاعتقاديات التى لابد من معرفتها لكل من قدر عليها، ولا محيص عنها، بخلاف المسائل الفرعية في باب التجارات فان المطلوب فيها، ليس الا الاجتناب عن المحرمات، وهو كما يكون مع معرفتها، يكون مع التورع وعدم الاقتحام في الشبهات، بل وكذا الحال في العبادات، فان المطلوب فيها ايضا، الاتيان بالواجبات، وهو ممكن عدم المعرفة بها، مراعات الاحتياط في الشهبات، وهذا لا ينافى وجوب تحصيل العلم بالاحكام كفاية على الانام، بلا اشكال ولا كلام. فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (نعم لا بأس بحملها على الكراهة - الخ -). لكنه مع ذلك لا يكون دليلا على الكراهة، الا بناء على المسامحة في دليلها، كالاستصحاب، وفيه نظر. نعم لا بأس بالالتزام بالكراهة الرجائية التى يكفى فيها مجرد احتمالها من دون حاجة إلى دلالة خبر اصلا، كما لا يبعد ان يكون هو المراد مما يوهم دلالته على المسامحة في ادلة المستحبات، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (ومما ذكرنا ظهر ان النهى في سائر الاخبار ايضا محمول على الكراهة - الخ -). قد عرفت النظر في كفاية الخبر القاصر عن افادة الحرمة سندا ودليلا على الكراهة، ولا يكفى في اثباتها الاصل، لمخالفتها بمعنى الاستصحاب، وقاعدة الحلية وانما الموافق له، هو عدم الحرمة، هو اعم من الكراهة، فافهم. قوله (قدس سره): (كما ان الظهور الخارجي الذى يستفاد من القرائن الخارجية - الخ -). يعنى القرائن الخارجية المكتنفة باللفظ بحيث كان اللفظ بملاحظتها عرفا، ظاهرا في هذا المعنى وان كان ظاهرا في غيره عرفا إذا لم يكن


ص 138 * 1 - الكافي: 1 / 30.

[ 139 ]

مكتنفا بها، والا لم يكن الظن والظهور الغير اللفظى، متبعا، فضلا عن ان يقدم على الظهور العرفي اللفظى. وبالجملة المتبع هو الظهور اللفظى الفعلى مطلقا، سواء كان الظهور الوضعي، أو الظهور الناشئ مما يكتنف به من مقال أو حال، فافهم. قوله (قدس سره): (فان الظاهر منه ان علة عدم البأس، وجود الباذل - الخ -). لا يخفى ان قضية عليته ليس الا ثبوت البأس على تقدير عدمه، وهو اعم من الحرمة. اللهم الا ان يكون الاحتكار عندهم معروف الحرمة، وهو غير معلوم، أو كان قوله (صلى الله عليه وآل): " اياك ان تحتكر 1 "، دالا على الحرمة، وهو محل نظر، بل منع، لكثرة استعمال هذا التركيب في كلامه (صلى الله عليه وآله) في الكراهة. ومنه ظهر عدم دلالة سائر الاخبار الدالة على ثبوت البأس بالمفهوم، واما ما دل منها على ثبوت الكراهة له بالمنطوق، فلولا ظهور لفظ الكراهة في خصوصها، فلا اقل من عدم ظهور في الحرمة والقيد بصورة عدم الباذل، مع دلالة ما دل على كراهة الاحتكار مطلقا، لا يصلح قرينة على ارادة الحرمة، لاحتمال الحمل على شدة الكراهة، كما ربما يشهد به اطلاق لفظها، والا يلزم التقييد بصورة وجود الباذل فيما دل على كراهة الاحتكار مع اطلاقه، والتأييد بما عن المجالس فيه، انه لو سلم دلالته على الحرمة، فهو اعم من مقصوده من الحرمة في صورة عدم الباذل من وجه، كما هو اخص منه من جهة التقييد باربعين يوما، فلا محيص عن حمله على شدة الكراهة التى لا ترتفع حزازتها بتصدق تمام ثمن ما احتكره، فكما يحصل الشدة بعدم وجود الباذل، ولو لم يحسبه اربعين يوما، كذلك يحصل مع وجوده إذا حبسه كذا، فافهم. واما وجوب البيع على المحتكر، فهو حكم مخالف للقاعدة على كل حال، إذ مجرد حرمة الاحتكار، لا يقتضى ازيد من إلزامه على تركه من باب


ص 139 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 316 - ب 28 - ح 3.

[ 140 ]

النهى عن المنكر باى نحو يريد، لا خصوص وجوب البيع عليه. وما عن الشيخ الجليل، ان كان فيه التأييد على الحرمة، الا انه لا شهادة فيه على الفرض، ومحل الحاجة، ولعله اريد قسم خاص اخر ممن احتكر، واطلاقه غير وارد في مقام البيان، كما هو اوضح من ان يحتاج إلى بيان. فافهم. ولله الحمد على ما هدنا لهذا، وما كنا لنهتدي به لولا ان هدانا. وقد فرغ عنه مؤلفة الجاني في العشر الثاني من شهر ربيع الثاني من شهور سنة ثمانية عشر بعد ثلاثمأة والالف من الهجرة النبوية، على هاجرها الف الف صلوة وتحية.


[ 141 ]

2 - كتاب الخيارات


[ 143 ]

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد الله رب العالمين، والصلوة والسلام على محمد وآله الطاهرين. ولعنة الله على اعدائهم اجمعين إلى يوم الدين. قوله (قدس سره): (فيدخل ملك فسخ العقد الخ -). الظاهر ان المراد من الملك هيهنا هو السلطنة لا الاختصاص الخاص المستتبع لها، ومن فسخ العقد، نقضه وحله، لا مجرد رفع اثره بدونه، كما في رد العين في الهبة، والترادفى المعاطات، والسلطنة على الفسخ ليست بخيار نفسه، بل من آثاره واحكامه، فانه من الحقوق تورث وتسقط، وهى كسائر الاحكام لا تورث ولا تسقط، كيف وقد لا يكون لذى الخيار سلطنة على الفسخ لحجره، كما قد يكون لغيره، كما في احد المتعاملين بعد استقالة الاخر، فان له الفسخ بناء لى ان الاقالة فسخ. وقد انقدح بذلك ان خروج الجواز في العقود الجائزة عن التفسير، انما هو لاجل عدم الفسخ، لا لاجل التعبير بالملك، كيف وقد عرفت ان ملك الفسخ ليس بحق الخيار نفسه ولا من خواصه. ومما ذكرنا ظهر ان الخيار، حق خاص، وهو اعتبار واضافة مخصوصة بين العقد والاشخاص يستتبع آثارا، منها السلطنة على الفسخ. قوله (قدس سره): (ففيه ان مرجعه إلى اسقاط حق الخيار - الخ -). يمكن ان يقال: ان اقرار العقد، هو امضائه وإبرامه، وهو ليس اسقاط حق الخيار، وان كان سببا لسقوطه، كما ان الفسخ يكون كذلك،


[ 144 ]

حيث انه يضمحل به بتبع انحلال موضوعه. وبالجملة فرق واضح بين إسقاطه وإعماله، وإبراما وإنفاذا، أو فسخا وحلا، وان كان كل من الابرام والفسخ سببا لسقوطه وارتفاعه اولا، أو بتبع موضوعه. ولا يبعد ان الاعتبار يساعد على ان يكون الشيئان اللذان لابد منهما في متعلق الخيار، وحق يقتضى اختيار صاحبه أي واحد منهما شاء ابرام العقد بالتزامه به وفسخه، لا الفسخ وتركه، وربما يشهد به ما في بعض الاخبار، مثل ذلك رضى منه، كما لا يخفى، فافهم. قوله (قدس سره): (وهذا حسن). لكن لا يناسب ما ذكره في التذكرة في توحيه الاصل ايضا، مع عدم اختصاصه كسابقه بالبيع، بل يجريان في كل عقد شك في جوازه ولزومه، كما يأتي الاشارة في كلامه، زيد في علو مقامه. قوله (قدس سره): (انما ينفع مع الشك في ثبوت الخيار خصوص البيع - الخ -). بل ينفع مع الشك في ثبوت الخيار فيه وفى غيره، كما هو واضح، وانما لا ينفع إذا كان الشك في اللزوم والجواز من حيث الحكم الشرعي، ولو كان في البيع، كما في المعاطاتى منه إذا شك في جواز التراد فيه، كجواز الرد في الهبة عدم جوازه، كما في البيع بالصيغة، فانه من حيث الشك في الحكم الشرعي بالجواز بلا خيار أو اللزوم، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (ومنها قوله تعالى " اوفوا بالعقود 1 " - الخ -). قبل بيان دلالتها على اصالة اللزوم لابد من تمهيد مقدمة ينفع في النقض والابرام فيما هو المهم في المقام، وهى: ان لزوم العقد (تارة) بمعنى وجوب الوفاء به تكليفا مع نفوذ فسخه ونقضه وضعا، كما في تدرالفعل وعهده قبالا لجوازه كذلك. (واخرى) بمعنى وجوب العقد وثبوته وضعا وعدم نفوذ فسخه ونقضه قبالا للجواز، بمعنى نفوذ بسبب حق الخيار أو بمجرد الحكم


ص 144 * 1 - المائدة: 1.

[ 145 ]

كما في الاقالة، بناء على انها فسخ. (وثالثة) بمعنى الحكم بثبوته باثره بحيث لا يرتفع اصلا قبالا للجواز، بمعنى الحكم بنفوذ رفعه حقا، كما في الاخذ بالشفعة، أو حكما، كما في الرد، والهبة، والتراد في المعاطات. فالعقد اللازم من جميع الجهات كالنكاح، فيما إذا لم يكن في البين عيب يوجب الخيار، وكما ان الجائز من جميعها بيع احد الشريكين بالمعاطات، ومن بعضها غيره من افراد البيع، وسائر انواع التجارات، وبعض الهبات. ولا يخفى ان اللزوم في محل الكلام، ومورد النقض والابرام في المقام، انما هو بالمعنى المقابل لجواز الفسخ بالخيار، بخلاف ما هو البحث في مسألة المعاطات، فانه بالمعنى المقابل لجواز رفع الاثر بالتراد، أو بالمعنى المقابل لجواز الفسخ بمجرد الحكم على احتمال غير بعيد. وإذا عرفت هذا، فمجمل الكلام في الآية، ان الوفاء يكون عبارة عن القيام بمضمون ما يتعلق به من عقد، أو عهد، أو وعد، والالتزام به وما يتحقق به، هذا يختلف باختلاف مضمونها، فان كان فعلا اختياريا، كما في الوعد، ونذر الفعل كالتصدق بماله، فهو العمل على وقفه، والحركة على طبقه. وان لم يكن كذلك، كما في نذر النتيجة، ككون ماله صدقة، في العقود، فان مضمامينها وان كانت افعالا اختيارية، كالتمليك، والتزويج، وغيرهما، الا انها تسبيبة يتحقق قهرا بمجرد انعقادها، فالوفاء بها يكون عبارة عن إقرارها والبناء عليها، قبالا لنقضها وحلها شرعا فيما ينقض، أو تشريعا فيما لا ينقض، وليس مجرد عدم ترتيب البايع أو المشترى، اثار ملكية المشترى أو البايع للمثمن أو الثمن، بان تصرف كل فيما صار إلى الاخر بدون اذنه بعنوان التعدي عليه، مضرا بالوفاء ان لم يكن مؤكدا له، كما لا يخفى. ولا يذهب عليك ان الآية على هذا، لا دلالة لها على ما هو المهم في الباب من اللزوم، قبالا لجواز نفوذ الفسخ بالخيار، ولا على ما هو المهم في مثل باب المعاطات، وبعض الهبات من جواز الرد، والتراد، ونفوذهما. وانما تدل على وجوب اقرار العقود، والبناء عليها، وعدم نقضها وحلها تكليفا لا وضعا. وكذا يمكن منع دلالتها على ما أفاده - ره - لها من المعنى، لامكان منع الاطلاق اولا، وعدم


[ 146 ]

جواز التمسك به لو كان، ثانيا، إذ مع الشك في تأثير الفسخ يكون من باب التمسك بالعموم أو اطلاق، فيما لا يعلم عليه انطباق المطلق أو العام، ضرورة انه مع تأثيره، ليس عدم ترتيب الاثر، من النقض وعدم الوفاء، حتى يقال بعدم جوازه باطلاقها. ومن هنا ظهر انه لا وجه لتخصيص هذا الاشكال بالايتين الاخيرتين 1، كما يأتي في كلامه زيد في علو مقامه. وهذا كله لو كان المراد من العقد، كما افاده مطلق العهد أو ما يسمى عقدا لغة وعرفا. واما إذا كان المراد خصوص عهود الله تعالى، أو عهودهم في الجاهلية، كما نقل التفسير بهما عن ابن عباس 2 وغيره، فالآية اجنبية عما نحن بصدده. ثم لا يخفى ما في عبارته - ره - " والمراد من وجوب الوفاء العمل - الخ - " من الخلل، وحقها ان يقال: والمراد من الوفاء. أو يقال: لزوم العمل. وقد عرفت ان الوفاء وان كان بحسب المفهوم واحدا، الا انه يختلف بحسب ما يتحقق به عملا والتزاما، حسب اختلاف العقود، والنذور، والعهود. قوله (قدس سره): (بل قد حقق في الاصول، ان لا معنى للحكم الوضعي - الخ -). قد حققنا فيما علقناه على الاستصحاب من الرسائل، ان الوضع يختلف، فمنه ما لا معنى له الا ذلك، كالشرطية، والجزئية، والمانعية، ونحوها. ومنه ما هو اضافة خاصة، واعتبار خاص، يترتب عليه عرفا وشرعا، آثار ينتزع عن منشأ انتزاع عن عقد أو ايقاع، ونحوهما كالملكية، والولاية، والوكالة، ونحوها، لا يكاد ان ينتزع بدون منشأ انتزاعها من الآثار التكليفية. نعم ربما يكشف عنها بترتب ما يخصها منها، ومن جملة ما يصح انتزاعها عنها، جعل من له السلطنة اياها، فبمجرد جعل الشارع الولاية له


ص 146 * 1 - " احل الله البيع " (البقرة: 275) و " لا تأكلوا اموالكم بينكم بالباطل " (البقرة: 188). 2 - تفسير مجمع البيان - 2 / 8 (في تفسير قوله تعالى: اوفوا بالعقود - سورة المائدة - الآية 1).

[ 147 ]

على احدا وملكيته لشئ، يصير وليا ومالكا، وفى العرف بمجرد جعل السلطان له واليا أو حاكما، أو غيرهما، يصير كذلك، ويصح اتصافه بذاك المنصب. ومنه ما ليس بذا ولا بذاك فلا يكون مجعولا بنفسه، ولا بمنشاء انتزاعه كالعلية، والسببية، ونحوهما مما لا يكاد يكون حقيقة لشئ ما لم يكن بينه وبين غيره ربط خاص لا يكاد يكون بمجرد الجعل الشرعي. ومن اراد الاطلاع على حقيقة الحال، فليراجع ما علقناه على الاستصحاب. قوله (قدس سره): فان حلية البيع التى لا يراد منها الا حلية جميع التصرفات - الخ -). فيه منع لقوة احتمال احلال البيع وضعا بمعنى انفاذه وامضائه المستتبع لاحلال التصرفات تكليفا مع امكان ارادة احلاله تكليفا من حيث التسبب به إلى ترتيب الاثار، كما هو الظاهر من التحليل والتحريم المتعلقين بالمعاملات، فيدل بالملازمة العرفية على الصحة والفساد. فلا وجه لان يراد من الآية 1 حلية التصرفات، لاحتياج ذلك إلى التصرف، وهو بلا موجب تعسف، مع انه لو سلم، فلا إطلاق فيها، حيث انها في مقام بيان امضاء المنع والردع عن الربا. ومنه ظهر الاشكال في الاستدلال على اللزوم باطلاق حلية اكل المال بالباطل، فان الاطلاق مسوق لبيان التصرف عن الاكل بالباطل إلى الاكل بالتجارة، لا لبيان انها سبب لها على كل حال وعلى كل كيفية، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (وتملكه من دون اذن صاحبها باطل عرفا - الخ -). أو احتمال عدم كونه باطلا شرعا، غير ضائر بعد الاستطهار من إطلاق الباطل، ان المدار فيه ما يعد عند العرف باطلا، وان نظرهم هو المتبع في تعينه شرعا، وحينئذ لابد من الاقتصار في ترخيص الاكل بالباطل العرفي على موضوع الدليل الدال على جواز الاكل به. ولا يخفى انه من باب التخطئة،


ص 147 * 1 - البقرة: 275.

[ 148 ]

لا التخصيص، فافهم. وقد انقدح بذلك انه لا يكاد يتم تقريب الاستدلال على المهم، الا فيما إذا احرز ان استحقاقه الفسخ في هذا العقد، وفى هذا الحال باطل عرفا، وهو غير مجد في تمام المطلوب. قوله (قدس سره): (كشف ذلك عن حق للفاسق متعلق بالعين - الخ -). لا يخفى ان جواز تملك العين كما انه يكون عن حق متعلق بها، موجبه لصحته، كما في حق الشفعة، كذلك يكون عن محض حكم بجوازه كما في الهبة والمعاطات، أو يكون عن حق متعلق بالعقد، مورث لانفساخه وحله بالفسخ، فكيف يكون كاشفا عما ذكره، الا ان يكون مراده ذلك كله، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (ومما ذكرنا ظهر وجه الاستدلال بقوله: لا يحل 1 - الخ -). لا يخفى انه دلالة على اللزوم الا بالمعنى الذى في قبال جواز الرد أو التراد، لا بمعناه المهم المقابل لنفوذ الفسخ بسبب حق الخيار، وليس التمسك به مع الشك فيه الا من باب التمسك بالعام فيما لا يعلم انه من مصاديقه. منه يظهر الاشكال في الاستدلال بقوله " الناس مسلطون - الخ - 2 "، بداهة انه لا دلالة على عدم ثبوت الخيار في العقد وعدم انفساخه وانحلاله بالفسخ، فانه انما دل على السلطنة على الاموال، لا على الاحكام، ومع الشك في نفوذ فسخه لم يعلم ان تصرفه فيما انتقل عنه بالعقد تصرف في مال، أو مال غيره، فيكون التمسك بالناس، على عدم جوازه من ذاك الباب، أي التمسك بالعام فيما لم يعلم انه من مصاديقه. قوله (قدس سره): (لكن لا يبعد منع صدق الشرط - الخ -). سيأتي منه (قدس سره) في باب الشرط، صحة استماله في الالزام


ص 148 * 1 - وسائل الشيعة: 3 / 424 - ب 3 - ح 1. 2 - بحار الانوار - 2 / 272.

[ 149 ]

الابتدائي، لوقوعه في الاخبار كثيرا، وعدم حجية ما في القاموس مع تفرده، فراجع. ولا يبعد ان يكون من ذلك. استعماله في الزمانين، إذ ليس مجرد ربطه بغيره، كافيا في اخراجه عن الابتدائي، بل لابد في ذلك من كون الالزام والالتزام في البيع ونحوه، لكن لا يخفى انه دلالة له ايضا على اللزوم وبالمعنى المهم، بل على اللزوم التكليفى، وانه لا يجوز الا عن ان يرفع إليه عن شرطه، ويحرم عليه التخلف عن موجبه، كما عرفت في الآية الاولى، ولو سلم دلالته على التقريب المتقدم فيها، فلا دلالة له ايضا، لما عرفت فيها وفى غيرها، من منع الاطلاق اولا، وعدم جواز التمسك به مع الشك في تأثير الفسخ ثانيا، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ومنها الاخبار المستفيضة 1 - الخ -). يمكن المناقشة فيها بان دلالتها على وجوب البيع، وانه لا خيار لهما بعد الرضاء انما هو بلحاظ ما هو بمقتضى بنفس البيع لا للامور العارضة احيانا، من غبن، وعيب، ونحوهما. ولاجل هذا لا يكون ادلة ساير الخيارات مخصصة لها، كما لا يخفى، فتأمل. قوله (قدس سره): (وهذا الاستصحاب حاكم على الاستصحاب المتقدم - ا لخ -). لا يخفى انه لو سلم الشك في بقاء العلاقة، وعدم دعوى القطع بانقطاعها، فلا يكون استصحابها حاكما على ذاك الاستصحاب، فان مستصحبه ليس من آثار مستصحبه شرعا قد رتب عليه في الخطاب، ليحكم على استصحابه، استصحابه. قوله (قدس سره): (بناء على ان الواجب هنا - الخ -). هذا، وان كان الواجب الرجوع إلى استصحاب حكم المخصص في مثل خيار الغبن إذا شك في فوريته، لا الرجوع إلى عموم الوفاء، فإنه بمثل دليل خيار المجلس لا ينقطع عمومه، بل يمنع عن مجيئه وتعلقه مع ثبوت


ص 149 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 345.

[ 150 ]

المقتضى له، من اطلاق متعلقه، فقنصر في تقييده على المتيقن، لكنه كذلك لو كان اطلاق العقود مسوقا لبيان الحكم فيها بلحاظ حالاتها وطواريها، ولم يكن مسوقا لبيانه، لا بلحاظهما، كما هو ليس ببعيد، وعليه يكون الواجب، الرجوع إلى الاستصحاب في زمان الشك، لا عموم الآية 1. قوله (قدس سره): (فيبقى ذلك الاستصحاب سليما عن الحاكم فتأمل - الخ -). لا يخفى انه مع تواتر الاخبار بانقطاع الخيار، فلا يبقى مجال لذلك الاستصحاب ايضا، ولعله اشار إليه بامره بالتأمل. قوله (قدس سره): (نعم هو حسن في خصوص المسابقة وشبهه - الخ -). لا حسن له في مثلها ايضا اصلا، فان لها اثرا لا محالة لم يكن قبل انعقادها، ويرتفع بعده بفسخها، إذا اثر، ومع الشك فيه، فالاصل بقائه وعدم زواله، ولعله اظهر من ان يخفى. قوله (قدس سره): (بناء على ان المرجع - الخ -). لكن بناء على ذلك ايضا يشكل الرجوع إلى العمومات السابقة مع الشك في تأثير الفسخ بما عرفت في الشك في الحكم باللزوم، من انه من باب التمسك بالعام فيما لا يعلم انطباقه عنوانه عليه، فانه مع الشك في تأثير الفسخ في الفرد المردد يكون التسمك به من هذا القبيل ايضا، فلا تغفل قوله (قدس سره): (فان الاصل عدم قصد القربة - الخ -). قد يعارض بان الاصل عدم قصد غيرها، اللهم الا ان يقال اللزوم انما رتب شرعا على قصدها، وما رتب الجواز على قصد غيرها، كى يعارض اصالة عدم قصدها باصالة عدم قصده، والجواز انما رتب على الهبة وان قيدت بدليل الصدقة، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (والاولى ان يقال، ان الوكيل - الخ -). والتحقيق ان يقال: ان الظاهر من البيع، انما هو المتصدي لاصل


ص 150 * 1 - المائدة: 1.

[ 151 ]

البيع أو الشراء، مالكا كان، أو وليا، أو وكيلا، ضرورة صدقه عرفا على الولى، أو الوكيل المباشرين له، وعدم صحة صلبه عنه، ومجازفة دعوى الانصراف مع كثرة صدوره من الاولياء، والوكلاء، بل كثرة استعمال البايع والمشترى فيهما، كما لا يخفى، لا الوكيل في خصوص الصيغة، لصحة سلبه عنه عرفا، وتبادر غيره منه قطعا، كما ان الظاهر من الاخبار ان جعل مثل هذا الخيار، انما هو لاجل الارفاق بالبيعين لترويا في بيعهما فيفسخاه، أو يمضياه بالرضا، ولا يخفى انه انما يتأتى في خصوص ما إذا كان لكل منهما اختيار في فسخ البيع برضى الاخر وحله، كما كان لهما اختيار عقد كذلك وشده، دون من لم يكن له الا إختيار العقد دون امضائه وفسخه بعد ايقاعه، كالوكيل في خصوص بيع شئ أو ابتياعه، بحيث يكون بعد صدوره منه اجنبيا عنه، إذ معه بعيد جدا ان يجعل له الخيار ارفاقا به ليتروى فيختار، وان ابيت الا عن عدم انصراف الاطلاق لمسوق مساق الارفاق إلى ذلك، فلا اقل من انه المتيقن منه في مقام التخاطب به، ومعه لا يكون دليلا على غيره. ومن هنا ظهر عدم دلالة الاخبار على ثبوت الخيار للوكيل في بيع شئ إذا لم يكن مستقلا في عقده بالحل كشده، وان كان مستقلا في التصرف في مال الموكل قبل العقد وبعده بانحائه، كما انه لا مانع عن دلالتها على ثبوت الخيار للوكيل المفوض إليه حله كعقدة، وان كان ممنوعا عن التصرف في ماله اصلا، وذلك لما عرفت من ان الخيار يكون حقا متعلقا بالعقد مستتبعا للسلطنة على فسخه وامضائه، لا بالمال. وبذلك قد انقدح الخلل فيما علل به عدم ثبوت الخيار للوكيل في مثل شراء العبد، أو في مجرى صيغة العقد. ثم ان الظاهر من الاخبار 1 بقرينة الغاية، ان الخيار انما يكون للبيعين، فيما إذا كان لهما اجتماع للبيع، لا فيما إذا لم يكن هناك اجتماع، أو كان ولم يكن للبيع، فلا دلالة لتلك الاخبار على


ص 151 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 345.

[ 152 ]

ثبوت الخيار للموكلين وان صدق انهما بيعان ما لم يجتمعا على البيع، كما إذا اجتمعا للمعاملة بنفسهما ولم يكن توكيلهما الا في اجراء الصيغة. اما إذا لم يجتمعا، أو اجتمعا لا في مجلس عقد الوكيلين، بل ولو اجتمعا في مجلسهما، حيث انه ليس لاجل المعاملة، لاستقلال الوكيلين بها، كما هو الفرض على اشكال، من اطلاق الغاية، ومن ان المنساق منه بقرينة السياق الافتراق عن الاجتماع البيعى، ولا اقل من انه المتيقن منه، وكون المستفاد من سائر ادلة الخيارات كونها للمالك، لا يقتضى كون هذا الخيار له مطلقا، وكذا اقترانه في بعض النصوص بخيار الحيوان الثابت فيه لصاحب الحيوان، كما لا يخفى، فان صاحب الحيوان هو المشترى وان كان وكيلا، كما عبر به في غير واحد من نصوص خيار الحيوان لا خصوص المالك، مع انه لو سلم ظهوره فيه، فهو لا يقتضى بوجه كون البعين ظاهرا في المالكين، مع انه لو سلم فيختص حينئذ بالموكلين، وهو خلف، ضرورة ان الغرض شموله للوكيلين، وثبوت حق أو حكم للوكيل بما هو نائب ووكيل لا يستلزم ثبوته لموكله إذا لم يكن بالتوكيل، بل بما يخصه من موجب أو دليل، مع انه لو سلم فانما هو فيما إذا ثبت له بما هو وكيل، لا بعنوان اخر، وان توقف بتحققه له على وكالته، كما في المقام، وكيف ولاخيار للموكلين إذا لم يحضرا بلا اشكال، ومجرد كون، الخيار ارفاقا بالمالك فيما ثبت له الخيار بدليل، لا يستدعى ثبوته له كذلك بلا دليل. نعم ربما يقال بوجوب مراعات المصلحة على الولى، والوكيل، أو عدم المفسدة في الفسخ، أو الامضاء، الا برضاء الموكل، فكما ليس لهما التصرف في مال المولى عليه، والموكل، والقرب منه بالعقد، الا عن المصلحة، أو مع عدم المفسدة كذلك، لا يجوز لهما القرب منه والتصرف فيه بفسخه، لعدم اختصاص الايات والروايات الدالة على اعتبار ذلك بالتصرف فيه بالعقد، ومجرد كون التصرف بالعقد عن حكم، وبالفسخ عن حق، لا يوجب تفاوتا بينهما في شمول تلك الايات والروايات لاحدهما دون الاخر، كما لا يخفى، فلا يجوز منهما الفسخ، أو الامضاء مع المفسدة، أو بدون المصلحة على


[ 153 ]

اختلاف الاولياء، أو الخلاف فيها الا عن الوكيل برضاء الموكل، فعلى هذه لاخيار للموكلين الا فيما إذا لم يستقل الوكيلان بالتصرف، وانقدح الخلاف فيما ذكره من الوجوه على ثبوته لهما ايضا، فيما إذا استقلا، إذا كان لهما ذلك، ثم هذا عزل الوكيل المستقل بعد البيع وقبل الافتراق، أو انعزال الوالى كذلك، يوجب سقوط خيارهما وجهان: من ان ثبوته لهما بما هو وكيل أو ولى. ومن الاستصحاب والاطلاق المقتضى لامتداده إلى الافتراق ان لم يمنع عنه بانه مسوق للبيان من غير هذه الجهة، ولكنه في الاستصحاب كفاية، ما لم يقم دليل على ان الخيار يدور مدار ولايتهما، أو وكالتهما، وصيرورتهما بذلك بيعين، فيعمهما الاخبار، ويثبت لهما الخيار، لا يستلزم ان يدور بقائه مدار ذلك، نعم لو كان ثبوته في الدليل معلقا على احد العنوانين، لا يبعد الاستظهار ذلك، واين هذا مما إذا كان الحكم معلقا على عنوان باق، ولو كان تحققه موقوفا على اخر زائل، فتدبر جدا. واما لو مات الولى أو الوكيل في المجلس، ففى انتقال الخيار إلى الوارث، أو إلى المالك، أو سقوطه، وجوه: من انه حق تركه الميت، فلو ارثه. ومن ان ملك المالك اقوى من ملك الوارث، كما علل العلامة في التذكرة على ما حكاه. ومن كونه مبنى بالافتراق عن اجتماع على البيع، كما عرفت استظهاره من رواياته ومثله، مما لا يتركه، بل مما يزول بموته. لا يقال: ان الغاية هيهنا ايضا لا محالة تكون، فان الاجتماع والافتراق، وان كان بالابدان، الا ان التصرف منهما عند الاطلاق حال الحيوة، فمع موت احد البيعين في مجلس العقد، لم يبق من طرفيهما الا احدهما، فلا اجتماع، فلا افتراق. نعم لو كان المراد ثبوته ما لم يتحقق هناك افتراق، ولو لاجل انتفاء موضوعه وطرفه، كان هذا الخيار مما يترك لكنه كما ترى، خلاف ما هو ظاهر الاخبار من ثبوته للبيعين الذين من شأنهما، الاجتماع، والافتراق، وامتداده إلى زمان الافتراق، ولا تفاوت فيها في ذلك بين ما يكون فيه حتى يفترقا، وما يكون فيه ما لم يفترقا، كما لا يخفى. وبالجملة عموم ادلة الارث له، مشكل، واشكل منه ما ذكره


[ 154 ]

العلامة - اعلى الله مقامه - في التذكرة في وجه انتقال الخيار إلى الموكل دون الوارث، فان كان مراده منه، ان ملك الموكل للخيار واستحقاقه له، اقوى من ملك الوارث، من باب " اولوا الارحام بعضهم اولى 1 " فهو عين الدعوى، كما ترى. وان كان مراده غير ذلك، فهو غير بين ولا مبين. وكيف كان، فالاصل عدم الانتقال، لا إلى الوارث، ولا إلى المالك، ولم ينهض دليل على خلافه. ولا يخفى انه يلزم من ذلك عدم انتقاله إلى الوارث مطلقا، ولو كان الميت مالكا ولا ضير في الالتزام به. ولا ينافيه اتفاقهم ظاهرا، على ان الخيار مما يورث، فانه فيما إذا لم يكن هناك خصوصية له، لا يكاد يترك لاجلها، فتدبر. قوله (قدس سره): (مضافا إلى ان ادلة الخيارات اثبات حق وسلطنة - الخ -). لا يخفى ان حق الخيار لا تعلق له بما انتقل عنه بالعقد، حتى يصح دعوى ان مفاد ادلته ما افاده - ره - بل بالعقد كما مرت إليه الاشارة غير مرة. والصحيح ما اشرنا إليه من دعوى انصرافها إلى اتيانه المتعاقدين بعد الفراغ عن نفوذ فسخهما للعقد بالتراضى، كما مر. وقد انقدح بذلك، ان وجه عدم رجوع المشترى الشاك في الانعتاق، أو وجوب الانفاق، والاعتاق، إلى ادلة الخيار، ان هذه الادلة لا تعلق لها بما انتقل إليه، بل بالعقد، فلا دلالة لها في اثبات الخيار على جواز رده على البايع، فلا ينعتق، ولا يجب ان ينفق أو يعتق، وجواز فسخ العقد لا ينافى حصول الانعتاق، أو وجوب الانفاق أو الاعتاق، غاية الامر انه إذا فسخ العقد، وقد انفق أو اعتق، فعليه البدل، كما إذا انعتق، لا ما زعمه - ره - من ان الوجه هو عدم المفروغية من السلطنة على ما انتقل إليه، للشك في السلطنة عليه حسب الفرض.


ص 154 * 1 - الانفال: 75.

[ 155 ]

قوله (قدس سره): (فكل من سبق من اهل الطرف الواحد - الخ -). هذا إذا تحقق لهم، الخيار، لا بما هم اشخاص، بل بما هم بيع، والا كان المقام ايضا من تقديم الفاسخ على المجيز مثل تلك المسألة، فليس التفاوت بينهما في ذلك، لاجل ان الغرض هيهنا في طرف واحد وهناك في طرفين، كما يظهر مما ذكره في بيان الفرق بين المقامين، بل لاجل ان الخيار هيهنا للجنس، وقضيته نفوذ اعمال السابق من افراده، وفى تلك المسألة كان الخيار لكل واحد من الطرفين بشخصه، ولو فرض العكس بان يكون الخيار للجنس الشامل للبيعين، كان اعمال من سبق من الطرفين اجازة أو فسخا نافذا، كما انه إذا كان الخيار في مسئلتنا لكل واحد من افرادهما كان من مسألة تقديم الفاسخ، فافهم. قوله (قدس سره): (اقويها الاخير - الخ -). وذلك لان الغاية افتراق الجنسين والبايع والمشترى، وما دام كان واحد من الاصيل أو الوكيل من كل واحد مع احدهما من الاخر في المجلس لم يفترق الجنسان، بل بعض مصاديقهما، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (لان المتيقن من الدليل ثبوت الخيار - الخ -). لا يخفى انه من الواضح عدم دلالته، الا على ذلك، لا انه المتيقن من دلالته، ولو قيل بثبوته له، فانما هو لاجل دعوى انه قضية تفويض الموكل بسبب كالصلح فالوجه في عدم ثبوته له بذلك، هو الاصل، مع ما اشرنا إليه من انه لا يقبل لان ينتقل. قوله (قدس سره): (فالوجه في عدم ثبوته للفضوليين - الخ -). بل الوجه ما ذكرنا في الوكيل في البيع، ومجرد العقد عليه، لا فسخه وحله، فان الفضول لا يكون له بعد العقد فسخه، ولو برضاء الاخر، كما في الاقالة. وهذا بخلاف المالك العاقد في الصرف، والسلف قبل القبض، فله الفسخ بعده، بل قبله، فلا يجدى معه القبض. قوله (قدس سره): (مندفع باستقراء سائر احكام المتبايعين - الخ -). بل مندفع بعدم دليل على الاشتراط، مع اطلاق دليل الخيار لو كان،


[ 156 ]

والا لا يفيد استقراء الاحكام، فانه ليس بتام، مع انه ما لم يقد القطع لا يجدى مطلقا، لكنه لا اطلاق مع جعل الغاية، الافتراق، وكونه مبنيا على الغالب، يمنع ايضا عن شمول اطلاق المغيى لغير الغالب، ولا يكاد يتم الاطلاق بالنسبة إلى الغالب وغيره، مع اختصاص الغاية به، كما لا يخفى. نعم لو كان الغاية، هو الافتراق المقابل لعدمه بتقابل السلب والايجاب، لا العدم والملكة، كان الخيار ثابتا للواحد الواجد للعنوانين، كما هو ثابت للاثنين، الا ان الظاهر انه بتقابل العدم والملكة، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (الا ان يدعى ان التفرق غاية مختصة - الخ -). قد عرفت ان اختصاص الغاية بصورة يمنع عن شمول اطلاق المغيى لغيرها، وانما لا يمنع عن شمول الحكم لها واقعا الحكم واقعا لغيرها. وبالجلمة لا يمنع عن الشمول ثبوتا لا اثباتا فافهم. قوله (قدس سره): (لكن الاشكال فيه - الخ -). إحتمال اختصاص لمناط بما إذا كان هناك افتراق، كما هو قضية ظاهر الدليل. قوله (قدس سره): (فالظاهر بقائه إلى ان يسقط - الخ -). ولا دليل على افتراقه عن المجلس، كما قيل، فان الغاية هو افتراق البيعين، لا الافتراق عن المجلس. قوله (قدس سره): (والمشهور، كما قيل، عدم الخيار - الخ -). تحقيق المقام ان متعلق الخيار لما كان هو العقد لا العوضيين، وان كان يسرى اليهما اثره إذا فسخه، كان تلفهما بنفسهما أو بماليتهما، غير مناف لثبوته، فإذا عمل بدليل الخيار، واختار الفسخ، يرجع الباقي منهما بنفسه والتالف ببدله، إلى المالك الاول. وانما المنافات بين جواز التراد، أو الرد، كما في المعاطات على وجه، وفى الهبة، وبين تلف العين بنفسها أو بماليتها، كما لا يخفى. وما افاده (قدس سره) بناء على القول باعتبار خروج الملك عن ملك من انتقل إليه، إلى ملك من انتقل عنه في الفسخ ولو تقديرا، من انه لا وجه للخيار فيما نحن فيه، فانه يمتنع خروج المعتق عن ملك المشترى إلى ملك البايع


[ 157 ]

ولو تقديرا، فانه لا يترتب على ملكه له، لو قدر سوى الانعتاق. فلا يبقى مجال للانتقال منه إلى البايع، فيمتنع الخيار بامتناع شرطه فيه انه انما يترتب الانعتاق على مكليته له حقيقة، واما الملكية التقديرية، فلا يترتب عليها، إلا ما لاجله تقديرها، وفيما نحن فيه يكون تقديرها لاجل انتقال. لا يقال: ملكية المشترى للمنعتق عليه، المعقبة بالانعتاق، ليست بحقيقية، بل تقديرية، فانه لو سلم هذا فانما يكون تقديرها هيهنا لاجل ذا توفيقا بين ما هو قضية البيع من التمليك وما دل على الانعتاق به، لا ان تقديرها مطلقا مستلزم للانعتاق. وبالجملة لابد في الانعتاق في البيع، من التقدير، لا أنه يترتب عليه لا محالة في أي مقام، بل لا يكاد يترتب عليه، الا ما تدعوا الضرورة وضيق الخناق إلى التقدير لاجله، وفى المقام ليس الا تلقى الفاسخ عن المفسوخ عليه، لا الانعتاق. هذا، مع ان تلقى الفساخ عنه لا يتوقف على صحة تقدير الملك واعتباره، فيما إذا تعذر تلقيه العين بنفسه، فانه وان كان التلقى كذلك متعذرا، الا انه لا يتعذر تلقى ملك العين ببدلها، فكان العين محفوظة ببدلها وبماليتها، فتنقلب بالبيع بنفسها، ورجعت بالفسخ ببدلها. وتصحيح التلقى عن المفسوخ عليه بذلك، ليس باقل من تصيحية بالتقدير، فان فيه اعتبار الملكية، ولا ملكية حقيقة، وفى ذلك اعتبار بقاء العين المملوكة، ولا بقاء لها كذلك. ولا يخفى انه لابد في اصل العقد بالفسخ من احد الاعتبارين، والا لم يكن فسخا وحلا، بل كان عقدا على حده. فانقدح بدلك انه بناء على القول بان الفسخ لا يقتضى ازيد من رد العين لو كانت موجودة، وبدلها ان كانت تالفة، لا محيص عن ان الفاسخ يتلقى الملك عن المفسوخ عليه. غايته التلقى عليه بالبدل، وعلى القول الاول تقدير تلقى العين بنفسها. فتلخص ان شرط صحة الفسخ، وهو تلقى الفاسخ عن المفسوخ عليه تقديرا باحد الاعتبارين، حاصل على كل حال، فلا يكون هناك مانع عن إعمال دليل الخيار.


[ 158 ]

واما ما افاده - ره - من ان اقدام المتبايعين مع علمهما بالانعتاق على المشترى، اقدام على اتلاف ماليته، والاقدام عليه كانه شرط سقوط الخيار في العقد، انه حق في العين، ففيه انهما ما اقدما الاعلى نفس المعاملة الموجبة للانعتاق المحكومة بالخيار إلى الافتراق والحاصل ان الخيار ليس من احكام المعاملة المستتبعة للانعتاق، بل هما معا من آثار نفس ما اقدما عليه من العقد على العبد، كما هو قضية دليلهما، فلابد من ترتيب كل منهما عليه إذا لم يكن بينهما تناف، وترتيب خصوص ما كان العقد علة تامة له، أو لعلته التامة دون الاخر، لو كان بينهما الشافي، وعدم ترتيب واحد منهما لو لم يكن بينهما تفاوت في السنبة إلى العقد مع التنافى، لاستحالة الترجيح بلا مرجح، ولا يتفاوت فيما ذكرنا بين كون تأثير العقد في الخيار أو الانعتاق بلا واسطة أو معها، بل التفاوت انما يكون بما اشرنا إليه، كما لا يخفى. وقد انقدح بما حققناه موارد النظر فيما افاده (قدس سره) أو نقله في المقام. وعليك بالتأمل التام في اطراف الكلام. قوله (قدس سره): (فدفع الخيار به اولى واهون من رفعه - الخ -). لا يخفى ان رفع الخيار بالاتلاف أو النقل، انما هو ولاجل انه الرضاء بالعقد وكاشف عن امضائه، واين هذا من الاقدام على عقد يترتب شرعا عليه الخيار، والانعتاق معا بمقتضى دليلهما، كما اشرنا إليه، فيكون كل منهما اثرا شرعا لما أقدما عليه، لا ما اقدما عليه خارجا، كى يكون اولى بالدفع، مه انه مجرد اعتبار في قبال دلالة غير واحد من الاخبار 1 على ثبوت الخيار، ولعله اشار إلى بعض ذلك بامره بالتأمل، فتأمل قوله (قدس سره): (وان تردد في القواعد بين استرداد العين - الخ -). وجه تردده، التردد في كون الملك مطلقا سبيلا منفيا، أو كون المنفى، هو خصوص الابتدائي، والملك الحاصل بالفسخ، وان كان بحسب الحقيقة ابتدائيا يتلقاه الفاسخ من المفسوخ عليه من الحين، الا انه عادة الملك


ص 158 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 345.

[ 159 ]

الاول بحسب اللحاظ، واعتبار ان الفسخ هو انحلال السبب الاول وارتفاعه، ورجوع العوضين إلى ما كانا عليه، كانه لم يكن من الاول شئ في البين. ويمكن ان يكون وجه التردد، هو ما في الفسخ من اللحاظين، فافهم. قوله (قدس سره): (ومنها شراء العبد نفسه - الخ -). عدم ثبوت الخيار فيه بناء على ان البيع هو التمليك مما لا ينبغى ان يرتاب فيه، ولا شبهة تعتريه، حيث انه على هذا ليس ببيع حقيقة لعدم فتأمل تملك الانسان نفسه وان كان بلفظ البيع، واما بناء على انه تبديل مال بمال فلا وجه لعدم ثبوته. ودعوى انصراف ادلة الخيار عنه بلا وجه بعد كونه من افراد البيع حقيقة وترتيب سائر احكامه عليه بادلتها شرعا، ولو صح دعوى الانصراف فيها، لكانت ادلتها منصرفة عنها، فلم يكن دليل عليها، الا ما قام في خصوصه عليه دليل، فافهم. ومع الشك في صدق البيع، فالمرجع هو اصالة اللزوم، لا اطلاق ادلة الخيار، فان التمسك به كان من باب التمسك بالاطلاق فيما اشتبه من المصداق. قوله (قدس سره): (ولعله من جهة احتمال اعتبار قابلية العين للبقاء بعد العقد - الخ -). لا وجه لاعتباره بعد ما عرفت من كون الخيار متعلقا بالعقد لا بالعين، فاندفع، الاشكال بما في جامع المقاصد، من ان الخيار لا يسقط بالتلف، فان غرضه بيان ان متعلق الخيار ليس العين، كى يكون تلفها مانعا عن ثبوت الخيار، أو دافعا له، فلا يتوجه عليه ما علل به - ره - عدم اندفاع الاشكال به، ولعله اشار إليه بامره بالتأمل. قوله (قدس سره): (الا ان ملاحظة كلام الشيخ في المقام بقرينة - الخ -). وان كان يبعده نفيه الخيار عن غير واحد مما يدخله الخيار، فيما إذا وقع في ضمن البيع، وكلام المبسوط لا يخلو عن تهافت، فراجع. قوله (قدس سره): (وموافقه عمل الاصحاب لا يصير مرجحا بعد العلم - الخ -). فان علمهم بعد العلم بذلك، لا يكشف عما لو ظفرنا به كما ظفروا،


[ 160 ]

لرجحناها به على ادلة الخيارات، فتفطن. قوله (قدس سره): (لانها مسوقة لبيان ثبوت الخيار باصل الشرع - الخ -). لا يخفى انه بمجرد كونها مسوقة لذلك لا يرتفع المعارضة من البين، بداهة تحققها لو دلت على ثبوته فعلا مطلقا ولو بملاحظة الطوارى، وانما يرتفع المعارضة لو كانت مسوقة لبيان ثبوته اقتضاء، من غير نظر إلى الطوارى اصلا، كما هو مقتضى التوفيق بينها وبين ما دل على الاحكام للعناوين الطارية عليها، بحيث لا يرتاب فيه ولا شبهة تعتريه، لو كانت ظاهرة في ثبوتها فعلا مطلق ولو مع طروها، والا بان لم يكن دالا الا على ثبوتها اقتضاء، كما هو ليس ببعيد، فلا يكون ادلتها معارضة بادلتها اصلا، كى يوفق بينهما، كما لا يخفى. وكيف كان هو ادلة احكام الطوارى، وادلة الشروط بالاضافة إلى ادلة الخيار من هذا القبيل، فلا اشكال في لزوم اتباعها، إما لعدم معارضتها بها، أو توفيقا بينهما. واما دعوى تبادر صورة الخلو عن الاشتراط في دليل الخيار، كما سيأتي التصريح منه (قدس سره): (فمجازفة، ضرورة انه لو لم يكن دليل المشروط، لم يظن باحد ان يدعى تبادر صورة الخلو عن دليله، ولذا لو اخل بواحد من شروط نفوذها في شرط عدم الخيار يحكم بثبوته لا محالة، مع انه لو كان الدعوى صادقة، فلا دليل على ثبوته مع شرط عدمه، وان اخل بشرطه، فافهم. قوله (قدس سره): (لان الشرط في ضمن العقد الجايز لا يريد حكمه - الخ -). لا محيص عن تبعية مثل هذا الشرط للعقد وان قلنا بلزوم الشرط في ضمن العقد الجايز نفوذه، وان المتيقن من تخصيص ادلة الشروط، هي الشروط الابتدائية، وذلك لعدم امكان بقاء هذا الشرط مع انحلال العقد، كما هو واضح، وكذا الحال في كل شرط وعقد جايز كان موضوعا له، ومما يقتوم به، فتفطن.


[ 161 ]

قوله (قدس سره): (قد يستشكل التمسك بدليل المشروط - الخ -). كما يشكل من وجه آخر وهو ان عدم الخيار كثبوته، من الاحكام، لا من الافعال التى تحت الاختيار، كى يصح شرطه، ويجب الوفاء به. وبالجلمة " المؤمنون عند شروطهم 1 " لا يوجب ان يكون الشارط مشرعا، وانما يوجب الوفاء فيما صح له التسبب إليه لولا الشرط شرعا حتى يجب بشرطه الالتزام به، وليس له جعل حكم أو نفيه لولاه بنحو، فيلزمه بشرطه، كما هو واضح. والجواب ان الحقية كالملكية من الاعتبارات العقلائية التى يتوسل إليها بما جعل سببا لها ابتداء أو امضاء ومنشاء لانتزاعها، والشرط جعل شرعا من اسبابها، لعموم وجوب الوفاء بالشروط 1. لا يقال: انما الخيار من الحقوق لا عدمه. لانا نقول: إذا كان ثبوته مما صح له التوسل إليه، وكان مما يقدر عليه، كان عدمه كذلك، إذ لا يعقل ان يكون احد الطرفين تحت الاختيار، دون الاخر. فتفطن. قوله (قدس سره): (فلزومه الثابت بمقتضى عموم وجوب الوفاء بالشرط 1، عين لزوم العقد - الخ -). فلا يتوقف على لزومه، فيدور. وبالجملة مجرد دليل نفوذ الشرط، كاف في الحكم بلزوم الشرط، والعقد من غير توقف في البين بين اللزومين. فافهم. قوله (قدس سره): (وبعبارة اخرى، المقتضى للخيار، العقد بشرط لا - الخ -). وقد عرفت عدم صحته وان المنساق من اطلاق مثل (البيعان) هو ثبوت الخيار اقتضاء، لا بنحو العلية والفعلية، ولو سلم الانسباق، فلابد من الحمل عليه، لا العقد بشرط لا توفيقا، إذا ظهور هذه القضية في الطبيعة


ص 161 * 1 - مستدرك الوسائل: 2 / 473.

[ 162 ]

لا بشرط، اقوى من ظهورها في كونها فعلية وبنحو العلية، كما لا يخفى، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (الا ان مجمل القول في دفع ذلك فيما نحن فيه، انا حيث علمنا - الخ -). بل القول الفصل في دفعه، انه إذا لم ان الحكم ثبت على نحو الفعلية والعلية التامة بنص دليله أو بالقرائن المقالية، أو الحالية، أو الامور الخارجية، يكون شرط خلافه، مخالفا للكتاب والسنة، هو ليس مما لا يوجد وان قل، من دون حاجة في الحكم بصحة الشرط إلى اثبات ان خلاف الشرط مما يكون شرعا، فلو لم يعلم ان الخيار، كما افاد، لقلنا بصحة الشرط جمعا، وتمام الكلام في مبحث الشرط فانتظر. ان قلت، إذا كان لدليل الخيار، دلالة على ثبوته بنحو الفعلية والعلية مطلقا، اولو بملاحظة الطوارى، فلابد من العمل به لعدم معارضته بدليل الشرط، لكان استثناء الشرط المخالف للكتاب أو السنة فيه، لوضوح انه لا يعارضه معه، ضرورة انه ما دل لاجله، الا على وجوب الوفاء بالشرط الغير المخالف، ودليل الخيار دل على كون شرط عدمه، شرط مخالف، فلا معارضة بينهما اصلا، كى يوفق بالحمل على ثبوته بنحو الاقتضاء، فافهم. قلت: نعم لا معارضة بينهما لمكان الاستثناء، لكن لا يبعد ان يكون مثل دليل الشرط المتعرض لحكم العناوين الطوارى بمجرده قرينة على الحمل، وان مثل دليل الخيار اقتضائي. وبالجملة دعوى ان العرف بعد ملاحظة اثبات الحكم للعناوين الثواني بادلتها، يحكم بان ادلتها متبعه في الحكم الفعلى، لا ادلة العناون الاولية، وان كانت دالة على ثبوت الاحكام لها بنحو الفعلية غير بعيدة. هذا لو قيل بان الاستثناء من المخصص المتصل. واما لو قيل بانه من المنفصل فلا اشكال في معارضة مثل دليل الخيار بدليل الشرط، هذا، مع ان العمدة كون ادلة الخيار مهملة بملاحظة الطوارى، كما هو الشأن في جميع ادلة الاحكام، كما عرفت.


[ 163 ]

قوله (قدس سره): (واما عن الثالث، فبما عرفت من ان المتبادر من النص - الخ -). قد عرفت ان دعوى تبادره، مجازفة، وان المتبادر هو اقتضاء البيع مطلقا للخيار، فالصواب في الجواب ان الشرط مانع عن ثبوته، مع وجود مقتضيه، لا إبطالا له، ولا استقاطا لما لا يجب، بل معه لا يكاد يتم علته، فعدمه بعدم العلة، الا باسقاطه. فافهم. قوله (قدس سره): (والاحتمال الاول اوفق بعموم (وجوب الوفاء، بالشرط 1) الدال على وجوب ترتيب آثار الشرط، وهو عدم الفسخ - الخ -). لا يخفى ان استدلال بعموم وجوب الوفاء، لعدم نفوذ الفسخ، لا يكاد يتم الا بوجه دائر، أو التمسك بالعام فيما اشتبه كون من مصاديقه، ضرورة انه لا معنى لوجوب الوفاء بالشرط، مع انحلال البيع، وانفساخه بالفسخ، فيكون التمسك بالعام بلا احراز عدم تأثيره الفسخ به، يكون تمسكا به في المصداق المشتبه، ومعه يلزم الدور، لتوقف عدم تأثيره على شموله، وهو يتوقف على عدم تأثيره، وهو واضح. واما منذور التصدق ففيما إذا تمكن من استرداد العين بوجه، بخيار، أو استيهاب، أو غيرهما، فلا مجال لتوهم عدم نفوذه بيعه، غايته انه يجب عليه استرداده والتصدق به. وفيما إذا لم يتمكن من الاسترداد، فالاستدلال بعموم وجوب الوفاء لعدم صحة بيعه، يستلزم احد المحذورين، بداهة عدم تعقل الوفاء مع صحته، فالاستدلال بعموم وجوب الوفاء على عدم صحته، مع احراز عدم الصحة به، يستلزم الدور، وبدونه تمسك بالعام في المصداق المشتبه. فظهر ان الظاهر هو صحة الفسخ في المقام، والبيع في منذور التصدق. نعم لو نذر صدقته بنحو نذر النتيجة، فيكون بيعه فضوليا، لا ينفذ منه بلا اجازة، ولا يبعد ان يكون منذور بنذر النتيجة، هو مراد من منع عن


ص 163 * 1 - مستدرك الوسائل: 2 / 473

[ 164 ]

نفوذ بيعه. ومن هنا ظهر الحال في شرط الاسقاط. فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (بقى الكلام في ان المشهور، ان تأثير الشرط - الخ -). ربما يشكل صحة شرط عدم الخيار في السابق، ولو قيل بصحة الشروط الابتدائية، أو كان في ضمن عقد اخر بان شرط عدمه يرجع إلى شرط عدم تأثير العلة التامة لاثرها، فان البيع مطلقا، وان لم يكن بعلة تامة كما عرفت، الا ان البيع المطلق يكون علة تامة، والبيع حسب الفرض وقع مطلقا لا مقيدا. وبالجملة البيع مع هذا الشرط السابق، وقع كما إذا لم يكن شرط اصلا، كما لا يخفى. وهذا بخلاف ما إذا وقع شروطا بعدم الخيار، فشرط عدمه في خارجه، لا يوجب تفاوتا في ناحيته. فان قلت: نعم، لكنه يستكشف بدليل الشرط ايضا ان البيع المطلق مقتضى، وليس بعلة تامة. قلت: انى لدليل هذا الشرط، هذا الشأن حيث لا يحدث بنفسه خصوصية موجبة لطرو عنوان اخر عليه، فيحكم بحكم آخر لا يقتضيه بنفسه، بل يقتضى نقضه أو ضده. ومجرد عنوان كونه مما شرط خارجا عدم الخيار فيه، ليس مما يلتفت إليه في عناوين الافعال، والا كان باب احتمال منع ما يطرء عليه من قبيل هذا العنوان، مفتوحا من وجوه لا تعد ولا تحصى، ولا يجوز سده بالرجوع إلى دليل ثبوت الخيار، الا إذا قيل بكون مقتضاه فعليا بملاحظة مثل الوجود المنتزعة من الامور الخارجية، وحينئذ يقع التعارض بينه وبين دليل الشرط، ولا شبهة في كونه اظهر. هذا مع قطع النظر عن استثناء الشرط المخالف للكتاب أو السنة، ومعه فالامر اوضح، فتدبر. هذا كله بملاحظة نفس دليل الخيار والشرط، لكن صحيحة مالك بن عطية 1، لا يخلو من الاشعار، بل الدلالة على نفوذ شرط عدم الخيار في الخارج، والفرق بين موردها، وما نحن فيه، بكون الشرط في المورد ليس سابقا على ما يوجب الخيار


ص 164 * 1 - وسائل الشيعة: 16 / 95 - ب 11 - ح 1.

[ 165 ]

لولاه، بخلاف ما نحن فيه، غير فارق، بعد اشتراكهما في كون الشرط في خارج السبب، فتأمل. قوله (قدس سره): (لم يصح لصحة النذر - الخ -). عدم صحة البيع والشرط بناء على ان النذر المتعلق بالعين، يوجب عدم تسلط الناذر على التصرفات المنافية له، انما يكون فيما إذا لم يتمكن من استرجاع العين باستيهاب، أو شراء، أو نحوهما والا فليس شرط سقوط الخيار بمناف له، كما لا يخفى. لكن قد عرفت ان الاقوى ان النذر لا يوجب ذلك، وكذلك الشرط. قوله (قدس سره): (فحوى ما سيجئ من النص الدال - الخ -). لا يخفى امكان منع الفحوى، فان السلطنة على اعمال الخيار بايجاب كفسخه، لا يستلزم السلطنة على اصل الخيار باسقاطه وابقائه بوجه، فضلا عن الفحوى، كما ان تسلط المالك عن الملك، غير مستلزم لتسلطه على الملكية بحيث يتمكن من رفع اليد عنها والاعراض عن الملك على القول بتأثيره، انما هو من انحاء السلطنة على نفس الملك لا المليكة، ويكون حاله حال الاسباب الناقلة، ولو سلم انه من باب السلطنة على الملكية، فانما هو بدليل علي حده، لا بفحوى دليل السلطنة على المال 1، ولذا كان محل الخلاف والاشكال. لا يقال: دلالة الاسقاط على الرضاء بالبيع، اقوى من دلالة التصرف عليه، وقد علل الامام (عليه السلام) سقوط الخيار بانه الرضاء 2. فانه يقال: انما الكلام في سقوط الخيار بالاسقاط بنفسه، لا بما هو كاشف عن اعمال الخيار بالرضا بالبيع، واقراره والا لم يكن بمسقط عليحدة، فضلا عن كونه هو المسقط الحقيقي، كما افاده قدس سره. وبالجملة، الكلام انما يكون في ان حق الخيار، أو غيره من الحقوق هل


ص 165 * 1 - بحار الانوار: 2 / 272. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 351 - ب 4 - ح 1.

[ 166 ]

يسقط بالاسقاط اولا، كما هو الحال في الاحكام، فتفطن. قوله (قدس سره): (ولعله لفحوى تسلط الناس على اموالهم 1 - الخ -). لا يخفى ان تسلط الناس على اعيان الاموال ليس الا لاجل علاقة الملكية واختصاصها الخاص بهم، وليس بين الاشخاص وحقوقهم اختصاص اصلا، فضلا عن ان يكون اقوى من ذاك الاختصاص، كى دل دليل التسلط على الاموال، على التسلط على الحقوق بالفحوى، وانما يكون الحق نفسه، هو اعتبار خاص بين ذى الحق ومتعلقة، ويكون بازاء الملكية لا الملك، بل لو كان دليل على حدة على تسلط الناس على حقوقهم، لم يكن بدال على تسلطهم على اسقاطها لما مر منا ان مثل دليل السلطنة، ليس في مقام تشريع السبب ولا المسبب من التصرفات، بل انما يكون في مقام اثبات السلطنة للمالك على ما ثبت جوازه ونفوذه من التصرفات واسبابها، قبالا لحجره ولعل وجه القاعدة كون الحق عند العقلاء، اعتبارا خاصا يسقط باسقاط صاحبه، ولذا صارت مسلمة، ضرورة انه لو كان الوجه ما ذكره من الفحوى، لما كانت بهذا التسالم، كما لا يخفى. وقد انقدح بذلك ما في استدلاله (قدس سره): (بالفحوى المتقدمة على سقوط الخيار بكل لفظ يدل عليه باحدى الدلالات العرفية، ولا يخفى ما في استدلاله عليه بفحوى ما دل على كفاية بعض الافعال في اجازة عقد الفضولي من منع الملازمة اصلا، فضلا عن الفحوى، لوضوح تحقق ما هو الصغرى لما هو الكبرى في الفضولي من صيرورة العقد للمالك وبطيبه بذلك، وعدم لزومه تحقق السقوط بكل لفظ، كما لا يخفى، وكذا ما في استدلاله عليه بصدق الاسقاط النافذ، يقتضى ما تقدم من التسلط على اسقاط الحقوق، من انه عرفت ان نفوذ الاسقاط بمقتضى تسلط الناس على الاموال، لو سلم لا يقتضى تحققه باى لفظ كان، وليس هناك لفظ اسقاط، كى يدعى صدقه على الاسقاط بكل ما يدل عليه من الالفاظ. نعم لا يبعد


ص 166 * 1 - بحار الانوار: 2 / 272.

[ 167 ]

دعوى القطع بتحققه كذلك بعد الفراغ عن نفوذه، فافهم. قوله (قدس سره): (وان اختار الامضاء ففى سقوط خيار الامر خياره - الخ -). لا يخفى ان النزاع على بعض الاقوال يكون صغرويا، وعلى بعضها يكون كبرويا، فلو كان النزاع في ان هذا الامر يكون غاية تعبدا لهذا الخيار، كما في بعض الاخبار من غير نظر إلى دلالته، فالمختار انه لا يكون غاية بنفسه، لعدم دليل عليه الا ذاك البعض من الاخبار، وهو ليس من طرقنا، ولو كان النزاع في انه يكون دالا على امضائه وايجابه البيع، فالظاهر انه يختلف حسب اختلاف الحالات والمقالات، ضرورة انه لا دلالة له بنفسه على ذلك، والمرجع مع الشك، هو اصالة بقاء الخيار. قوله (قدس سره): (ومنه انه لو اجاز احدهما وفسخ الاخر - الخ -). هذا لو كان الخيار بمعنى ملك فسخ العقد وعدمه فسخه واجازته، لكن من خصوص ذى الخيار بان يكون اجازته، موجبة للزوم العقد من طرفه، كما إذا لم يكن له خيار، لا من الطرفين، كما إذا لم يكن خيار في البين، والا كان بين اجازة احدهما، وفسخ الاخر تعارض، لو كانا في زمان واحد، وينفذ المقدم منهما لو كانا في زمانين. ومجمل الكلام انه لو لم يكن اجماع في المقام، لا يبعد دعوى ان قضية اطلاق دليل الخيار للبيعين، هو ثبوته لكل منهما، كثبوته للاجنبي في كون ولاية امضاء العقد مطلقا وفسخه لكل منهما، كما كان له كذلك، كما لا يخفى. اللهم الا ان يقال: وضوح كون جعل الخيار لهما للارفاق، يأبى الاعن كونه بمعنى نفوذ اجازته من طرفه وفسخه. فافهم. قوله (قدس سره): (ولا اشكال في سقوط الخيار به ولا في عدم اعتبار ظهوره في رضاهما بالبيع - الخ -). هذا ينافى ما يأتي من اعتبار الرضاء بالبيع ودعوته ان المتبادر من الافتراق ما كان عن رضى بالعقد، كما لا يخفى.


[ 168 ]

قوله (قدس سره): (فإذا حصل الافتراق الاضافي ولو بمساه ارتفع الخيار، فلا يعتبر الخطوة - الخ -). قضية اطلاق الافتراق عدم ارتفاع الخيار ما لم يحصل الافتراق المطلق وبقائه ما دام صدق الاجتماع، بالجملة، فمقتضى الاطلاق كون الغاية للخيار هو الافتراق المطلق، لا مطلق الافتراق، كى يرتفع بالاضافي، ولو بمسماه، فلا تكفى الخطوة والخطوتان، بل لابد مما يصدق معه، انهما افترقا بقول مطلق. ولعله وجه انه مشى (عليه السلام) خطاء ولم يتقصر على خطوة ولا خطوطتين 1 فافهم. اللهم الا ان يدعى قيام الاجماع هي كفاية الخطوة، وهو كما قوى. قوله (قدس سره): (فذات الافتراق من المتحرك واتصافها بكونها افتراقا من الساكن - الخ -). لا يتصف الحركة بالافتراق، كالسكون اصلا، وانما هما معا سبب واحد بحصوله لكل من الساكن والمتحرك بنحو حصوله للاخر، بلا تفاوت، كما لا يخفى. وبالجملة الافتراق القائم بالاثنين كما يحصل بحركة كل إلى جانب اخر يحصل بحركة احدهما، وسكون الاخر من غير فرق بين الصورتين في عدم اتصاف الحركة به، بل انما كان حصوله لهما بدخلهما، فتطفن. قوله (قدس سره): (ومنه يظهر انه لا وجه للاستدلال بحديث رفع الحكم عن المكره 2 للاعتراف بدخول المكره - الخ -). يمكن ان يقال، ان الاعتراف بذلك لا يمنع عن استدلال بحديث الرفع في غير هذه الصورة، إذ لعل وجه الاعتراف حسبان اظهرية ادلة قابلية الاقتران في شمول هذه الصورة من دليل الرفع، والا فلا وجه للذهاب إلى عدم سقوط الخيار في غير الصورة، مع اطلاق ما دل على سقوطه بالافتراق من


ص 168 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 347 - ب 2. 2 - وسائل الشيعة: 11 / 295 - ح 1.

[ 169 ]

اخبار الباب. اما صحيحة فضيل 1، فلا وجه للاستدلال بها، لاجمالها لو لم نقل بظهورها في كون الافتراق بالرضا، كما هو قضية دليل الرفع، مع احتمال ان يكون المراد بعد الرضا بالعقد بذاك الرضاء المعتبر في صحته، فيكون على وفق سائر الاخبار الباب، بلا دلالة على التقييد، مع انه بنحو التفريع على الغاية مع اطلاقها بعيد بلا نهاية. ودعوى تبادر كون التفرق عن الرضاء بالعقد، مجازفة بعد القطع بشمول الاطلاق للافتراق إذا كان بالاختيار بلا كره ولا إجبار، ولو كان مع الغفلة عن البيع أو عن الخيار. ودعوى خروجه عن الاطلاق والحاقه بالاجماع، كما ترى. وما ادعاه من تحقق الشهرة، غير محقق لنا، بل يظهر من الجواهر، ان القول بسقط الافتراق عن الاعتبار بالاكراه بعد كره، حيث نسب اعتبار عدم التمكن من التخاير إلى جماعة، فراجع. فالاولى الاستدلال بحديث الرفع، فان تم ما اشرنا إليه، من اظهرية الاخبار منه في شمولها، لصورة التمكن من التخاير، والا فقضيته عدم الاعتبار بالافتراق عن اكراه مطلقا ولو في هذه الصورة فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (ومبنى الاقوال على ان افتراقهما المجعول غاية لخيارهما هل يتوقف - الخ -). لا يخفى ان مبنى الخلاف، هو الاختلاف في الانظار فيما يستظهر من الاخبار، والظاهر منها ان افتراق البيعين جعل غاية لخيار كل منهما، وحيث انه قائم بالاثنين، فلابد من كونه برضا منهما، لما عرفت من تقييده بدليل الاكراه، فلا يكفى رضاء احدهما مع اكراه الاخر في سقوط خياره، فضلا عن سقوط خيارهما، لافتراق كل منهما غاية لخياره، كى يكفى رضاه به في سقوطه، ولا ينافى ذلك اطلاق ما يستفاد من الرواية الحاكية لفعل الامام 2 (عليه السلام)


ص 169 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 346 - ح 3. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 347 - ب 2.

[ 170 ]

فان قضيته ليست إلا سقوط الخيار في صورة حصول الافتراق بحركة احدهما برضاه، عدم مصاحبته الاخر بلا اكراه ولا اضطرار، حيث لا يكون الافتراق القائم بها باكراه منه. ان قلت: نعم، لكنه كان على حين غفلة منه. قلت: نعم، لكنه غير مرفوع بحديث الرفع، فانه ليس احد التسعة المرفوعة، ومنه قد انقدح وجه سقوط الخيار فيما فارق احدهما في حال نوم الاخر، أو غفلته. وبالجملة قضية اطلاق الاخبار، وحديث الرفع، هو سقوط خيارهما فيما إذا حصل الافتراق بينهما، لا بكره واضطرار من احدهما إليه، ولو كان على حين غفلتهما، أو غفلة احدهما، ولو كان المراد من بعد الرضاء في صحيح الفضيل 1، بعد الرضاء بالافتراق، كان بالمعنى المقابل للاكراه والاضطرار، وان ابيت الا عن كونه بمعنى الطيب، فيكفى منه ما هو ولازم عدم المواظبة وعدم المبالات بالمفارقة قبل التخاير، ولا دليل على اعتبار ازيد منه، مع ما عرفت من منع الظهور الصحيح في التقييد، فتأمل جيدا. ثم انه وان كان لا يبعد مساعدة الاعتبار على بقاء خيار المكره منهما، دون المختار، حيث كان الخيار لكل منهما على حدة فينبغي ان يكون الغاية لخياره، افتراقه باختياره، الا ان ظاهر الاخبار، كما اشرنا إليه، كون افتراقهما غاية لمالهما من الخيار. فافهم. قوله (قدس سره): (فالنص ساكت عن غاية هذا الخيار - الخ -). ربما يقال بان الغاية تحصل بزوال الاكراه، حيث يلحق بالافتراق، الرضاء، حيث انها ليست الا الافتراق المقيد بالرضاء، لكنه ليس كذلك، فان الظاهر الاخبار، كون الغاية لهذا الخيار، وهو حدوث الافتراق، وبعد ضم ما دل على اعتبار الرضاء والاختيار، يصير الغاية، هو حدوثه كذلك، لا مجرد حصوله، ولو ببقائه وعليه يمتنع تحقق ما هو الغاية بعد حدوثه بالكره.


ص 170 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 346 - ب 1 - ح 3.

[ 171 ]

فافهم. قوله (قدس سره): (ولعله لانه المقدار الثابت يقينا - الخ -). لا يخفى كون هذا المقدار متيقنا لا يمنع عن القول بالتراخى، لاستصحاب الخيار، وانما المانع عنه كون المتيقن عدم بقائه، فلا وجه لجعله وجها للقول بالفور، وانما يكون وجها له فيما صح فيه الرجوع إلى مثل " اوفوا بالعقود " 1 مع الشك، ومعه لا يبقى مجال للاستصحاب. وبالجملة ما كان من الخيارات متصلا بالعقد وشك في غايته، فلابد من الاقتصار على المتيقن والرجوع إلى مثل " اوفوا بالعقود "، وما لم يكن متصلا بها، فلابد من استصحاب الخيار، لا الرجوع إليه، كما نشير إلى وجهه فيما يأتي، فانتظر. قوله (قدس سره): (وفى منتهى خياره مع عدم بقائه إلى الثلاثة وجوه - الخ -). (احدهما) إلى الثلاثة. (ثانيها) إلى زمان بقائها. (ثالثها) الوجهان في كل خير لم يظهر حاله من الاول. ولا يخفى ان الاقوى هو الاول، ولا منافات بين عدم البقاء لها إلى الثلاثة، وبقاء خيارها إليها والرجوع إلى " اوفوا " انما يكون مع الشك وعدم دليل على بقائه، واطلاق ما دل على الامتداد إلى الثلاثة، دليل عليه. فتفطن. قوله (قدس سره): (ولعله الاقوى - الخ -). كيف ذا، مع الاعتراف بان المتراى من النص والفتوى، هو الثاني، والحكمة في الخيار لا يضر عدم جريانها فيه، مع انها ليست الا الارفاق بصاحب الحيوان، وهو جار في الكلى. غاية الامر انها في المعين يكون اقوى. فافهم. قوله (قدس سره): (ويثبت الباقي بعدم القول بالفصل - الخ -). بل بنفس مثل " اوفوا بالعقود " 1 من دون حاجة إلى عدم القول بالفصل بناء على ما حققناه واشرنا إليه عن قريب، من انه المرجع فيما إذا


ص 171 * 1 - المائدة: 1.

[ 172 ]

كان الشك في مقدار استمرار الخيار المتصل بالعقد، لا استصحاب حكم المخصص، وانما يكون هو المرجع فيما إذا كان الشك في مقدار الخيار المنفصل عنه، كما ربما يأتي الاشارة إلى وجهه. قوله (قدس سره): (وهى ارجح بحسب السند من صحيحة ابن رئاب 1 - الخ -). لا يخفى ان هذه الصحيحة 2 وان كانت ارجح لارجحية اويها، وكونها في الكتب الاربعة، الا ان صحيحة ابن رئاب ارجح منها من جهة موافقتها لغير واحد من الصحاح وغيرها، وليس بينها فرق الا في الدلالة على الاختصاص بالظهور والنصوصية، وهو غير فارق في حصول الوثوق بصدور مضمونه، ومن جهة موافقتها للمشهور بحسب الفتوى. وبالجملة لو لم تكن هذه الصحيحة ارجح لذلك، فلا اقل من التساوى. ومعه لابد من التوفيق بينهما. ولا يأبى صحيحة ابن مسلم 2 عن الحمل على ما إذا كان العوضان حيوانين، ولعل النكتة لتعرضه (عليه السلام) بخصوص هذه الصورة، هي بيان ان كلا المتبايعين يمكن ان يكونا بالخيارين. فافهم. قوله (قدس سره): (مع ان المرجع بعد التكافوء، عموم ادلة لزوم العقد بالافتراق - الخ -). وكذا ما دل على لزومه مطلقا بناء على ما اشرنا إليه، من انه المرجع، لا استصحاب حكم المخصص، ولكن لا يخفى ان ذلك فيما إذا لم نقل بالتخيير مع التكافؤ، بل بالتساقط، والا فلابد من اختيار احد الخبرين والعمل على طبقه، كما هو المختار فيما إذا تكافئا، حسبما لا يخفى. قوله (قدس سره): (لان الغلبة قد يكون بحيث توجب تنزيل التقييد عليها - الخ -). وذلك لان بعض مراتب الغلبة، ربما يصير داعيا إلى التعبير على


ص 172 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 350 - ب 4 - ح 1. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 349 - ب 3 - ح 3.

[ 173 ]

وفقه، كما في " ربائبكم اللاتى في حجوركم " 1 ولا يكاد يكون موجبا لكون الافراد الغالبة، قدرا متيقنا في مقام التخاطب بالمطلق المسوق في مقام البيان، وبدون ذلك لا يوجب تنزيله عليها، كما هو واضح. قوله (قدس سره): (من جهة قوة انصرافه إلى المشترى - الخ -). لا قوة فيه اصلا بعد تعارف ما إذا كان كل من العوضين حيوانا، كما لا يخفى، مع ما عرفت من انه قضية التوفيق بين صحيحة محمد بن مسلم، وبين الصحاح، فلا يبعد المصير إليه، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (والعقد لم يثبت قبل التفرق - الخ -). لا يخفى انه لا مجال لان يقال بالعكس، وان العقد لم يثبت قبل الثلاثة، فانه عليه يلزم ان يكون خيار المجلس كاللغو، واختصاصه بالنادر، وهو ما إذا لم يفترقا إلى انقضاء الثلاثة، أو سقوط خيار الحيوان بالشرط، أو بالاسقاط قبل الافتراق. ثم ان المراد الشيخ (قدس سره) من ثبوت العقد، ثبوته من قبل، غير هذا الخيار، فلا ينافيه عدم الثبوت الناشئ من قبله. قوله (قدس سره): (وان اتخذا فكذلك - الخ -). أي لا بأس بالتعدد بحسب السبب لا المسبب اما لان الاسباب معرفات، وإما لانها مؤثرات غير مستقلة بالتأثير في صورة التوارد، لاستحالة تأثير كل على استقلال، وكذا احدها، لبطلان الترجيح بلا مرجح، فلا محيص عن كونها بجملتها مؤثرة، وعلة تامة واحدة لواحد، وذلك لامتناع اجتماع فردين من حق لاحد، فإنه وان كان من الاعتبارات والاضافات، الا انه من الاعتبارات الصحيحة، والاضافات النفس الامرية، وتشخصها كسائر المقولات، انما يكون بالموضوع، فلا يعقل تعددها مع وحدته، لكنه ربما يشكل هذا، بان قضية انه لو اسقط خياره من جهة سقوط خياره رأسا، فانه لم يكن له الاخيار واحد وان تعدد سببه. اللهم الا ان يدعى ان له اسقاط ما لاحد الاسباب من الدخل،


ص 173 * 1 - النساء: 23.

[ 174 ]

فيستقل الباقي في التأثير في البقاء، فكما كان له ذلك من الاول باشتراط سقوط احد الخيارين، فيكون السبب الاخر علة تامة لحدوثه، كان له ذلك الثابت هو ان الذى الخيار اسقاطه بنفسه، لا إسقاطه سببه وجهته مع بقائه، والاتفاق عليه لو كان، لا يكاد يكشف في مثله، لاحتمال تخيل بعضهم تعدد الخيارات بحسب الحقيقة، أو امكان اجتماع الفردين، وعدم الالتفات إلى استحالته، وامتناع اجتماع فردين من مقولة من المقولات في واحد، ولو كانت من الاضافات، والاعتبارات، كما عرفت. قوله (قدس سره): (ولو شرط سقوط بعضه، فقد صرح بعض بالصحة - الخ -). لا بأس به إذا شرط سقوط شئ من اوله اواخره، واما سقوط شئ من وسطه بحيث يبقى طرفاه فلا يكاد يكون الا إذا كان الخيار بحسب امتداده حقوقا متعددة، لاحقا واحدا، واضافة خاصة مستمرة، كالملكية، والزوجية، والا فلابد من سقوطه بتمامه، وبسقوط وسطه، ضرورة انه إذا تخلل العدم مثلا باسقاطه في اليوم الثاني، لا موجب له في اليوم الثالث، فان ما اوجبه العقد من شخص الخيار، قد انعدم، والخيار في الثالث لو وجد لكان شخصا اخر، لا ما كان بالعقد، وانعدم بالاسقاط، لاستحالة اعادة المعدوم، مع انه على تقدر امكانه محتاج إلى المعيد، ولا دليل على كون العقد بمعيد، كما لا دليل على كونه موجبا لخيار، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (هو في غاية الاشكال، لعدم تبادر ما يعم ذلك من لفظ الحدث وعدم دلالة ذلك على الرضاء - الخ -). مع ان ظاهر الاخبار، انها ليست بصدد جعل الحديث، رضا بالبيع تعبدا، كما ان الظاهر ان الرضاء المستكشف بالحدث الذى احدثه، ليس الا ما هو احد طرفي التخاير، لا امر اخر، جعل تعبدا مسقطا للخيار، وذلك لانه ليس الا الرضاء بالعمل على طبق العقد، وترتيب الاثر على وفقه، ومن الواضح ان مثل التقبيل واللمس، إذا لم يكن عن غفلة واختيار، كما هو كذلك


[ 175 ]

يكون مرادا في الاخبار ظاهرا ملازم عادة لهذا الرضاء، فلا محالة يكون كاشفا عنه، وحمله عليه انما يكون لاجل ذلك، لما بين الكاشف، وما هو كاشف عنه نحو من الاتحاد. وبالجملة، دعوى ظهور الاخبار في كون الرضاء، هو احد طرفي التخاير، كدعوى كون مثل التقبيل فيما إذا لم يكن هناك غفلة أو اختيارا، ملازما عادة للرضاء بالعقد، ليست بمجازفة، ضرورة ان سياقها اب عن كونها بصدد جعل شئ مسقطا للخيار، على خلاف ما هو قضية التخاير، لولاه، أو جعل شئ امارة تعبدية على تحقق ما لا يبقى معه الخيار على وقفه لو كان، فلابد فيما لا يلازم الرضاء بهذا المعنى من الحكم ببقاء الخيار. ومن هنا يظهر ان إلى الجارية إذا كان للاختيار، ولو كان إلى ما يجوز النظر إليه لغير السيد، ليس بمسقط للخيار، ولا يعمه اطلاق الحدث في الاخبار، لما عرفت من الانسباق إلى ما إذا كان الاحداث لا للاختبار، ولا مع الغفلة عن العقد. ثم لا يخفى انه لا يبعد دعوى انسباق هذا من اطلاق ساير الاخبار، وانها انما تكون بصدد بيان ان التصرف فيما إذا كان من جهة العمل على وفق العقد يكون مسقطا من جهة انه التزم بالعقد ورضاء به، كما صرح به في صحيحة ابن رئاب 1، وحيث قد عرفت ان هذه الصحيحة، ظاهرة في ان الرضاء بالمعنى المتقدم لما كان اخذا بالخيار، كان مسقطا له، لا أنه مسقط تعبدا، ظهر انه لا مجال لتوهم ان مجرد الرضاء بالعقد، والعمل على طبقه في الجملة، لا يكون احد طرفي التخاير ما لم يكن رضا والتزاما به مطلقا، وانه يكفى فيه، وفى سقوط الخيار به، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (الا ان المستفاد من تتبع التفاوى، الاجماع على عدم اناطة الحكم - الخ -). لو سلم اتفاق فتاويهم على ذلك لكان تحصيل الاجماع منه ممنوعا، لوضوح ان منشائه، ليس الا ما استظهروا من هذه الاخبار. ان قلت: نعم، ولكن اتفاقهم يكشف عن الظفر باحتفافها بما يكون معها ظاهرة فيما اتفقوا عليه.


[ 176 ]

قلت: ليس ظهورها في خلاف ما صاروا إليه بمثابة لا يكون مصيرهم إليه، الا بذلك، وبدون ذلك لا يكشف عنه، كما لا يخفى. هذا، مع ان الظاهر من الرضاء في كلمات اصحابنا الاخيار كما في الاخبار، هو الرضاء الفعلى، لا النوعى، ضرورة انه ليس بالرضاء، فلا وجه لتعين المعنى الثالث، بل المتيقن هو المعنى الرابع، وعليه فالمدار على الرضاء الفعلى، وان لم يكن تصرفه بكاشف نوعا، فيكون امرا لجارية بغلق الباب ونحوه، من جهة الرضاء بالشراء، وانها ملكه مسقطا، وليس النظر إلى ما لا يجوز النظر إليه منها، الا لمالكها إذا كان للاختيار، والغفلة بمسقط واقعا. وربما يوفق بذلك بين كلمات الاعلام في المقام، فتأمل. قوله (قدس سره): (لصيرورة المعاملة غررية - الخ -). لانها مقيدة بشرطه، فيوجب جهالته الغرر فيها. نعم لو لم يكن مقيدة به، بل كان الشرط في ضمنها من دون ان يكون قيدا لها، لا يكون جهالته موجبة له، ولعل الاستدلال بان اشتراط المدة المجهولة مخالف الكتاب والسنة، لانه غرور ناظر إلى ذلك، فلا يرد عليه ما اروده عليه، وان كان يرد عليه ان جهالته حينئذ، لا يوجب الغرر في المعاملة اصلا، كما لا يخفى، ويكون شرط الخيار فيه في ضمنه، كشرط الخيار فيه في ضمن عقد اخر. فتدبر. قوله (قدس سره): (وبين عدم ذكر المدة اصلا كان يقول بعتك - الخ -). هذا، مع ارادة مدة معينة واقعا، أو غير معينه. واما إذا كان المراد ثبوت الخيار في العقد بلا غاية ومطلقا، بان يكون العقد بالشرط عقدا جائزا مطلقا إلى ان يسقط الخيار باحد المسقطات، فالمنع عن كون ذلك غرريا، مجال واسع، ضرورة انه لا خطر فيما اقدما عليه من العقد الخيارى كذلك اصلا، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (فان اختلفوا في الفسخ والاجازة قدم الفاسخ - الخ -).


[ 177 ]

هذا مبنى على ان يكون الخيار ملك الفسخ. واما بناء على ان يكون ملك الفسخ والامضاء، فلا يقدم الا ما تقدم، ويكون مرجع الاجازة إلى انفاذ العقد وامضائه، لا إلى اسقاط خيار المجيز. لا يقال مرجعه حينئذ ولو كان إلى امضاء العقد وانفاذه، الا انه من طرفه، فيصير لازما من جانبه، كما إذا لم يكن له خيار لا من الاخر، كما إذا لم يكن خيار أصلا. لانا نقول: اجازة العقد، انما يكون امضاء من طرف المجيز فيها كان الخيار للمتعاقدين شرعا، أو بجعلها شرطا، فان الظاهر من اطلاق دليل الخيار، أو شرطه هو ذلك، بخلاف ما إذا جعل بالشرط للاجنبيين، فان الظاهر هو جعل ولاية فسخ العقد، وامضائه مطلقا لكل منهما وبالجملة، المتبع في امضائه مطلقا، أو الامضاء من خصوص طرفه هو الشرط مطلقا، الا ان الظاهر من الاطلاق فيما إذا جعل الخيار للمتعاقدين، هو اختيار كل منهما للفسخ والامضاء من طرفه، بخلاف ما إذا جعل للاجنبيين، فان الظاهر منه اختيار الفسخ والامضاء المطلق فتأمل، ولكن من الممكن جعل خلاف ما هو قضية الاطلاق والدلالة عليه فافهم. قوله (قدس سره): (عدا الرابع فان فيه اشكالا - الخ -). وعدا الاول فان فيه ايضا اشكالا من جهة ان تحديد مبدء الخيار بالرد موجب لجهالة مدة الخيار، كما يأتي في كلامه - ره -، لكن لا وجه للاشكال من جهة واحد منهما. اما الاشكال في الرابع فلان نفس الشرط من الاسباب، كما هو قضية دليله. واحتمال ان يكون الانفساخ مما لابد فيه، من سبب خاص كالزوجية، مدفوع بعموم دليله. (وتوهم) انه لا مجال للرجوع إليه بعد تخصيصه بما خالف السنة، مع احتمال كونه على خلافها، وليس الا من باب الرجوع إلى العموم، في الشبهات المصداقية. (مندفع) بان ذلك فيما لو لم يكن في البين استصحاب عدم كون هذا الشرط مما لم يرد على خلافه السنة، فان احراز هذا بالاستصحاب يكفى، فانه مما بقى تحت العموم، فتأمل جيدا.


[ 178 ]

واما الاشكال في الاول، فلان الجهالة في مدة الخيار، لا ضرر فيه، الا من جهة الغرر ولا غرر اصلا فيما إذا كان منشاء الخيار في المدة المعينة بيده، بحيث يكون له في أي جزء منها شاء احداثه وانشائه، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (ويحتمل العدم بناء على اشتراط الرد بمنزلة اشتراط القبض - الخ -). حيث لا يكاد يكون رد بلا قبض، ففى صورة عدم القبض، لاخيار حيث لارد، لكن لا يخفى ان هذا الترديد والاحتمال، انما هو لاجل عدم احراز ما هو الشرط، وانه جعل الخيار بشرط الرد مطلقا، أو بشرط القبض، ولا اشكال مع احراز ما هو الشرط في الحكم اصلا، ومع عدم الاحراز، فلابد من الاقتصار على المتيقن من الخيار بعد الرد، فافهم. قوله (قدس سره): (على اشكال في الاخير من حيث اقتضاء - الخ -). انما الاشكال فيما إذا كان الشرط منحلا إلى شرط الخيار برد ما يعم البدل، وشرط تملك المبيع بعوض البدل فيما إذا رده التمكن من العين، واما إذا لم يكن هناك الا شرط واحد، وهو الخيار بالرد، ولو في هذه الصورة. فلا اشكال في تحقق الخيار برد البدل، ولو مع بقاء العين، وان كان قضية الفسخ حينئذ ارتجاع العين، بل لا اشكال على تقدير الانحلال إلى شرطين ايضا الا ان يكون الاشكال من جهة عدم احراز ذلك الانحلال، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ولعل منشاء الظهور ان هذا القسم - الخ -). لا ريب في انه لا يكفى مجرد الرد في الفسخ على الوجهين الاولين، لتأخر نفوذ فسخه وسلطنته عليه من الرد بمرتبة أو مرتبتين، فكيف يصير فسخا، ولو علم انه قصده به، وكذا على الوجه الاخير، لعدم سلطنته على الفسخ مطلقا، كما لا ريب في حصول الفسخ أو الانفساخ على الوجهين الاخيرين. ومن هنا ظهر ان عدم كفاية في الفسخ، انما يكون لاجل عدم السلطنة على الفسخ ما لم يتحقق، لا لاجل عدم دلالته عليه. فانقدح بذلك ما في التعليل بعدم الدلالة، وفيما اورده عليه (ره) بعد


[ 179 ]

تحسينه، مع عدم الدلالة بقوله (ره) " واما لو فرض الدلالة عرفا - إلى قوله - فلا وجه لعدم الكفاية حينئذ - الخ - "، لما عرفت من ان الوجه فيه، عدم السلطنة على الفسخ بعد، لا عدم الدلالة، فلا ينافى اعترافهم بتحققه بما هو اخفى، وذهابهم إلى عدم الكفاية، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (بل وعلى الوجه الاول بناء على ان تحقق السبب، وهو العقد كاف - الخ -). في كفايته اشكال، حيث انه لا دليل على الاسقاط، مع انه خلاف الاصل، والثابت انما هو اسقاط نفس الحق لا سببه. وكون سببه بيده، لا يقتضى ازيد من انه يكون مختارا في ايجاده وعدمه، لا مختارا في تأثيره، كى لا يؤثر إذا اسقطه، فافهم. قوله (قدس سره): (ولو ظهر معيبا كفى في الرد والاستبدال - الخ -). لا يكفى إلا إذا كان هناك تصريح أو اطلاق يعمه، ومجرد الاطلاق غير كاف لانصرافه إلى الصحيح، كما هو واضح. قوله (قدس سره): (إذا لا منافات بين فسخ العقد وصحة هذا التصرف واستمراره - الخ -). لا يخفى ان قضية الفسخ رجوع ما اعطاه، وفاء بما عليه من الثمن الكلى، كرجوع الثمن العينى، ولا يصح التصرف فيه بعد الفسخ، الا بسبب اخر حادث، فيكون تصرف ذى الخيار فيه منافيا للفسخ. نعم في خصوص هذا الخيار، غير كاشف عن الرضاء لما افاده (قدس سره) من تواطى المتعاقدين، أو العلم بعدم الالتزام بالعقد بمجرد التصرف في الثمن، وقد مر ان التصرف انما يكون مسقطا فيما يكون كاشفا وملازما للرضاء لا مطلقا تعبدا، فتدبر. قوله (قدس سره): (والظاهر عدم الاشكال في جواز إسقاط الخيار قولا قبل الرد - الخ -). قد عرفت الاشكال فيه، فيما إذا توقف حدوث الخيار على الرد، كما في الوجه الاول، وهو يصرح به.


[ 180 ]

قوله (قدس سره): (ففيه انها لا يقدح مع تحديد زمان التسلط على الرد - الخ -). لما عرفت من انها منه لا يوجب الغرر، والفرق بين هذا المقام، وما إذا جعل الخيار من حين التفرق، هو جهالة مبدء الخيار بنفسه وسببه بحسب جعلهما في الثاني، فيكون فيه الغرر، بخلاف المقام، فان امر سببه بيده من حين العقد، فلا غرر، فافهم. قوله (قدس سره): (ويحتمل عدم الخيار بناء على ان مورد هذا الخيار - الخ -). لا يخفى انه لا يكاد يكون اختلاف الحكم بثبوت الخيارو بعدمه في مثله، الا من جهة الاختلاف فيما شرطاه، فلا اشكال فبقاء الخيار مع التلف، فيما إذا لم يشترط البقاء، كما لا اشكال في عدمه معه، فيما إذا شرط، والمرجع في تعيين الاشتراط، هو الظهور لو كان، ومع عدمه فالمتبع هو اصالة الاطلاق وعدم الاشتراط. ومن هنا ظهر انه لا وجه لاحتمال الخيار، مع استظهار الاشتراط، الا بلحاظ الواقع وعدم اصابة الظهور له. فتفطن. قوله (قدس سره): (وانما المخالف لها هي قاعدة - الخ -). فان قضيتها كون التلف من البايع الذى يكون مالكا للنماء بالاجماع، لكنه إذا كان المراد منها، ان الخراج، انما يكون بازاء ضمان العين أو سببه، كما هو مذهب ابى حنيفة، ويحتمل قريبا ان يكون المراد منها، ان الخراج يكون مضمونا كالعين، أو انه يكون بمقدار ضمانه، وبحسب تعهده كما وكيفا. ويؤيد ذلك، انه لم يكد يوجد مورد حكم بمضمونها بذاك المعنى، والمنافع في العارية المضمونة، ليست بسبب الضمان أو بازائه، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (لان الظاهر من الرد إلى المشترى حصوله عنده - الخ -). أي الظاهر من إطلاق الرد إلى المشترى، وعدم التصريح بارادة خصوصه، هو ارادة الوصول إليه، بنفسه، أو بولية، أو وكليه، ويكون وضوح


[ 181 ]

الغرض قرينة على الغاء خصوصية المشتريئية وان المراد من لفظ المشترى، من يعمه، ومن يقوم مقامه، والا فمجرد ظهور ان الغرض ذلك ما لم يصر قرينة موجبة لظهور اللفظ في العموم، غير مجد، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (وفى جواز اشتراط رد بدله مع التمكن من العين، اشكال - الخ -). لا إشكال في جواز هذا الاشتراط وصحته، وكفاية رد البدل في حدوث الخيار غاية الامر ان قضية الفسخ، هو رجوع العين بنفسها، فيرد البدل، ولا منافات اصلا بين قضيتهما، كما هو اوضح من ان يخفى. قوله (قدس سره): (فلا معنى لدخول خيار الشرط فيه - الخ -). فانه لغو وبلا طائل، حيث انه شرط امر حاصل، لكنه إذا كان الجواز فيها، بمعنى جواز فسخها، لا جواز رفع الاثر الحاصل بها، وإلا لا يكون بحاصل، كما لا يبعد ان يكون كذلك الجواز في الهبة، والوكالة، ونحوهما، فان غاية ما يكون فيها، عزل الوكيل، واسترجاع العين في الهبة، والوديعة، والعارية، لا جواز فسخ عقدها الحاصل بالخيار. لا يقال: انه بذلك لا يخرج عن اللغوية، فانه يكفى في الخروج تمكنه به عن الفسخ، حيث انه ربما يلجاء إليه، فيما إذا لم يجز له الرجوع لنذرو شبهه اشكال، ودفع. ربما يقال، هذا بناء على ان الخيار، هو ملك الفسخ، واما بناء على انه ملك الامضاء والفسخ، فلا معنى لامضائه، مع جوازه ذاتا ولو بذلك المعنى. لكنه يقال: ان جوازه كذلك، لا ينافى لزومه، ورفع تزلزله الناشئ من قبل شرط الخيار، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (فالاولى الاستدلال عليه، مضافا إلى امكان منع صدق الشرط - الخ -). يمكن ان يقال، انه لا يعتبر في نفوذ الشرط وصحته، مشروعية ما شرط، بل يكفى كون مما صح اعتباره عقلا، ونقد اشتراطه عرفا، ضرورة


[ 182 ]

شمول " المؤمنون عند شروطهم " 1 له، بتخصيص الشروط بما صح اشتراطه لدى العرف. وبالجملة يكون مثله دليلا على امضاء الشارع، لما يكون عرفا ماضيا، وان لم يعهد منه امضائه بالخصوص، فافهم. نعم لا يبعد ان يقال: ان الايقاعات لم يعهد من العرف انحلالها، ونقض آثارها بعد وقوعها، حتى يصح اشتراط ذلك فيما. قوله (قدس سره): (وعدم مشروعية التقابل فيه - الخ -). لا يخفى انه يكفى مشروعية الخيار فيه بالعيب في صحة شرطه شرعا، بل قد عرفت في الحاشية السابقة، كفاية صحة اعتباره عقلا، ونفوذ اشتراطه عرفا في شمول العموم له، وان لم يعهد من الشارع امضائه بالخصوص، فينحصر الوجه في عدم دخول الخيار في النكاح بالاجماع ان تم، وإلا فقضية العموم دخوله فيه، فافهم. قوله (قدس سره): (والاظهر بحسب القواعد اناطة دخول خيار الشرط بصحة التقابل - الخ -). لا يخفى ان صحة التقابل لا يجدى في دخول الشرط في العقد، إذا كان اللزوم حكمه ذاتا فان شرط الخيار معه، يكون منافيا لما هو قضية العقد، ولا يعتبر فيه إذا كان حكمه اطلاقا، فانه معه، لا يكون مخالفا لمقتضاه، ولا يكون داخلا فيما حرم الحلال أو حلل الحرام، فيكون باقيا تحت العام، فينفذ بلا كلام، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ولو ابدل - قدس سره - هذه الاية 2 بقوله تعالى " ولا تأكلوا اموالكم بالباطل 3 " كان اولى - الخ -). لا يخفى انه لا وجه للاولوية اصلا، ضرورة الاية تدل على بطلان ما يعد الاكل معه في العرف، اكلا بالباطل، والمهم هو نفوذ فسخ ما يكون


ص 182 * 1 - مستدرك الوسائل: 2 / 473. 2 - النساء: 29. 3 - البقرة: 189.

[ 183 ]

صحيحا، وجواز ابطاله، فكيف يصح الاستدلال بها على المرام في المقام وحرمة الاكل بعد الفسخ فيما نقد شرعا، ليس من باب الاكل بالباطل عرفاء بل من جهة نفوذ الفسخ في الصحيح شرعا، فلا يكون الاكل بعد نفوذ الفسخ داخلا فيما نهى عنه ايضا، وان كان حراما. وبالجملة حرمة الاكل بالسبب الباطل، غير الحرمة بعد إبطال السبب الصحيح وانحلاله. وانقد بذلك ما فيما افاده (قدس سره) بقوله " ومقتضى الاية وان كان حرمة الاكل - الخ - "، كما انقدح انه لا معارضة بينها وبين قوله تعالى " الا ان تجارة " 1 كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (ولكن يمكن الخدشة في ذلك، بان انتفاء اللزوم وثبوت التزلزل في العقد، لا يستلزم ثبوت الخيار في العقد - الخ -). هذا إذا كان المرفوع بحديث (لا ضرر) 2 الحكم الناشئ منه الضرر. واما إذا كان المرفوع ما كان للضرر من الحكم، مع قطع النظر عن هذا الحديث، كما استظهرناه في البحث، وفيما علقناه على البرائة، كان المرفوع في المعاملة الغبنية، وجوب الوفاء بها، وهو يستلزم جوازها، كما لا يخفى. نعم لا يستلزم ثبوت الخيار، ضرورة ان عدم وجوب الوفاء عليه، لا يقتضى ثبوت حق له، يسقطه ويصالح عنه، كما هو واضح، مع انه لو شك في حدوث الحق، فالمتبع هو اصالة عدم سقوطه بالاسقاط بعد تساقط اصالة عدم حدوثه بالمعارضة، مع اصالة حدوث الجواز فافهم. قوله (قدس سره): (ثم ان المعتبر الصحة حال العقد - الخ -). من غير فرق في ذلك بين اعتبار ظهور الغبن في حصول الخيار شرعا، وبين اعتبار فيه، وكونه كاشفا عنه عقلا، وهذا واضح. قوله (قدس سره): (الامر الثاني، كون التفاوت فاحشا، فالواحد بل الاثنان - الخ -).


ص 183 * 1 - النساء: 29. 2 - وسائل الشيعة: 17 / 340 - ب 12 - ح 3.

[ 184 ]

اعتبار واضح، لو كان الدليل على الخيار بالغبن، هو الاجماع، اقتصارا على القدر المتيقن من معقده، واما لو كان الدليل عليه، قاعدة نفى الضرر والضرار، فلا وجه لاعتباره وانما المعتبر هو ان لا يكون الضرر بسببه قليلا جدا، بحيث ينصرف عن مثله لا ضرر، ولا يكون مما يتعارف اقدام المتعاملين عليه في هذه المعاملة، كى لا يعمه، بقرينه وروده في مقام الامتنان المنافى لنفى الضرر، مع الاقدام، فالضرر الحادث بالغبن اذالم يكن قليلا كذلك، ولا مما يقدم عليه في مثل هذه المعاملة، يوجب الخيار، ولو لم يكن كذلك، ولا يوجبه إذا كان قليلا، أو مما يقدم عليه وان كان فاحشا بالاضافة إلى المعاملة التى وقع فيها الغبن، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (لانه ضرر لم يعلم تسامح الناس فيه ويحتمل الرجوع - الخ -). لكنه ضعيف، فان المخصص لاصالة، أو الحاكم عليه هو (لا ضرر ولا ضرار) وهو يعم كلما لم يعلم عليه الاقدام، لا يقال انه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية لخروج ما عليه الاقدام فانه لا ضير فيه فيما إذا كان المخصص لبيا كما في المقام، فان العقل بخصصه بما إذا لم يكن هناك اقدام بملاحظة انه سيق في مقام الامتنان. فان قلت: نعم لكنه إذا لم يكن متصلا بالعام، والا فلا يجز التمسك فيه ايضا. قلت: نعم، إذا كان متصلا به، بحيث لا ينعقد للعام معه ظهور، إلا في الباقي، وليس كذلك في المقام، فان حكم العقل بالاختصاص بما لا اقدام عليه من الضرر، ليس الا كحكمه بعدم جوازه لعن المؤمن، ولو كان من بنى اميه، بالاضافة إلى ما دل على جواز لعنهم قاطبة. فافهم. قوله (قدس سره): (بل لعدم كونه ضررا بملاحظة ما بازائه من الاجر - الخ -). لا يخفى ان ملاحظة ما بإزائه في الاخرة، لا يخرجه عن الضرر، بل يكون من احل تحمله، اطاعة للامر به وحديث (لا ضرر) 1 ظاهر في نفى ما


[ 185 ]

للضرر الدنيوي من الحكم باطلاق دليله، از عمومه على ما استظهرناه، أو في نفى الحكم الناشئ من قبله الضرر، على ما استظهره (قدس سره): (، فراجع كلامه، وما علقناه عليه. قوله (قدس سره): (فظاهر عبارة المبسوط والغنية والشرايع - الخ -). كان من اهل الخبرة لم يكن له رده - الخ - " 1. وقال في الشرايع: " من اشترى شيئا ولم يكن اهل الخبرة وظهر فيه غبن، لم يجر العادة بالتغابن فيه - الخ - " 2. وانت خبير بعدم ظهور العبارتين في اشتراط الظهور شرطا، لو لم نقل ظهورهما في كون الشرط نفس الغبن، لتعارف التعبير بمثل بان، وظهر، في مقام تحقق ما هو الموضوع المكشوف بلا دخل للكشف فيه اصلا. قوله (قدس سره): (فان ظاهره حدوث الخيار بعد دخول السوق - الخ - 3 يمكن منع دلالته ايضا، بل يكون التعليق بلحاظ ان الدخول سبب تبين الخيار بعد الفراغ، عن انه ليس شرط حصوله، ضرورة ان شرطه هو الغبن أو ظهوره. وبالجملة دخول السوق على كل حال. ليس بنفسه شرط حصول الخيار، ووقته كما هو ظاهر اللفظ، بل هو سبب تبين الخيار بالغبن، أو سبب تبينه بظهور الغبن به. قوله (قدس سره): (فلا يحدث الا بعد ظهور الغبن - الخ -). لا يخفى ان فعلية السلطنة غير متوقفة على العلم بالغبن، بناء على عدم الاشتراط، فلو فسخ قبله اقتراحا نفذ واقعا وليس الجهل هيهنا دافعا للفعلية، كما في الاحكام التكليفية. نعم معه غالبا لا يتخاير ولا يفسخ، كما هو الحال في الجاهل بحكمه، وبحكم ساير الخيارات، والسقوط بالتصرف


ص 185 * 1 - وسائل الشيعة: 17 / 340 - ب 12 - ح 3. 1 - المبسوط 2 / 87. 2 - شرايع الاسلام - 2 / 22. 3 - وفى المصدر: فان ظاهره حدوث الخيار بعد الدخول الموجب.

[ 186 ]

الكاشف عن الرضاء والامضاء، لا يختص بما بعد الظهور، بل لو فرض انه يكشف عنه قبله، لا سقطه، وما ليس بكاشف عنه، لا يسقطه، ولو كان بعده، غاية الامر اختلاف التصرفات في الكشف وعدمه بعد الظهور وقبله، فافهم. والظاهر ان حال التلف قبل الظهور بناء على ثبوت الخيار بنفس الغبن، ليس الا كما في ساير الخيارات، مع الجهل بها، بناء على عموم قاعدة التلف في زمان الخيار لمثل هذا الخيار، كما ان الظاهر ان المنع من التصرفات الناقلة في زمن الخيار واقعا يدور مدار ثبوته كذلك. وحكم بعض من منع من التصرفات في زمان الخيار يمضى التصرفات من الغابن قبل علم المغبون، لا دلالة له اصلا على كون المنع، انما هو لاجل السلطنة الفعلية، لقوة احتمال ان يكون ممن يقول بالاشتراط حقيقة، أو من لا يرى بحدوث حق الخيار مطلقا، وانما كان الغبن عنده موجبا لجواز فسخ العقد، أو جواز الرد، بلا حق يمنع التصرفات، أو غير ذلك. فالاولى ان يقال في بيان الارجاع: ان ادراج مثل لفظ الظهور في بعض الكلمات، انما هو كشفا وحكاية، لا سببا وموضوعا كما اشرنا إليه في رواية تلقى، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (وظاهره ثبوت الخيار قبل العلم بالعيب - الخ -). والا لم يقيد العيب بقبلية العلم، فان التقييد بدون ذلك غير مفيد، فان العيب الحادث، بناء على ثبوت الخيار مطلقا، غير مضمون على المشترى اصلا، فلا يمنع عن الرد بالتدليس مطلقا، قبل العلم، أو بعده، لكنه انما يفيد ذلك، لو كانت قاعدة التلف في زمن الخيار، شاملة لخيار العيب، إذ لولاه لكان العيب الحادث مضمونا على المشترى، ولو قيل بثبوت الخيار له من قبل، ولم يكن وجه للتقييد، كما افاده - ره - في جامع المقاصد، ولا يقبل ما ذكره بقوله " الا ان يقال " فافهم.


ص 186 * 1 - كما في وسائل الشيعة: 12 / 326 - ب 36

[ 187 ]

قوله (قدس سره): (اشكال في صحة اسقاطه بلا عوض مع العلم - الخ -). هذا، إذا كان الحادث بالغبن حق الخيار، وانما إذا كان الحكم بجواز الرد والاسترداد، أو الفسخ، كما هو قضية قاعدة نفى الضرر والضرار، حسبما تقدمت إليه الاشارة، فلا اشكال في عدم صحته وعدم سقوطه بالاسقاط فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ففى السقوط وجهان من عدم طيب نفسه - الخ -). بل كان بطيب نفسه فيما إذا لم يكن خطائه الا من باب تخلف الدواعى كما انه لا اسقاط اصلا إذا لم يكن من هذا الباب، ولا يخفى ان هذا يختلف باختلاف الاشخاص، والاحوال، والتفارتات، فلابد من الاحراز في الحكم بالسقوط وعدمه، ومع الاختلاف فالمتبع هو ظهور اللفظ بما حفت به من القرائن الحالية والمقالية لو كان، وإلا فالاصل هو عدم السقوط. ومن هنا ظهر حال الصلح عن الغبن، فيما إذا هو ازيد مما زعمه، وان صحته وبطلانه يدوران مداران خطائه من أي باب، فيكون صحيحا با ارتياب إذا كان من باب تخلف الدواعى، وفاسدا إذا كان من غير هذا الباب، ضرورة انه صلحه عما ليس واقع، ولا صلح عما هو الواقع. فانقدح بذلك ما في كلامه، زيد في علو مقامه. قوله (قدس سره): (ضرورة انه كما كان التفاوت المحتمل ازيد ببدل - الخ -). لا يخفى ان بدل المال مع الجهل بالحال، انما يختلف زيادة ونقيصة بحسب الاحتمال، لا بحسب الواقع، وان المدار في حصول الغبن في الصلح عنه، هو ملاحظة انه مع احتمال هذا المقدار من الغبن أي مقدار من المال يبذل بازاء الصلح عنه وانه وقع بذاك المقدار أو بالاقل، وذلك لضرورة انه لابد ان يلحظ في معرفة الغبن في المعاملة وعدمه، انها وقعت بمقدار ما يبذل بازائه غالب المتعاملين من المال اولا، فلابد في حصول الغبن وعدمه في الصلح عنع مع الجهل بمقداره، ان المبذول بقدر ما يبذله الغالب مع الجهل


[ 188 ]

به، واحتمال انه بمقدار كذا، أو لم يكن بذاك المقدار. قوله (قدس سره): (إذ يكفى في ذلك تحقق السبب المقتضى للخيار - الخ -). ربما يشكل بان اسقاط المسبب بمجرد سببه قبل الشرط مساوق لئلا يكون السبب بعد الشرط مؤثرا، أو ليس هذا مما يرجع إليه، كى يقدر عليه، والا فمجرد في السبب، غير قادح، ولو قيل بقدح التعليق، حيث لا تعليق في السبب، فان المفروض انه ينشاء الاسقاط بداعي احتمال السبب، كما ينشائه بداعي الجزم به، فيوثره لو كان، والا فكان لغوا، فلا تعليق اصلا في السبب. فتوهم انه قادح فيدفع بانه غير قادح هيهنا، فان الممنوع منه هو التعليق على ما لا يتوقف تحقق مفهوم الانشاء عليه، كما افاده - قدس سره - ولكن مراده من مفهوم الانشاء هو ما يتسبب به إليه، لا معناه، فانه لا يكاد يتوقف على شئ مطلقا اصلا، لامكان انشاء أي معنى كان، فافهم. قوله (قدس سره): (فانه لابد من وقوع شئ بازائه وهو غير معلوم - الخ -). يمكن ان يقال بان العوض مثل هذا الصلح انما يكون بازاء نفس الصلح، لا بازاء المصالح عنه المجهول. لا يقال: ان نفس الصلح عنه غير قابل لان يقع بازاء العوض ما لم يكن المصالح عنه ثابتا في الواقع، والا كان في غير محله ولغوا. فانه يقال: ان الصلح مع الجهل بالحال مما يرغب فيه العقلاء حيث يرتب عليه خروج المعاملة عن المعرضية للجواز بظهور الغبن، فافهم. قوله (قدس سره): (وهو اطلاق بعض معاقد الاجماع، بان تصرف ذى الخيار - الخ -). انما دل الاطلاق والعلة على السقوط بالتصرف، إذا كان الثابت بالغبن، حق الخيار، لا مجرد الحكم بالجواز، كما مرت إليه الاشارة، ومع الشك يستصحب جواز الرد الثابت سابقا على كل تقدير.


[ 189 ]

لا يقال: هب ان الثابت بقاعدة نفى الضرر ليس الا الحكم بالجواز، وهو مما لا يسقط بمسقطات الخيارات، الا انه كما لا يجرى مع الاقدام عليه، فكذلك لا يجرى مع الرضاء به بعده. فانه يقال، لا حاجة إلى جريان نفى الضرر ثانيا، كى يقال بانه لا يجرى، بل يكفى جريانه اولا في ثبوت الجواز الباقي بعد الرضاء اطلاقا، أو استصحابا، بناء على ثبوت الخيار بعد ظهور الغبن، واما بناء على ثبوته من حين العقد، فالمرجع هو اطلاق " اوفوا بالعقود " 1 لو لم يكن هناك اطلاق لدليل الخيار، كما اشرنا إليه غير مرة. ومنه انقدح حال الاجماع، ولذا استدرك (قدس سره) ان الشك في الرفع، لا في الدفع، بعد بيان عدم مساعدة ما هو دليل الخيار من نفى الضرر، والاجماع عليه بعد الرضاء، اوامره بالتأمل لعله اشارة إلى ما شرحناه، أو إلى ان الشك فيه، في المقتضى، والاستصحاب فيه غير حجة على مختاره، وان كان حجة على المختار، كما بيناه تقريرا وتحريرا. قوله (قدس سره): (ويمكن ان يوجه بان حديث نفى الضرر 2 لم يدل على الخيار، بل المتيقن منه جواز رد العين - الخ -). حديث نفى الضرر وان لم يدل على الخيار، لكنه دل على عدم وجوب الوفاء بالعقد الضررى وعدم لزومه، فانه دال بلسان نفى الموضوع الضررى على نفى حكمه الذى دل عليه دليله باطلاقه، أو عمومه. ومن الواضح ان الموضوع الضررى هيهنا هو العقد الغبنى المحكوم بلزوم الوفاء بمثل " اوفوا بالعقود " 3، فليمكن هو المنفى بحديث نفى الضرر، فيجوز فسخه، ولم يمنع عنه عدم رد العين ليتنزل إلى بدله، كما في الفسخ بالخيار. وهذا مع، ان بناء المشهور على ثبوت الخيار للمغبون، ومعه لا مجال للتوجيه اصلا، كما لا يخفى.


ص 189 * 1 - المائدة: 1. 2 - وسائل الشيعة: 17 / 340 - ب 12 - ح 3. 3 - المائدة: 1.

[ 190 ]

قوله (قدس سره): (وتضرر المغبون من جهة زيادة الثمن معارض بتضرر الغابن - الخ -). قبل المثل أو القيمة ليس من الضرر اصلا، كى يعارض به ضرر المغبون، كما لا يخفى. نعم يكون التنزل إلى البدل على خلاف عموم التسلط على الاموال 1 فيما كان ابتدائيا بلا توسيط فسخ العقد. واما معه فانه انما يكون بمقتضى كون تلف ماله على متلفه، وكونه في عهدته وضمانه، وهو ليس على خلاف عموم التسلط، لو لم يكن على وقفه، فافهم. قوله (قدس سره): (ففى جواز الرد وجهان: من انه متمكن حينئذ، ومن استقرار البيع - - لخ -). بل يتعين الوجه الاول في ام الولد، لمنع استقرار البيع بمجرد الاستيلاد، بل مراعى بعدم موت الولد حين الاسترداد. وفى فسخ العقد اللازم يكون وجهان مبنيان على ان الزائل بالعائد بالفسخ كالذى لم يزل، أو كالذى لم يعد حيث ان الملكية العائدة به بحسب الدقة والحقيقة، ملكية جديدة، وبملاحظة ان اعتبار فسخ العقد وانحلاله، اعتبار إعادة نفس الملكية السابقة الزائلة. ومنه قد انقدح عدم جريان الوجهين فيما كان العود بناقل جديد، فان الثابت انما هو جواز رد العين عن الملكية التى حدثت للاخر بالمعاملة الغنية، لا عن ملكية جديدة. نعم لو كان الثابت له، فسخ العقد ولو حكما، ففسخ، كان له استرداد العين المنتقلة إلى الاخر مطلقا، ولو بسبب جديد وان لم ينتقل إليه بنفس الفسخ، حيث لا وجه للتنزل إلى البدل، مع التمكن من نفس المبدل، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (من امتناع الرد وهو مختار الصميرى - الخ -). لا امتناع لرد نفس العين المبيعة، وانما الممتنع رد منافعهما لاستيفائها المغبون بالاجازة. وفى لزوم الغرامة عليه، وجه، وهو لزوم الضرر على الغابن لو لا لزومها على المغبون من دون ضرر عليه. فتأمل.


ص 190 * 1 - بحار الانوار: 2 / 272.

[ 191 ]

قوله (قدس سره): (وفى لحوق الامتزاج مطلقا، أو في الجملة، وجوه). أي الامتزاج ولو بغير المثل، أو خصوص الامتزاج بالمثل، ويحتمل ان يكون المراد الامتزاج ولو بنحو يتمكن من التميز، أو خصوص ما لا يتمكن منه عادة، فتأمل. ويحتمل قويا ان يكون المراد الامتزاج ولو مع ملك الغابن أو خصوص ما إذا كان مع الملك المغبون، لتمكن المغبون من الرد، فيما إذا كان الامتزاج مع ملك الغابن. ومجرد صيرورة المغبون مالكا للجزء المشاع من الممتزجين، لا بمنع عن رد ما انتقل إليه بالبيع إلى الغابن، فافهم. قوله (قدس سره): (اما تصرف الغابن فالظاهر انه لا وجه لسقوط خيار المغبون به - الخ -). لا يخفى ان ما ذكر وجها لسقوط خيار المغبون قبل علمه، يكون وجها لسقوطه بتصرف الغابن بمثل تصرفه، فانه يمنع عن الاسترداد، كما هو كان مانعا عن الرد. ودعوى ان العبر بامكان الرد، مجازفة، ان لم نقل بان الاعتبار يساعد على ان يكون العبرة بامكان الاسترداد ابتداء، وان يكون له ذلك كما لا يخفى. نعم لو كان الحادث بسبب الغبن، هو الخيار، لم يكن وجه لسقوطه اصلا بتصرف احدهما، كما اشار إليه (قدس سره) في تصرف المغبون، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (وجوه، من وقوع العقد في متعلق حق الغير - الخ -). انما يكون العقد في متعلق حق الغير، فيكون فضوليا، فيكون له الرد والابطال، إذا كان الموجب لحق الخيار، موجبا لحق اخر في العين الذى الخيار، ودون اثباته خرط القتاد. غاية الامر عدم نفوذ تصرفات غير ذى الخيار في زمانه وبطلانها، وهو غير التسلط على ابطالها، كما لا يخفى. هذا لو قلنا بحدوث جواز الفسخ حقا أو حكما، وكذلك لو قلنا بان الغبن لا يوجب إلا جواز الاسترداد، فان غاية ما يحدث بسببه، هو جوازه حكما، لاحقا، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ويحتمل هنا تقديم حق الخيار - الخ -). قد مر غير مرة ان متعلق حق الخيار هو العقد، وقضية الفسخ بسببه،


[ 192 ]

ليست الا رجوع كل عوض إلى صاحبه الاول بنفسه فيما امكن عقلا وشرعا، أو ببدله فيما إذا لم يكن، فلا يقتضى تقدم سبب حق الخيار لتقديمه، الا ان يقال: ان الاستيلاد في زمنه وقع في غير محله. قوله (قدس سره): (ويمكن النظر فيه بان فسخ المغبون إما بدخول العين في ملكه الخ -). يمكن ان يقال: ان فسخه وان لم يكن في مثل المقام مقتضيا بنفسه لدخول العين في ملكه، لخروجها عن ملك من انتقل إليه، الا ان التنزل إلى البدل انما يكون فيما إذا لم يتمكن من عين المبدل. والمفروض في المقام تمكنه منها، لكن لا يخفى ان قضية تحصيلها ايضا في العقد اللازم بالاستقالة ونحوها إذا امكن. ولا اظن ان يلتزم به الشهيد - ره - وقد انقدح بما ذكرناه، ان لزوم الفسخ لاجل ان الخروج عن عهدة تلك العين المنتقلة عن ملك الغابن، انما يكون بردها مع الامكان بلا توسيط التنزل إلى البدل بالفسخ، لاجل الحيلولة. ان قلت: إذا كان الفسخ غير مقتضى لدخول العين في ملك من خرج عن ملكه بالعقد في مثل المقام، فلا محيص عن ان يكون مقتضيا لدخول بدلها، لئلا يلزم الجمع بين العوضين، ومعه لا وجه لوجوب تحصيلها، كما افاده - قدس سره -. قلت: الفسخ وان كان غير مقتضى لدخول العن في ملكه حقيقة، الا انه لابد من تقديره ودخوله في ملكه حكما، بعد تقدير ملك من خرج عن ملكه بالعقد الثاني، ليصح اعتبار انتقاله عنه إلى الفاسخ، فيصح الفسخ، جمعا بين نفوذ الفسخ الذى ليس الا حل العقد بين العوضين، المقتضى لرجوع كل إلى ملك الاخر الذى خرج عن ملكه به، وبين نفوذ العقد الثاني على احدهما وصحته. وانما يكون التنزل إلى البدل لاجل كون المبدل الراجع بالفسخ على عهدته وضمانه، وعدم تمكنه من رده، لا لاجل اقتضاء الفسخ اياه في هذه الصورة، ضرورة ان الفسخ ليس بمعاوضة جديدة، بل حل العقد السابق، ولا يكاد يكون الحل الا برجوع ما صار إلى كل واحد من المتعاقدين


[ 193 ]

بالعقد إلى الاخر ولو تقديرا، فيما إذا لم يكن الرجوع إذا لم يكن الرجوع حقيقة، واما مع تمكنه من رده بنفسه، فلا وجه للتنزل إلى بدله، ضرورة ان قضية الضمان، لزوم رد العين المضمونة مع الامكان. فتأمل في المقام فانه لا يخلو عن دقة. قوله (قدس سره): (لكن ذلك انما يتم مع كون العين على ملك المغبون - الخ -). لا يعتبر في بدل الحيلولة كون العين على ملك المضمون له، بل يكون ثابتا، ولو خرجت، كما إذا صار الخل في يد الغاصب خمرا، فلا يبعد ان يلزم بالبذل وبالعلاج، كى صار خلا. والدليل على وجوب تحصيل العين، هو كون تلك العين المنتقلة عنه بالعقد الراجعة بالفسخ إلى ملك من انتقل عنه إليه بالعقد الاول تقديرا، كما عرفت في ضمانه، فافهم. ومما ذكرنا قد انقدح وجوب رد العين، فيما إذا فسخ الغابن بعد فسخ المغبون، أو ملك بسبب جديد، لا لاقتضاء الفسخ كما افاده، وقد عرفته، بل لما مر من انه قضية الضمان للعين المنتقلة إليه بفسخه العقد الاول ولو تقديرا، فتأمل. قوله (قدس سره): (فاما ان يكون نقصا يوجب الارش - الخ -). كما إذا كان بتلف جزء من العين، واما إذا كان بإزاء صفة الصحة، واحداث عيب فيها، ففى الارش اشكال من ثبوته فيما ظهر المبيع مبيعا، ومن ان الثمن بتمامه انما يكون بازاء العين، لا أن يكون شيئا منه بإزاء صحتها، وان كانت موجبة لزيادة قيمتها، كساير الاوصاف، وانما كان ثبوت الارش عند فواتها في عيب المبيع دونها تعبد الاجل دليل خاص، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (لان المنفعة من الزوائد المنفصلة المتخللة بين العقد والفسخ - الخ -). وانما صارت منفصلة بعقد الاجارة فقد استوفاها الغابن به قبل الفسخ، فيكون حالها حال المنافع التى تكون لها قبل الفسخ في الانفصال بالاستيفاء. هذا، لكنه يمكن ان يقال: ان ضرر الغبن في هذه الصورة، لا يكاد


[ 194 ]

يتدارك بمجرد فسخ البيع، كى يكتفى في نفيه بجواز الفسخ، حيث انه كما كان بقاء هذه المعاملة ضررا، كان فسخها بلا اجرة المثل للمنفعة في هذه الاجازة ضررا، فكما ان قضية نفى الضرر كان نفى ما للضرر الاول من الحكم لولاه، كان قضيته ايضا نفى ما للضرر الثاني. فيكون قضيته جواز الفسخ مع الاجرة. وقد انقدح مما قررناه، ان الضررين، مما لا مناص له عن احدهما، فلا يكون مجال لتوهم ان الضرر الثاني يكون باقدام منه بالفسخ، فتأمل جيدا. قوله (قدس سر): (وفيه نظر، لمنع تزلزل ملك المنفعة - الخ -). وانما يكون متزلزلا فيما كانت المنفعة باقية على تبعيتها له في الملكية، وغير خارجة عنها بالاجارة ونحوها، فحينئذ كما لم ينتقل بانتقاله بارث ونحوه، كذلك لا ينتقل بفسخ عقده. نعم لما كانت المنفعة في غير مدة الاجارة باقية على تبعيتها له، كانت متزلزلة مثله ينتقل بالفسخ بتبعه. قوله (قدس سره): (وسيجئ ما يمكن فارقا بين المقامين - الخ -). ولعل الفارق هو ان التفاسخ هناك من رأس، والفسخ هيهنا من حينه. قوله (قدس سره): (فالظاهر ثبوت الشركة فيه - الخ -). فيه اشكال لاحتمال ان يكون الزيادة الحكمية، كزيادة القيمة السوقية غير موجبة لها. نعم لا يبعد القول بوجوب دفع اجرة المثل دفعا للضرر، فان دفع العين الزائدة بهذه الزيادة بدون الاجرة، يكون ضررا على الغابن، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (فلكل منهما تخليص ماله عن مال صاحبه - الخ -). ربما يشكل بان التخليص انما يكون للكل، إذا لم يستتبع تخليصه ضررا، وتخليص الارض بقلع الشجر مستتبع للضرر على الغابن، والارش انما يكون تداركا له، فيكون الحكم بجواز القطع مع الارش، مساوقا للحكم بجواز الاضرار وتداركه، والمنفى بقاعدة نفى الضرر والضرار، جواز الاضرار، وليس


[ 195 ]

بقاء الغرس بالاخرة ضررا على صاحب الارض وتداركه، كى يعارض به ضرر التخليص، فيصير قاعدة التسلط مرجعا وذلك لان استفاء منفعة ملك الغير، من انحاء انتفاعه بملكه، بخلاف تنقيص ملكه بقلع، أو كسر مع الارش، فانه اضرار به مع الجبر، فلا يكون الحكم ببقاء الغرس بالاجرة وعدم جواز قلعه بالارش، الا حجر المالك بهذا المقدار، لقاعدة نفى الضرر والضرار، بخلاف الحكم بالقلع بالارش، فانه مخالف لهذه القاعدة، وقاعدة التسلط. فان القلع بدون رضاء مالك الغرس، على خلاف تسلطه على ماله، وان كان من جهة تخليص ارضه على وفق القاعدة، ومن المعلوم ان قاعدة نفى الضرر، تقدم على قاعدة التسلط، كسائر القواعد. لا يقال: ربما يوجب حجر المغبون، وعدم تسلطه على تخليص أرضه، ضررا عليه، لاجل نقص قيمة الارض احيانا بذلك. فانه يقال: لا بأس به، فان الضرر الناشئ من قبل حجر المالك بقاعدة نفى الضرر، لا ينفى بها، كما يظهر من رواية سمرة بن جندب 1، فتأمل. وقد انقدح بما ذكرنا، انه لا فرق بين ما نحن فيه، وبين مسألة التفليس، حيث ذهب الاكثر فيها إلى انه ليس للبايع الفاسخ، قلع الغرس، ولو مع الارش. وما ذكره من الفرق، يكون حدوث ملك الغرس في ملك متزلزل فيما نحن فيه، فحق المغبون، انما تعلق بالارض قبل الغرس، بخلاف مسألة التفليس فيه، انه ليس للمغبون حق في الارض اصلا، وانما كان له الخيار، وحق فسخ العقد، أو مجرد جواز فسخه، أو استرداد العين، بلا تعلق حق له بالعين، كما مرت إليه الاشارة، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (من حصول الاشتراك قهرا لو كانا لمالكين - الخ -). قد عرفت ان قضية الفسخ، هو رجوع كل من العوضين إلى ملك صاحبه الاول حقيقة، أو تقديرا، فالاجزاء الخلية هيهنا بالفسخ يصير ملكا للاخر، فيحصل الاشتراك قهرا، حيث كان كل من الممتزجين لمالك، كما


ص 195 * - وسائل الشيعة: 17 / 340 - ب 12 - ح 3.

[ 196 ]

في صورة الامتزاج بالجنس، حيث لا وجه للاشتراك الا ذاك، ومجرد التفاوت بتغير الحقيقة في احدهما دون الاخر، لا يوجب اختلافهما في الحكم بعد الاتفاق، مع عدم التمكن من رد نفس العوض، كما لا يخفى. فلا يكون الامتزاج بغير الجنس، كالتلف الرافع للخيار، مع ما في كون التلف واقعا من النظر، بل المنع، كما يأتي. قوله (قدس سره): (فمقتضى ما تقدم من التذكرة في الاخراج عن الملك - الخ -). ربما يقال بان سقوط الخيار بالخروج عن الملك، لا يقتضى سقوطه بالتلف، إذ مع الخروج لا يمكن الفسخ، لا لامتناع رجوع كل عوض إلى ملك صاحبه الاول، وهو قضية الفسخ، كما عرفت، وعدم امتناعه مع التلف لصحة اعتبار رجوع التالف إلى ملك صاحبه الاول بعد الفسخ، كما كان في ملك الاخر قبله. وكون غرامته عليه لضمانه، لا يمنع عن الرجوع، ولا يكون من باب الجمع بين العوض والمعوض، كما مرت إليه الاشارة، فيصح اعتبار الفسخ فيه لذلك. نعم لو قام دليل على نفوذ الفسخ مع الخروج، فلا مناص عن اعتبار الرجوع تقديرا، كما مر، أو المنع عن كون قضيته، رجوع كل عوض بنفسه إلى صاصبه، بل بماليته، ولو ببدله من قيمته أو مثله، فيما إذا لم يتمكن عن رجوعه بعينه، لكنه عرفت ان الفسخ ليس معاوضة جديدة، بل حل العقد السابق، ومن الواضح انه بين العوضين بعينهما، فلابد من رجوع البدل بالفسخ من ذاك الاعتبار، والا لم يمكن بفسخ اصلا، كما لا يخفى. ولا يكاد يصار إليه، الا إذا كان دليل على نفوذ الفسخ، فيما إذا تعذر الرد حقيقة، فافهم. قوله (قدس سره): (فإذا فسخ غرم قيمته يوم التلف، أو يوم الفسخ - الخ -). أو يوم الدفع، وجوه، اضعفها الاول، حيث لا منشاء له الا توهم انه لابد في البيع المتزلزل، من اعتبار بقاء العين ولو ببدلها، فيكون إلى البدل يوم


[ 197 ]

التلف، وهو كما ترى. ويتعين الوجه الثاني، بناء على ان يكون التنزل إلى البدل بعد الفسخ ابتداء في صورة التلف، واما على ما عرفت من ان قضية الفسخ، رجوع ملك نفس العين مطلقا، وانما يكون دفع المثل أو القيمة غرامة عنها، فالمتيقن هو القيمة يوم الدفع، فانه يوم لخروج عن عهدتها، ولا يكاد يكون الا بدفعها أو بدلها في هذا اليوم، كما لا يخفى. وبذلك قد انقدح الحال في بعض الفروع الاتية، فتأمل قوله (قدس سره): (الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاوضة مالية بناء على الاستناد - الخ -). وعدم الحاجة في الاستناد إلى نفى الضرر، إلى الجبر بعمل معظم الاصحاب، والا فلا يصح الاستناد إليه في ثبوته في غير البيع، لعدم ظهور الاستناد من المعظم إليه، الا في البيع. قوله (قدس سر): (ولعله للاقدام في هذين على رفع اليد - الخ -). يمكن منع كون مثل هذا الاقدام على الضرر مانعا عن نفيه، فانه لا دليل على استثناء صورة الاقدام مطلقا، بل الوجه في خروج صورة الاقدام، إنما هو عدم المنة في نفيه معه الاقدام، مع كونه في مقام المنة، ففى كل مقام لم يكن هناك منة في نفيه، كان الاقدام مانعا عن ففيه، بخلاف ما إذا كان هناك المنة، كما إذا لم يكن هناك اقدام اصلا كالمقام، حيث ان المصالح لو فرض انه اقدم باعتقاد النفع، أو عدم الضرر، أو رجاء ذلك، فلا شبهة في ان نفيه يكون منة. نعم لو فرض اقدامه عليه بدون ذلك، بل كائنا ما كان، فلا منة مع اقدامه كذلك في نفيه، ويكون كالاقدام مع العلم، ولا يبعد ان يكون الاقدام على الصلح في مقام رفع الخصومة كذلك، بل يمكن ان يقال: ان الصلح في هذا المقام، ولو لم يكن بذاك الاقدام، لا منة في الحكم بجوازه لنفى الضرر، بل الحكمة تقتضي لزومه دفعا للتشاجر والخصومة، وفيه كمال المنة، فتدبر. قوله (قدس سره): (فلا يخفى ان هذا العموم في كل فرد من موضوع الحكم، تابع لدخوله تحت العموم - الخ -).


[ 198 ]

حيث ان عمومه الازماني المستفاد من الاطلاق، لم يلحظ بحيث يوجب كون كل فرد من افراد الموضوع افرادا كثيرة، بحسب كثرة الساعات أو الايام، فيكون كل عقد في كل ساعة أو يوم فردامن العام، كيلا يكون مناص عن الرجوع إليه فيما شك في تخصيصه من الافراد، لا كلام، بل غاية ما يستفاد من الاطلاق، هو استمرار الحكم لكل فرد لم يخرج عن العام. واما الخارج في الجملة، فالمتبع فيه إذا شك في زمان في كونه محكوما بحكمه، أو بحكم الخاص، هو استصحاب حكمه، لا اصالة العموم، لعدم كونه في هذا الزمان فردا شك في تخصيص العام به، كتخصيصه به في الزمان الاول، بل هو فرد واحد خصص به العام هذا. قلت: نعم، لو كان خروجه عن تحت حكمه في الزمان الثاني، لا من الاول. واما إذا كان خروجه من الاول، وشك في مقدار خروجه، فلابد من الاقتصار على المقدار المتيقن من الخروج، والرجوع إلى حكم العام في القدر الزايد، مثلا لو شك في طول الخيار المجلس وقصره، وكذا فيما هو المعتبر في الصرف والسلف من القبض في المجلس، كان المرجع في المقدار الزائد على المتيقن، هو " اوفوا بالعقود " 1 اقتصار على المقدار المتيقن من التقييد، وذلك لان الحكم الواحدانى المستمر المتعلق بكل عقد في " اوفوا بالعقود " قد انقطع فيما إذا دل دليل على حدوث الخيار في عقد بعد لزومه، فلا وجه للرجوع إلى اطلاقه، حيث لم يكن العقد في غير ما علم فيه الخيار من الزمان، مشمولا له على حدة، كى يرجع إليه ما لم ينهض دليل على تقييده بخلاف ما إذا كان تقييده من الاول، فان اطلاقه يقتضى وجوب الوفاء به، بعتقييده بما علم التقييد به، فذاك الحكم الواحدانى المستر، انما يكون متعلقا ببعد مضى الزمان المعلوم خروجه فيه، فلا انقطاع له اصلا، بل غايته عدم تعلقه به، الا بعد زمان وكان مقتضى الاطلاق تعلقه بمجرد انعقاده. ومما ذكرنا قد انقدح ان حال انقطاع الحكم عن الاخر حال عدم


ص 198 * 1 - المائدة: 1.

[ 199 ]

تعلقه من الاول، وانه لابد من الاقتصار في انقطاعه بالمقدار المعلوم، والنباء على حكم العام إلى زمان علم التقييد، وانقطاعه فيه، فتأمل جيدا. كما انقدح ان خيار الغبن ان كان من الاول، فالمرجع هو " اوفوا بالعقود " 1 فيما لم يعلم ثبوته، وان كان بعد ظهور الغبن، فالمرجع هو استصحاب الخيار، بناء على المسامحة في موضوع الاستصحاب، واصالة عدم تأثير الفسخ، بناء على المداقة فيه. قوله (قدس سره): (لما عرفت سابقا من ان مرجع العموم الزمانى - الخ -). قد عرفت ان ذلك انما يمنع عن الرجوع إليه بعد عروض الانقطاع عليه، لا عن الرجوع إليه بعد مضى الزمان الذى علم تقييده، وعدم ترتب ذاك الحكم الاستمراري عليه فيه من الاول، فيكون اطلاق " اوفوا بالعقود " دليلا على كون الخيار على الفور، بناء على ثبوته من الاول، لا بعد ظهور الغبن، كما ان قضية الاستصحاب، انه على التراخي، بناء على انه بعده، حيث انه شك في بقاء الخيار للمغبون بعد القطع بثبوته له، ولا يعتنى باحتمال ان يكون الموضوع له، هو الذى لا يتمكن من تدارك ضرره اصلا، وإلا لانسد باب الاستصحاب في الاحكام بالمرة، كما لا يخفى. ولا وجه لاستظهار ذلك من حديث " لا ضرر ولا ضرار " 2، إذ غاية دلالته، ثبوت الخيار للمتضرر، ولا اشارة فيه إلى أن المدار على عدم التمكن من التدارك، كما هو واضح. قوله (قدس سره): (وليس ترك الفحص عن الحكم الشرعي منافيا لمعذوريته - الخ -). لاطلاق حديث نفى الضرر 2، وكمال المنة في نفيه عن تارك الفحص، وان كان متمكنا من الفسخ معه، وهذا هو الوجه في معذورية


ص 199 * 1 - المائدة: 1 2 - وسائل الشيعة: 17 / 341 - ب 12 - ح 3.

[ 200 ]

الجاهل بالفورية، وان تمكنه من الفسخ ليس بضائر، والا كان التمكن منه في الصورة الاولى ضائرا. وبالجملة، وجه المعذورية وهو الاطلاق والمنة في النفى مع الجهل، مشترك بينهما، كما لا يخفى. وبذلك قد انقدح وجه معذورية الشاك في ثبوت الخيار، فتدبر جيدا قوله (قدس سره): (من ان الصبر ابدا مظنة الضرر - الخ -). لا يخفى ما في الاستدلال بقاعدة نفى الضرر والضرار في ثبوت الخيار من النظر، حيث ان الضرر هيهنا انما هو ناش من تأخير القبض، لا في نفس المبيع، كى يوجب نفى ما لولاه، كان له من لزوم الوفاء به، ولا وجه لان يتدارك ضرر ناش من قبل شئ ينفى حكم شئ اخر اصلا، كما لا يخفى. وكيف يصح الاستدلال به على ثبوت الخيار، مع اعتبار امور في ثبوته، مع اختلال الجل، لولا الكل، الا ان يدعى نهوض الاجماع أو غيره على التخصيص، وهو بعيد فتأمل. قوله (قدس سره): (الا ان فهم العلماء وحملهم على نفى اللزوم 1 - الخ -). لا يخفى انه لا يكاد يقربه فهمهم، بحيث صح لنا الاستناد إلى الاخبار، في ثبوت الخيار، الا إذا كان هناك اطمينان بظفرهم بما لو ظفرنا به لكنا نفهمه منها، كما فهموا، ولا اطمينان. نعم يمكن ان يقال: ان مثل هذا التركيب، وان كان بحسب اصل الوضع لنفى الماهية، الا انه حيث قد غلب استعماله في نفى صفة الصحة، أو الكمال، أو غيرهما من الاحكام، كما في " لا صلاة بفاتحة الكتاب " 2 بناء على وضع اسامى العبادات للاعم، و " لا صلاة لجار المسجد الا في المسجد " 3 و " لا ضرر ولا ضرار " 4 ونحوهما


ص 200 * 1 وفى المصدر: وحملهم الاخبار على نفس اللزوم. 2 - وسائل الشيعة: 4 / 732 - ب 1 ح 1. 3 - وسائل الشيعة: 4 / 478 - ب 1 - ح 1. 3 - وسائل الشيعة: 17 / 341 - ب 2 - ح 1.

[ 201 ]

فيراد منه نفى احدى هذه الصفات، حسب اختلاف المقامات، وملاحظة مناسبة الموضوعات، لا يبعد دعوى ظهور الاخبار في ارادة نفى اللزوم، لبعد بطلان البيع، وارتفاعه بنفسه بمجرد التأخير، يؤيده فهم الاصحاب، فتأمل. قوله (قدس سره): (ثم انه يشترط في هذا الخيار امور، احدها عدم قبض المبيع - الخ -). لو كان الاجماع مدركا لهذا الخيار، فلا محيص عن اعتبار هذه الامور، للاقتصار على المقدار المعلوم. ولو كان المدرك هي قاعدة نفى الضرر والضرار، فلا وجه لاعتبار الجل، لولا الكل، ضرورة ان المدار في ثبوت الخيار حينئذ، ثبوت الضرر، أو الضرار، ولا شبهة في ثبوت الضرر مع فقدان بعضها، كما لا يخفى. واما لو كان المدرك هو الاخبار، فظاهر بعضها وان كان عدم الاعتبار الا بعدم قبض المثمن، كما هو ظاهر رواية على بن يقطين 1. وظاهر بعض الاخر اعتبار عدم قبض الثمن 2. والتوفيق بينهما كما يكون بتقييد اطلاق كل بالاخر، كى يعتبر عدم قبض الثمن والمثمن معا، كذلك يكون بالحمل على كفاية عدم قبض احدهما، الا ان التوفيق الاول لو لم يكن باظهر، فليس الثاني كذلك، أي باظهر، والاصل يقتضى اعتبار عدمها، فتدبر. قوله (قدس سره): (مع امكان اجراء اصالة عدم التشديد - الخ -). لا اعتبار بمثلها، الا من باب الاصل المثبت، مع ان التشديد كالتخفيف، من الكيفيات التى تكون الكلمة توجد اما مكيفة به، أو بعهده، فلا حالة سابقة لها يستصحب، وليست من الاصول العقلائية، حيث لم يحرز بناء العقلاء على العدم عند الشك، هذا، مع معارضتها باصالة عدم التشديد في قبض، فلا تغفل.


ص 201 * وسائل الشيعة: 12 / 357 - ب 9 - ح 3. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 356 - ب 9 - ح 2.

[ 202 ]

قوله (قدس سره): (وكلاهما ممكن الاندفاع باخذ المبيع مقاصة - الخ -). يمكن ان يقال ان خيار التأخير، انما كان ارفافا بالبايع من جهة الضرر الناشئ من قبل تأخير الثمن، لا من جهة كون المبيع في ضمانه، وتلفه منه قبل قبضه. المقاصة ربما لا يكون جائزة بحدود هذه الخيار، مع انه ربما لا يندفع الضرر فيما كانت قيمة العين اقل من الثمن، بل ولو كانت ازيد إذ حينئذ لا يمكن اخذ تمامها مقاصة، واخذ بعضها المساوى للثمن مساوق للتملك المشترى لبعضها، بلا عوض، مع انه ربما لا يكون قابلا للتبعيض، أو يكون تبعيضه موجبا للتنقيص، ومعه لا يبعد ان لا يكون مجالا للمقاصة فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (واما حديث نفى الضرر 1، فهو مختص بالشخصي - الخ -). قد عرفت في بعض الحواشى، ان ضرر تأخير الثمن مع استحقاقه له معجلا، ولو كان مشروطا بتمكينه من الاقباض مع تمكينه، كاف في ثبوته الخيار، ارفاقا به، فلا اختصاص له بالشخصي. قوله (قدس سره): (ولا مناسبة في اطلاقه على الكلى - الخ -). المناسبة في الكلى للبيع التعهد به في الذمة، هي المناسبة في العين، كما لا يخفى، فنفى المناسبة فيه، واثباتها فيها، تحكم، ولفظ الشئ يعم المعين والكلى، كما افاده. ودعوى ظهوره في الموجود الخارجي، لا بينة ولا مبينة، فلا يبعد دعوى دلالة بعض الاخبار، على ثبوت الخيار في الكلى ايضا، ويؤيد حديث نفى الضرر الضرار 1، ويساعد لاعتبار، فتدبر. قوله (قدس سره): (ومن ان العقد سبب الخيار، فيكفى وجوده في اسقاطه - الخ -). لا يخفى ان العقد ليس سببا له، بل السبب انما هو التأخير، فلا يكفى وجوده في اسقاطه، ولو قيل بكفاية وجود السبب في اسقاط السبب والتهيؤ


ص 202 * 1 - وسائل الشيعة: 17 / 341 - ب 12 - ح 3.

[ 203 ]

الحاصل بالعقد للخيار، غير الخيار، مع انه لم ينهض دليل على سقوطه بالاسقاط. اللهم إلا ان يقال: بانه اسقاط لما يثبت بعد الثلاثة فيثبت بعدها بالتأخير، فيسقط به، وليس هذا من إسقاطه ما لم يثبت، كى لا يعقل، فافهم. وما ادعاه من فحوى الاشتراط، ففيه انه لا يرى اولوية فيه من الاشتراط، ضرورة انه يكون بالشرطما لم يكون بدونه، فتأمل. قوله (قدس سره): (فان الشرط انه يسقط به ما يقبل الاسقاط بدون الشرط - الخ -). وقد عرفت ان الاسقاط هيهنا لا يعقل، فانه اسقاط لما لم يثبت، وعليه فلا يكاد يمكن تحقق اجماع على السقوط بالشرط، كما لا يخفى. نعم يمكن تصحيحه بان يقال، انه شرط سقوطه بعد ثبوته، فيثبت بعد الثلاثة اناما، فيسقط، كما اشرنا إليه في تصحيح الاسقاط، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (ودعوى ان حدوث الضرر قبل البدل، يكفى في بقاء الخيار، مدفوع - الخ -). فيه ان حدوث الضرر وان كان لا يكفى بمجرده في بقاء الخيار، لعدم دلالة حديث نفى الضرر 1، الا على ثبوته وعدم لزوم البيع في الجملة في الحالة الاولى، من غير تعرض للحالة الاخرى، كما لا يخفى، إلا انه بضيمية استصحاب الخيار، كاف في بقاء الخيار، وانما يكون الاحكام المترتبة على نفى الضرر، تابعا للضرر الفعلى، لو كان حديث النفى دالا على كون الضرر، علة تامة منحصرة، ودون اثبات ذلك خرط القتاد، وإلا فمن المحتمل ان يكون حدوثها بسبب الضرر، وبقاؤها بسبب اخر، فتدبر. قوله (قدس سره): (الرابع اخذ الثمن - الخ -). فيه إشكال، فان اخذ الثمن هيهنا، ليس الا كاخذه في خياري المجلس والحيوان، فكما لا يكون هناك مسقطا، لعدم كونه بمجردة تصرفا كاشفا عن الرضاء بالمعاملة، وامضائها، بل يحسب تتمة لها، كذلك هيهنا،


ص 203 * وسائل الشيعة: 17 / 341 - ب 12 - ح 3.

[ 204 ]

كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (وقد عرفت ان الاقوى الفور - الخ -). قد عرفت بما حققناه في بعض الحواشى السابقة، ان الاقوى في مثل المقام، مما لم يكن الخيار من الاول التراخي، للاستصحاب، كما قواه اخيرا، والفور فيما كان من الاول، فتذكر. قوله (قدس سره): (وقد يعارض النبوى 1 بقاعدة الملازمة بنى النماء والدرك - الخ -). انما يعارض بحها إذا كان التالف ملكا للمشترى، وقد كان تلفه على البايع، حتى كان ضمانه على البايع، مع كون منافعه ونمائه للمشترى، كى ينافى قاعدة الملازمة. واما إذا صار ملكا للبايع اناما، قبل التلف ولو تقديرا، كما هو المراد بالنبوي على ما يأتي، فلا يعارض بها، حيث ان التلف حينئذ ليس الا كالفسخ الموجب لانفساخ البيع وانحلاله، وليس ضمان البايع للمبيع في صورة التلف قبل القبض، الا تلفه في ملكه، كما في التلف بعد فسخ البيع، وهو لا ينافى قاعدة الملازمة، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (لكن المراد من اليوم، اليوم وليله - الخ -). لكن الظاهر من اليوم في الرواية 2، ما قابل الليل لوضعه له وقرينة المقابلة، كما لا يخفى. ومجرد كون الخيار حينئذ، لا يجدى للبايع شيئا لو سلم، لا يصلح قرينة لارادة اليوم بليله، مع انه يجدى، فإن الغالب فيما يفسد ليومه، عدم الوصول إلى التلف، وعدم الانتفاع به اصلا، فيتدارك بالخيار، ضرر عدم الوصول إليه، الا بالاختيار. اللهم الا ان يكون مدرك هذا الخيار عندهم، حديث نفى الضرر والضرار 3، وعليه فلا وجه للتحديد بهذا المقدار، بل يختلف زيادة ونقيصة، كما هو واضح.


ص 204 * 1 - مستدرك الوسائل: 2 / 437. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 358 - ب 11 - ح 1. 3 - وسائل الشيعة: 17 / 341 - ب 12 - ح 3.

[ 205 ]

قوله (قدس سره): (منها صحيحة جميل بن دراج 1 - الخ -). وتقريب الاستدلال بها، يتوقف على ان يكون الحكم بثبوت خيار الرؤية، لاجل كون البيع بتوصيف القعطة بما لا يكون فيها، لا لمجرد عدم رؤيتها، كما هو ظاهرها. الا ان لا تكون الروية، الا بصدد بيان ان بيع الصيغة، مع عدم رؤية قطعة منها، يكون معرضا لخيار الروية المعهود، من دون ان يكون بصدد بيان ما يعتبر فيه، فتأمل. قوله (قدس سر): (والمسألة محل اشكال 2، واشكل من ذلك - الخ -). والتحقيق في جسم مادة الاشكال، إذ ان الذى يرتفع به الغرر حقيقة وهو نحو اطلاع واحاطة بالمبيع، يختلف ما يحقة في العين الحاضرة والغائبة، فربما في العين الحاضرة ذاك الاطلاع، وان لم يطلع على بعض ما لا يرتفع الغرر في الغائبة، الا بالاطلاع عليه بالتوصيف، ضرورة انه لا غرر حقيقة في الامة الحاضرة التى يراها المشترى، وان لم يطلع على انه حبشية، أو غيرها مثلا ولا يكاد يرتفع الغرر في الغائبة، الا بالاطلاع على ذلك، وسر ذلك ان الاطلاع الحاصل بالرؤية، لا يكاد يحصل بالوصف، وان اطلع به على بعض ما يخفى معها من الاوصاف، ومن هنا ظهر ان المراد في صحة بيع العين الغائبة على ذكر ما يرتفع به الغرر، من دون خصوصية في ذكر الاوصاف التى يختلف بها القيمة أو الرغبات، ولكن لا يخفى ان المدار في خيار الرؤية على التخلف عما ذكر له من الاوصاف، وان لم يكن مما له دخل في رفع الغرر اصلا. قوله (قدس سره): (ويمكن ان يقال: ان اخذ الاوصاف في معنى الاشتراط - الخ). كيف وفى الاوصاف ربما يكون ما له دخل في حقيقة المبيع، ويكون تخلفه موجبا لبطلان البيع بلا اشكال ولا خلاف، كما يأتي منه


ص 205 * 1 - وسائل الشيعة 12 / 361 - ب 15 - ح 1. 2 - وفى المصدر: والمسألة لا يخلو عن اشكال...

[ 206 ]

(قدس سره)، فيكون اخذه موجبا للغرر، هذا، مضافا إلى ان الغرر حينئذ في نفس الشرط، والغرر في الشرط كما يوجب بطلانه، يوجب بطلان البيع، ولو نقل بفساده، بفساد الشرط، لاستلزام الغرر فيه، الغرر في البيع، فغائلة الغرر لا تكاد تندفع الا بانه لا غرر مع ذكر الاوصاف والاخبار بالاتصاف، كما لا يكون غرر في المقدار، مع الاخبار بوزنه أو كيله. قوله (قدس سره): (لعدم الدليل على البطلان بعد انعقاده صحيحا - الخ -). هذا لو كان مراد القائلين بالبطلان، بطلان البيع من حين ظهور الخلاف. واما لو كان مرادهم بطلانه من رأس، كما هو ظاهرهم، فلا مساس له بمرامهم، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (ويضعف بان محل الكلام في تخلف الاوصاف التى لا توجب مغايرة الموصف للموجود عرفا - الخ -). ولا يوجب تقييد البيع والا المبيع اصلا، وان كانت داعية إلى البيع، أو مؤكدة لداعيه، لان ظهور الخلاف فيها، كما لا يوجب البطلان، وهو واضح، لا يوجب تخلفها الخيار، إذ ليس حالها، إلى كما إذا تخيل الاتصاف به، مما لا إتصاف به من الاوصاف في العين المرئية، فكما لا يوجب الخيار هناك، لا يوجبه هيهنا، فيشترى لذلك، بل خصوص الاوصاف التى يوجب ذكرها نوعا، ما لم تقم هناك قرينة على الخلاف، تقييد البيع، أو المبيع ببعض مراتبهما، لا مطلقا، والا لاوجب تخلفها البطلان، لانتفاء المقيد بانتفاء قيده. وبالجملة محل الكلام فيما كان التقييد بالاوصاف بنحو التعدد المطلوبى. وعليه فلو تردد الامرين كون الوصف مما يوجب التقييد هكذا، أو لا يوجبه، فاصالة الاطلاق محكمة، فلا خيار مع التخلف. ولو تردد بين كونه مما يوجبه هكذا، أو يوجبه مطلقا، فيتردد ما وقع بين ان يكون عقدا مع التخلف، وان لا يكون ضرورة انه لا يكون عقدا معه، لو كان التقييد به مطلقا، حيث انه يظهر بالتخلف انه لم يمكن ما قصد بيعه، وما يكون لا يقصد


[ 207 ]

بيعه، فلم يتحقق بعد، بيع ولا عقد، كى يصح التمسك بإطلاق مثل " احل الله البيع " 1 أو عموم " اوفوا بالعقود " 2 فيكون اصالة عدم البيع العين الموصوفة مع التخلف، محكمة، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ولم اجد لهم دليلا صالحا على ذلك - الخ -). وانما يتم ذلك لو كان الخيار ثابتا من الاول، واما لو كان الخيار من حين ظهور الخلاف، فاستصحابه كان محكما، كما عرفته في خيار الغبن، فراجع. قوله (قدس سره): (وجهان مبنيان على ان الرؤية سبب أو كاشف - الخ -). يمكن ان يقال بجواز الاسقاط، ولو بناء على كون الرؤية سببا، بان يكون اسقاطا لما ثبت بعد الرؤية ليثبت، فيسقط، لا أن يكون اسقاطا فعلا، كى يكون إسقاطا لما لم يثبت، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (لو جعلت الرؤية شرطا لا سببا، امكن جواز الاسقاط - الخ -). لا يكاد يمكن الا بما نبهنا عليه في الحاشية السابقة، ضرورة انه لا يتفاوت فعدم معقولية اسقاط ما لم يثبت بين ان يكون عدم الثبوت، لعدم السبب، أو لعدم الشرط. نعم لو جعل الاسقاط، اسقاطا لما ثبت فعلا بالسبب من التهيؤ، فهو وان كان يعقل، إلى انه يحتاج إلى دليل، فلعله لم يكن من قيبل الحقوق قابلة للاسقاط، بل كان من قبيل الاحكام. قوله (قدس سره): (فان الخيار الحكم الشرعي لو اثر في دفع الغرر، جاز بيع كل مجهول متزلزلا - الخ -). هذا، مضاضا إلى انه لا يكاد ان يكون دفع الغرر بالخيار، الا على وجه دائر، ضرورة توقف صحة البيع حينئذ على ثبوت الخيار، وهو يتوقف


ص 207 * 1 - البقرة: 275. 2 - المائدة: 1.

[ 208 ]

على صحته، فانه لا يكاد يكون خيار بدونها، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (الا انه لاجل سبب الخيار، وهو اشتراط تلك الاوصاف - الخ -). لا يخفى ان دفع الغرر، لا يتوقف على اشتراط تلك الاوصاف، ضرورة اندفاعه بالعلم بالصفات، أو الاطمينان الحاصل بإخبار البايع، أو غيره، كما تقدم منه - قدس سره - ايضا، وكان الخيار لاجل دفع الضرر، ولو كان نقض الغرض، لا النقص لا لاجل تخلف الشرط، كما كان في الخيار العيب، ولو سلم انه هيهنا بالاشتراط، فشرط سقوط الخيار، انما ينافيه، إذا كان الاشتراط علة تامة، دون ما إذا كان مقتضيا له، فان الشرط حينئذ وان كان يمنعه عن التأثير فيما يقتضيه، إلا أنه لا ينافيه، بل ربما يؤيده حيث التزم باقتضائه، وصار بصدد ابداء المانع عن التأثير فعلا فيه، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ومن الملعوم عدم نهوض الشرط لاثبات ذلك - الخ -). انما لا ينهض فيما علم انه لابد في كل واحد من انفساخ العقد والتمليك من سبب خاص، كما علم في الزواج، والطلاق، وفى غيره، فالشرط ناهض به، لعموم دليله، كما سيأتي توضيحه. قوله (قدس سره): (وفيه انه لا موجب للفساد مع ظهوره على الوصف - الخ -). فيه ان الشرط وان كان معلقا على ظهور الخلاف، الا انه شرط البيع مطلقا، وفساده يوجب فساده مطلقا، لا ان الشرط انما يكون في صورة ظهور الخلاف، كى يختص فساده بهذه الصورة، فافهم. قوله (قدس سره): (وكيف كان فيمكن ان يخدش بان المشترى - الخ -). والاولى ان يخدش بان الاختلاف ان كان من جهة الاختلاف في ذكر بعض الاوصاف، وعدم ذكره، فالاصل عدم ذكره والتقييد به، وان كان من جهة الاختلاف في ظهور الخلاف وعدمه، فالاصل عدم ظهور


[ 209 ]

الخلاف. وما افاده - قدس سره - بقوله " ويمكن دفع ذلك - الخ - " فيه انه وان كان الاشتراط بنحو التقييد، الا انه بنحو التعدد المطلوبى، وإلا لزم البطلان، مع ظهور الخلاف لا الخيار، ومعه يكون البيع متعلقا بالعين الملحوظة فيها صفات موجودة، أو ما يعمها لا محالة، وانما الشك في تقييد ها في المرتبة الاقصى من المطلوب بالصفات المفقودة، فاصالة عدم التقييد بها محكمة، واللزوم من احكام العقد على شئ بلا تقييده بما هو فاقده فموضوع اللزوم محرز هيهنا بالاصل والوجدان. وقد انقدح بذلك انه هنا ليس مجالا، لاصالة البرائة اصلا بعدما كان الاصل فيها هو سبب الشك فيها جاريا، كما لا يخفى. فتدبر جيد. قوله (قدس سره): (وانما ترك اشتراطه صريحا، اعتماد على اصالة السلامة - الخ -). لا يخفى ان اطلاق العقد لو كان مقتضيا للاشتراط، كما افاده قدس سره، كان هو المعتمد في ترك الاشتراك صريحا، لا أصالة السلامة، مع ان الاعتماد عليها لا يكاد يجدى في الاشتراط شيئا، غايته يجدى في احراز السلامة ورفع الغرر كالقطع، مع ان رفع الغرر هيهنا انما يكون بالاشتراط الدال عليه بالاطلاق، على ما تقدم منه قدس سره، من رفع الغرر في الاوصاف باشتراطها. وبالجلمة، اصالة السلامة انما تكون مجدية في رفع الغرر، فيما إذا لم يكن قضية الاطلاق، أو ظهور الاقدام اشتراطها، وعليه لا يكون قضية الاعتماد عليها في احرازها، الا رفع الغرر كالقطع بها، لا اشتراطها كما لا يخفى. ففيما لا يجرى فيه اصالة السلامة مما غلب فيه عدمها، كان الاطلاق أو غيره لو كان، مقتضيا لاشتطراطها، فلا غرر، وفيما يجرى لم يكن هناك دليل على الاشتراط، لو لم يكن غيرها دليلا عليه، ولم يكن معه وجه للخيار مع ظهور العيب، لو كان منشائه اشتراط السلامة. ودعوى ان قضية الاطلاق أو ظهور الاقدام، انما يكون الاشتراط في خصوص مجرى اصالة السلامة، مجازفة، كما لا يخفى، ضرورة عدم الارتباط


[ 210 ]

بين اعتبارها، وقضية الاطلاق، أو ظهور الاقدام، مع انه لو سلم ذلك، لما كان مجديا فيما افاده من الاعتماد على اصالتها في الاشتراط، بل على الاطلاق في مواردها جريانها، واين هذا من الاعتماد عليها. فانقدح بذلك ان الاستثناء عن ذكر وصف الصحة، انما هو بالاطلاق المقتضى لاشتراكها، أو ظهور الاقدام المقتضى لذلك، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ثم ان المصرح به في كلام جماعة ان اشتراط الصحة في متن العقد يفيد التأكيد - الخ -). يعنى انه تصريح بما ينزل عليه الاطلاق بقرينة الحكمة لولا التصريح به، أو بخلافه لا بمعنى افادة الاشتراط لظهور الاطلاق مرة، وبالتصريح به اخرى لعدم دلالة الاطلاق، ومع التصريح اصلا، فان دلالته انما يكون بقرينة الحكمة، ومن مقدماته عدم البيان كما لا يخفى. ثم ان ذلك لو قيل بان مبنى خيار العيب على تخلف الشرط، فلو لم يكن هناك شرط الصحة، كما إذا قطع بها فبيع واشترى، لم يكن هناك خيار، ولا اظن احدا يلتزم به. واما لو قيل بان مبناه الاخبار الدالة على ثبوته مع العيب، كان اشتراط الصحة موجبا لخيار اخر عند ظهور العيب، غير خيار العيب الثابت العقد على المعيب، ويشهد بانه غيره اختصاصه باحكام، واثار، وثبوته، ولو لم يكن هناك اشتراط اصلا، كما هو قضية الاخبار. قوله (قدس سره): (ويؤيد ما ورد من رواية يونس 1 - الخ -). فيه انه انما يؤيد لو كان خيار التخلف غير ساقط بمثل الوطى الكاشف عن الالتزام بالبيع والرضاء به، كما افاده (قدس سره)، وهو ممنوع لما اسلفناه، من ان سقوط خيار الحيوان بمثله، انما هو على القاعدة، ولذا يتعدى منه إلى ساير الخيارات، ولا خصوصية لخيار التخلف من بينها.


ص 210 * 1 - ح وسائل الشيعة: 12 / 418 - ب 6 - ح 1.

[ 211 ]

لا يقال: قضية اشتراط البكارة لا يعلم تحققه أو تخلفه الا بالوطى. فانه يعلم بغيره ايضا، كما هو واضح مع كون الثيبوته عيبا في الاماء، محل اشكال، بل منع، كما يشهد به ما عن سماعة عن رجل باع جارية على انها بكر فلم تجدها كذلك، قال: " لا ترد عليه، ولا يجب عليه شئ انه قد يكون يذهب في حال مرض أو امر يصيبها " 1. قوله (قدس سره): (ولذا لم يبطل البيع فيما قابلة من الثمن - الخ -). كيف ولم يكن البيع الا التمليك بالعوض، وما يكون قابلا للتمليك والتملك، ليس الا نفس العين، فيكون الثمن بتمامه بازائها، غاية الامر وصف الصحة كسائر الاوصاف في الجملة، يوجب ازدياد الرغبة الموجبة لبذل زياده على ما يبذل بازاء فاقدها. قوله (قدس سره): (ثم منع كون الجزء الفائت - الخ -). لا يخفى انه إذا كان المبيع شخصيا على ان يكون له مقدار كذا، لم يكن فيما إذا ظهر ناقصا الا فاقدا للوصف والكمية المأخوذة فيه، لا للجزء، ضرورة ان الكمية كالكيفية من الاوصاف، كيف واعتبار الشئ جزءا وداخلا، يباين اخذه شرطا وخارجا كما لا يخفى. فافهم. قوله (قدس سره): (بل الاجماع، على التخيير بين الرد - الخ -). ودعوى الاجماع، مع مخالفة الشيخ، واحتمال ان يكون بعض القائلين به انما قال به بتوهم انه مقتضى القاعدة، لا يخلو عن اشكال، وان كان مخالفة المشهور فيما صار واليه اشكل، وذاك يمنع عن حصول الوثوق بظفرهم بقرينة في الاخبار، لكنا نصار إلى ما صار واليه، لو كنا ظفرنا. قوله (قدس سره): (وان كان ظاهر كثير من كلماتهم توهم حدوثه بظهور العيب - الخ -). لكنه قد عرفت انه منزل على المتعارف من التعبير عما هو موضوع للاحكام بمثل إذا ظهر لك كذا أو عملت كذا مع ان الموضوع لها نفس


ص 211 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 418 - ب 6 - ح 2.

[ 212 ]

الواقعيات وذلك لاجل دخل مثل العلم في ترتيب الاطعام عليها والعلم على وفقها كما لا يخفى فتدبر. قوله (قدس سره): (ويؤيد ثبوت الخيار هنا بنفس العيب، ان استحقاق المطالبة بالارش - الخ -). وجه التأييد وضوح ان الارش يكون بازاء وصف الصحة، وتداركا لفقدها، لا بظهور العيب والفقد، فليكن العيب سببا للتخيير بينه وبين الرد، لا ظهوره. وفيه انه لا ضير في ان يكون ظهوره سببا، لا اقل شرطا، لاستحقاقه الارش بازاء العيب، فلا يكون التأييد بذلك خاليا عن شائبة المصادرة. قوله (قدس سره): (ويدل عليه مرسلة جميل 1 - الخ -). لا يخفى ان المرسلة انما تدل على ان تعيين المبيع، وعدم قيامه بعينه بما هو تغيير، مانع عن التخاير واختيار الرد، واين هذه من الدلالة، على ان تصرف المشترى فيه بما هو تصرف منه، موجب لمضى البيع عليه، لرضائه به، والتزامه، على ما اسفلناه في خيار الحيوان، من ان تصرف المشترى فيه بما لا يكون الا من المالك تخاير واختيار، لمضية، أو تعبدا، كما احتمله - قدس سره - هيهنا. وقد انقدح بذلك انه لا معارضة بينها، وبين الصححة 2 اصلا، وذلك لانها يكون في مقام بيان ما يمنع عن التخاير، تصرف المشترى رضا منه، والتزام بالبيع، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (فلا يدل على ازيد مما دل عليه ذيل المرسلة 1، من ان العبرة - الخ -). قد عرفت ان كلا من الخبرين بصدد بيان امر غير ما كان الاخر بصدده، فلا وجه لمنع دلالة الصحيحة 2 على ازيد مما دل عليه ذيل المرسله، مع أو وطى الجارية وتقبيلها، من اوضح مصاديق احداث شئ فيها، مع


ص 121 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 363 - ب 16 - ح 3. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 362 - ب 16 - ح 2.

[ 213 ]

انهما لا يوجبان تغييرا فيها اصلا، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (فإذا كان مجرد النظر المختص بالمالك حدثا، دل على سقوط الخيار 1 لكل تصرف - الخ -). أي لكل تصرف كان من قبيل التصرف الذى دل عليه النص في خيار الحيوان، ولا يبعد مساعدة العرف عليه، وانما لا يساعد على شموله، لمثل الامر بغلق الباب، وعليه فالبينة على اتحاد معنى الحدث في المقامين قائمة، فافهم. ثم انه ظهر بذلك ان الظاهر ان سقوط الخيار باحداث شئ في المبيع، انما هو لاجل الرضا، والالتزام، كما اشرنا إليه هيهنا، وبيناه في خيار الحيوان، لا تعبدا، فلابد من الاقتصار على التصرف الملازم للرضاء بمثل ما مثل به في النص في خيار الحيوان، فتأمل جيدا في المقام. قوله (قدس سره): (ومقتضى ذلك انه لو وقع التصرف قبل العلم بالعيب لم يسقط - الخ -). يمكن ان يقال: ان مقتضى ذلك ان يكون التصرف الكاشف عن الرضاء بالبيع مسقطا، ولو كان قبل العلم، ولا يلزم ان يكون الرضاء به بعنوان انه بيع المعيب، كما لا يلزم في الفسخ الذى هو طرفه وعدله، فلو فسخ قبل العلم بالعيب، لا ينفسخ الا إذا قيل باشتراط الخيار بظهور العيب. وبالجملة طرفا الخيار، الرضا بالبيع الواقع على المعيب، وفسخه، فلو كان له الخيار واقعا لاثر التخاير واختيار الرضاء، أو الفسخ، وان لم يعلم بثبوته له، ولا يعتبر في سقوطه بالتخاير، العلم بثبوته، فانه وضع لا تكليف، فافهم. قوله (قدس سره): (خصوصا ما إذا كان هذا التقييد فيه في غاية البعد كالنص برد الجارية - الخ -). وهو ما روى عن الصادق (عليه السلام) انه بعد ما سئل عن رجل اشترى جارية مدركة فلم تحض عنده حتى مضى لها ستة اشهر وليس لها


ص 213 * 1 وفى المصدر: دل على سقوط الخيار هنا بكل تصرف.

[ 214 ]

حمل. قال: " ان كان مثلها تحيض ولم يكن ذلك من كبر، فهذا عيب ترد منه - الحديث - " 1. لكن يمكن ان يقال: ان الاطلاق في الرواية مسوق لبيان انه عيب يرد به، لا لبيان الرد به، كى دل بإطلاقه على الرد به، ولو احدث فيها في هذه المدة، ما احدث، كما لا يخفى، وعليه فلا يكون هناك اطلاق حتى يكون تقييده تعبدا. ومن هنا ظهر حال سائر اطلاقات الرد، فافهم. قوله (قدس سره): (ويرده مع امن مثلهما تصرف يوذن بالرضاء ومثله 2 الحبل - الخ -). يشكل بانه لولا كون مثلهما تصرفا كاشفا عن الرضاء، بان المبيع معهما يكون قائما بعينه، ضرورة ان المتصرف فيه بمثلها، لا يوجب تغيرا فيه لا يصدق معه انه ليس قائما بعينه، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (فان الظاهر منه، اعتبار بقائها في ملكه، فلو تلف - الخ -). قد عرفت في الحاشية السابقة الاشكال فيه، وان الظاهر هو بقاء العين على حالها بلا تغير، بمثل قطع، أو خياطة، أو صبغ، فلو لم يكن التصرف بالنقل، أو الرهن، أو الاجارة، بما هو كاشف عن الرضاء مسقطا، لم يكن بمسقط اصلا، لصدق ان المبيع يكون قائما بعينه مع التصرف باحدها، كما لا يخفى قوله (قدس سره): (وهذا قد 3 وقع عن امير المؤمنين (عليه السلام) مبنيا على تقرير رعيته على ما فعله الثاني - الخ -). أوردا من أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) وغيره من الائمة (عليهم السلام) عليه، على من ما حكى عنه ابى ليلى، من انها ترد ويرد معها مهر مثلها، كما هو في محكى التذكرة 4، أو لاجل انه معنى يعقل


ص 214 * وسائل الشيعة: 12 / 413 - ب 3 - ح 1. - وفى الصمدر: يؤذن بالرضا ومرسلة جميل. 3 - تذكرة الفقهاء - 1 / 526.

[ 215 ]

للاجرة على وطى المالك، فإنه منه ليس الا كاستيفائه ساير المنافع من ملكه، وهذا واضح. قوله (قدس سره): (احدهما من حيث مخالفة ظهورها في وجوب رد الجارية، أو تقييد الحمل - الخ -). لا يخفى انه انما كان يكون ذلك من وجوه مخالفة الظاهر التى يستلزمها العمل بظاهر الاخبار، إذا كان بكلاشقة مما يستلزمه العمل، وليس كذلك، كما هو واضح، بل احد الشقين لازم على كل حال، عمل أو لم يعمل. اللهم الا ان يكون غرضه. انه لابد من التقييد على تقدير الحمل، ومخالفة الظاهر، بناء على العمل، وامر التقييد اهون، فافهم. قوله (قدس سره): (مخالفة لزوم العقر على المشترى - الخ -). مع الاستفادة منه غير واحد من الاخبار، وعلى الحمل يكون الحمل من المولى، لا يلزم المخالفة اصلا، حيث ظهر بطلان البيع، وكون الوطى في غير المالك بشبهة، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (والا لم يكن لذكر جهل البايع في السؤال فائدة - الخ -). لعل الفائدة تخيل انه ربما يكون له دخل في صحة البيع أو لزومه. هذا، مع انه لم يظهر ان بطلان بيع ام الولد، كان في المصدر الاول من الواضحات، فتأمل. قوله (قدس سره): (وتقييدها بصورة عدم هذه التصرفات - الخ -). لا يخفى ان العمل بظاهر الاخبار لا يستلزم هذا التقييد، لعدم دليل على سقوط الخيار بمثلها تعبدا، وعدم دلالتها على الرضاء، والالتزام بالبيع، كما مرت الاشارة إليه مرارا، فلا دوران في الاخبار بين التقييدين. ثم لا يخفى انه يتوجه على هذا الوجه، ما وجهنا على الوجه الاول، فلا تغفل.


ص 215 * 4 - وفى المصدر: وهذا انما وقع عن مير المؤمنين..

[ 216 ]

قوله (قدس سره): (ويمكن ان الرجوع إلى ما دل على جواز الرد مع القيام العين - الخ -). قد عرفت في بعض الحواشى السابقة انه لا وجه للرجوع إليه مع التصرف الكاشف عن الالتزام بالبيع، حيث لا يبقى معه مجال للطرف الاخر للخيار، فافهم. قوله (قدس سره): (لكن يبقى لزوم العقر مما دليل عليه الا الاجماع المركب - الخ -). وهذا الاجماع وعدم الفصل انما يجدى لو قيل بعدم جواز الفصل بين ما يقضيه الاصل. وما يلازمه واقعه، بخلاف ما إذا قيل بجوازه، وعدم ملازمة بين عدم الفصل في الواقع، وعدم الفصل في الظاهر، كما لا يخفى، ولعله اشار إليه بقوله فافهم. قوله (قدس سره): (ولا بأس به في مقام الجمع -). انما لا بأس به إذا كان الجمع تبرعيا، لا الجمع المتبع المرتفع به التعارض بين الاخبار، كما اذاك ان احد الخبرين المتنافيين حجة لترجيحه، أو لاخلال شرايط الحجية في الاخر، فيئول تبرعا بما يلائم الحجة، فافهم. قوله (قدس سره): (وفى لحوق التقبيل أو 1 اللمس بالوطى وجهان: من الخروج عن مورد النص - الخ -). لا يخفى عدم الاعتبار بالاولوية، إذا لم يكن بقطعية، الاولى الاستدلال على اللحوق بالملازمة بينهما، وبين الوطى عادة، حيث لا يكاد ينفك عنهما غالبا، ومعه كيف يكون الحكم بعدم السقوط به، مع الحكم بالسقوط بهما، والتفصيل بين ما كان منهما معه، وبين ما لا يكون كما ترى، فتأمل.


ص 216 * 1 - وفى المصدر: وفى لحوق التقبيل واللمس بالوطى...

[ 217 ]

قوله (قدس سره): (واما الحادث في زمن الخيار، فكذلك لا خلاف في انه غير مانع عن الرد - الخ -). كيف، وهو يقتضى الرد مثل العيب السابق، ولا يكاد يكون الشئ مانعا عما يقتضيه، ضرورة انه لابد ان يكون المانع علة لعدم الشئ، كى يمنع المقتضى له عن اقتضائه وتأثيره، لا مقتضيا لثوته، والا يؤيده لا انه يزاحمه ويعانده. لا يقال: مقتضى إطلاق مرسلة جميل 1، سقوط الرد به، حيث ان المبيع بسبب حدوث العيب، لا يكون قائما بعينه. لانه لو لم يكن منصرفا عن التغيير المضمون على البايع المقتضى للاخبار، مثل ما كان به من العيب السابق. فلابد من تقييده عقلا بعد فرض كونه مقتضيا شرعا، لما عرفت، الا ان يمنع عن ذلك وهو خلف. لا يقال: كونه مقتضيا شرعا، انما يمنع عن كونه مانعا عقلا، لو كان الخيار العيب، لاخيار اخر، فانه مضافا إلى انه موجب له، إذ لا معنى له الا ما كان ناشئا من قبل العيب، يكفى في ذلك اقتضائه لخيار اخر، لاشتراك لخيارات، في التخاير بين الرد والامساك، وهو يقتضى ان يكون بين مقتضياتها جهة مشتركة، لما قرر في محله، في باب العلة والمعلول. واختلاف لخيارات في الاحكام والآثار، انما هو لاختلاف مقتضياتها في الخصوصيات. فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (لكنه يندفع بان الظاهر من قيام العين بقائه بمعنى ان لا ينقص ماليته - الخ -). وذلك لوضوح ان هذا الشرط، انما هو لرعاية بايع المعيب، وان لا يرد إليه ما باعه ناقصا، ولا رعاية مع الزيادة اصلا، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (والوجه المذكور في التذكرة 2 قاصرا - الخ -).


ص 217 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 363 - ب 16 - ح 3. 2 - تذكرة الفقهاء: 1 / 525.

[ 218 ]

انما كان قاصرا، إذا كان غرض العلامة - قدس سره - إبداء الشك بذلك، واما إذا كان غرضه إبداء المانع عما يقتضيه العيب السابق، فلا، وعليه فلا يتوجه على ما ذكره الا منع كونه مانعا لعدم نهوض برهان به، فافهم. قوله (قدس سره): (فان النقص الحاصل بالصبغ 1، انما هو لتعلق حق المشترى - الخ -). بل انما هو لاجل التغيير الحاصل به حسا، كالتغير الحاصل بالقطع، من دون ملاحظة ما حدث به بذلك، عن تعلق حق المشترى اصلا، كما لا يخفى على من تأمل. قوله (قدس سره): (اما الفرق بين افراد النقص الغير الموجب للارش بين مغير العين حسا - الخ -). بل لا محيص عنه، لدخول المبيع من النقص الغير المغير في الشرطية الاولى، حيث يصدق انه قائم بعينه، ومع النقص المغير في الشرطية الثانية، يصدق انه ليس كذلك، بل تغير كما في التغير بالقطع، كما اشرنا إليه في الحاشية السابقة. قوله (قدس سره): (ثم مقتضى الاصل عدم الفرق في سقوط الخيار بين بقاء العيب الحادث - الخ -). يمكن ان يقال هذا كذلك لو كان الشك في الثبوت بعد السقوط، واما إذا كان الشك في اصل السقوط، بمثله لعدم نهوض ما في التذكرة به، كما هو واضح. وكذلك المرسلة 2 بدعوى الاختصاص بالتغير الباقي إلى حين الرد، لما اشرنا إليه من استظهار ان اعتبار عدم التغير في الرد، انما كان بمراعات البايع، ولا تفاوت اصلا بين ان لا يحدث فيه تغير، وما إذا حدث وقد زال قبل الرد، كما لا يخفى، فتأمل.


ص 218 * 1 - وفى المصدر: فان النقص الحاصل والخياطة انما هو لتعلق حق المشترى. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 362 - ب 16 - ح 1.

[ 219 ]

فاصالة الثبوت متبعة، لو كان خيار العيب بعد ظهوره، وإلا فاصالة اللزوم، لما مرت إليه الاشارة، من ان المرجع هو مثل " اوفوا بالعقود " 1 لو كان الشك في اصل ثبوت الخيار: أو في بقائه، يعد ثبوته من الابتداء. واما إذا كان حدوثه في الاثناء، فالمرجع هو استصحاب الخيار، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (لان عدم الجواز لحق البايع - الخ -). وبمراعاته كما اشرنا إليه، فإذا رضى بارد مجبورا، أو غير مجبور، فللمشترى التخاير، واختيار كل واحد من الرد، والامساك بالارش، بما له الخيار، كما إذا لم يكن حدوث عيب اصلا، فلا يتوهم ان الرد مع الرضاء به، اقالة، كما لا يخفى. فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (والحادث مضمون بضمان إليه - الخ -). بان يكون العيب الحادث على المشتر المالك، وخسر انه عليه، بسبب كونه مالكا للمبيع، وحدوثه وزوال وصف الصحة كان تحت يده واستيلائه، لا بمعنى ما هو مضمون " على اليد ما اخذت - الحديث - 2 " حتى لا يكاد يكون الا في غير المالك، فافهم. قوله (قدس سره): (بل الظاهر المصرح به في كلمات بعض الاجماع عليه، لان المردود وان كان جزءا مشاعا - الخ -). والاجماع ان تم، والا فيما افاده اشكال، وذلك لان المستند في المنع بذلك عن الرد بالعين ان كان هو دخول المعيب بالتبعيض فيما لا يكون قائما بعينه، فلا يجوز رده، للمرسلة. ففيه منع دخوله فيه، ولو قلنا بعدم الاختصاص بالتغير الحسى والشمول لمثل نسيان العبد للكتابة، والدابة للطحن، لوضوح انه على ما كان بلا تغيير. وتفريقه عما ضم إليه، وقد بيعا صفقة لا يوجب كونه غير قائم بعينه، ولو سلم، فانما هو يكون بالرد، والمرسلة ظاهرة في كون المانع، ما كان قبله، كما لا يخفى. وان كان هو كون التبعيض ضررا، ففيه.


ص 219 * 1 - المائدة: 1. 2 - مستدرك الوسائل: 3 / 145.

[ 220 ]

منع كون مجرد التبعيض ضررا، ينفيه حديث نفى الضرر 1، ولو سلم فأخبار 2 جواز الرد بالعيب ما دام قائما بعينه ولم يحدث فيه شيئا في شموله له، اظهر، فتدبر. هذا، مع ان الصبر على المعيب ضرر، ولا يعارض بضرر التبعض على البايع، فانه يجئ من قبل نفيه، ولا يعارض بما يجئ من قبل حكمه ونفيه، ضرورة انه لا يعمه دليل النفى، فافهم. وقد انقدح بذلك ما في كلامه (قده) " وهذا الضرر، وان امكن جبره بالخيار - الخ - " من الخلل، فانه ناش من قبل نفى الضرر، فلا يعارض به ضرر صبر المشترى على المعيب، وإلا فلا يعارض بما ربما يستتبعه من الخيار، من ضرر نقض غرض المشترى بإمساك الجزء الصحح. ثم انه لا دلالة على المنع بالتبعيض للنص المانع عن الرد بالخياطة، والصبغ اصلا، فانه ظاهر في تغير الحسى، خصوصا بقرينة القطع. وقد ظهر وجه انه لا يمنع الرد مع ذلك، إذا كان بالزيادة من بعض الحواشى السابقة، مع انه لو سلم شموله لمثل الشركة، فانما هو إذا كان قبل الرد، ليمنع عنه، لا بسببه، كما اشرنا إليه هيهنا، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (واما لصدق المعيوب على المجموع كما تقدم - الخ -). لا يخفى ان هذا لا يصلح وجها، الا لكون محل الخيار، هو مجموع ما وقع عليه العقد، لا خصوص ما فيه العيب، بلا شبهة، ولا ريب. قوله (قدس سره): (ومنع سلطنة اولا اولى 3 الخ -). قد انقدح بما ذكرنا في الحاشية التى قبل الحاشية السابقة، ان لا وجه لمنع سلطنة على الرد، فضلا عن كونه اولى، وحدوث الخيار للبايع بذلك. وسلطنتة على الفسخ المستتبع لرفع سلطنته على امساك الصحيح، لا يوجب


ص 220 * 1 - وسائل الشيعة: 17 / 341 - ب 12 - ح 3. 2 - وسائل الشيعة: 12 / ابواب احكام العيوب. 3 - وفى المصدر: ومنع سلطنته على الرد اولا اولى.

[ 221 ]

كون منع السلطنة على الرد التى تقتضيها القاعدة اولى، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (وكيف كان فمبنى المسألة على ما يظهر من كلام الشيخ (قدس سره) - الخ -). ولا ينبغى لاحد أن يرتاب في تعدده بتعدده، وان كان كل واحد من الايجاب والقبول بلفظ واحد وذلك لوضوح ان العقد عبارة عن اعتبار عقلائي يكون بين الاثنين، ناش منهما فيما قصد بهما التوسل والتسبب إلى حصول مضمونها، وان تشخص الاعتبارات، والاضافات، انما يكون بما هي قائمة، بما لها من الاطراف، فكيف يكون العقد الواقع بين البايع، واحد المشتريين، عين العقد الواقع، بينه وبين الاخر، بمجرد وحدة الايجاب والقبول، مع كون الايجاب لاثنين، والقبول من قبلهما. وهل يكون الا كما إذا جمع في الايجاب والقبول، بين البيع والتزويج لواحد، أو لاثنين، فكما لا يوجب هذا الجمع ووحدة القبول، كون عقد البيع والتزويج واحد، كذلك هيهنا. وتجرد وحدة المنشاء 1، لا توجب وحدة المنشاء مع تعدد اطرافه. وكيف كان فالاقوى في المسألة، جواز الافتراق في التخاير، لاطلاق الاخبار وعمومها في ثبوت الخيار لكل من اشترى معيبا. ودعوى انصراف الاطلاق إلى غير المقام مجازفة، كيف ومعه يلزم ان يبقى المقام بلا دليل اصلا، مع انه لو سلم ذاك الانصراف، لا يضر بعموم بعض الاخبار، كما لا يخفى. وكون الرد منفردا، نقصا، لو سلم، لا يمنع عن الرد، وانما يمنع عنه ما كان قبله، ما كان بسببه، كما عرفت. ومثل هذا النقص، لا يوجب صدق انه ليس قائما بعينه مع انه لو سلم، لا يوجب شمول إطلاق الخبر له، لظهوره فيما ليس كذلك قبل الرد. ومن ذلك علم قوة جواز الافتراق، وان قيل بوحدة العقد، إذا المدار على تعدد المشترى، لا العقد. قوله (قدس سره): (فيه انه اخرجه غير مبعض، وانما يبعض بالاخراج، والمقصود حصوله - الخ -).


ص 221 * 1 - المنشئ (خ. ل).

[ 222 ]

لا يخفى انه شبه مصادرة، مع انه لو كان كذلك، لاوجب عدم جواز الافتراق فيما إذا باع الجزء المشاع بعقد، والجزء الاخر بعقد مستقل اخر، لانه اخرجه غير مبعض، وانما تبعض - الخ - وهذا كما ترى. ومن هنا ظهر انه لا وجه لمقايسة هذه المسألة مع المسألة الاولى، وان كان الافتراق فيها، لا يخلو من بعد، كما عرفت. قوله (قدس سره): (لكن يمكن ان يدعى ان المستفاد - الخ -). أو يدعى ان المستفاد من ادلة تحريم الرباء انه كما لا يجوز الزيادة في الربويين من ابتداء البيع، كذلك لا يجوز في حال استقراره، ولزومه، ضرورة ان الارش يكون موجبا لان يكون قراره على الزيادة في طرف المعيب، حيث كانت في طرفه زيادة الارش، جزاء كانت، أو غرامة، ويكون حال زيادته، كحال زيادة الشرط في طرف احد الربويين، فافهم. قوله (قدس سره): (لان الخيار انما يثبت مع الجهل - الخ -). فيه من المصادرة ما لا يخفى، ولعل وجه النظر في الاستدلال بمفهوم الصحيحة 1، هو ان عدم تبيين البايع العيب للمشترى، لا يستلزم جهله به، فافهم. قوله (قدس سره): (فسد الشرط وافسد لكونه مخالفا للشرع - الخ -). يمكن ان يقال، انه انما يكون مخالفا للشرع، إذا كان عمله بالعيب علة تامة لعدم الخيار، واما إذا لم يكن إلا مقتضيا له، فلا، ويكون شرط الخيار به حينئذ، كشرط عدم الخيار به، مع الجهل، أو كشرط عدم خيار المجلس، أو الحيوان، أو غيرهما، وكما لا يكون شرط عدم الخيار فيها شرطا مخالفا للشرع، كان شرطه ثبوته هيهنا غير مخالف له، وفيما لم يحرز ان ما يقتضى عدمه علة تامة، أو مقتضى نعامل معه معاملة المقتضى، على ما سيأتي ان شاء الله تعالى هذا، واما إذا شرط نفس الفسخ، أو الامساك بالارش، فيما إذا علم مقداره، فلا اشكال في نفوذه، فلا تغفل.


ص 222 * 1 وسائل الشيعة: 12 / 362 - ب 16 - ح 2.

[ 223 ]

قوله (قدس سره): (اقول: المفروض ان الخيار لا يحدث الا بسبب حدوث العيب - الخ -). فيكون التبرى ايضا مما لم يوجد في نفسه ولا سببه. قلت: يمكن ان يقال، ان الخيار حيث كان من احكام العقد وآثاره، كان العقد مقتضيا له، غاية الامر، بشرط حدوث العيب، أو قدمه، ضرورة ان حكم الشئ من آثاره، ومقتضياته، فيدخل بذلك فيما وقع محل الاشكال والخلاف وانه هل يكفى في صحة الاسقاط ثبوت المقتضى، اولا يكفى، كما مرت الاشارة إليه، وقد تقدم منه تقوية انه يكفى، فراجع. قوله (قدس سره): (وبالجملة فلا فرق بين البرائة من خيار العيب - الخ -). لا يخفى انه كلام مستأنف، لا دخل له بسابقه، وقد عرفت في بعض الحواشى السابقة، ان البرائة لا توجب الغرر، لو كان مرتفعا لولاها، بسبب اصالة السلامة هيهنا، والوصف هناك، أو بغيرهما، فتذكر. قوله (قدس سره): (الاول عهدة العيوب - الخ -). يمكن ان يقال ان البرائة، مضافة إلى نفس العيوب، لا إلى عهدتها، ويكون البرائة ضدا لعهدتها، غاية الامر يكون قضية التضاد بينهما إنتفاء الالتزام بالسلامة، وتهدها مع البرائة، لا رجوعها إليه، فمعها كأنه باعه مع علم المشترى بعيبه، لا كأنه باعه إلى كل تقدير، فان البيع كذلك مطلقا، ولو مع عدم البرائة، والا يلزم بطلانه فيما ظهر فيه العيب، بل مطلقا، فانه بيع على تقدير غير معلوم الوقوع، فافهم. قوله (قدس سره): (واما ساير الاحكام 1، فلا، فلو تلف بهذا العيب في ايام خيار المشترى - الخ -). والظاهر انه مراده من عموم النص، عموم قاعدة التلف في زمن الخيار، ممن لا خيار له، وذلك، أي سقوط ساير الاحكام، لان دليل


ص 223 * 1 - وفى المصدر: واما ساير احكامه..

[ 224 ]

التبرى، لم يدل الا على سقوط الخيار. وعموم ادلتها، أو اطلاقها يبقى سالما عن المخصص أو المقيد. نعم لم يكن لها عموم أو إطلاق يشمل صورة التبرى، فالمرجع هو اصالة عدم ثبوتها معه، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (لان الظاهر الدلالة الرد، خصوصا بملاحظة ان الصبر على العيب ضرر، هو رد العيوب - الخ -). بل ظاهرها رد ما كان به العيب، بل لو فرض كون الرد في الدليل متعلقا بالمعيوب، لم يكن ظاهرا في خصوص ما هو المعيوب حال الرد، لقوة احتمال انه بلحاظ حال تلبه بالعيب، اخذ هذا عنوانا له، ولا يلزم مجاز، بناء عى كون المشتق حقيقة في خصوص من تلبس، وان زال عنه العيب حين الرد، كما لا يلزم في مثل " والسارق والسارقة فاقطعوا ايديهما " 1 و " لا ينال عهدي الظالمين " 2 وان لم يكن متلبسا بالمبدء حال القطع والنيل، وذلك لان الاطلاق يعم حال الزوال، فاستصحاب الخيار بلا اشكال، ضرورة ان العيب يعد عرفا من العوارض والاحوال، لا من المقومات، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (واما الارش، فلما ثبت استحقاق المطالبة به، لفوات وصف الصحة حال 3 العقد، فقد استقر بالعقد - الخ -). لا يخفى اتحاد الرد الامساك مع الارش سببا وموضوعا، فلو كان العقد على المعيب موجبا لاستقرار المطالبة بالارش، لكان موجبا لاستحقاق الرد، وذلك لبداهة ان العقد لم يوجب خصوص الارش، بل انما اوجبه لاجل انه ضميمة احد طرفي الخيار، فكيف يكون العقد على المعيب موجبا لاستقرار المطالبة، دون استقرار الاستحقاق. وما ذكره من ظهور ادلة الرد، خصوصا بملاحظة ان الصبر على المعيب ضرر، لو سلم، فهو بعينه جار في الارش، فالقول بالتفصل بين الارش والرد، لا وجه له اصلا، كما ان القول بثبوتهما،


ص 224 * 1 - المائدة: 38. 2 - البقرة: 124. 3 - وفى المصدر:.... لفوات وصف الصحة عند العقد...

[ 225 ]

كما كان في غاية الوجاهة للاطلاق، والاستصحاب، لو قيل باشتراط ظهور العيب، على ما مرت الاشارة إليه غير مرة. قوله (قدس سره): (وحيث لم يدل التصرف عليه - الخ -). حيث ان غايته الدلالة على الرضا بالبيع، وامساك المبيع، وهو اعلم من إمساكه بالارش، أو مع إسقاطه. نعم لو جعل التصرف كاشفا عن اسقاط الخيار، لا التخاير واختيار احد طرفيه، كما هو لازم ما بنى عليه في بيان حقيقة الخيار، من انه ملك فسخ العقد، وعدمه لكان التصرف موجبا لسقوط الارش ايضا. فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (والنص الدال على اشتراط الرد بقيام العين - الخ -). فيه، مع منع الاختصاص، انه لو سلم، فلا يكون دليل على ثبوت الخيار فيه بالخصوص، الا اصالة جواز الرد الثابت قبل حدوث العيب، فلابد منها في اثبات جواز الرد، فلا يكون هذه اضافة كما جعلها، كما لا يخفى، مع انها لا يجرى الا بناء على اشتراط ظهور العيب. ودليل نفى الضرر، لا يعمه، لاجل معارضة ضرره بضرر البايع بالفسخ، فافهم. قوله (قدس سره): (والاول اولى - الخ -). بل الثاني، وذلك لان الاول يستلزم إما الالتزام باختلاف البيوع بحسب قصد المتبايعين، وكون صحة البيع مما يجعل مقابلا بالمال في غير الربويين، ولا يجعل مقابلا به فيهمها، أو الالتزام بلزوم الربا في بيع احد الربويين بالاخر مع عيب احدهما، فيما إذا لم يكن المعيب زائدا على الصحيح، ليقع الزيادة بإزاء الصحة في الاخر، ولا يكاد يلتزم باحدهما احد، ضرورة عدم اختلاف البيوع، وبطلان بيع الربويين، مع زيادة احدهما ولو في طرف المعيب. وهذا بخلاف الثاني، فانه لابد في الالتزام تمشى الربا في الفسخ مع الارش، فانه وان كان ليس ببيع ولا عقد، بل حل البيع والعقد واعتبارا، الا انه في الحقيقة تمليك بالعوض. هذا، مع انه ظاهر كلام العلامة، بل صريحة في مسألة ما إذا كان المبيع آنية من ذهب أو فضة، حيث قال


[ 226 ]

(قدس سره): (فان حدث عند المشترى عيب اخر، لم يكن له الارش، لما تقدم، ولا الرد مجانا، إذا لا يبجر البايع على الضرر، ولا الرد مع الارش، لاشتماله على الربا، لان المردود حينئذ يزيد على وزن الانية. قوله (قدس سره): (فإذا فرض ان صفة الصحة لا يقابل بجزء من المال في عقد المعاوضة الربوية، فيكون تلفها في يد المشترى - الخ -). لا يخفى ان صفة الصحة، وان كانت كسائر الاوصاف، لا يقابل بالمال في عقد المعاوضة مطلقا، لما تقدم منه الاعتراف، وان كانت موجبة لبذل الزيادة بإزاء المتصف بها، الا انها من بين الاوصاف يضمن ويغرم، فكما ان المشترى انما يكون ضامنا للمبيع لو تلف، لاجل تقدير رجوعه إلى ملك البايع، وان كان تلفه في ملك المشترى، فكذلك وصف صحته. وبالجملة انما كان ضمانها، ولزومه الغرامة، لها، لاجل كونها شرعا وعرفا يقوم بالمال، كالموصوف بها، لا لكونها يقابل بإزاء شئ من الثمن في البيع، فيكون تلفها هيهنا بعد تقدير الرجوع وتنزيله منزلته، كتلفها في المقبوض بالسوم، في انها تالفة في ملك مالكها، فيضمنها المشترى القابض، غاية الامر تقديرا، وتنزيلا هيهنا، وحقيقة هناك. ولا محيص عن هذا التقدير، والا لا يعقل ضمان الانسان، والغرامة لماله، وقد بينا مفصلا في بعض الحواشى المتقدمة، انه لا يصح الانتقال إلى البدل بعد الفسخ، الا بالتقدير، فراجع. قوله (قدس سره): (ولا يقدر ملك البايع، الا بعد رجوع مقابله من الثمن إلى المشترى والمفروض - الخ -). يكفى في تقدير كون تلفها في ملك البايع، رجوع ما يقابل الصحيح من الثمن إلى المشترى، كما في غير الربويين، حيث انها فيه ايضا لا يقابل بازاء شئ من الثمن، كما عرفت، واعترف به (قدس سره)، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ولعله لان التأخير دليل الرضاء ويرده - الخ -). بل لان خيار العيب عنده على الفور، فإذا تراخى في التخاير، واختار الرد، أو الامساك بالارش، سقط الخيار بكلا طرفيه، بانتهاء امده


[ 227 ]

واستعداده. اللهم الا ان يجعل الارش ضميمة احد طرفيه، بل امر ثبت مع عدم الرد، ولو بدون اختياره، لكنه لم ينهض عليه دليل، فافهم. قوله (قدس سره): (والتحقيق رجوع المسألة إلى اعتبار الاستصحاب - الخ -). وقد عرفت غير مرة، اعتباره بناء على كون ظهور العيب شرطاء وعدم اعتباره بناء على كونه كشفا عن ثبوته من الاول. قوله (قدس سره): (ان كتمان العيب الخفى، وهو الذى لا يظهر بمجرد الاختبار المتعارف قبل البيع، غش - الخ -). كون كتمانه بمجرد عدم اظهاره، مع كون اعتماد المشترى انما كان بأصالة الصحة والسلامة في اشترائه غشا، ممنوع، غايته ما نصحه، لا انه غشه. نعم لو سأله عن حال ولم يبين له ما فيه، أو اخفى ما فيه مما يظهر بمجرد الاختبار المتعارف من العيب، لولا إحقائه، كان غشا. وبالجملة، الغش وان كان خلاف النصح، الا انهما مما لهما الثالث، فليس في كل ما لا يكون هناك احدهما، ان يكون الاخر، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (ولعله لاصالة عدم تسليم البايع العين إلى المشترى - الخ -). لا يخفى ان هذه الاصول، من عدم ترتب الخيار شرعا على عدم التسليم، واستحقاق تمام الثمن بمجرد العقد، ولو في العقد على المعيب، الا إذا قيل بمقابلة وصف الصحة بجزء من الثمن، وحدوث العقد من رأس لازما أو غير لازم، فلا حالة سابقة له يستصحب، بل قضية استصحاب بقاء ملك البايع للثمن بعد الفسخ، لزومه فلعله لاصالة عدم العقد إلى حين حدوث العيب، وانه يثبت وقوع العقد على المعيب، بناء على اعتبار الاصل المثبت لدى ابن الجنيد، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (كما يحلف على طهارة المبيع - الخ -). في جواز حلفه على الطهارة، استنادا إلى الاصل، والاكتفاء به في رفع الخصومة ايضا، تأمل، فيما إذا ادعى النجاسة واقعا، خصوصا مع


[ 228 ]

الاعتراف بعدم علم البايع به، بل منع. نعم لو صح منه دعوى فعلية نجاسته عليه، جاز حلفه على الطهارة، استنادا إليه، فتأمل. قوله (قدس سره): (نعم لو اريد سقوط الدعوى إلى ان يقوم البنية، فله وجه - الخ -). لا وجه لسقوط الدعوى به إلى قيام البنية اصلا، حيث لم يدل على تشرعه لذلك، كما لا يخف، وانما شرع فيما يذهب به حق الدعوى، ويسقط به الدعوى رأسا، وان كان المدعى ثابتا واقعا، ويقدر على إثباته بإقامة البنية فيما بعد، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (فهل للوكيل ردها إلى الموكل ام لا، وجهان - الخ -). اوجههما عدم جواز الرد، الا فيما علم بصدق المشترى، وذلك لعدم نهوض دليل على كون اليمين المردودة، كالبينة في اثبات الواقع، بترتيب جميع آثاره عليه، وان لم ينهض دليل ايضا على قيامها مقام الاقرار، بحيث رتب عليها ما له من الاثار، بل لم ينهض الا على ثبوت المدعى به على المنكر. هذا، مضافا إلى ما افاده في جامع المقاصد، فافهم. قوله (قدس سره): (واصالة عدم كونها سلعته - الخ -). لا يخفى انه ليس لها حالة سابقة اصلا، بداهة انها اما سلعته من رأس، أو ليس بتلك كذلك. نعم هناك اصالة عدم رد سلعته بردها، وعدم وقوع العقد عليها، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (واما هنا فلا يرجع إلى ثوبت المسقط بل المسقط - الخ -). هذا إذا كان مصب الدعوى، سقوط الخيار وعدمه. واما إذا كان مصبها مقدار الارش، وانه ما به التفاوت بين الصحيح والمعيب، لعيب واحد، أو لعيبين، فاصالة عدم التقدم راجع إلى عدم سبب زيادة الارش، عما هو معلوم، فيحلف البايع، كالعيب المنفرد، فافهم.


[ 229 ]

قوله (قدس سره): (وفى كل منهما نظر - الخ -). اما وجه النظر فيما عن المحقق، فلعدم قدح الضعف، والكتابة في الحجية، مع الوثوق بها، ولا مخالفة لها للقاعدة لما نشير إليه من كون دعوى المشترى، مخالفة للظاهر فيكون مدعيا واما فيما عن الكفاية، فلعدم الاشارة في المكاتبة إلى القاعدة اصلا. ومجرد الحكم بكون الثمن على المشترى فيها، وانه مدعى، كما اشير إليه، لا يقتضى ثبوت القاعدة بوجه كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (إما بإلتزام كفاية تقدم الشرط على العقد - الخ -). وإما لكون البرائة قبل العقد، قرينة على عدم تعهد الصحة والسلامة في العقد، وبدونه لا وجه لضمانه لها، وهذا احسن مما تفصى به عن الاشكال، فتفطن. قوله (قدس سره): (لانه الموجب لسقوط الخيار - الخ -). فيكون الحلف على نفى العلم هيهنا في الحقيقة على البت، فانه الموضوع الواقعي لا البرائة، وعدمها واقعا، كى يكون الحلف على عدم العلم بها على نفى العلم بما هو الموضوع، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (ولعله لما اشتهر من ان ملك - الخ -). بل لان الاخبار بفسخه يلزم إلتزامه به عرفا. فيكون كتصرفه الكاشف من عدم إلتزام بالبيع وفسخه، هذا ولو لم نقل بهذه القاعدة. وبالجملة يكون حال هذا الاقرار في كونه فسخا حال كون إنكار الزوج في العدة للطلاق رجوعا، فكما لا يكون هذا لاجل القاعدة، لا يكون ذاك لاجلها، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (ويبقى قدر الارش مستحقا على التقديرين - الخ -). هذا فيما دار الامر بين فسخ العقد، والامساك بالارش، ولم يكن هناك احتمال اسقاط الخيار، وإلا فلا يعلم استحقاق الارش، ولم يكن انكار البايع، فسخ المشترى اعترافا باستحقاقه الارش، كما هو واضح. قوله (قدس سره): (أو مدعى عدمه لاصالة صحة الفسخ - الخ -). لا يقال: لا مجال لاصالة الصحة في احراز تأثير الفسخ، فان صحته


[ 230 ]

التأهلية، لا يقتضى ذلك، وصحته الفعلية، وان كانت مقتضية، الا انها لا تثبت باصالتها، كما أن اصالة صحة العقد في الصرف، لا يقتضى حصول القبض المعتبر في صحته وتأثيره. لانا نقول، هذا فيما إذا كان وقوعه في أو الزمان شرطا في حصول الاثر، وقد اعتبر في حصوله، كما اعتبر اصل الفسخ، كالعقد والقبض في الصرف، لا فيما إذا انتزع من الخصوصيات المأخوذة في نفس الفسخ، كالقرينة المتبرة مثلا في العقد، فانه لا شبهة في ان اصالة الصحة مجدية عند الشك فيها، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (يسمع 1 قوله ان احتمل في حقه الجهل، للاصل - الخ -). انما يسمع قوله مع احتمال الجهل في حقه، لو قيل بسماعه مع العلم بجهله، وهذا لو قيل مع الجهل بالخيار، بدعوى اختصاص دليل الفورية، بصورة العلم بالخيار، لا وجه للقول به مع الجهل بالفورية لعدم امكان اختصاص الفورية بصورة العلم بها، بداهة استحالة تقييد الحكم بالعلم، أو الجهل به، كما لا يخفى على من له ادنى تأمل، فتأمل. قوله (قدس سره): (اما العيب فالظاهر من اللغة والعرف - الخ -). لا يخفى ان العيب يكون من المفاهيم الواضحة عرفا ولغة التشكيك في بعض مصاديقه، غير ضائر، فانه لا يكاد يخلو عنه ما هو اوضح المفاهيم. واختلاف العبادات في تعريفها، انما يكون لاجل انهم في مقام شرح الاسم، لا في بيان الحد أو الرسم، فلا وجه للنقض عليها طردا، أو عكسا، ومع ذلك فالاولى ان يقال: انه النقض عما يقتضيه اصل الماهية بما يرغب في وجوده نوعا، أو الزيادة بما ترغب عنه كذلك، وان كان، مما يرغب فيه احيانا، أو يرغب فيه خصوص طائفة، لتعلق غرضهم به، كالخصا في العبيد، فلا يكون عدم نبات الشعر على ظهار الاماء، ولا الثيبوبية فيها عيبا، ويكون خصا


ص 230 * 1 - وفى المصدر: سمع قوله...

[ 231 ]

عيبا، وان كان يوجب زيادة بذل المال، فانه مما يرغب عند الغالب. وانما الراغب فيه القليل، كسلاطين، وبعض الامراء، والخوانين، لبعض اغراض صحيحة، كالاطمينان من الخيالة بالاعراض، واغراض فاسدة، كما تقدم من بعض. وقد ظهر بذلك ان الحمل في الاماء يكون عيبا، دون سائر الحيوانات، فانه مما يرغب عنه في الاماء ويرغب فيه نوعا فيها، كما لا يخفى. وقد ظهر ايضا حال سائر ما ذكر في المقام من العيوب، وما وقع من النقض والابرام، فلا ينبغى التعرض للكلام في كل واحد على حدة، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (الا ان التأمل فيها قاض بخلافه - الخ -). فان قوله (عليه الصلاة والسلام) في الصحيح 1 " ويرد عليه بقدر ما ينقص من ذلك الداء والعيب من ثمن ذلك " لو لم يكن به ظاهر في ان المردود بعض الثمن، وكذلك ظاهر التشقيق في مرسلة جميل 2. والمقابلة ان الرجوع في الشق الثاني، ليس بتمام الثمن الذى يرجع إليه في الشق الاول، بل ببعضه، فافهم. قوله (قدس سره): (لكن له دخل 3 في وجود مقدار من الثمن - الخ -). لا يخفى ان غير واحد من الاوصاف كذلك، أي له مدخل في وجود مقدار من الثمن، مع ان تعهده لا يوجب شيئا غير الخيار، فلا اوثق من ان يقال: ان الارش غرامة تعبدية، ليس من باب ضمان المعاوضة، ولا من قبيل ضمان اليد، فالمتبع في تعيينه ما هو قضية دليل ثبوته من النص والاجماع، فافهم. قوله (قدس سره): (لاصالة عدم تسلط المشترى على شئ من الثمن - الخ -).


ص 231 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 362 - ب 16 - ح 2. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 363 - ب 16 - ح 3. 3 - وفى المصدر: لكن له مدخل في وجود..

[ 232 ]

لا يخفى انه لا مجال لهذا الاصل، الا إذا لم يكن هناك الا التكليف، وقد شك فيه، ولم يحدث بسبب العيب حق للمشترى على البايع، يجب الخروج عن عهدته، والا فقضية اصالة عدم الخروج من العهدة، وجوب دفع ما يخرج بدفعه عنها يقينا، كما لا يخفى. ولا شبهة الحادث بسببه حق، يسقط الاسقاط، لا مجرد تكليف، والا لم يكد يسقط به، فتأمل. قوله (قدس سره): (لانهما الاصل في ضمان المضمونات - الخ -). وذلك حيث كان النقد ان مما يقدر ويعين به مالية الاموال، وكان غيرهما يحدد مقدار ماليته بالمقايسة معهما، كانا في نفسهما قيمة المضمونات القيمية، فلابد ان يكون الضمان بهما، عند اطلاق الضمان بالقيمة في القيميات، وهكذا الغرامة، عند اطلاق دليلها بتفاوت القيمة، كما في هذا الباب، وباب ديات الجنايات، وكونهما كذلك اصلا في باب الضمانات، وغرامة النقصانات، ودية الجنايات، بمعنى انه لابد منهما عند المخاصمة واللجاج لا ينافى كون الارش في هذا الباب، والتدارك في غير هذا الباب من غير النقدين مع التراضي به ابتداء نفس الارش والتدارك، لا عوضا عنه. وانما يصح ان يكون عوضا عما هو عليه فيما إذا استقر احدهما في الذمة، كما يكون وفاء، لا فيما يستقر فيها، كما في المقام، على ما اعترف به - قدس سره - من انه حق لو اعمله جاز له المطالبة بالمال، فانه لا يكون الا وفاء. نعم له الصلح عن حقه بمال، فيسقط. قوله (قدس سره): (فاستشكل ذلك بان الحقوق المالية، انما يرجع فيها إلى النقدين - الخ -). لا يخفى ان العلامة اعلى الله مقامه، لا يكون بصدد بيان تعين النقدين، للارش وعدم تعينها، بل انما هو بصدد بيان مطلب آخر، وهو ان الارش في معاملة النقدين بعد التفرق، لا يجوز ان يكون منهما، والا لزم بطلان معاملة الصرف بالاضافة إليه، لاجل التفرق قبل قبضه، فانه من تتمة الثمن، أو المثمن، بخلاف ما إذا كان من غيرهما، فان البيع بالنسبة إليه، ليس بصرف، فلا يكون التصرف قبل قبضه، بضائر، فلا مجال لما وجه عليه المحقق


[ 233 ]

من الاشكال، ولا حاجة في دفعه إلى ما افاده - قدس سره - وان كان مما يحتاج إليه تتميما لما افاده العلامة - قدس سره - حيث لا يكاد يتم، الا إذا كان ما تراضيا عليه من غير النقدين أرشا، لا عوضا عنه، فافهم. واما لو كان العلامة اعلى الله مقامه، بصدد بيان عدم تعين الارش منهما، فما وجهه عليه المحقق في محله، ولا يندفع بما افاده - قدس سره - فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (لان المعيب ان لم يكن مما يتمول ويبذل في مقابله شئ من المال، بطل بيعه، والا فلابد من ان يبقى له من الثمن قسط - الخ -). لا يخفى انه انما يتم، فيما إذا كان العيب نقصا في نفس المعيب يوجب تارة خروجه عن المالية، وان يبذل بازائه المال، واخرى نقصانه بحسبها، مع بقائه عليها، لا فيما لم يكن كذلك، بل كان حقا تعلق به للغبن، كحق الجناية، ضرورة ان الجناية، ولو استوعب القيمة، لا يوجب سقوط الجاني عن المالية، فانه مما يبذل بازائه المال على كل حال فكه المولى بالفداء اولا، بل استرقه المجني عليه، كما لا يخفى، فلا وجه لبطلان بيعه فيما إذا استوعب ما رجع به المشترى إلى البايع من الارش ثمنه، بعد رجوع المجني عليه إليه، كما يأتي فيما حكاه عن العلامة - قدس سره - في القواعد والتذكرة. وبالجملة لا وجه لبطلان البيع مع استيعاب الارش للقيمة، إلا السقوط عن المالية بذلك، وهو غير لازم، إلى في بعض الاموال، ليكون استغراق الارش للثمن معقولا في بعض الاحوال، كما عرفت، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (وكيف كان فالعبد المتعلق برقبته حق للمجني عليه يستوعب قيمته، اما يكون له قيمة - الخ -). قد عرفت ان عيب تعلق حق الجناية برقبته، لا يوجب خروجه عن المالية، ولو كان مستوعبا للقيمة، فلا مجال لتشقيقه بما ذكره (قدس سره) مع ما في الشق الاول من عدم بقاء شئ له فيما إذا استوعب حق الجناية للثمن، فيرجع إلى البايع حينئذ بتمامه.


[ 234 ]

قوله (قدس سره): (ويلزم من طرح القول العادل الواحد، والاخذ بالاقل، لاصالة برائة ذمة البايع تضييع حق المشترى - الخ -). لو سلم تضييعه من ذلك كثيرا لما كان موجبا لحجية خبر الواحد، الا إذا علم انه مخالف لغرض الشارع، بحيث لو لم يجعل خبر الواحد حجة لئلا يبقى مجال لاصالة برائة ذمة البايع عقلا لاخل بغرضه، ومن اين تعلم مخالفته لغرضه. قوله (قدس سره): (ففى كفاية الظن أو الاخذ بالاقل، وجهان - الخ -). والوجيه هو الاخذ بالاقل، للاصل. واما وجه ضعف احتمال الاخذ بالاكثر، فهو ان ضمان العيب المعنى له، الا يوجب الارش على البايع تعبدا، من دون ان يكون هناك ضمان حقيقة. قوله (قدس سره): (لان كلا منهما حجة شرعية، فإذا تعذر العمل بهما 1 في تمام مضمونه، وجب العمل به - الخ -). وجوب العمل بكل منهما كذلك، لا دليل عليه بعد عدم مساعدة دليل الاعتبار، على اعتبارهما، مع تعارضهما، وتكافوئهما، الا على اعتبار احدهما بلا عنوان، بناء على حجية البينة على الطريقية، وتخييرا، بناء على اعتبارها من باب السببية على ما حققناه في محله. اللهم الا ان يدعى قيام الاجماع على الجمع كذلك، والا فلا اعتبار فيما ذكره، فانه مجرد اعتبار، لو لم نقل بمساعدته على اعتبار احدهما في تمام مضمونه، لا بكل منهما في بعضه، وان الموافقة الاحتمالية في الحقوق ايضا، يكون اولى من المخالفة القطعية. وانما يكون الجمع اولى فيما إذا تزاحم الحقوق الثابتة، لا فيما تعارض طرق اثباتها فتأمل. نعم يكون الاحتمال الثالث المخالف لكل من البينتين، منفيا باحدهما، بلا عنوان، أو باحدهما تخييرا. فتأمل.


ص 234 * 1 - وفى المصدر: لان كلا منهما حجة شرعية يلزم العمل به فإذا تعذر العمل بهما...

[ 235 ]

قوله (قدس سره): (لان المأمور به، هو العمل بكل من الدليلين، لا بالواقع المردد بينهما - الخ -). كى يعين بالقرعة. نعم لابد من القرعة بناء على حجية احدى البينتين بلا عنوان، لو قيل بها في تعيين المردد، وعدم اختصاصها بتعيين المجهول، كما لو قيل بصحة طلاق احدى الزوجتين، وعتق احد العبدين، وتعيين المطلقة، والمعتق بها. قوله (قدس سره): (لانه إذا فرض لكل نصف من البيع، قيمة، تغاير قيمة النصف ا لاخر، وجب ملاحظة - الخ -). بيانه انه لما كان اللازم اخذ الارش بحسب التفاوت بين قيمتي الصحيح والمعيب، وكان قضية قاعدة الجمع، تصديق كل مقوم في نصف التفاوت بحسب تقويمه بين القيميتين، إذا كان التعارض بين الطرفين، وثلاثة، إذا كان بين الاطراف الثلاثة، وهكذا كان اللازم اخذ بمقدار التفاوت بين كل قيمتين، من الطرفين المتعارضين، أو الاطراف، والجمع بالتصديق في النصف أو الثلث، حسب اختلاف الاطراف. قوله (قدس سره): (وظاهره كون استعماله في الالتزام الابتدائي، مجازا - الخ -). هذا لو لم يكن تفاسير اهل اللغة من قبيل شرح الاسم الذى صح بالاعم والاخص، ولا يبعد ان يكون التقييد لاجل كون اغلب افراد الشرط ضمنية، مع قوة احتمال كونه في حكاية بيع بريرة 1، وفى قول امير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) مجازا، للمشاكلة من قبيل " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه - الاية - " 2 وفى مثل ما الشرط في الحيوان، يمكن دعوى عدم استعماله، الا في الضمنى، فافهم. واطلاق الشرط بمعنى الالتزام، لا يكاد يصح على البيع الذى هو تمليك


ص 235 * 1 - التاج الجامع للاصول: 2 / 202. 2 - البقرة: 114

[ 236 ]

العين بالعوض، فانه بهذا المعنى لابد من التعلق بامر، بخلاف البيع، كما يظهر لمن تدبر، فلو اطلق عليه، فهو لا محالة يكون بمعنى اخر، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (واما بمعنى جعل الشئ شرطا بالمعنى الثاني - الخ -). هذا لو قيل ببطلان البيع عند تخلف الشرط وعدم تحقق ما شرط. واما لو لم نقل به، فلا مجال لهذا المعنى، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (لان تحقق هذا الشرط بضرب من الاتفاق، ولا يناط بارادة المشروط عليه، فيلزم الغرر - الخ -). لا يخفى ارتفاع الغرر فيما إذا علما أو اطمئنا بتحققه، فلا وجه لان يكون لزومه وجها لاعتبار هذا الشرط. هذا، مع صحة النقض بما إذا اشترط وصفا حاليا لا يعلم تحققه في المبيع، وعدم صحة ذكره - قدس سره - من الفرق، لعدم الوثوق بتحقق الاجماع، ولو مع فرض الاتفاق، كيف، ومع الخلاف لاحتمال ان يكون اتفاقه من جهة توهم الفرق بينهما بما ذكره من ان إلتزام، وجود الصفة في الحال، بناء على وجود الوصف الحال (إلى اخر ما ذكره قدس سره)، مع عدم صحته، فان الالتزام بوجودها في الحال، كما كان بناء على وجود الوصف الحالى، كان الالتزام به في الاستقبال، بناء على وجود الوصف الاستقبالي ايضا، ضرورة ان البناء قضية الالتزام، وهو فيما سواء. اللهم إلا ان يقال: ان الامر الاستقبالي، لما كان متوغلا في الامكان وخارجا عن تحت الاختيار، لم يصح التزامه عند العقلاء، بل كان لغوا غير مؤثر اصلا، بخلاف الحالى، فانه وان كان خارجا عن تحت الاختيار، إلا انه لما قد خرج عن حدود الامكان إلى الايجاب أو الامتناع، صح الالتزام بوجوده، أو عدمه عندهم، فافهم. قوله (قدس سره): (ويمكن توجيه كلام الشيخ - الخ -). قد عرفت بما ذكرنا في الحاشية السابقة، انه لا داعى إلى توجيه كلامه بذلك، مع انه غير مجد في رفع الخلاف بمجرد احتماله لذلك، مع ظهوره في خلافه، فتدبر جيدا.


[ 237 ]

قوله (قدس سره): (الا ان يحمل على صورة الوثوق بالاشتراء - الخ -). لا يخفى انه لا يخرج بالوثوق به عن الاستقبالي، ولا يدخل تحت القدرة والاختيار، وكون الايجاب اختياريا، انما يجدى إذا كان جزئه الاخر للسبب، والعلة التامة محققا سابقا والا لاخراج عن الاستقبالي الخارج عن تحت الاختيار، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (الثالث ان يكون مما فيه غرض معتد به عند العقلاء - الخ -). لا يبعد ان يكون هذا مما لابد في تحقق الاشتراط عقلا، لا من شروط نفوذه شرعا، كيف والا فلا دليل على اعتباره بل عموم " المؤمنون - الحديث - " 1 دليل على عدم اعتباره. قوله (قدس سره): (ومن ان الاسلام يعلو ويعلى عليه 2 - الخ -). فيه مضافا إلى منع كون إشتراط موجبا لان يعلى على الاسلام، انه لو سلم وقدم على العموم، كان عدم نفوذه تعبدا لاجل هذه القاعدة، لا لاجل كون الشرط مما لا يتعلق به غرض العقلاء نوعا وشخصا، فافهم. قوله (قدس سره): (مما لا يرتاب في ضعفه - الخ -). لاباء مثل هذا العموم عن التخصيص، وبعد نفوذ الشرط المخالف للكتاب شرعا إلى الغاية. قوله (قدس سره): (ثم الظاهر ان المراد بكتاب الله هو ما كتب الله على عباده - الخ -). ولا يخفى ان الظاهر من لفظ كتاب الله، هو القرآن، واشتراط الولاء للبايع في النبوى 3، انما جعل مما ليس في كتاب الله، وهو كذلك، لا مخالفا له، حتى صار قرينة على ارادة هذا المعنى منه، مع انه لو جعل مخالفا، لامكن


ص 237 * 1 - مستدرك الوسائل: 2 / 473. وسائل الشيعة: 17 / 376 - ب 1 - ح 11. 3 - سنن ابن ماجه - ج 2 / 842 - الرقم 2521

[ 238 ]

ان يقال: انه لا محالة يكون حكم الولاء في الكتاب، حيث " لا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين " 1 وان كنا لا نفهمه منه، وهو (صلى الله عليه وآله وسلم) يفهم. فافهم. قوله (قدس سره): (ولا يبعد ان يراد بالموافقة، عدم المخالفة، نظر إلى موافقة - الخ -). وعليه لا حاجة إلى ارجاع الموافقة إلى عدم المخالفة، كما لا يخفى. وانما الحاجة إليه، فيما إذا كان مدار المخالفة والموافقة، غير مثل هذه العمومات، وعليه لا يبعد الارجاع نظرا إلى ما يظهر من مجموع اخبار الباب، من ان المانع عن نفوذ الشرط، مع عموم المقتضى له ثبوتا واثباتا، ليس الا مخالفته لحكم الله المبين في السنة أو الكتاب، فقد عبر عنه، بمخالفة الكتاب والسنة تارة، وتحليل الحرام، وتحريم الحلال اخرى. ان قلت: هذا وان كان لا يابى عنه غير واحد من الاخبار، ويساعده الاعتبار، الا ان مثل النبوى 2 يأبى عنه، ضرورة ظهوره في اعتبار كونه في كتاب الله. قلت: نعم، لولا قوله (صلى الله عليه وآله) في ذيله (قضاء الله - إلى آخره -) الظاهر في كون الولاء لمن اعتق، يكون في كتاب الله، أو بنحو يفهمه صلى الله عليه وآله. أو المراد من كونه في كتابه، كونه فيما كتبه الله على عباده، وان بينه بلسان نبيه (صلى الله عليه وآله)، كما اشير إليه. كيف، وقد حكم على نفوذه غير واحد من الشروط التى ليس في الكتاب، ظاهرا في غير واحد من الاخبار، بقولهم " المؤمنون عند شروطهم " 3، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (فاشتراط ترك التزويج والتسرى، لا ينافى الكتاب، فينحصر المراد - الخ -).


ص 238 * 1 - الانعام: 59. 2 - سنن ابن ماجه - ج 2 / 842 - الرقم 2521 3 - مستدرك الوسائل: 2 / 473.

[ 239 ]

لا يخفى انه لا وجه لهذا التفريع، فانه كما ينافى اشتراطهما الكتاب، لا ينافيه نفسهما، وانه يكفى في اتصاف الالتزام بالمخالفة للكتاب عرفا، تعلقه بفعل، أو ترك ما دل الكتاب على اباحة فعله وتركه، كما يوجبه تعلقه بفعل الحرام، أو ترك الواجب، مع ان دليل الحرمة، أو الوجوب ايضا لا دلالة له، الا على نفس حرمة الفعل، أو وجوبه، فلو التزم بفعل الحرام، وتخلف وترك ما اتى بحرام، نعم كان متجريا، لو كان عازما على فعله حين إلتزامه وبالجلمة، فكما يصح عرفا إتصاف الالتزام بترك الواجب، أو فعل الحرام، بالمخالفة للكتاب، مع عدم دلالته على منعه كذلك يصح اتصاف الالتزام بذاك المباح، أو فعله بها. ويدل عليه الرواية 1 الدالة على مخالفة اشتراط ترك التزويج، أو التسرى للكتاب، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ومجردا عن ملاحظة عنوان اخر طار عليه - الخ -). بل مع ملاحظة كونه مجردا عن طرو عنوان اخر عليه، يتغير بطروه حكمه واقعا. هذا هو المناسب لما هو بصدده، من مقام الثبوت، وكيفية ثبوت الحكم في الواقع، وما ذكره انما يناسب مقام الاثبات، وقد صار بصدده بقوله " إذا عرفت - إلى اخره - " كما لا يخفى على المتأمل في اطراف كلامه، زيد في علو مقامه. قوله (قدس سره): (فيمكن حمل رواية محمد بن قيس 2 - الخ -). الظاهر انه سهو عن قلمه الشريف، والصحيح رواية ابن مسلم 3. فلا تغفل. قوله (قدس سره): فإن لم يحصل له، بنى على عدم اصالة عدم المخالفة - الخ -). فان المخالفة مسبوقة بالعدم المحمولي، الذى هو مفاد ليس التامة،


ص 239 * 1 - وسائل الشيعة: 15 / 46 - ب 38 - ح 2. 2 - وسائل الشيعة: 15 / 40 - ب 29 - ح 1. 3 - وسائل الشيعة: 15 / 31 - ب 20 - ح 6.

[ 240 ]

حين عدم ثبوت طرفها، وان لم يكن مسبوقة بالعدم الربطى، الذى هو مفاد ليس الناقصة، حيث ان الشرط وجد إما مخالفا، أو غير مخالف. فان قلت: اصالة عدم المخالفة بهذا المعنى، لا يثبت كون الشرط غير مخالف، الا على الاصل المثبت، كما لا يخفى. قلت: نعم، ولكنه لا حاجة ايل إثباته، ويكفى ما يثبت به، وهو عدم ثبوت وصف المخالفة له، وبه ينقح ما هو موضوع " المؤمنون عند شروطهم " 1 فان الخارج عنه بالاستثناء، ليس الا عنوان خاص، والباقى تحته كل شرط كان غيره، بلا اعتبار خصوص عنوان، بل باى عنوان لم يكن بذاك العنوان، ومن الواضح ان الشرط الذى لم يثبت له المخالفة من ذلك، فتأمل، فانه لا يخلو من دقة. قوله (قدس سره): (ومرجع هذا الاصل إلى اصالة عدم هذا الحكم - الخ -). لا يخفى ان اصالة هذا الحكم على هذا الوجه لا يثبت عدم تحقق المخالفة، الا على الاصل المثبت، فلا وجه لارجاع اصالة عدم المخالفة إليها، مع انها وافية بإثبات ما هو المهم، ولو لم نقل بالاصل المثبت، ولعل وجهه بنظره - قده - كون الشك في المخالفة مسببا عن الشك في كيفية جعل الحكم، وهو وان كان كذلك، الا ان عدم مخالفة الشرط ليس من الآثار الشرعية المترتبة عليه، كى يكون المرجع، هو الاصل فيها، فتأمل جيدا، في المقام، فانه ينفعك في غير مقام. قوله (قدس سره): (وفيه من الضعف ما لا يخفى - الخ -). حيث ان تخصيصه الشرط المخالف بذلك، ينافيه ما دل من الاخبار على عدم نفوذ الشرط، لكونه مخالفا، مع كون المشروط نفس الفعل كالتسري، والهجر، والطلاق، على ان ذلك يستلزم كون الاستثناء منقطعا، ضرورة الشرط، وان الالتزام الجدى، لا يكاد يتعلق بما هو فعل الغير،


ص 240 * مستدرك الوسائل: 2 / 473.

[ 241 ]

وباختياره، فكيف يتعلق بالاحكام الشرعية الخارجة عن تحت قدرة المشترط واختياره بالمرة. هذا، مع ان الامر لو كان كما ذكره، من خروج إلتزام فعل المباح، أو الحرام عن مدلول الاخبار، لزم تقديم دليل نفوذ الشرط حكومة، أو توفيقا، كما تقدم ادلة ساير العناوين الطارية من العسر والضرر، فلا وجه لملاحظة التعارض والترجيح بامر خارج. فافهم. قوله (قدس سره): (وربما يتخيل ان هذا الاشكال مختص - الخ -). لعل وجه تخيل الفرق. ان الاباحة إذا كانت تكليفية، فهى تكون غالبا لاجل عدم المقتضى للايجاب أو التحريم، بخلاف إلاباحة المترتبة على الوضع، فانها بإقتضائه، لكنه لا يجدى ما لم يكن فعلية، واقتضائه لها بالعلية، فتختلف ولا تنضبط. نعم عليه يكون الشرط المحرم للحلال، عزيزا جدا، بل غير محقق، حيث لم يعلم بعد اباحة تكليفية، كانت لاقتضاء مقتضى، فضلا عن ان يكون بنحو العلية، فافهم. قوله (قدس سره): (وللنظر في مواضع من كلامه مجال - الخ -). منها تخصيصه الشرط المحلل للحرام، أو المحرم للحلال، بما إذا كان على نحو القاعدة والعموم، من دون نظر إلى فرد خاص، مع وضوح كون شرط شرب خمر خاص، وترك فريضة خاصة، شرطا محللا للحرام، وكون شرط شرب التتن، أو تركه مدة، ليس كذلك. ومنها انه - قده - قد استشكل فيما اشترطت عليه، ان لا يتزوج، أو لا يتسرى بفلانة خاصة، مع انه لا وجه على ما بناه، ضرورة انه لا يوجب احداث قاعدة كلية، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ان لا يكون منافيا لمقتضى العقد - الخ -). اشتراط المنافى، تارة على نحو لا يتاتى منه القصد إلى تحقق مضمون العقد اصلا، لاجل المناقضة، وان يأتي منه انشائه، فانه خفيفة المؤنة، كما إذا اريد من لفظ (بعت) حقيقة البيع الذى هو التمليك بالعوض، مع اشتراط عدم الثمن، واخرى على نحو يتأتى منه القصد إلى مضمونه حقيقة، غايته


[ 242 ]

بالاشتراط، لقصد عدم ترتب بعض لوازمه واحكامه، مما له شرعا أو عرفا، وثالثة على نحو قصد إلى ما لا ينافيه الاشتراط، وان كان ينافيه بظاهره، كما إذا اريد مع اشتراط عدم الثمن في الصيغة بلفظ (بعت) التمليك بلا عوض. ومن الواضح انه يكون قصده بمكان من الامكان وان كان خلاف ظاهر (بعت). فان كان اشتراط المنافى على النحو الاول، فلا عقد ولا شرط، سواء لم يقصد إلى مضمون العقد حقيقة من رأس، أو بدأ له بعد انشائه، فاتى بما يناقضه وينافيه، وان كان على النحو الثاني، فالشرط غير نافذ، لمخالفة للكتاب أو السنة، وكذا العقد، لو قيل بكون الشرط الفاسد مفسدا، وان كان على النحو الثالث، كان عقد لما قصده فيقع. الا ان يقال، باعتبار لفظ خاص في عقده فتأمل فيما ذكرناه، لكى تعرف ان الشتراط ما ينافيه طاهر العقد، يختلف صحة وفسادا ووجها فيما يفسد. فلا تغفل. قوله (قدس سره): (ولو شك في مؤدى الدليل، وجب الرجوع إلى اصالة ثبوت ذلك الاثر - الخ -). انما وجب الرجوع إليها، فيما إذا الشك فيه إلى الشك في مخالفة الشرط للكتاب أو السنة. واما إذا رجع الشك فيه، إلى الشك في ان الاشتراك مع القصد إلى ما هو حقيقة العقد، موجب للمناقصة في القصد، فلا يجدى الرجوع إليها، كما لا يخفى. بل يكون في الحقيقة شكا في اصل تحقق العقد والشرط. وكذا لو رجع الشك فيه إلى الشك في ان الشرط ينافى حقيقته هذا العقد، وانه مع الشرط يصير حقيقة اخرى، كما عرفت في النحو الثالث، فحينئذ شك في تحقق تلك الحقيقة، ولا يشك في تحقق ما قصده، ولا اصل يرجع إليه في اثبات تلك الحقيقة، وترتيب آثارها الخاصة، ولا حاجة اصل اصلا في ترتب آثار ما قصد، كما لا يخفى. فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (لكن الانصاف ان جهالة الشرط يستلزم - الخ -). وذلك لانه قيد للبيع، أو احد العوضيين، وليس بامر مستقل في ضمن عقده، قصارى ما يمكن ان يقال، ان اطلاق النهى عن بيع الغرر


[ 243 ]

ينصرف إلى ما كان الجهالة في نفس العوضيين بانفسهما، لا يقيدهما. ولو سلم فلا اقل من كون جهالتهما كذلك قدرا متيقنا في مقام التخاطب، فلا يشمل ما إذا كانت الجهالة بالسراية من القيد. لكنه كما ترى. ان قلت: لو سلم سراية الجهل، فانما يوجب بطلان العقد ببعض مراتبه، لا بتمامها، بناء على كون العقد المشروط بتعدد المطلوب. قلت: لو سلم كونه كذلك، فانما يبخل، ويبقى ببعض مراتبه، لو كان العقد جامعا لتمام الشرايط المعتبرة فيه، ومنها ان لا يكون غرريا فافهم. نعم للخصم ان يقال: ان المتيقن، هو ما إذا كانت الجهالة في العوضين ولو بالسراية، ولم يحرز كون الشرط قيدا لاحدهما، بل لعله كان قيدا لنفس البيع، ولعله يرجع إلى ما افاده العلامة اعلى الله مقامه، من تعليل عدم ضرر جهالة الشرط بانه تابع، أي تابع البيع لا تابع المبيع - إلى آخر كلامه -. يتوجه عليه ان جهالة التابع، انما يسرى إذا كان مما لا يقصد في البيع، كاساس الجدرات ونحوها، لا مثل الشرط المقصود بالخصوص في البيع. فافهم. قوله (قدس سره): (لان بيعه له يتوقف على ملكية المتوقفة على بيعه - الخ -). لا يخفى عدم توقف ملكيته على بيعه، ولعل توهم التوقف عليه، انما كان لاجل انه شرط، ولا يكاد يؤثر المقتضى بدونه، لكنه فاسد، فان بيعه وان كان شرطا، الا انه لا بمعنى كونه جزء العلة وما يلزم من عدمه العدم، بل بمعنى آخر كما مر، والا لزم المكلية في اليبع قبل حصول الشرط مطلقا، أي شئ كان شرطا. لا يقال: لا يعقل بيع الشئ من مالكه البايع، فشرط بيعه منه في نفسه غير معقول. فانه يقال: انما لا يعقل إذا كان الشرط بيع ملكه الفعلى، لا بيعه منه بعد خروجه عن ملكه، وصيرورته ملكا للمشترى. وبالجملة، يكون الشرط، بيع المشترى للمبيع منه، بعد ما ملكه وصار له، فلا تغفل.


[ 244 ]

قوله (قدس سره): (ولو تواطئا عليه قبله، لم يكف ذلك - الخ -). والتحقيق ان يقال: ان التواطئو عليه ان كان بمجرد المقاولة على الاشتراط في ضمن العقد مع ايقاعه مطلقا، كما إذا يكن هناك مقاولة عليه اصلا، فلا ينبعى الاشكال في عدم كفاية المقاولة في الاشتراط، ووقوع العقد مطلقا، كما لا يخفى. وان كان مع انشاء الاشتراط قبله مع وقوعه كذلك، أي مطلقا، فيبتنى على نفوذ الشرط الابتدائي وعدم نفوذ. وان كان مع انشائه في ضمن العقد، بان وقع العقد مقيدا ومشروطا، وان لم يذكر اعتمادا على تلك المقاولة، فيبتنى على انه لابد في نفوذ الشرط من ذكره، أو يكفى انشائه بدونه، مع القرينة عليه. وان كان بمجرد المقاولة من دون إشتراطه، مع وقوع صيغة العقد مبهما ومهملا، أي قابلا لان يقيد ويشترط، لا مطلقا، ولا مشروطا ومقيدا، فلا شرط، وهو واضح، ولا عقد، فان المبهم وان كان ينشاء، الا انه لا يتسبب بإنشائه إلى تحققه، حيث لا يكاد يوجد في الخارج، ما لم يتشخص بالاطلاق، أو الاشتراط، وما لم يكن قابلا لذلك، لكى يقصد بانشائه التسبب إليه، لم يكن انشائه عقده. فافهم. قوله (قدس سره): (وعموم " المؤمنون عند شروطهم " 1 مختص بغير هذا القسم - الخ -). اختصاصه بغيره مبنى على ان لا يكون الوفاء يتم ترتيب الاثار، ولم يكن بمعنى الالتزام بالشرط، وعدم فسخه، ورفع اليد عنه، أو بمعنى الارشاد إلى نفوذه وتحقق مضمونه، وإلا يعمه ولم يختص بغيره. والظاهر ان مثل " المؤمنون عند شرطهم " يدل على نفوذ الشرط ولزومه، بلسان كون الشارط عند شرطه، وملازما اياه لا ينفك عنه، من غير دلالة على وجوب الوفاء، كى يلزم اختصاصه ببعض اقسام الشرط، أو تنزيله على شموله، لترتب الاثار، مع ان ترتب الاثار على ما حصل بسبب العقد أو الشرط، انما هو بما دل على ترتبها عليه، لا بدليل وجوب الوفاء بهما، كما لا يخفى.


ص 244 * 1 - مستدرك الوسائل: 2 / 473.

[ 245 ]

ومن هنا ظهر انه لابد ان ينزل مثل " اوفوا بالعقود 1 " على وجوب الالتزام بها، وعدم فسخها، والمعاملة معها، كما إذا لم تكن، أو على الارشاد إلى تحقق مضامينها، كما ينزل النهى في باب المعاملات على الاشارد إلى عدم تحقق ما هو قضية المعاملة المنهى عنها. فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (وان اريد حصول الغاية بنفس الاشتراط، فان دل دليل - الخ -). لا يخفى انه لا مجال لهذا الكلام، مع عنوان المسألة في بيان ما للشرط الصحيح من الاحكام، فانه كلام في انه فاسد أو صحيح، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (ومن ان الوفاء لا يختص بفعل ما شرط - الخ -). بل قضية نفوذ الشرط فيما إذا تعلق بالفعل ايضا، هو صيرورته ملكا للمشروط له، ومستحقا له، نظر ما إذا صار اجيرا في عمل، فوجوب الفعل المشروط على المشروط عليه مع المطالبة، كوجوب العمل على الاجير عندها، انما هو لوجوب اداء كل حق إلى صاحبه، كما مرت الاشارة إليه عن قريب، فتذكر. لا يقال: ان التمسك بالعموم، مع تخصيصه بغير الشرط المخالف للكتاب والسنة، مع احتمال اعتبار سبب خاص في تحقق ما شرط، يكون من باب التمسك به في الشبهات المصداقية. فانه يقال: هذا لو لم يكن هناك ما ينقح به عدم المخالفة، وقد مر ان قدم المخالفة هو قضية الاصل، فراجع. قوله (قدس سره): (المشهور، هو الوجوب، لظاهر النبوى 2 - الخ -). فانه وان لم يكن دالا، الاعلى نفوذ الشرط وصحته، الا ان صحته توجب استحقاق المشروط له لما شرط، فيجب على المشترط عليه مع المطالبة الاداء، لئلا يمنع الحق عن صاحبه، كما مر فتأمل.


ص 245 * 1 - المائدة: 1. 2 - مستدرك الوسائل: 2 / 473

[ 246 ]

قوله (قدس سره): (من ان اشتراط ما سيوجد 1 امر منفصل، وقد علق عليه - الخ -). بل متصل وقد حصل اثره، وهو استحقاق المشروط له لما شرط من الفعل، وقد قيد به العقد، ولا تعليق له على ذاك الفعل المنفصل عنه اصلا. ولعل منشأ التوهم، كون الفصل شرطا، وإطلاق الشرط عليه، وتعليق المشروط عقلا على الشرط، مما هو واضح. لكنه قد عرفت سابقا ان الشرط هيهنا بمعنى اخر، وليس بذاك الشرط الذى يكون من أجزاء العلة التامة. كيف، ولو كان ذاك، لتوجه عليه ان قضية إرتفاع العقد من رأس، لا إنقلابه، وجائزا، كما وجه عليه المصنف - قده - فلا تغفل. قوله (قدس سره): (فان الخيار انما شرع بعد تعذر الاجبار، دفعا لضرر - الخ -). حيث لا ضرر مع امكان الاجبار، مع ان الضرر الناشئ من قبل المخالفة، وعدم العمل بالعقد والشرط، مع تأثيرهما لتمام مراتب المقصود، وهو ملك المثمن أو الثمن، وملك الشرط على المشروط عليه، لا يوجب تزلزلا وخيارا في العقد، وانما يؤثر لو كان نفس العقد والشرط ضرريا، كما في الغبن، وكما إذا تخلف الشرط، ولم يكن المبيع بتلك الصفة التى شرط ان يكون متصفا بها، فان العقد مع الشرط حينئذ، حيث لا يكاد يؤثر تمام المقصود، بل انما يؤثر استحقاق هذا الشخص الفاقد لها، كما لا يخفى، كان نفس هذه المعاملة ضررية، فيكون اللزوم الذى كان حكم المعاملة، لو لم يكن كذلك. منفيا بقاعدة " لا ضرر ولا ضرار " 2، فلو قيل بالخيار، لم يكن الا للاجماع. من الواضح انه لا اجماع، من امكان الاجبار، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (بخلاف الشرط، فان المشروط حيث فرض فعلا كالاعتاق، فلا معنى لتملكه - الخ -).


ص 246 * وفى المصدر: واشتراط ما سيوجد امره. 2 - وسائل الشيعة: 17 / 341 - ب 12 - ح 3.

[ 247 ]

قد مر الارشاد غير مرة، ان قضية الشرط، هو ايضا استحقاق المشروط له لما شرط، وتملكه له، فمجرد امتناع المشروط عليه عنه، لا يكون نقضا له، ولا يكون الا كالامتناع عن تسليم احد العوضين، ولعله اشار إليه بامره بالتأمل، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (ففى استحقاق المشروط ل لاجرته، أو مجرد ثبوت لخيار له، وجهان - الخ -). اوجههما الاول، لان العقد والشرط قد أثرا أثرهما، من استحقاق العوضين للمتبايعين، والشرط للمشروط له، فنفوذهما ليس بضرري، ليتدارك بالخيار، كما في تعذر الشرط، إذا كان وصفا، والغبن، والعيب، وتعذره امر طارى يوجب التنزل إلى البدل، كما إذا تعذر تسليم احد العوضين الكليين. فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (فالظاهر عدم منع ذلك عن الفسخ - الخ -). فان مورد الفسخ هو العقد، والعقد يصح فسخه ولو مع امتناع تراد العوضين، إذ الظاهر ان التعذر، إنما يوجب الخيار لاجل الضرر والضرار 1، فكما انه يوجبه مع امكانه، يوجبه مع امتناعه. نعم لو كان الخيار تعبدا للاجماع، فيمكن ان يقال: ان القدر المتيقن من معقده، هو صورة امكانه، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (واما لو كان منافيا كبيع ما اشترط وقفه على البايع، ففى صحته مطلقا - الخ -). وهذا الوجه هو المتجه، فان وجوب احد المتنافين لا يؤثر حكما اصلا في الاخر، لا تكليفا ولا وضعا، فلو باع بدون اذن المشروط له، جاز ونفذ، ولو اثم بتركه الواجب عليه، وحينئذ لو فسخ المشروط له، فالاقوى الرجوع إلى البدل جمعا بين الادلة، كما تقدم في كلامه، زيد في علو مقامه، وانما يوجب شرط الضد، توقف النفوذ على اذن المشروط له، أو إجازته لو أحدث في العين


ص 247 * 1 - وسائل الشيعة: 17 / 341 - ب 12 - ح 3.

[ 248 ]

حقا له، ولم يثبت، والاصل عدمه. وانما الثابت هو استحقاقه عليه الضد، فلو تعذر عليه، ولو بسوء اختاره لضده، فعليه بدله، ولا موجب لتسلط المشروط له على فسخ العقد اصلا، كما لا يخفى. فتأمل جيدا. قوله (قدس سه): (فإرجاع قوله: بعتك هذه الصبرة على انها عشرة اصواع 1 - الخ -). بان يكون المبيع في الحقيقة كليا خارجيا، وهو عشرة اصواع موجودة في هذا المكان، كى يكون الثمن بإزاء العشرة، فيسقط عليها، وان كان المبيع بحسب الصورة، شخص الوجود الخارجي، وعليه فيكون النزاع صغرويا، وفى أن المبيع هل هو الكلى أو الجزئي. وان شرط مقدار خاص في جزئي، يرجع في الحقيقة إلى بيع ذاك المقدار كليا، أو كان باقيا على بيع الجزئي، والشرط كشرط امر اخر فيه، ولا يخفى اختلاف ما شرط، لا يوجب اختلافا في حكم الشرط، فكما لا يكون شرط الكيفية موجبا لرجوع بيع الجزئي إلى بيع كلى خارجي موصوف بصفة كذا، فكذلك شرط الكمية، فلا وجه للارجاعه، ولذا جعل المصنف العلامة اعلى الله مقامه، النزاع كبرويا وفى ان الثمن يسقط على مثل هذا الشرط، كالجزء، أو لا يسقط عليه، كساير الشرايط. وعليه فلابد في دعوى التقسيط من دعوى انه بحسب الحكم العرفي، لا أنه بحسب جعل المتعاقدين، ضرورة ان حال هذا الشرط بحسب ذلك، حال سائر الشرائط. وانت خبير بان دون إثبات حكم العرف بالتسقيط على هذا الشرط من بين الشروط، خرط القتاد. بل لا يبعد دعوى انه ليس في صورة تخلف هذا الشرط، الا الخيار. قوله (قدس سره): (ولعل هذا اظهر - الخ -). وذلك لما مر، من ان إلاختلاف فيما شرط، لا يوجب اختلافا في حكم الشرط، فتذكر.


ص 248 * 1 - وفى المصدر: على انها عشرة اصوع.

[ 249 ]

قوله (قدس سره): (لان البايع لم يقصد بيع الزائد، والمشترى لم يقصد شراء البعض، وفيه تأمل - الخ -). وجه التأمل أن هذا الوجه، ان صح لعم جميع صور تخلف الشرط. لكنه انما يصح لو قيل بعد تعدد المقصود في العقود، وعدم تحليلها بحسب القصد، فيما إذا وقع الشرط في ضمنها، وهو محل كلام بين الاعلام، ويأتى عن قريب تحقيقه. قوله (قدس سره): (ولا تأمل ايضا في ان الشرط الفاسد لاجل الجهالة، يفسد العقد - الخ -). بل لا يخلو عن التأمل، فان رجوع جهالة الشرط إلى جهالة احد العوضين، انما يسلم لو كان الشرط من قيود احدهما. واما إذا كان من قيود نفس البيع، فلا وجه له اصلا، كما لا يخفى، ولم يعلم كونه من قيود ايهما، أو انه يختلف بحسب الشروط، أو القصود، لو لم يدعى ظهور انه من قيوده. نعم جهالته توجب الغرر في البيع، لو لم نقل بان الغرر المنفى، انما هو بملاحظة الخطر في احد العوضين، لا ما يعم في البيع لاجل قيده، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (لانه موجب للدور، أو لعدم القصد إلى البيع الاول - الخ -). قد عرفت فيما مر، انه لا يوجب الدور، ولا عدم القصد بل لا يكاد يتأتى منه القصد إلى هذا الشرط، بدون قصد البيع الاول، فتأمل. قوله (قدس سره): (قولان، حكى اولهما عن الشيخ والاسكافى - الخ). والظاهر ان القول الاول للعلامة ومن بعده، والثانى للشيخ ومن بعده، ويكون العكس سهوا من قلمه الشريف، فراجع. قوله (قدس سره): (والحق ان الشرط الغير المقدور من حيث هو غير مقدور، لا يوجب تعذر التسليم - الخ -). فانه يتمكن من تسليمه إذا حصل اتفاقا. نعم ما لا يكون حاصلا في الحال. ولا مقدورا عليه في الاستقبال، لا يكاد يتعلق تعلق الاشتراط به. نعم لا يبعد ان يكون حال ما يعلم حصوله في الاستقبال، حال الحاصل في


[ 250 ]

الحال، في اشتراطه، والالتزام به، فتدبر. قوله (قدس سره): (لعموم الادلة السالم عن معارضة ما يخصص 1 عدا وجوه - الخ -). لا يخفى انه مع فساد الشرط، وعدم امضائه العقد الخاص المشروط، انما يكون شك في خياره رأسا، من جهة الشك في ان هذا العقد الخاص كان في الحقيقة عقدا على اثنين، كانه كان عقدين، أو لم يكن عقدا، الا على واحد، كما إذا لم يكن شرط في البين. فيكون الشك في المقام في تحقق فرد العام، فلا يجدى فيه العموم في دليل حكم العام، ضرورة انه يجدى فيما إذا كان الشك في ثبوت حكمه لفرد من افراده ويأتى ان شاء الله تعالى نحقيق حاله، وما يمكن ان يقال في وجه انحلاله، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (ولذا اعترف في جامع المقاصد بان في الفرق - الخ -). لا يخفى وضوح الفرق بينهما، فان تحليل العقد، وان مضمونه بحسب القصد، هو تمليك كل جزء من المثمن بازاء ما يخصه من جزء الثمن، كما هو قضية المقابلة بينهما، واضح فيؤثر العقد فيما قابل للتمليك والتملك بينهما، ويبطل فيما لا يقبل لهما. وهذا بخلاف الشرط، فان العقد قد تعلق بالخاص وهو المشترى، ومع عدم فساد الشرط فلا يكون العقد ابتداء متعلقا بالفاقد. ولابد في دعوى تعلقه به، من دعوى تعلق القصد به ثانيا، وهو وان كان ممكنا، الا أن ثبوت بحسب القصد، واثباته بحسب دلالة لفظ العقد في هذا الباب، ليس بينا كذاك الباب، كما لا يخفى على ذوى البصائر والالباب. وبذلك انقدح انه لا يكفى للمستدل بالعمومات، مجرد المنع، لوضوح ان قضية الاشتراط هو الارتباط بين التراضي بالتجارة والشرط، وانه لا يكون بدون تراضى، بل لابد له من اثبات تعدد القصد في العقد، وان التقييد بالشرط انما يكون في المرتبة العليا منه، لا انه مرتبة واحدة وهى مقيده، كى


ص 250 * 1 - في المصدر:... عن معارضة ما يخصصه عدا وجوه.

[ 251 ]

ينتفى رأسا بانتفاء قيده، فافهم. قوله (قدس سره): (وحل ذلك ان القيود المأخوذة في المطلوبات العرفية 1 ما هو ركن المطلوب - الخ -). فإذا صار شئ متعلقا للطلب أو للعقد بتلك القيود، فالفاقد لو احد منها لا يكون متعلقا لها اصلا، ولو فرض انه احيانا مما تطلق به القصد، وان لم يكن بتمام المقصود، لما كانت صيغتهما وافية باثباته، بل لابد من نصب دلالة عليه متصلة بصيغتهما لو اريد انشاء طلبه، أو عقده بصيغة واحدة، والا فلابد من طلب أو عقد اخر، بصيغة اخرى، كما لا يخفى. وهذا بخلاف ما إذا لم يكن القيد ركنا له، فان كونه كذلك نوعا، قرينة عرفا على ان المنشأ بصيغة كل منهما شيئان، طلب الواجد إن كان، والا فطلب الفاقد وهكذا العقد مع صورتي الوجدان والفقدان، بحيث لو فرض ان احد ما ارادا الواجد، وان الفاقد ليس متعلقا لقصده، اصلا، فلا محيص له عن نصب دلالة على ذلك، والا كانت صيغة كل منهما لاجل الاحتفاف بتلك القرينة النوعية، ظاهرة في تعدد المطلوب، والعرف يحكم فيه بكون الفاقد ايضا بالصيغة مطلوب. فافهم. قوله (قدس سره): (فان العرف يحكم في هذه الموارد بكون الفاقد نفس المطلوب - الخ -). حق العبارة ان يقال: يكون الفاقد ايضا مطلوب، لما عرفت، وتعبيره يوهم ان صحة العقد في صورة الفقد لحكم العرف، باتحاد الفاقد، مع ما هو متعلق العقد من الواجد، مع عدم حكم العرف به، وعدم جدوية في الحكم بالصحة بعد عدم تعلقه الا بالواجد، ومسامحة العرف في حكمه، فلا محيص في الحكم بالصحة عن دعوى تعلقه بالاثنين، وان للمقصود منه مرتبتين، فتأمل جيدا.


ص 251 * وفى المصدر: في المطلوبات العرفية والشرعية منهاما هو ركن المطلوب.

[ 252 ]

قوله (قدس سره): (والظاهر ان الشرط من هذا القبيل - الخ -). كون الشرط مطلقا من هذا القبيل مشكل، فانه ربما كان ركنا لمشروطه، بحيث لولاة لما تعلق به القصد والعقد اصلا، فلابد في تعيين انه من احد القبيلين، من التماس قرينة من حال أو مقال دلت على ان المتعاقدين قصدا بعقدهما واحدا أو اثنين، وبدونهما يعامل معه كما إذا علم انهما لم يقصدا الا واحدا، لعدم احرازه انعقاده، مع فساده للشك في القصد والدلالة عليه، بحسب متفاهم العرف التى لابد منها في تحقق العقد، بداهة عدم تحققه بدونها بمجرد القصد، فافهم. قوله (قدس سره): (وادلة نفى الضرر، قد تقدم غير مرة انه لا تصلح - الخ -). مع انه يمكن ان يقال، لا يكون مجال لتوهم الخيار، الا فيما إذا قصد المتعاقدان العقد على العوضين مع فساد الشرط ايضا، ومعه كان منهما الاقدام على الضرر، ومعه لا يكون محل القاعدة نفى الضرر والضرار، ليوجب ثبوت الخيار، فتأمل. قوله (قدس سره): (لان المعلوم اجمالا، انه لو عمل بعمومها - الخ -). فيكشف هذا عن كثرة ورود التخصيص عليها، فلا يجوز العلم بها. ان قلت: على هذا يلزم عدم جواز العمل بها، ولو اعتضدت بعمل جماعة من الاعلام، لطرو الاجمال عليها، لاجل العلم الاجمالي بتخصيصها كثيرا. قلت: انما علم اجمالا بذلك في غير موارد العمل، فلا يكون مورده من اطرافه، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (فان اعتبارهما معا في الصحة، يقتضى كون تخلف احدهما كافيا في البطلان الخ -). فان البطلان عدم الصحة، ولعل توهم عدم الكفاية، لاجل توهم كونهما ضدين وامرين وجوديين. فتأمل.


[ 253 ]

قوله (قدس سره): (إذا اوقعا العقد المجرد على النحو الذى يوقعانه مقترنا بالشرط - الخ -). بان يريدا من اللفظ الدال على المشروط، المعنى المبهم القابل للاطلاق والتقييد، وأرادا تقييده بما اشترطاه خارج العقد. قوله (قدس سره): (لعدم الاقدام على العقد مقيدا - الخ -). والاقدام وعليه مطلقا، ويمكن ان يكون مثله، صورة طرو النسيان في محل ذكر الشرط، مع كونه مطلقا، لعدم ذكر شرط، كما إذا له في هذا المحل واطلق، لعدم ذكر شرط، كما إذا كان من الاول، بصدد الاطلاق، ان لم نقل باعتبار قصد الاطلاق أو التقييد من الاول. وقد انقدح بذلك ان هذه الصورة انما لحق بتارك ذكر الشرط عمدا، تعويلا على التواطوء السابق، فيما إذا لم يصير بصدد الاطلاق، بعدم ذكر الشرط، كما إذا بدا له ذلك البناء على التقييد قبل هذا المحل، بل كان باقيا على الاشتراط، فتأمل. قوله (قدس سره): (ليصدق انه مما ترك الميت - الخ -). ربما يشكل بعدم صدق انه مما تركه الميت في الحق فان الحق عبارة عن اعتبار خاص منتزع عن منشاء انتزاع مخصوص، كالملكية، فوزانه ليس وزان الملك، بل الملكية، فكما لا يصدق ما تركه على المكلية، بل على الملك بانقطاع ما كان للميت من العلاقة وتركه بلا اضافة الملكية له، كذلك لا يصدق على الحق بانقطاعه بنفسه كالملكية، وانتفائه بارتفاع طرفه وموضوعه لتقوم الاعراض، والاعتبارات، والاضافات بالاطراف والموضوعات، فافهم فانه لا يخلو عن دقة. قوله (قدس ره): (ويضعفه ان حق الخيار علقة في الملك المنتقل إلى الغير - الخ -). ويضعفه ان الخيار علقة في العقد من حيث التسلط على فسخه وامضائه، غاية الامر اثر الفسخ رجوع كل من العوضين إلى ما انتقل عند أو وارثه، كما في الأجنبي، فانه ايضا مسلط على فسخ العقد وامضائه، واثر


[ 254 ]

فسخه، رجوع العوضين إلى ما انتقلا عنه، من دون تعلق حق بنفس الملك المنتقل إلى الغير اصلا، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (ويمكن دفعه بان ملك بايع الارض للثمن - الخ -). فيه ان يكون ملك بايع الارض للثمن متزلزلا، وفى معرض الانتقال إلى جميع الورثة، بفسخ المورث ذى الخيار، لا يقتضى ثبوت حق للزوجة، لو قيل بان الخيار فيما انتقل عنه، من حيث تسلطه على رد ما في يده، ليملك ما انتقل عنه بازائه، فلا يمكن الدفع الا بما عرفت، من منع كون الخيار حقا في الملك المنتقل عنه، بل في العقد، فقد تركه ذو الخيار، فلو ارثه ومنه الزوجة. قوله (قدس سره): (الثالث: استحقاق مجموع الورثة لمجموع الخيار - الخ -). لا يخفى ان اضافة لفظ المجموع إلى الخيار وهو واحد، لا يخلو عن استهجان، لو لم يكن لاجل المشاكلة مع مجموع الورثة. فافهم. قوله (قدس سره): (فالمتيقن من مفادها، هو ثبوت الخيار الواحد الشخصي للمجموع - الخ -). بل الظاهر منها، وذلك لان حق الخيار الشخصي الذى كان للميت، وان كان بحسب الدقة يستحيل ان يبقى، لما اشرنا إليه. وما للورثة من الخيار، كان في الحقيقة خيار اخر، إلا انه ثبت لهم بعنوان انه ذاك الخيار الذى كان ثابتا لذى الخيار، وقد تركه بموته، فالورثة باجمعهم يقوم مقام ذاك الواحد، في صيرورتهم طرفا لذاك الحق الواحد، وقضية عدم التخاير من اختيار الفسخ أو الامضاء الا باجتماعهم عليه. وبالجملة يكون ظاهر دليل الارث، صيرورة ما كان للميت من الخيار الواحد، لمجموع الورثة، كما إذا جعل خيار واحد للاجنبين، أو المتبايعين على التوافق، لا الاستقلال بالتخاير. قوله (قدس سره): (فان النص قد دل على انه لا يسقط بعفو احد الشريكين - الخ -). لا يخفى ان قضية كون حق واحد للاثنين على التوافق، ولو كان


[ 255 ]

لكل واحد اسقاطه، لم يكن على نحو التوافق، بل بالاستقلال. نعم كان لكل منهما إسقاطه ماله، فيختص بالاخر، فان الاشتراك انما يمنعه عما ينافى مع حق شريكه، ما كان لذى الحق لولاة، واسقاطه ماله منه اصلا، كما لا يخفى. فيكون الخاص النص الدال على عدم سقوط حق القذف 1، وحق القصاص 2 بعفو بعض الشركاء، وكذا حكم المشهود بعدم سقوط حق الشفعة بعفو بعض الورثة على القاعدة، وقضية كون حق واحد لاثنين، فكل واحد من الورثة، وان كان ليس له التخاير، لا الفسخ، ولا الامضاء، ولا إسقاط اصل الخيار، الا ان له إسقاط ماله منه فيصير كانه لم يرث الخيار، فيختص به الباقي، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ويمكن ان يفرق بالضرر - الخ -). قد عرفت انه لا فرق بينهما، وان الحكم بذلك على القاعدة، مع ان الضرر لو كان، لكان هو السبب للحكم في باب الشفعة والقصاص، فليكن سببا في هذا الباب، ولعله اشار إليه بامره بالتأمل، فتأمل. قوله (قدس سره): (وحاصله انه متى فسخ احدهم واجاز الاخر لغى الفسخ - الخ -). وكذا لغى الاجازة، ويبقى الخيار، كما إذا لم يكن هناك فسخ ولا إجازة. وذلك لما عرفت في اول الخيارات، من ان الاجازة يكون احد طرفي التخاير الذى هو قضية الخيار، نعم على ما اختاره - قده - كانت الاجازة من احدهم اسقاطا لحقه، فيختص الخيار الباقي، كما عرفت، من تأثير اسقاطه، سقوط ماله منه. فتدبر. قوله (قدس سره): (ومن انهم قائمون مقام الميت في الفسخ برد الثمن أو بدله - الخ -). لا يخفى ان الورثة بعد الفسخ يتلقون من الميت بالفسخ، ما انتقل عنه


ص 255 * 1 - وسائل الشيعة: 18 / 456 - ب 22 - ح 2. 2 - وسائل الشيعة: 19 / 85 - ب 54 - ح 1 و 2.

[ 256 ]

بالبيع، لا عن المفسوخ عليه، فلابد من اعتبار انتقال بدله منه إليه، لا منهم. وبالجملة كما يكون الانتقال إلى الميت بالفسخ من المفسوخ عليه، فلابد من ان يكون بعوض ما انتقل إليه بالبيع، لا بعوض اخر، والا لم يكن فسخا، بل معاوضة جديدة، كما لا يخفى. وقياس ارث الخيار، على ارث حق الشفعة، قياس مع الفارق، ضرورة انه لا مقتضى في الاخذ بها، كون المال من المورث اصلا، فان المأخوذ بالشفعة انما يتلقاه الوارث من المشترى، لا من الميت، وان كان تلقى منه حقها، كما لا يخفى، بخلاف الخيار، فان قضية الفسخ، وتلقى الورثة للمال من الميت، كما عرفت هو ذلك. وقد انقدح بذلك، ما هو اوجه الوجهين اللذين ذكرهما فيما فرعه على هذا، وان الاظهر في الفرعين هو كون ولاية الوارث، كولاية الولى، من جهة انه ليس لواحد من طرفي النقل والانتقال الحاصلين بالفسخ ابتداء، وان كان ينتقل إليه ما انتقل إلى الميت ثاينا بالارث. والسيرة لو سلم انها جرت بما ذكره، لا شهادة فيها اصلا، لعدم لزوم اداء ديون الميت من مال مخصوص، الا ان يريد عدم إلتزامهم بالاداء لا منه، ولا من غيره، وهو كما ترى، مع عدم شرايط الاعتباري فيها، كما لا يخفى. والمسألة واضحة ان شاء الله لمن تأمل فيما اشرنا إليه، فتأمل تعرف. قوله (قدس سره): (ومن ان الظاهر الجعل أو محتمله، مدخلية نفس الاصيل 1 - الخ -). لا يخفى انه على هذا يكون النزاع صغرويا، وعلى الوجهين الاولين يكون كبرويا، فلابد من جعل محل النزاع في المسألة، اعم منهما، وإلا فلا تأتى لهذا الوجه، أو الاولين منها. فافهم. قوله (قدس سره): (لكن الامر هيهنا اسهل، بناء على ان ذى الخيار إذا تصرف - الخ -). لا يخفى ان البحث هيهنا في مقامين: (احدهما): ان الفسخ لما كان


ص 256 * 1 - وفى الصمدر:... مدخلية نفس الاجنبي.

[ 257 ]

امر تسبيبا، هل يكفى في حصوله الفعل، أو لابد فيه من القول، وهذا بخلاف الاجازة، فإنها ليست إلا نفس الرضاء والامضاء، فيمكن القول بحصولها بالفعل الكاشف عن الرضاء دونه، وان كان الاقوى كفاية الفعل فيه ايضا. (ثانيها): دلالة تصرف ذى الخيار فيما انتقل عنه أو إليه، بما لا يجوز الا للمالك على الفسخ، أو الرضاء. اما دلالة التصرف فيما انتقل إليه على الرضاء، فعله لعدم الانفكاك مثله عادة عن قصد ترتيب الاثر على البيع أو الشراء، وقصد انه تصرف في ملكه الحاصل ببيعه أو شرائه، وهذا عين الرضاء به. وهذا بخلاف التصرف فيما انتقل عنه، فانه كما يمكن وقوعه بعنوان الفسخ، يمكن وقوعه عدوانا، أو فضولا، أو بشاهد الحال، أو غفلة عن انتقاله عنه. وحمل فعل المسلم على الصحيح، لا يقتضى الا ترتيب اثر الصحيح شرعا عليه، لا اثر ما يتوقف عليه صحته، كما حقق في محله. وظهور الافعال في عدم الفضولية، أو كونها مع عدم الغفلة، لو سلم، فلا دليل على اعتباره. واصالة عدم الخطاء في الاقوال والافعال، لا يقتضى الا عدم صدورها خطاء بحيث لولا الخطاء لما صدرت، لا عدم صدورها عن قصد مع الغفلة عما لولاها، لربما صدرت ايضا، وكذا الحال في اصالة عدم شاهد الحال، فانها لا تثبت ان التصرف بقصد الفسخ، ولو على القول بالاصل المثبت. فانقدح بذلك ان الامر هيهنا، اشكل من حيث الصغرى والكبرى، فلابد في الحكم الفسخ من كون الفعل مكتفا بقراين مفيدة لوقوعه فسخا، وبدونها لا يحكم به، لعدم احراز قصده، بل يمكن دعوى عدم حصوله في هذه الصورة، ولو مع قصده لاعتبار الدلالة في حصوله، وعدم كفاية قصده، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (ومن المعلوم انه لا يصان عنه الا إذا وقع - الخ -). يمكن ان يقال: انه على السببية لما كان الفسخ مؤخرا عن الفعل ذاتا ومقارنا له زمانا، كانت هذه المقارنة الزمانية كافية في صيانة فعل المسلم، إذا لا يعتبر في صحته الا وقوعه في حال الملك، ودعدم وقوعه قبله زمانا،


[ 258 ]

لا ذاتا، كيف، وإلا يلزم على الكشف حصول الفسخ بمجرد قصده السابق، وهو لا يكاد يحصل، وان حصله به الامضاء، لما عرفت انه نفس الرضاء بالبيع أو الشراء، وانه مما يحصل بالمعاشرة، بخلاف الفسخ، فانه لا يكاد يحصل، الا بالتسبيب. فانقدح انه لا ملازمة بين حصول الامضاء بمجرد قصده والرضاء، وبين حصول الفسخ بمجرد القصد والرضاء. فلا تغفل. قوله (قدس سره): (والبناء على كونه منفسخا من دون ان يدل عليها بفعل مقارن له - الخ -). لا يخفى ان اعتبار دلالة الفعل على الفسخ في حصوله، لا يكاد يصح، الا على السببية، غاية الامر حصوله بالتصرف بنحو الشرط المتأخر من قبل وقوعه، فمع الالتزام بما اتفقوا عليه، لا محيص عن الالتزام بها، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (لان الفعل لا إنشاء فيه - الخ -). لا يحتاج الانشاء إلى زيادة مؤونة، فإذا اختار الفسخ، واراده بتصرفه الدال عليه، حصل كما يحصل بإرادته بلفظ يدل عليه، كما لا شبهة في حصوله بالاشارة والكتابة، وهما ايضا من الافعال. وما حكاه من العلامة في بعض مواضع التذكرة، لا دلالة على الكشف بوجه، لملائمته بكلا وجهيه من السببية، لما عرفت من ان عود الملك بالتصرف على السببية بنحو الشرط المتأحر بكون قبيل التصرفات. فافهم. قوله (قدس سره): (ولو قلنا بحصوله بنفس الافعال، فينبغي عدم صحة التصرفات المذكورة - الخ). قد عرفت مصادفتها لملك العاقد زمانا بكلا الوجهين في اعتبارها ودخلها، من كونه بنحو الشرط المتقدم، أو الشرط المتأخر. قوله (قدس سره): (لان صحة العقد حينئذ يتوقف على تقدم ملك العاقد 1 - الخ -). بل يكفى مقارنته زمانا، وقد عرفت ان التقدم يكون على نحو السببية


ص 258 * 1 - وفى المصدر:.. يتوقف على تقدم تملك العاقد.

[ 259 ]

بنحو الشرط المتأخر، كما هو لازم ما اعترف به - قدس سره - مما اتفقوا عليه من عدم حصول الفسخ بمجرد القصد، من إرادة دلالة الفعل عليه، كما اشرنا إليه، تأمل تعرف. قوله (قدس سره): (وإلا لزم تقدم وجود المسبب على السبب - الخ -). لا بأس بتقدمه عليه، ولا ينخرم به القاعدة العقلية، لما حققناه في الفضولي، من ان السببية، والمسببية، حقيقة في الملك، ونحوها من الاحكام، وساير الاعتبارات، بين الاعتبارات الطارية، واعتبار ما يكون اعتباره مصححا لها، ويصح بلحاظ انتزاعها، أو موجبا لحسن موضوع، أو قبحه المتتبعين للحكم عليه، بإباحة، أو تحريم، أو ايجاب، أو استحباب، فراجع هناك، وإن اردت زيادة بيان فعليك بالفوائد فراجع. قوله (قدس سره): (فالوطي المحصل للفسخ، لا يكون بتمامه حلالا - الخ -). قد عرفت امكان ان يقال: انه يكون بتمامه حلالا، لاقترانه مع الملكية في الزمان، وان تقدم عليها ذاتا. فقد انقدح بذلك التوفيق بين حلية الوطى بتمامه، وحصول الفسخ به، لا حصوله بالقصد قبله، لوقوعه مع ذلك بتمامه في الحال الملك، فافهم. قوله (قدس سره): (وفيه ان عتق العبد موقوف على عدم عتق الجارية - الخ -). يمكن ان يقال: ان امضاء العقد، لما كان بمجرد الرضاء السابق المنكشف بصيغة عتق العبد، بخلاف الفسخ، فانه يكون بنفس الفعل، كما عرفت مفصلا، كان الامضاء سابقا على الفسخ، فلا يبقى مجال لنفوذ عتق الجارية، فلا يزاحم به عتق العبد الواقع في الحقيقة بعد الامضاء، ولا مزاحم آخر. فتدبر. قوله (قدس سره): (فان الثابت من الخيار 1، الفسخ بعد ملاحظة جواز


ص 259 * 1 - وفى المصدر: فان الثابت من خيار الفسخ.

[ 260 ]

التفاسخ - الخ -). يمكن ان يقال: ان الخيار وان كان متعلقا بالعقد، لا بالعين الا ان قضية الفسخ كما عرفت، لما كان هو رجوع كل من العوضين إلى من انتقل عنه، كان جواز الفسخ بحسب الخيار، مانعا عن جواز كل تصرف يمنع معه الرجوع. نعم لو دل دليل خاص على هذا التصرف، لدل على ان احد طرفي الخيار، وهو الفسخ، يكون بالمعنى الاعم من الفسخ الحقيقي، وحينئذ لابد من اعتبار رجوع العين وتقدير ملكه لمن انتقل عنه، ليصح الانتقال إلى البدل، وإلا لم يكن الفسخ فسخا اصلا، بل معاوضة جديدة كما لا يخفى. وعليه لا يجوز التصرفات الناقلة. واما التصرف المتلف، فيمكن ان يقال: انه لا ينافى الفسخ، فان التالف يرجع إلى من انتقل عنه، ويصير حاله معه، حاله مع المنتقل إليه قبل الفسخ، بحيث لو وجد على خلاف العادة، كان ملكا له، وقد علم منه حال التصرف المخرج له عن المالية كما إذا تصرف في الخل بما ينقلب معه حمزا لغرض صحيح، حيث يرجع إليه بالفسخ، كما إذا لم ينقلب، غاية الامر، لا يكون قابلا لاضافة الملكية، فيصير له حق الاختصاص. فافهم. وقد ظهر بذلك حال الوطى في زمان الخيار، وانه لا يجوز بناء على ان الاستيلاد يمنع من رد العين، وكذا حال الاجارة، وانها يجوز لعدم منعها عن الفسخ، تأمل في المقام. قوله (قدس سره): (لان اخذ البدل بالفسخ، فرع تلف العين في حال حلول الحق فيه، لا مع سقوطه عنه - الخ -). لا يخفى انه لا يخلو عن مصادرة، فانه لا وجه لسقوط الحق عن العين، بناء على ان الفسخ حقيقة يكون مع انتقال العين إلى الغير، كما يظهر منه - قده -، واثره الانتقال إلى البدل، فان التصرف حينئذ لا يكون منافيا له، كيلا يبقى مجال له، مع وقوعه عن اذن ذى الخيار. نعم بناء على ان الفسخ الحقيقي لا يكون معه، كما عرفت فيما مر غير مرة، لا يبقى مجال له معه. ومن هنا انقدح انه لا وجه لسقوط الخيار بمجرد الاذن فيه قبل


[ 261 ]

صدوره اصلا، الا على الوجه الاول. فتأمل. قوله (قدس سره): (لعموم احل الله البيع 1، واكل المال 2 - الخ -). قد مر غير مرة بان مثل " احل الله البيع " في بيان تحليل حقيقة البيع في قبال حقيقة الربا، لا بصدد بيان إنفاذ السبب، مع انه لو كان بهذا الصدد، لا إطلاق فيه. بل انما كان بصدد بيان اعتبار عدم التفاضل في الاجناس الربوية، ردعا لقولهم " انما البيع مثل الربا 3 " كما لا يخفى. ومن هنا انقدح حال " الا ان تكون تجارة عن تراض " 4 حيث انه انما بصدد صرف الناس عن الاكل بالباطل الا الاكل بالحق، وهذا الاكل بالتجارة عن تراض. من دون ان يكون في بيان السبب، من انه لو كان المراد بالتجارة سببها، لا إطلاق فيها، لما عرفت من انه بصدد الصرف إلى هذا السبب، لا بصدد بيانه فافهم. قوله (قدس سره): (ويدل عليه لفظ الخيار في قولهم (ع) " البيعان بالخيار 5 " - الخ -). بناء على ظهوره في ملك الفسخ، بمعنى حل العقد المنعقد المؤثر في مضمونه، لكنه يمكن منع ظهوره، بل بمعنى ما كان للموجب قبل القبول من إبطال الايجاب. سلمنا انه بمعنى ملك فسخ العقد، لكنه ليس الا حله ورجوع الامر، كما كان قبله، كأنه لم يكن عقد في البين اصلا، فتأمل. قوله (قدس سره): (فحينئذ فيمكن ان يكون سؤال السائل 6 من جهة 7 ركوز مذهب الشيخ - الخ -). والظاهر أن سؤاله من جهة تخيل انه كيف يكون اشتراء ما كان له


ص 261 * 1 - البقرة: 275. 2 - النساء: 29. 3 - البقرة: 275. 4 - النساء: 29. 5 - وسائل الشيعة: 12 / 345 - ب 1 - ح 1.

[ 262 ]

وقد باعه. فتدبر. قوله (قدس سره): (توضيح الضعف ان مدلول العقد ليس هو الانتقال من حين العقد الخ -). وإلا لزم ان يكون الانتقال من حين الايجاب، فان القبول، هو قبول الايجاب ومطاوعته، لكنه ليس بمبهم، ومهمل، بل مطلق، ومرسل، قد لوحظ فيه الاطلاق والارسال، وان لم يعين لاوله ولا لاخره حد وزمان، كما مرفى الفضولي، وفى عقد المكره. فراجع. قوله (قدس سره): (وفيه انه لم يعلم من القائلين بتوقف الملك على انقضاء الخيار القول - الخ -). مع انه لو علم، فالظاهر من النبوى 1، كون مضمونه قاعدة جديدة على خلاف القواعد العامة، ولذا استدل به على عدم ضمان الغاصب للعين بمطلق منافعها، استوفاها، اولا. وقد مر للنبوي معنى اخر، فتذكر. قوله (قدس سره): (فيدل بضميمة قاعدة كون التلف عن المالك - الخ -). مضافا إلى قوله (عليه السلام) في صحيحة ابن سنان 2 " ويصير المبيع للمشترى " الظاهر في انه ليس له قبل الانقضاء، ان لم نقل بانه من المتعارف، سلب كون الشئ لاحد، إذا كان ملكه له في معرض الزوال، كما ربما يؤيده انه لا يبعد دعوى ظهور هذه الاخبار في مضمون جديد، على خلاف القواعد، لا بيان مجرد خسارة المال على ملكه، فتأمل جيدا.


ص 262 * 6 - وسائل الشيعة: 12 / 351 - ب 5 - ح 1. 7 - وفى المصدر: فحينئذ فيمكن ان يكون سؤال السائل بقوله اشترى متاعى من جهة ركوز مذهب الشيخ. 1 - التاج الجامع للاصول: 2 / 204 (كتاب البيوع). وسائل الشيعة 12 / 352 - ب 5 - ح 2.

[ 263 ]

قوله (قدس سره): (فان ظاهر قولهم: التلف في زمان الخيار - الخ -). لا دلالة لاضافة الضمان إلى الخيار، إلى كون الزمان، الزمان الذى هو حد الخيار وأمده، كى يكون الخيار زمانيا، بل الزمان الذى يكون فيه الخيار، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (مضافا الى استصحاب ضمان المشترى له الثابت قبل القبض - الخ -). هذا بناء على ضمان المشترى قبل قبض الثمن، كالبايع للمثمن قبل قبضه، كما سيجئ. وكون الزمان في زمن الخيار، بمعنى الضمان قبل التلف، وفيه بحث، كما يأتي وإلا فلا مجال للاستصحاب، لعدم الحالة السابقة، أو لارتفاعها جزما، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (مدفوع بما اشرنا سابقا من منع ذلك - الخ -). وان شرط رد الثمن، أو مثله، انما هو شرط التخاير، لا الخيار، لكنه لا يخفى انه يختلف بحسب ما تقاولا عليه وتراضيا من الشرط، وإلا فالشرط صالح لان يكون لنفس الخيار ايضا، فافهم. قوله (قدس سره): (ودخول الفرد في ملك المشترى، لا يستلزم انفساخ العقد - الخ -). فيما إذا تلف في زمن خياره غايته انه يستلزم ان يكون حاله كما إذا لم يدخل في ملك المشترى، فيبقى الكلى الذى هو محط العقد على حاله، هذا، لكنه يمكن ان يقال: ان الكلى بعد إنطباقه على الفرد، وتعينه في الخارج في ضمنه، صار المبيع بذلك شخصا خارجيا، كان العقد وقع عليه، فإذا كانت قضية قاعدة التلف في زمن الخيار، انفساخ العقد في بيع الشخصي كانت قضيتها ذلك في بيع الكلى، حيث كان تلفه على من انتقل عنه، كما إذا لم يكن هناك بيع، لا كما إذا لم يكن قبض، ضرورة ان الكلى بعدما عين في الخارج، وفرغت الذمة عنه، وتلف الفرد المنطبق عليه المبيع الكلى من مال من انتقل عنه، كما هو قضية القاعدة، حسب الفرض، لا يكاد يوجد هناك موجب لاشتغال الذمة به ثانيا، كى يكون العقد باقيا على حاله، ولعله اشار


[ 264 ]

إليه بامره بالتأمل، فتأمل. قوله (قدس سره): (ان هذا ظاهر الاخبار المتقدمة الدالة على ضمان البايع 1 - الخ -). لا يخفى ان ظاهر لفظ الضمان في بعض تلك الاخبار، ظاهر في كون المبيع على عهدة البايع في مدة خيار المشترى، كما هو المتعارف منه في غير مورد من موارد قواعده من اليد، والاتلاف والتغرير، وقاعدة عدم ضمان الشخص لما يتلف في ملك مالكه، ليس قضيتها الا ان الاصل عدم ضمانه له بلا موجب، وتلك الاخبار دلت على ان الشراء بالخيار، يكون موجبا له، كدليل اليد، والاتلاف والتغرير، فلا يكون الضمان بسببه مخالفا لهذه القاعدة اصلا مثل دليلها، فافهم. وقاعدة التلازم بين الضمان والخراج ايضا، لو سلمت بمعنى ينفع الخصم، كانت مثل القاعدة السابقة، في ان خسارة المال على مالكه، كما أن منافعه له في نفسه، لو لم يكن هناك ما يوجب ان يكون خسارته على غيره، أو منافعه له، وذلك لا ينافى التفكيك بينهما، بموجب دل دليله، إما على انه يوجب كون خسارته على الغير، أو منافعه له، كادلة موجبات الضمان، أو دليل نفوذ مثل عقد الاجارة، وقد عرفت ان تلك الاخبار 1 تدل على ضمان البايع، لمال المشترى في زمان الخيار، وكون التلف في زمانه، موجب لضمانه، مع انه مخالفة هذه القاعدة لازمة لا محالة. وتقدير كون المبيع في ملك البايع اناما، مع انه مخالف للاصل، لا يكاد يصار إليه الا بالحجة، ولو كان هو الجمع بين القاعدتين اللتين لا يكاد يوفق بينهما، إلا بذلك، وليس هيهنا مثل ذلك، لما عرفت من ان النسبة بين تلك الاخبار والقاعدتين، هو النسبة بين الدليل والاصل، لا يجدى في رفع المخالفة لقاعدة التلازم، ضرورة ان الضمان الذى هو عبارة عن مفاد قضية شرطية، لو تلف كانت عليه خسارته في تمام الزمان، وتقدير الملك انما هو في الآن، فالتفكيك كان بين الضمان


ص 264 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 355 - ب 8.

[ 265 ]

والمنافع في غير الان من زمان الخيار. نعم لو فرض له منافع في ذاك الان، وقيل بانه للبايع، حينئذ، لم يكن تفكيك بينهما فيه هذا المقدار، فلا يكاد يجدى القول بانفساخ المعاملة، مع انه على خلاف القاعدة في عدم انحزام القاعدة. نعم انما يجدى في عدم انحزام قاعدة عدم ضمان الشخص لما يتلف في ملك غيره، وقد عرفت انه ليس الا من قبيل الاصل المخرج عنه بتلك الاخبار، فكيف صح الالتزام بالانفساخ على خلاف القاعدة، لمراعات مثله. ومما يؤيد ان الضمان في الاخبار، يكون بمعنى العهدة لمال الغير، كما في غير مورد من الموارد، لا بمعنى انفساخ العقد، وتلفه من مالكه، شمول هذا الاخبار بالعموم، كما هو صريح بعضها لتلف بعض الصفات، كالصحة في زمن الخيار، مع انه لا معنى لانفساخ العقد فيها، لما عرفت من عدم كون شئ من الثمن بازائها، وان كان بملاحظتها يزداد فيه، كما لا يخفى، فتأمل. جيدا. قوله (قدس سره): (وعلى التقديرين في ضمان 1 المتلف - الخ -). الا أنه على التقدير الثاني، لا يكون ضامنا للفاسخ، لعدم كونه ملكا له في ذاك الحال، بل ملكا لغير ذى الخيار، فيكون ضامنا له، فلا وجه لرجوع الفاسخ إليه الا بضميمة ما ذكره اولا، كما لا يخفى. وعلى التقدير الاول، وان كان ضمان المتلف بالفسخ يصير له بعد ما كان لغيره، الا انه لا وجه لهذا التقدير اصلا، فان الفسخ من حينه، وقضيته انما هو رجوع ما انتقل عنه إلى الاخر بعينه أو ببدله منه إليه، وبالعكس، بان يكون كل واحد متلقيا عن الاخر، لا عن الغير، وبذلك ظهر فساد ما ذكره اولا، كما يشير إليه، فافهم. قوله (قدس سره): (لان الخيار كما عرفت، عبارة عن ملك فسخ العقد - الخ -).


ص 265 * 1 - وفى المصدر: وعلى التقديرين فهو في ضمان المتلف.

[ 266 ]

الخيار فان كان في لسان الاصحاب، هو ذلك. إلا انه المراد من لفظ الخيار في الاخبار، غير معلوم لاحتمال ان يراد به فيها، جواز استرداد العين بالفسخ فيشكل التمسك بمثل " البيعان بالخيار " 1 ولا مجال للاستصحاب بعد التلف اصلا، لعدم ثبوت الفرد والكلى، وان ثبت، الا ان استصحابه لا يجدى الا على القول بالاصل المثبت، حيث ان جواز الفسخ بعد التلف ليس من آثاره، بل من آثار فرده. قوله (قدس سره): (لانها كانت مضمونة قبل الفسخ - الخ -). ظاهر العبارة، كما هو صريح ساير العبارات، انه - قده - اراد من الضمان قبل الفسخ، ضمان اليد، وأنت خبير بانه ليس ضمان ما صار إلى كل من المتبايعين من العوضين، ضمان يد، بل هو ضمان معاوضة بمعنى خسارته عليه، وتلفه من ماله بعوض ما انتقل عنه بالعقد إلى الاخر، وصار خسارته عليه كذلك، وبالفسخ قد ارتفع ذاك الضمان قطعا، فلا مجال لاستصحابه، فلو كان للفاسخ يد عليه حين الفسخ، فعموم " على اليد " 2 مقتضى لضمانه فيما إذا لم يكن التخلية بينه وبين المفسوخ عليه، والا كان امانة شرعية، حيث كان حفظه حينئذ، مجرد احسان إليه، فتأمل. قوله (قدس سره): (وقوى الشهيد الثاني ثبوت الخيار مع الاطلاق ايضا - الخ -). وجهه ان الاطلاق ايضا يقتضى التعجيل مثل اشتراطه، وفيه ان وجوب الخروج عن العهدة مع المطالبة في صورة الاطلاق انما هو آثار المكلية المطلقة الحاصلة بالعقد واحكامه فالتأخير مع المطالبة، انما هو مجرد مخالفة تكليف، كما إذا غصب ما باعه، لا التخلف عن حق ثابت للغير، في عوض الملكية الثابتة له بنفس العقد، كما في صورة الاشتراط، فلا يكون تخلف الشرط، الا في هذه الصورة.


ص 266 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 345 - ب 1 - ح 1. 2 - مستدرك الوسائل: 3 / 145.

[ 267 ]

ومن هنا ظهر ان شرط التعجيل لا يخلو عن تأسيس، وانما يكون مؤكدا بملاحظة وجوب الخروج عن العهدة معجلا مع المطالبة، فافهم. قوله (قدس سره): (ومن الاجل المضبوط وحلوله بموت المشترى، وهو اقرب - الخ -). لا يخفى ان حلول الاجل بالموت من احكام صحة البيع وآثارها، فلا يكاد يمكن ان يكون صحته بملاحظته اصلا. وبالجملة لابد ان يكون البيع في نفسه، غير سفهى، وجامعا للشرائط، وفاقدا للموانع، ليقع صحيحا، فترتب عليه احكامه وآثاره، فلا يجدى في ذلك حلول الدين بالموت، فما قربه بعيد جدا، وما ذكره - قده - في وجه اقر بيته انما يصح، لو كان البيع في نفسه غير سفهى، لا بملاحظة الحكم بالحلول، فتدبر جيدا. قوله (قدس سره): (حيث ان الشارع اسقط الاجل بالموت، والاشتراط المذكور، تصريح ببقائه بعده - الخ -). لا يخفى ان حكم الشارع بحلول الاجل، لا يكاد يكون الا فيما كان هناك بحسب الاشتراط اجل، فالاشتراط المذكور محقق لموضوع الحكم بالحلول، لا انه ينافيه ويكون على خلافه. نعم لو كان الشرط بقاء الاجل وعدم حلوله بالموت، كما جعله الشارع، كان على خلاف جلعه، فكان فاسدا، بل مفسدا، كيف والا لزم ذلك، ولو فيما إذا اشتراط ما يحتمل بقاء المشترى عادة، فيما إذا لم يبق ومات، بل مطلقا، كما لا يخفى على من تأمل. قوله (قدس سره): (ولو باع بثمن حالا، وبازيد منه مؤجلا - الخ -). يحتمل ان يقع ذلك على وجوه: احدها: الترديد بين ايجابين، ايجاب البيع نقدا بثمن، وإيجابه نسية بازيد منه، ليقبل المشترى احدهما. ولا يبعدى دعوى الاجماع على بطلانه، مضافا إلى ان الترديد بين الايجابين، مستلزم للترديد بين العوضين، والجهالة في انه بأيهما يقع التمليك، ويكون بمنزلة انه بعته بما اخترت من احد هذين الشيئين، والغرر والجهالة في مثله، مما لا يخفى.


[ 268 ]

ثانيها: إيقاعه نسية، مع اشتراط التنزيل، واسقاط شئ من الثمن على تقدير ادائه حالا، ولا ينبغى الاشكال في صحته لان الشرط امر سائغ، ولا يبعد تنزيل بعض الاخبار عليه. ثالثها: ايقاعه نقدا بثمن، مع اشتراط زيادة عليه، على تقدير عدم وفائه به إلى اجل كذا، ولا شبهة في بطلان الشرط، لانه من الربا، كما يأتي. واما البيع ففساده مبنى على كون فساد الشرط يفسد، وقد تقدم الكلام فيه، ولا يبعد أن يكون بعض الاخبار 1 الدالة على الاخذ باقل الثمنين وابعد الاجلين منزلا على ذلك، بان يكون المراد انه لا يلزم الا بالاقل، ولو لم يؤده الا في ابعد الاجلين. قوله (قدس سره): (بل هي في مقابل إسقاط البايع حقه من التعجيل - الخ -). قد عرفت ان التعجيل ليس بحق، بل وجوبه مع المطالبة من آثار الملكية الحاصلة بالعقد، فلا يسقط بالاسقاط مطلقا، بالعوض أو بدونه. وعليه وان لم يستحق البايع، الزيادة، الا انه له المطالبة. نعم يمكن توجيه كلام الشهيد - ره - بان يكون البيع بالاقل، وقد شرط في ضمنه الزيادة على المشترى، والتأخير له مع المطالبة، كل على حدة، فإذا فسد الشرط الاول لكونه الربا، بقى الشرط الاخر على حاله، لعدم الملازمة بينهما، كما لا يخفى، الا على القول بفساد العقد، لفساد شرطه، ولا يذهب عليك انه لا يرجع هذا إلى إسقاط حق المطالبة، بل هذا يكون قضية إشتراط التأخير له، فافهم. قوله (قدس سره): (ويمكن تعليل بان التأجيل كما هو حق للمشترى - الخ -). لا يخفى انه لا يساعد الشرع ولا العرف، على كون التأجيل منشاء لانتزاع إعتبار اخر غير المكلية، لما في ذمة المشترى مؤجلا، على ما هو ظاهر المشهور، أو الملكية بعد الاجل، كما هو المتحمل، غاية الامر حكم مثل هذا


ص 268 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 368 - ب 2 - ح 2.

[ 269 ]

المال، عدم وجوب قبوله على مالكه، كما لا يجوز له ممطالبته، وهو غير ثبوت حق له قابل للاسقاط والصلح، بل لا يساعدان على انتزاعه للمشترى ايضا، بل جواز تأخيره مع المطالبة إلى الاجل، حكم تعهده مؤجلا، ولذا يسقط باسقاطه. وبالجملة ثبوت حق في بين يحتاج إلى ثبوت موجب له، ولا دليل عليه، ومع الشك فالاصل عدمه، وجواز تأخيره معه المطالبة، كجواز عدم القبول مع التبرع بالدفع، لا دلالة على ثبوت الحق، لانهما اعم، واما الدليل على جواز عدم القبول مع ثبوت حق له في التأخير، فهو عدم دليل على لزومه. ومن هنا ظهر ما تعليلاتهم، لعدم السقوط بالاسقاط، بل وجهه ان جواز التأخير مع التأجيل، صرف الحكم لا يسقط باسقاط من له الحكم. ان قلت، كيف ذا، والتأجيل بجعله وشرطه، والشرط قابل لذلك، إلى السقوط بالاسقاط، والا لما سقط الخيار الحاصل بالشرط. قلت: نفس الاشتراط لا يكاد يسقط الا باسقاط المشترك لخروجه عن تحت قدرته، لمكان " المؤمنون عند شروطهم " 1، ولا بإسقاط المشترط له، لعدم سلطنته لاحد على حد إلتزام غيره بعقد أو شرط. نعم ان كان المشروط حق، كان له إسقاط ذاك الحق، كما انه كان بالشرط له، ملك عين، أو عمل، أو دين، كان له ذاك، ويترتب ماله من أحكامه وآثاره. وهيهنا بالشرط صار له نفس التأخير، فجاز له تركه، والتبرع بالتعجيل، لاحقه، كى جاز له إسقاط، مع امكانه منع كون التأجيل بشرط في ضمن البيع، بل البيع نسية نحو من البيع، خصوصا لو قيل بما اشرنا إليه من الاحتمال. ثم لا يخفى انه لا ينافى ذلك إشتراط شئ في ضمن عقد اخر، كان اثر، وجوب التعجيل مع المطالبة. فتدبر. قوله (قدس سره): (اما لو تقابلا في الاجل، فانه يصح - الخ -). بل لا يصح، فانه راجع إلى ان يكون ما اوقعاه من نحو البيع نحو اخر،


ص 269 * 1 - مستدرك الوسائل: 2 / 473.

[ 270 ]

لما عرفت من منع كون الاجل شرطا في البيع، بل يكون حدا له، ومن مخصصاته نوعا أو صنفا، مع منع جريان التقايل في الشرط، وكون التقايل بمعنى اسقاطهما مالهما من الحق، كما يأتي منه - قده -، فيه ما ذكرنا انه ليس هناك حق قابل للاسقاط اصلا. قوله (قدس سره): (فلا يقود الحق باسقاط التأجيل - الخ -). فيه انه يمكن ان يقال، لو سلم فقضيته ليس الا عدم إعادة حق المطالبة الساقط بإسقاطه، لا جوازها الذى هو صرف حكم، فانه غير ساقط، وانما لم يكن لانتفاء موضوعه، وبإسقاط حق التأجيل قد وجد ايضا له موضوع، فإنه اعم، فافهم. قوله (قدس سره): (لانه حق واحد يتعلق بهما، فلا يسقط الا بإسقاطهما - الخ -). لا يقال: ان وحدة الحق وكونه لاثنين لا يمنع عن إسقاط احدهما فيصير عما إذا لم يكن الا للاخر، كما في الحق الذى ورثه جماعة. فانه يقال: وحدته انما لا تكون بمانعة فيما إذا كان المتعدد في طرف واحد، لا فيما إذا كان كل واحد من المتعدد مما له وعليه. لكنه لو لم نقل بانه موجب لتعدده ايضا، فتدبر. قوله (قدس سره): (وتوهم عدم الاضرار والظلم، لارتفاعه بقبض الحاكم - الخ -). لكنه يمكن ان يقال: انه لا إضرار ولا ظلم إذا كان المعتبر في وفاء الدين، قبول الداين ما عينه المديون، وعدم كفاية مجرد التعيين والتخلية بينه وبينه، لعدم مزاحمته له في حق، ولا عين، ولا نفس، وهو ايضا مسلط على نفسه، غاية الامر ان يكون بقاء الدين في ذمته ضررا عليه، لكنه قد أقدم عليه، حيث كان مما يدوم بنفسه إذا حدث بسببه الذى اتى به، ولو سلم عدم اقدامه الا على حدوثه إلى الاجل، فقاعدة نفي الضرر متقضية لنفى ما هو حكمه لولاه، من اشتراط تحقق الوفاء الواقع له بقبول الداين، فيستقل بالوفاء بالتعيين والتخلية، مع امكان ان يقال: بكفاية ذلك مع الاغماض عن هذه


[ 271 ]

القاعدة، فلا تصل النوبة إلى إجبار الحاكم أو قبوله، من جهة كونه ولى الممتنع، من انه لو سلم انه امتنع عما يجب عليه فتصدى الفقيه له، مبنى على عموم الولاية في زمن الغيبة، والا فلابد في تصدى الفقيه وغيره، من إثبات ان هذا الامر مما لا يجوز إهماله على كل حال، كما هو الحال في حفظ اموال القاصر الذى يكون بلا ولى، والاوقاف التى تكون بلا متولى، وإلاقعاية الامر يجب من باب الامر بالمعروف في الجمله، حمله على القبول. ومن هنا انقدح ما هو طريق تفريغ ذمة المديون من الاستقلال بالتعيين والتخلية فيما جاز له، ولو بملاحظة قاعدة نفى الضرر، لا ما افاده - قده - فانه يستلزم للقول بخلاف غير واحد من القواعد، ضرورة عن التفريغ بدون الوفاء والابراء، وتلف ما عينه على الدائن مع بقائه على ملكه، وصيرورته متعلقا لحق له كحق الجناية، أو تقدير ملكه له انا ما قبل التلف، إلى غير ذلك، كلها على خلاف القاعدة، لا يصار إلى واحد منها الا بدليل. ولا يمكن ان يقال بدونه شرعا، وإن امكن ثبوته واقعا، فافهم. وتأمل في اطراف ما ذكرناه. قوله (قدس سره): (لكن فيه ان تضرره انما يوجب ولايته على القسمة - الخ -). يمكن ان يقال: تضرر الشريك بالقسمة، إنما يمنع عنها لو لم يكن الضرر متوجها ابتداء إليه، واما معه فلا وجه لان يزاحم به ضرر شريكه. ومن الواضح أن الضرر هيهنا متوجه إليه، وبتبعه يرد الضرر على شريكه لولا القسمة، تضرره اولى بالمراعات من ضرر، كما قرر في محله. فتأمل. قوله (قدس سره): (وفى دلالتها نظر - الخ -). لعل وجهه عدم ظهور الرواية في الشراء، فضلا عن شراء ما باع. بل ظاهر في جواز اخذ غير ما عليه من الدراهم وفاء عنها، والكلام انما كان في المنع عن شراء ما باع في الجملة الا عن اخذه أو مثله وفاء، فافهم. قوله (قدس سره): (وفيما تقدم عنه في النهاية - الخ -). لكنه لعيه لا وجه لغير واحد من القيود التى اخذها في موضوع ما


[ 272 ]

ذكره فيها من المسألة، كما لا يخفى. فتأمل. قوله (قدس سره): (الا ان يقال: اخذ الرهن على الثمن والتضمين عليه - الخ -). لا يخفى ان كون شئ من توابع البيع ومصالحه، لا يندفع به محذور الدور، حتى يجوز إشتراطه لان المنع عنه على تقدير لزوم الدور عن إشتراطه عقلي، أو التبعية لا ترفع التوقف عن واحد من الطرفين، ضرورة توقف الرهن على البيع المتوقف عليه مع إشتراطه، فالنقض به على حاله، والحل وهو عدم توقف ملكية البايع على بيعه، مشترك. ولعل توهم التوقف إنما نشاء من جهة إطلاق الشرط على ما شرط، وتوقف المشروط على الشرط واضح، والغفلة عن ان ذاك التوقف إنما هو على الشرط الذى هو من اجزاء العلة، وما هو من أجزائها انما هو نفس الاشتراط بالبيع، بناء على كونه قيدا للمطلوب الواحد، وان فساد الشرط يوجب فساد العقد، وهو حاصل وقد اثر، لا ما اشترط به، كما لا يفخى. واما بناء على تعدد المطلوب، فهو ايضا ليس من اجزائها. نعم هو من اجزاء علة مرتبة من المطلوب، فافهم. قوله (قدس سره): (بل لاجل الالتزام به سابقا في متن العقد أو قبله - الخ -). بل لاجل الالتزام لاحقا، وإلا فلو كان لاجل الالتزام به سابقا من دون إلزامه به من احد، لم يكن بيعه أو شرائه بغير طيبه ورضاه، وان كان لولا إلتزامه به، لما كاد يبيع أو يشترى بطيبه. وبالجملة الطيب المعتبر في صحة المعاملة ما حصل له من الداعي، لاجل الوفاء بوعد، أو إلتزام، أو رفع ضرورة، إلى غير ذلك مما كان في مقابلة الاكراه عليها، كما لا يخفى. ومنه قد انقدح ما ينبغى ان يحمل عليه خبر على بن جعفر 1، فتدبر.


ص 272 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 371 - ب 5 - ح 6.

[ 273 ]

قوله (قدس سره): (وعدم طيب النفس لا يقدح، الا مع عدم لزوم الوفاء شرعا - الخ -). بل يقدح، ولو مع لزوم الوفاء شرعا، كما إذا كان بيعه بيع مع بإلزام، أو إكراه من احد، بتوعيد ووعيد على عدم اقدامه، فباع لذلك، غاية الامر مع لزوم الوفاء، ربما يجوز للحاكم إجباره اشرنا إليه فيما إذا امتنع عنه، أو توليه عنه، لو قيل بعموم ولاية الحاكم، كما اشرنا إليه سابقا، وهو غير انه لا يقدح عدم طيبه مع لزوم الوفاء عليه، كما لا يخفى على المتأمل، فتأمل. قوله (قدس سره): (اختلفوا في ماهية القبض في المنقول الخ -). الظاهر ان لا يكون اختلافهم في ماهية القبض شرعا، بل كان فيما يتحقق به خارجا، بعد الاتفاق على انه امر واحد، ومفهوم فارد، كالاستيلاء، والتمكن من التصرف فهى بما شاء لغة وشرعا. وانه كما يتحقق في غير المنقول بالتخلية بلا خلاف، يتحقق بها في المنقول، أو لابد معه من النقل والتحويل، أو الوضع في اليد، أو غير ذلك مما ذكروه. وذلك لبعد يراد منه شرعا، غير ما هو معناه لغة وعرفا، وان يكون في المنقول غير ما هو في غيره، مع اختلافهم في تعيينه. وهذا بخلاف ان يكون الخلاف في محققات غيره، فانه لا بعد اصلا في اختلاف المحققات بحسب الانظار، كما ان اختلاف المنقول وغيره كذلك، أو واقعا، كما لا يخفى. مع انه لا يبعد ان لا يكون اختلافهم فيها ايضا، بل في العبارة لاجل المسامحة، كما هو المحتمل في اختلاف عبارات اهل اللغة، أو ايكون لاجل إختلاف الموارد فيما يعتبر فيها من فعل القابض، أو المقبض. أو اختلاف حكم الوضع والتكليف، ولو في مورد واحد. وباحد هذه الوجه على سبيل منع الخلو يمكن منع التوفيق بين الكلمات، والجمع بين ما وقع منهم في الموارد من الشتات. وبالجملة لابد في كل باب من ملاحظة الدليل، والاقتصار حينئذ مع اجماله على اعتبار ما اجمع عليه الاصحاب في ذاك الباب. والرجوع فيما شك في اعتباره إلى الاطلاق أو العموم، لو كان، وإلا فإلى ما هو الاصل بحسب


[ 274 ]

التكليف والوضع. فتأمل. قوله (قدس سره): (فقد اعترف غير واحد بانه تعبد، لاجل النص 1 الذى ادعى دلالته عليه - الخ -). مع ان المنع عند بمكان من الامكان، فان الظاهر أن الاخبار بعد التوفيق بينها، كما يظهر بالتأمل فيها، بإرجاع المنع عن البيع قبل الكيل أو الوزن، إلى المنع عن البيع قبل القبض، لاجل الملازمة بحسب الغالب المتعارف بينهما، وانه لا يكاد ينفك الكيل أو الوزن عما يتحقق به القبض عادة، كما لا يخفى، انما يكون بصدد المنع عن البيع قبل القبض تكليفا، حرمة، أو كراهة، أو وضعا، كما يأتي تفصيله في بعض مسائل احكام القبض، لا في بيان اعتبار الكيل أو الوزن في القبض، أو كفايته في قبض المكيل أو الموزون، كما يظهر بالتأمل فيها. قوله (قدس سره): (فالنقل عن زواية إلى اخرى بغير اذن البايع، لا يكفى لجواز التصرف). لا يخفى انه لا يكاد يتم الا فيما لا يصح بيعه بدون القبض كالصرف، وإلا فجواز التصرف في المبيع بالبيع، والشراء وغيرهما، لا يتوقف على القبض أو الاقباض، لحصول الملك بالعقد، وبناء على القول بعدم حصوله به، بل بانقضاء زمن الخيار، لا يكون القبض كافيا لجواز التصرف، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (وبالجملة فليس في الصحيحة 2 تعرض لصورة كيل الشئ اولا قبل القبض - الخ -). كما لا تعرض لهذه الصورة في ساير الاخبار، لانصرافها عنها. فلابد في الصورة مما هو القبض في غير المكيل والموزن. هذا لو قيل بدلالتها على اعتبار الكيل والوزن فيهما تعبدا، وقد عرفت عدم دلالتها على ذلك.


ص 274 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 389 - ب 16 - ح 11 و 12. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 389 ب 16 - ح 11.

[ 275 ]

قوله (قدس سره): (لاقتضاء العقد ذلك - الخ -). بل الاقتضاء الملكية مطلقا لذلك مع المطالبة، من دون خصوصية لحصولها بالعقد، ضرورة عدم كون مضمونه الا التمليك بالعوض، وعدم اقتضاء وجوب الوفاء به، الا تحقق التمليك كذلك، كما عرفت، الا ان يدعى ان مبنى عقد البيع على التقابض، وإلتزام كل منهما على التسليم، وهو كما ترى، ضرورة انه لا يكون في ضمن العقد إلتزام لو لم يكن وجوب التسليم من الاحكام. ومنه انقدح انه لا يكون لكل منهما على صاحبه حق غير ما حصل له من الملك، كما يظهر من التذكرة، الا ان يكون مسامحة في العبارة، وقد عبر بها عما هو قضية الملكية، فافهم. قوله (قدس سره): (ولعل الوجه فيه ان عقد البيع - الخ -). بل لعل الوجه كون ذلك من الاحكام عرفا، قد امضاه الشارع بعدم الردع، من دون ان يكون في البين إشتراط والتزام، كما عرفت. ومنه قد انقدح وجه عدم جواز الحبس فيما إذا كان احدهما مؤجلا. قوله (قدس سره): (فإن إطلاق العقد كما يقتضى اصل التسليم - الخ -). قد عرفت الاشكال في اقتضاء العقد لذلك، بل يكون وجه وجوب التفريع كاصل التسليم بعد المطالبة، عموم السلطنة على الاموال 1، وعدم جواز التصرف في ملك الغير بدون اذنه 2، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (كان له الخيار لو تضرر بفوات بعض منافع الدار عليه - الخ -). يمكن ان يقال: انه لا ضرر في نفس البيع، كى يوجب نفى الضرر، لزومه ووجوب الوفاء به، حيث انه حصل به ملك العين بمنفعتها. غاية الامر


ص 275 * 1 - بحار الانوار: 2 / 272. 2 - وسائل الشيعة: 6 / 376 - ب 3 - ح 6.

[ 276 ]

أنه حيث فوت عليه بعضها البايع بوضع متاعه فيه، كان عليه اجرة المثل إلى زمان الفراغ. وهذا بخلاف ما إذا كانت مسلوبة المنفعة بالاجارة ونحوها، فان نفس البيع حينئذ يكون ضرريا، فمع جهل المشترى يكون قضية نفى الضرر، عدم وجوب الوفاء به، فلا يقاس عليه هيهنا. فتدبر. قوله (قدس سره): (ولو كان زرع عقدا حصد - الخ -). لا إشكال في وجوب التفريغ فيما كان الزرع حصيدا، والشجر مقلوعا، لما عرفت. واما إذا كان كل واحد منهما قائما على ساقه، فالتحقيق انه ليس نفس البيع بضرري، كى يوجب نفى الضرر والضرار 1، ثبوت الخيار مع الجهل، لا مع العلم، كما هو الحال في البيع الغبنى. نعم يكون القلع ضررا على البايع، والبقاء ضررا على المشترى، فبعد تعارض الضررين، وعدم ثبوت مرجح في البين، لو كان احدهما اكثر ضررا، لما حققناه في محله، من عدم كونه مرجحا فيما إذا كان التعارض بين ضررى الشخصين، كان المتبع هو عموم السلطنة على الاموال 2، وعد جواز التصرف في ملك الغير بدون اذنه 3: وقضيتهما كما عرفت، لزوم التفريغ مع المطالبة، أو البقاء بالاجرة، فتأمل جيدا. قوله (قدس سره): (الا أن منافع الاموال القائتة بحق، لا دليل على ضمانها - الخ -). إذا لم يكن فوتها بحيث يصدق انه كان باتلاف منه لها، استوفاها، ام لا، دالا، فالدليل على الضمان، هو قاعدة الاتلاف، واحترام مال المسلم، ولا منافات اصلا بين حبس العين بحق، وضمان منافعها باتلافها بالاستيفاء وغيره، كما لا يخفى.


ص 276 * 1 - وسائل الشيعة: 17 / 341 - ب 12 - ح 3 2 - بحار الانوار: 2 / 272. 3 - وسائل الشيعة: 6 / 376 - ب 3 - ح 6.

[ 277 ]

قوله (قدس سره): (ويمكن الفرق في النفقة بين المقامين - الخ -). لامكان ان يكون تمكين الزوجة شرطا لثبوت النفقة على الزوج، فلم يثبت نفقة عليه، مع امتناعها ولو كان بالحق. وهذا بخلاف المقام، ضرورة ان ثبوتها انما يكون لاجل الملكية، وهى حاصلة بالعقد وحبس البايع، لا يكاد يكون موجبا لسقوط النفقة عن المشترى، ولا موجبا لثبوتها عليه، كما في حبس غيره، بحق كان أو بغيره. وبالجملة لا مشابهة اصلا بين حبس من له النفقة هيهنا، وامتناعه هناك، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (ففى وجوب إجابته وجهان - الخ -). اوجههما الوجوب، لعموم السلطنة على الاموال 1، ولا ينافى وجوبها ما هو الفرض، من جواز الحبس من تعجيل المشترى للبذل، ولو سلم فلم يعلم انه العلة، بل غايته الحكمة، ولا بأس بمخالفتها مع الاصل، فضلا عن الدليل. قوله (قدس سره): (لكن لما لم يتعقل ذلك تعين ارادة وقوع التلف - الخ -). وجه عدم المعقولية، عدم قابلية التالف، لان تعرضه المالية، ضرورة ان التالف لا يكاد يقابل بالمال، لكنه لا يوجب تعين ارادة ذلك، لاحتمال ارادة انه بالتلف يصير كأنه كان مالا للبايع، فتلف، فعبر عن ذاك الاعتبار، وتلك الاضافة التى تكون بين المال التالف وذى المال، ولا تكون بينه وغيره بمالية، وهذا اظهر واولى، للزوم الالتزام بالملكية على ذاك الاحتمال انا ما قبل التلف، تقديرا أو تحقيقا، بلا موجب لها بخلاف هذا الاحتمال، كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (الا ان يقال بان التلف من البايع يدل إلتزاما على الفسخ الحقيقي - الخ -). لا يقال: مع احتمال الفسخ الحكمى لا دلالة له على الحقيقي، فإنه


ص 277 * 1 - بحار الانوار: 2 / 272.

[ 278 ]

ظاهر في انتقال المبيع إلى البايع حقيقة، ومعه لا يكون الاحتمال بضائر بالدلالة، كما لا يخفى. فافهم. قوله (قدس سره): (ثم انه يلحق بالتلف تعذر الوصول - الخ -). فيه اشكال، لعدم دلالة النبوى 1 المنجبر ضعفه بالاشتهار عليه، لعدم صدق التلف على تعذر الوصول. نعم لرواية عقبة بن خالد 2، دلالة عليه، لو كان ضعفها منجبرا ايضا، وإلا فلابد من الاقتصار على التلف، لكون الحكم على خلاف الاصل. قوله (قدس سره): (اما لتحقق سبب الانفساخ وسبب الضمان، فيتخير المالك في العمل باحدهما - الخ -). لا يخفى انه ليس المقام من موارد توارد السببين، وتزاحم المؤثرين، للاثرين المتنافيين في عرض واحد، ليتخير المالك، بل يكون سبب الانفساخ، سببا ورافعا لموضوع سبب الضمان، فانه معه يكون التالف مال الغير، كى يكون ضامنا له بإتلافه، بل يكون ماله، فلا مجال له معه اصلا. وبالجلمة لا محيص عن العمل بسبب الانفساخ هيهنا، لو كانت قاعدة التلف قبل القبض تعمه، ولم تكن منصرفة عما إذا كان بإتلاف البايع، والا لزم تخصيصها بلا مخصص، الا على وجه دائر، ولا يلزم من عدم العمل سبب الضمان معه، محذور التخصيص، اذ معه لا يكون إتلاف مال الغير، فيكون تخصصا بالنسبة إلى قاعدة الاتلاف، فافهم. قوله (قدس سره): (لجريان الدليل تعذر التسليم هنا - الخ -). جريان الدليل فيما إذا تجدد تعذر التسليم محل اشكال، بل منع، ولا يكون الضرر مع التجدد من نفس البيع، بل امر حادث، كما إذا حدث بعد التسليم.


ص 278 * 1 - المستدرك: 2 / 473. 2 - وسائل الشيعة: 12 / 358 - ب 10 - ح 1.

[ 279 ]

قوله (قدس سره): (بناء على عود ضمير الحق إلى البايع - الخ -). ويمكن الاستظهار ايضا، بناء على عود الضمير إلى المشترى، فان ضمانه لحقه وملكه، وهو المبيع، انما هو لاجل كون البيع في معرض الانفساخ ما لم يرد إلى البايع ماله، وهو الثمن، وصيرورة المثمن في عهدته، وخسارته بثبوت عوضه عليه لو تلف. وبالجملة فمع تزلزل ملكه يصح ان يقال: انه ضامن له، وان لم يصح ان يقال: بضمان الانسان، لملكه مع عدم تزلزله، لكنه موجب لاختلاف المرجع في الضماير، الا انه مع القرينة ليس بضائر، فتأمل. قوله (قدس سره): (وظاهر الكلام 1 كونه مسلما بين الخاصة والعامة - الخ -). لكن مجرد ظهور كلام العلامة - اعلى الله مقامه - غير كاف دليلا في مثل هذا الحكم الذى يكون على خلاف الاصل والقاعدة، الا ان يدعى ثبوت المناط في غير البيع من المعاملات، بل بطريق اولى، ودون تنقيحه خرط القتاد - كما لا يخفى. قوله (قدس سره): (بخلاف النقصان الصفة، وفيه تأمل - الخ -). وجه التأمل ان المجموع وان كان مبيعا وقد نقص جزئه، الا ان المجموع ليس بمبيع بما هو جلمة اجزاء البدن، بل بما هو انسان، أو حيوان. ومن الواضح انه بما هو كذلك، لا يكون نقص اجزائه إلا عيبا، ولذا لا يسقط عليه الثمن. ومنه ظهر وجه التأمل فيما هو ظاهر الشرايع، فلا تغفل. قوله (قدس سره): (وانما ثبت الرد لدفع تضرر المشترى - الخ -). لا يخفى انه لو لم يكن اجماع على جواز الرد، لا يكاد يقتضى نفى الضرر جوازه، فان حدوث العيب في المبيع بعد البيع، وقبل القبض، ويكون حاله، حال حدوثه بعد القبض، ولا دخل بالبيع اصلا، كى يقتضى نفى لزومه، كما هو اوضح من ان يخفى.


ص 279 * 1 - وفى المصدر: وظاهر هذا الكلام..

[ 280 ]

قوله (قدس سره): (واستدلوا عليه بان الكل مضمون قبل القبض، فكذا ابعاضه وصفاته - الخ -). ويرد عليه بانه قياس، لاختصاص الدليل بالكل، وعدم شموله للصفات والاجزاء التى لا ينقسط عليه الثمن. قوله (قدس سره): (ويدفع بان وصف الصحة لا يقابل ابتداء بجزء من عين الثمن - الخ -). وفيه ان اتحادهما في ان العقد، كانه لم يكن، لا يوجب اتحادهما في معنى الضمان، كيف، ويكون معنى الضمان في احدهما تلفه عليه، بما هو ماله، وفى الاخر تداركه عليه بشئ مما له، وارادة مطلق الخسارة والنقصان في المال من الضمان، انما يصح فيما إذا كان لفظه في البين، كما في الصحيحة 1، لا إذا كان هناك لفظ ظاهر في خصوص احد المعنيين، مثل " كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه " 2. فافهم. قوله (قدس سره): (الا انه لما استند في الرد إلى نفى الضرر - الخ -). الا انك قد عرفت ما في هذا الاسناد، وان قاعدة نفي الضرر، لا تكاد تكون مقتضية لوجوب تدارك الانسان، للنقصان الوارد على مال غيره بلا استناد إليه، لو لم تكن مقتضية لعدم الوجوب، كما هو قضية الامتنان. ثم إنه يظهر مما مر مناغير مرة من الاشارة إلى ان المنفى بقاعدة نفى الضرر، انما هو ما للضرر من الحكم، بمقتضى اطلاق دليله أو عمومه، لا نفى الحكم الضررى، على ما في كلام العلامة، وكلامه، زيد في علو مقامهما، فتأمل تعرف. قوله (قدس سره): (وهو اولى من حمل تلك الاخبار على الكراهة - الخ -). فيه نظر، بل منع، فان هذه الاطلاقات في العموم لغير التولية، اظهر من ظهوره النهى في الحرمة، مضافا الى ظهور لا يصلح، وفى غير واحد من تلك


ص 280 * 1 - وسائل الشيعة: 12 / 352 - ب 5 - ح 2. 2 - المستدرك: 2 / 473.

[ 281 ]

الاخبار في خصوص الكراهة، وكذا مفهوم لا باس، بل ظهورهما فيها اقوى من ظهور النهي في الحرمة، كما لا يخفى. فتأمل. قوله (قدس سره): (الا ان المحكى عن المختلف، انه لو قلنا بالتحريم، لم يلزم بطلان البيع - الخ -). لعدم الملازمة بين الحرمة التكليفية، والبطلان عقلا. نعم لا يبعد دعوى الملازمة بينهما عرفا، فيما إذا كانت الحرمة متعلقة بالبيع من حيث التسبيب به إلى التمليك، والتملك، والتوسل به اليهما، والا فلا دلالة النهى عن المعاملات على الفساد، الا إذا كانت للارشاد إلى ذلك، كما هو الشايع في النهى في باب المعاملات. قوله (قدس سره): (ويؤيده تعليل المنع في طرف المبيع، بقصور ولاية المشترى - الخ -). لكن التعليل به عليل، فلا وجه للتعدى إلى الثمن، مع اختصاص الدليل بالمنع في طرف المثمن، مع مخالفة المنع في هذا الحال، لعموم: تسلط 1 الناس على الاموال في جميع الاحوال. قوله (قدس سره): (وهذا لا يسوغ إطلاق البيع على الكلى المتشخص به - الخ -). لا يخفى ان تشخص الكلى في الفرد، وانطباقه عليه إذا كان بالاستيفاء مسوغا للاطلاق، كان التشخص والانطباق في الحوالة، إذا كانت استيفاء لا معاوضة، مسوغا لاطلاق المبيع على الكلى المتشخص به فيها على هذا، بازيد من الاستيفاء، وهو مما لابد منه في التشخص والانطباق، وانما لا يسوغ التشخص والانطباق فيها للاطلاق، إذا كانت معاوضة على حدة، لا إستيفاء. فان استحقاق المحال لما على المحال عليه من الكلى، يكون بمعاملة اخرى، غير البيع المنصب على ما انطبق عليه بالوفاء.


ص 281 * 1 - بحار الانوار: 2 / 272.

[ 282 ]

قوله (قدس سره): (وفيه انه لا دلالة لها على محل الكلام - الخ -). وفيه ان تقريب الاستدلال بها، يتم بضميمة ترك الاستفصال وإذا صح الاستدلال بها على جواز ابقاء الفرض بمال المسلم، كما حكاه عن العلامة، اعلى الله مقامه، فتفطن. قوله (قدس سره): (ويمكن ان يقال: ان ظاهر الحوالة، بناء على كونه معاوضة - الخ -). انما يمكن ان يقال ذلك، لو قيل بكون البيع في الاخبار المانعة، كناية عن مطلق الاستبدال، وقد عرفت انه لما ليس له مجال، فلا يكاد يتم الاستدلال الا بضميمية ترك الاستفصال، كما عرفت. فافهم. قوله (قدس سره): (وكيف كان فالمعاوضة لا يعقل بدون قيام كل عوض مقام عوضه - الخ -). مقام عوضه - الخ -). قدمر منا الاشكال في ذلك، وان عدم معقولية المعاوضة بدون ذلك، لا يقتضى عدم معقولية الاشتراء بمال الغير لنفسه. وكون البيع من عقود المعاوضة، معناه انه تمليك بالعوض، لا مجانا كالهبة، لا بذاك المعنى الذى لا يعقل الا بدخول كل إلى ملك من خرج عن ملكه الاخر. فتذكر. وهذا اخر ما اوردنا ايراده، وقد فرغنا عنه في اليوم الثلاث تاسع عشر محرم الحرام من شهور سنة (1319) تسعة عشر وثلث مأة بعد الالف. حامدا، شاكرا، مصليا، راجيا، لان ينتفع به الاخوان، كما انتفعوا باصله. وان يعفوا عما وقع فيه من الخطاء، والخلل. والذهول، والزلل. والسهو، والنسيان، فانها كالطبيعة الثانية للانسان. الحمدالله كما هو اهله ومستحفه والصلوة على نبيه محمد وآله الطاهرين. ولعنة الله على اعدائهم اجمعين، إلى يوم الدين. آخر الكتاب

مكتبة يعسوب الدين عليه السلام الالكترونية

 
امتیاز دهی
 
 

بيشتر
كليه حقوق اين سايت براي دبيرخانه كنگره بزرگداشت آخوند ملا محمد كاظم خراساني محفوظ مي باشد









Guest (PortalGuest)

كنگره آخوند خراساني
مجری سایت : شرکت سیگما